هل يتأثَّر البصر بضعف السمع؟ وكيف تحافظ عليهما؟
تسمع الأذن وتُبصِر العين، ويتلاقى ما تسمعه وتراه في الدماغ، ويتفاعل السمع والبصر في آنٍ واحد عند النظر إلى من يُحاوِرك؛ تمهيدًا للتجاوب معه، وقد أثبتت دراسات ارتباط السمع بالبصر تحسُّنًا وضعفًا، فإلى أي مدى قد يتأثَّر البصر بضعف السمع؟ وهل ضعف البصر يُهدِّد السمع أيضًا؟
هل هناك علاقة بين السمع والبصر؟
يستقبل الدماغ المعلومات الواردة إليه من العين والأذن على حدٍ سواء، ومِنْ ثَمَّ فضعف السمع قد يُؤثِّر في قدرته على تفسير الإشارات الواردة من العين، والعكس بالعكس، وقد بيَّنت دراسةٌ أنَّ مقدار تفاعل السمع والبصر مع بعضهما البعض يختلف من إنسانٍ لآخر، وأنَّ بعض المهام قد تتطلَّب جمعًا بين بعض الحواس في نفس الوقت.
وكشفت دراساتٌ أخرى عن وجود علاقة بين ضعف السمع وكل من المياه البيضاء ومرض التنكُّس البقعي، خاصةً بين المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 60 - 80 سنة.
لا يُوجَد دليل علمي صريح على أنَّ فقد أحد الحاستين يُؤدِّي إلى فقد الأخرى، لكن قد تُسبِّب بعض المشكلات الجينية فقد السمع والبصر معًا.
ومِمَّا توصَّل إليه الباحثون أيضًا ما يلي:
1- السمع قد يُعزِّز البصر
أثبت الباحثون ذلك خلال دراسة عبر مرور المشاركين بسلسلة من التجارب لتحديد الاتجاه الذي يتحرَّك فيه عرض النقاط بشكل صحيح، ووجدوا أنَّ سماع الاتجاه الذي تسير فيه النقاط بشكل جماعي أدَّى إلى تحسين قدرة المشاركين على رؤية اتجاه الحركة، ومِنْ ثَمَّ فالسمع عزَّز البصر، وأثبتت التجربة وجود رابطٍ بينهما.
2- خطر ضعف السمع متزايد مع تقدُّم العمر إن كان البصر مُتأثِّرًا
كشفت دراسة أخرى عن الصلة بين ضعف السمع المُرتبط بالعمر ومشاكل البصر، فتبيَّن أنَّ كبار السن الذين يُعانُون ضعف البصر كانوا أكثر عُرضةً لضعف السمع.
3- التدهور المعرفي مرتبط بضعف السمع والبصر
في دراسةٍ عام 2006 وجد الباحثون أنَّ الأشخاص الذين يُعانُون تدهورًا كبيرًا في البصر، لديهم أفقر متوسط درجات في اختبار الإدراك، وأنَّ الدرجات انخفضت مع خفوت حدّة البصر، حسب تقرير في عدد من المجلة الأمريكية للعيون.
كذلك قد يُعانِي المُصابون بضعف السمع من التدهور المعرفي أو الإدراكي، بل قد تتدهور الذاكرة لديهم أيضًا حسب جامعة برانديز، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ ضعف السمع أو البصر كلٌ منهما مُؤثِّر في القدرات المعرفية للمرء.
ما أسباب ضعف السمع والبصر؟
عديد من العوامل قد تُسبِّب ضعف السمع والبصر معًا، مثل:
1- الجينات
قد تُؤدِّي بعض المشكلات الجينية إلى معاناة الأطفال من الصمم، ضعف السمع، العمى، أو ضعف البصر بمرور الوقت، وقد يضطرب السمع والبصر معًا في بعض الاضطرابات الجينية، مثل متلازمة داون ومتلازمة أشر-هولجرين.
تُصِيب متلازمة أشر-هولجرين أقل من 20 لكل 100,000 فرد، وتُعدّ هي الاضطراب الأشهر في التأثير على السمع والبصر معًا، بل إنَّ ما يقرب من نصف المرضى المُصابِين بالصمم والعمى الوراثيبن يُعانُون تلك المتلازمة.
اقرأ أيضًا:الضوء النبضي المكثف.. كيف يعالج جفاف العين؟
2- العيوب الخلقية
قد يُولَد بعض الأطفال قبل أن يكتمل نمو آذانهم أو عيونهم، ما قد يُسبِّب مشكلات على المدى الطويل في الرؤية أو السمع.
3- الأمراض
تتسبَّب بعض الأمراض في ضعف السمع أو البصر أو كليهما معًا، فمثلاً قد تُؤدِّي مضاعفات جدري الماء أو الحصبة الألمانية إلى ضعف السمع أو البصر.
4- الأدوية
قد تُسهِم بعض الأدوية في ضعف السمع أو البصر على الأمد الطويل أو القصير، مثل بعض المضادات الحيوية، مُسكِّنات الآلام، وأدوية الكوليسترول.
5- الإصابات
أحيانًا تُفضِي إصابات الدماغ، أو الإصابات الجسدية في العين، أو الأذن الداخلية إلى فقدٍ دائمٍ للسمع، أو البصر، أو كليهما معًا حسب حجم إصابة الدماغ.
6- العمر
طبيعيٌ أن تتراجع حدّة البصر وقوة السمع مع تقدُّم العمر، بل الحواسّ الخمسة وليس السمع والبصر فقط.
هل يؤثر ضعف السمع أو البصر في نواحٍ أخرى من الجسم؟
تنحسر قدرة المرء على التفاعل الاجتماعي مع المُحِيطين به إثر ضعف السمع أو البصر، كما تزداد مخاطر الإصابة بالاكتئاب، التدهور المعرفي، أو الخرف، وقد أظهر بحثٌ جديد أنَّ التدخلات العلاجية التي تُحسِّن السمع أو البصر، لها أثرها الإيجابي على القدرات المعرفية.
وقد بيَّنت دراسةٌ بريطانية أنَّ المرضى الذين أُجريت لهم عملية المياه البيضاء، كان مُعدّل التدهور المعرفي لديهم أبطأ، وكشفت دراسةٌ أخرى عن أنَّ استخدام المُعِينات السمعية أبطأ مُعدّل فقدان الذاكرة.
لذا فضعف السمع، أو البصر، أو حتى تحسُّنهما يُؤثِّر قطعًا في نواحٍ أخرى من الجسم، كالإدراك المعرفي الذي يتدهور عادةً مع تقدُّم العمر.
اقرأ أيضًا:لماذا تصاب باحمرار العين المفاجئ؟
أهم النصائح للحفاظ على السمع والبصر مع تقدُّم العمر
للوقاية من تدهور السمع أو البصر رغم تقدُّم العمر، يُفضَّل اتّباع النصائح الآتية:
1- فحص العين دوريًا
ينبغي فحص العين بصفةٍ دوريةٍ؛ للتأكُّد من عدم إصابتها بأي اضطراب، فبعض الأمراض التي تُصِيب العين كالمياه الزرقاء لا تصحبها أعراضٌ في البداية، لكنَّها قد تُفاجِئ الإنسان لاحقًا بالعمى.
كذلك فإنَّ مرض التنكُّس البقعي أحد أبرز أسباب فقدان البصر لمن تجاوزت أعمارهم 50 عامًا، ولا تظهر معه أعراضٌ في بدايته، لكن يُمكِن رصده بفحصٍ شاملٍ للعين مبكرًا.
وقد أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب العيون "AAO" بإجراء فحصٍ روتينيٍ للعين بانتظامٍ على النحو التالي:
- مرة واحدة في العشرينات من العمر.
- مرتين في الثلاثينات من العمر.
- مرة أخرى عند بلوغ الأربعين عامًا؛ إذ قد تبدأ تغيُّرات الرؤية، أو تظهر العلامات المبكرة لبعض الأمراض.
- كل سنة أو سنتين عند بلوغ 65 عامًا وما بعد ذلك.
2- فحص السمع كل 3 سنوات
ينبغي لمن تجاوزت أعمارهم 50 عامًا إجراء فحص للسمع بصفة دورية كل 3 سنواتٍ على الأقل وفقًا لجمعية السمع واللغة الأمريكية، وهذا ينطبق على من سمعهم سليم وليس به أي ضعفٍ أيضًا.
مع تقدُّم العمر يضعف السمع تدريجيًا، وتتلف الخلايا الحسية الدقيقة داخل الأذن الداخلية، والتي ترسِل الأصوات إلى الدماغ، والأذن الداخلية مُعرَّضة للضرر، بدءًا من الأصوات الصاخبة، ومرورًا ببعض الأمراض، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
3- التوقف عن التدخين
سواءٌ كُنتَ مُدخنًا، أو تتعرَّض للمُدخِّنين، فإنَّ ذلك يُضعِف العين ويُعرِّضها للأمراض، مثل المياه البيضاء ومرض التنكُّس البقعي، وربَّما فقد البصر، كما يتأثَّر السمع كذلك بالتدخين، ومِنْ ثَمَّ يُنصَح بتجنُّبه قدر المُستطاع.
اقرأ أيضًا:لن تقلق من استعمال الشاشات بعد اليوم.. نظام غذائي للوقاية من جفاف العين
4- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
تُساعِد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في تعزيز تدفُّق الدم إلى أنحاء الجسم، بما في ذلك الأذن والعين، بما يضمن إمدادهما دائمًا بالعناصر الغذائية الضرورية، لكن لا تستمع إلى أغانِ صاخبة خلال ممارسة التمارين الرياضية، وإلَّا ألحقت بسمعك ضررًا بالغًا.
5- الابتعاد عن بعض الأدوية
قد تُسبِّب بعض الأدوية ضعف السمع أو تدهور الرؤية، ويُنصَح حالة الشكّ في الأدوية باستشارة الطبيب للبحث عن بديلٍ مناسب، فبعض المضادات الحيوية مثلًا قد تُؤثِّر في السمع.
7- حماية العين من أشعة الشمس
لا تغفل عن حماية عينك من أشعة الشمس؛ لأنَّ الأشعة فوق البنفسجية تزيد خطر الإصابة بالمياه البيضاء ومرض التنكُّس البقعي، بل سرطان الملتحمة؛ لذا يُنصَح بارتداء النظَّارات الشمسية حال التعرُّض للشمس، وتذكَّر أنَّ البصر والسمع مرتبطان وإن لم تقم على ذلك أدلة واضحة بعد.
8- قاعدة 20-20-20
قاعدة أو طريقة 20-20-20 واقية للعين من الجفاف الذي يُعدّ أحد أشهر اضطراباتها، وهي تتضمَّن النظر بعيدًا عن الشاشات كل 20 دقيقة لمدة 20 ثانية والنظر على بُعد 20 قدمًا "6 متر"، فهذا مِمَّا يحفظ صحة العين باستمرار.