ما الفرق بين إنجلترا وبريطانيا والمملكة المتحدة؟
إنجلترا، المملكة المتحدة، بريطانيا العُظمى، الجزر البريطانية، دول الكومونولث، وغيرها.. كُلها مُسمّيات تُنسَب إلى مناطق مُتقاربة ومتداخلة مع بعضها على الخريطة، ومع ذلك فلكلٍ منها موضعه وتعريفه. فإحداها دولة ذات سيادة مُستَقلة، والأخرى تُعد جزيرة عملاقة، والثالثة جزء من الثانية وشيء قد يكون في منتهى التعقيد للوهلة الأولى.
لهذا السبب، قررنا اليوم أن نَفُضَّ هذا التشابك ونميز كل منطقة عن الأخرى بشكل مبسط، ولكن يتخلله جانب تاريخي من باب التمييز أيضًا. فإن كنت ممن هؤلاء الذين يخلطون بين "المناطق" التي ذكرناها، فهذا المقال لك.
"إنجلترا- England"
دعونا نبدأ بالمنطقة الأبسط، إنجلترا England، أو دولة إنجلترا إن صح التعبير. نعم، فهي تلك الدولة ذات العَلَم الأبيض والصليب الأحمر الذي يُنسَب للقديس جورج، كما أنها الدولة التي تتخذ من مدينة لندن عاصمةً لها.
اشتُقَّ لفظ "إنجلترا- England" من الكلمة الإنجليزية القديمة "Enga-land"، والتي تعني "أرض الملائكة- Land of Angels" وذلك نسبةً إلى القبائل الجيرمانية التي كانت تُعرَف بـ "The Angels"، والتي هاجرت في العصور الوسطى، وبالتحديد في القرن الخامس الميلادي إلى بريطانيا رفقة قبائل أخرى من بينها قبائل "الساكسون- Saxons".
ولعلك سمعت من قبل عن مُصطلح الأنجلو-ساكسون، أو Anglo-Saxon، والذي يُستَخدم عادة للإشارة إلى قائمة من الدول أبرزها إنجلترا. إن لم تكن قد سمعت به من قبل، فها أنت ذا قد عَرفته وعرفت أصله.
"بريطانيا العُظمى- Great Britain"
سواءٌ سمعتها بريطانيا العُظمَى أو "بريطانيا- Britain"، فلا فرق يُذكر بينهم سوى أن الثانيةً تُستَخدم كاختصارٍ للأولى الرسمية فحسب. أما عن ماهيتها، فبريطانيا العُظمى هو مصطلحٌ سياسي جُغرافي يُستَخدم للإشارة إلى 3 دول رئيسة مُجتمعة هي: إنجلترا، وأسكتلندا، وويلز، وثلاثتهم يتشاركون تاريخًا حافلًا بالسياسات والثقافات المُشتركة.
يُذكَر أن كلَ دولةٍ كان يُشار إليها بشكلٍ مُنفصل إلى أن جاء عام 1707 الذي صدر فيه مرسوم الاتحاد مع أسكتلندا كوحدةٍ واحدة سُميت ببريطانيا العُظمى، عِلمًا بأن دولة ويلز كانت جزءًا من إنجلترا التي احتلّتها في القرن السادس عشر بالفعل.
أما عن سبب تسمية بريطانيا العُظمى بهذا الاسم، فجاء تيمنًا باسم قبيلة كانت تُعرَف بالـ "بريتونس- Britons"، والتي استقرت ببريطانيا قبل أن تأتي قبائل "الأنجلو-ساكسون" أنفسهم. وبحسب بعض الأقاويل، فإن لفظة "Britons" قد تحولت فيما بعد إلى "Britannia"، وهو اللفظ اللاتيني الذي اشتُقَّ منه اسم "بريطانيا- Britain" أو بريطانيا العُظمى كما أشرنا.
اقرأ أيضًا:"القارة الأكبر تتجمل".. أغلى 5 وجهات سفر فاخرة في آسيا
"المملكة المتحدة- The United Kingdom"
هي دولةٌ الجُزرية Island country، أو مجموعة من دول ذات سيادة، تتكون من 4 دول هي: إنجلترا، وإسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية؛ أي أن الفارق بينها وبين بريطانيا العُظمى يتمثل في أيرلندا الشمالية فحسب.
وتعود جذور تكوين المملكة المتحدة إلى القرن الثالث عشر، وبالتحديد عندما شنت إنجلترا سلسلة من الحملات العسكرية نتج عنها في القرن السادس عشر احتلال ويلز وضمها إليها بعد محو الحدود الرسمية بين الدولتين.
وفي عام 1707 كما أسلفنا الذِكر، اتحدت إنجلترا "التي تضم ويلز بالفعل" مع دولة إسكتلندا نتيجةً لدوافع اقتصادية وجيوسياسية بعدما مرر برلمان الدولتين قرارًا عُرِفَ بـ"مرسوم الاتحاد".
الجديد أنه في عام 1801، حدث اتحاد جديدٍ بين بريطانيا العُظمى "إنجلترا، إسكتلندا، وويلز" وبين دولة أيرلندا، ولكن القوميين الأيرلنديين لم يكونوا سعداء بهذا الأمر وظلوا يطاردون حريتهم مرة أخرى إلى أن استعادوها في عام 1921 لتعود أيرلندا دولة حرة مستقلة، عِلمًا بأن العام اللاحق -1922- شهد توقيع معاهدةٍ لتبقى أيرلندا الشمالية، والتي كان مُعظم سكانها من البروتستانت، جزءًا من بريطانيا العُظمى وتتكون ما تُعرَف بالمملكة المُتحدة كما نعرفها حاليًا، أي التي تضم: إنجلترا، ويلز، إسكتلندا، وأخيرًا أيرلندا الشمالية.
"الجُزر البريطانية- The British Isles"
مُصطَلح جغرافي آخر متداول ويُعنَى به مجموعة الجُزر الواقعة شمال المحيط الأطلسي قُبالة الساحل الشمالي الغربي لقارة أوروبا، أو بصورة مُبسَّطة: هي مجموعة من الجزر التي تُشكل معظمها بريطانيا العُظمى وجزيرة أيرلندا، على أن الأمر ليس مقتصرًا على هاتين الكُتلتين الجُغرافيتين فحسب.
فعندما نقول الجُزر البريطانية، فإننا نقصد أساسًا بريطانيا العُظمى وأيرلندا، إضافةً إلى مجموعة جُزر أخرى أصغر حجمًا مثل:
- جزيرة مان Isle of Man، والتي تقع في منتصف البحر الأيرلندي بين بريطانيا العُظمى وأيرلندا.
- جُزر هبرديس The Hebrides، وهي مجموعة من الجزر الخلّابة الصغيرة الواقعة قُبالة الساحل الغربي لأسكتلندا، وتُقسَّم إلى مجموعتين رئيستين هُما: جزر هبرديس الداخلية وجُزر هبرديس الخارجية.
- آلاف الجُزر الأخرى! أجل، فبالإضافة إلى جميع الجُزر المذكورة، هناك آلاف الجُزر الصغيرة الأخرى التي يُطلَق عليها الجزر البريطانية، ونحن لا نتحدث عن جُزر خاويةٍ على عروشها أو ما شابه، وإنما جُزر خلّابة بأنظمة بيئية فريدة من نوعها.
"دول الكومنولث - The Commonwealth Of Nations"
كما هو واضحٌ من الاسم، فإن دول الكومنولث، أو رابطة الشعوب البريطانية، هو اتحادٌ سياسي يضم مجموعة من الدول عددها 56 دولةً -بعض المصادر الأخرى مثل الموسوعة البريطانية تقول 54-. مُعَظم هذه الدول كانت أقاليم تابعة للإمبراطورية البريطانية التي غطَّت خُمس مساحة الخريطة يومًا ما؛ إذ امتدت من هونغ كونغ حتى البحر الكاريبي وإلى مناطق شاسعة من جنوب وشرق إفريقيا.
بل في الواقع، فإن كُل -وليس مُعظَم- دول رابطة الشعوب البريطانية "الكومنولث" كانت تابعة للتاج البريطاني يومًا ما عدا دولتي رواندا وموزمبيق. وجدير بالذكر أن هذا الاتحاد تأسس رسميًا بموجب إعلان لندن لعام 1949، وكانت الملكة الراحلة إليزابيث قد تولّت رئاسته عَقب والدها الملك جورج السادس.
"أقاليم ما وراء البحار البريطانية- British Overseas Territories"
في منتصف القرن العشرين، وبعد أن كانت الإمبراطورية البريطانية أضخم إمبراطورية في التاريخ، أصبحت الكثير من المناطق المُحتَلة في كل قارات العالم تقريبًا تبحث عن استقلالها، ومع ذلك، لا تزال هناك أقاليم مُحددة تحت السيادة البريطانية حتى يومنا هذا فيما يُعرَف بـ"أقاليم ما وراء البحار البريطانية".
يصل عدد هذه الأقاليم إلى 14 إقليمًا، منهم أنجويلا وبرمودا، يسيرون أنفسهم بنظام حُكم ذاتي بدرجات متفاوتة، ويديرون شؤونهم الداخلية بشكل من المفترض أنه مُنفَصل عن المملكة المتحدة، ومع ذلك، فإن المملكة مسؤولة عن حمايتهم وعن سياساتهم الخارجية.
إذًا، يُمكننا أن نُلخّص الفرق بين إنجلترا وبريطانيا العُظمى والمملكة المتحدة في النقاط البسيطة القادمة:
- إنجلترا: هي دولة ذات سيادة، وتحدها ويلز وإسكتلندا، وعاصمتها لندن.
- بريطانيا العُظمى، أو بريطانيا: هو مُصطَلح سياسي جغرافي يُطلق على مجموعة من دولٍ ثلاث هي: إنجلترا، ويلز، وإسكتلندا.
- المملكة المتحدة: هي مجموعة من الدول الجزرية تضم كلًا من: إنجلترا، ويلز، وإسكتلندا، إضافة إلى أيرلندا الشمالية.
أما عن المُصطلحات الثلاثة الأخرى، من الجزر البريطانية ودول الكومنولث وأقاليم ما وراء البحار البريطانية، فأردنا أن نُضيفها كي لا يتعجب قراؤنا الأعزّاء إن سمعوا بهم هُنا أو هناك، وأرادوا أن يعرفوا موقعها الإعرابي من لفظ "بريطانيا" أو "إنجلترا".