"الأشواغاندا".. العُشبة التي قد تغير حياتك
ذاع صيت عُشبة "الأشواغندا" من القارة الآسيوية، وبالتحديد من داخل أسوار الهند، إلى الغرب ومُختلف أنحاء المعمورة لِما لها من فوائد صحية مُذهلة بحسب الكثيرين ممن جرّبوها. وبشكل عام، فإن "الأشواغندا" عادةً ما تُستَخدَم للتقليل من حِدة الضغط والتوتر، فضلاً عن علاج الأمراض المُزمنة.
وبعيدًا عن ثناءات من جرّبوها، ما زالت هذه النبتة المُثيرة للجدل تحتاج إلى مزيدٍ من الفحص والتمحيص العلميين؛ فالأدلة العلمية التي تدعم فوائدها ليست حاسمة، ومع ذلك لا يمكننا إنكار بعض فوائدها وفاعليتها في حالات كثيرة. فأين هي الحقيقة؟ وكيف ظهرت هذه النبتة؟ وما هي فوائدها المُثبَتة إلى الآن؟ وهل يُمكن أن يكون لها أضرار؟
كيف بدأت الأشواغاندا؟
تُعد نبتة الأشواغندا واحدةً من أشهر وأهم الأعشاب المُستخدمة في "الطب الأيروفيدي"، وهو أحد أنواع الطب البديل في الهند، وقد بُني على أُسس المداواة الطبيعية Natural healing. وعلى مدار آلاف السنين، استخدم البشر الأشواغندا لعلاج التوتر، وزيادة نسبتي التركيز والطاقة بالجسم.
ولفظة "الأشواغندا" في حد ذاتها تعني "رائحة الحصان" بالسنسكريتية، وهذا لا يختص بصفة الشم فحسب، بل بقدراتها على زيادة القوة كما الأحصنة، وتشتهر "الأشواغندا" في الأوساط العلمية باسم "العبعب المُنوّم" أو "Withania somnifera"، كما يُشار لها أحيانًا بالجنسنغ الهندي أو الكرز الشتوي "Winter cherry".
أما بالنسبة لشكل "الأشواغندا"، فهي عبارة عن شجيرة شرق آسيوية، هندية الأصل بالتحديد، ذات أزهارٍ صفراء، ويتم استخلاص ما في جذورها وأوراقها من مسحوق يتم التداوي به من مختلف الأمراض بدايةً من التوتر وحتى مشكلات الخصوبة.
اقرأ أيضًا:فوائد السلطة الخضراء.. صيدلية طبيعية متكاملة
فوائد الأشواغاندا التي دعمتها الدراسات العلمية
تشير بعض الأدلة العلمية إلى أن "الأشواغاندا" قد يكون لها تأثيرات وقائية على الأعصاب، فضلاً عن قدرتها على منع الالتهابات، وبالتالي حماية الجسم من مضار عديدة. وبعيدًا عن استخدام "الأشواغاندا" لعلاج كل شيء تقريبًا بدايةً من القلق والتوتر والإرهاق وحتى التهاب المفاصل والصرع، دعونا نتناول بعضًا من الفوائد المزعومة للأشواغاندا ونرى ما أُجري حولها من دراسات.
علاج التوتر والقلق
قد يكون للأشواغاندا تأثير إيجابي على أعراض القلق، حتى بالمقارنة مع العقاقير المعروفة مثل لورازيبام lorazepam، والذي يُستخدَم كمهدئ وعقارٍ لهذا المرض.
وفي دراسة نُشرت في مطلع هذا القرن، وبالتحديد في ديسمبر 2000، قورنت آثار نبتة الأشواغندا الفعّالة في علاج القلق بعقار لورازيبام، ما يدل فعلاً على آثارها الإيجابية على هذا المرض، ولكن يجدر ذكر أن الدراسة تمت على فئران وليس بشرًا.
ولكن في 2019، نُشرت دراستان قد أُجريتا على البشر وجاءتا بنتائج مُعززة للدراسة الآنف ذكرها، فالباحثون بالدراسة الأولى قد وجدوا أن تناول 240 ميللي غراما يوميًا من الأشواغندا يُخفف من التوتر بشكل ملحوظ مقارنة بالبلاسيبو - العلاج بالإيهام -؛ إذ خفضت النبتة من مستويات هرمون التوتر، والمعروف بالكورتيزول، لدى عددٍ من الحالات.
هذا ما عززته نتائج الدراسة الثانية التي نُشرت في نفس العام - 2019 - والتي أُجريت على البشر أيضًا، إذ لوحِظ أن تناول 250-600 ميللي غرام من الأشواغندا يوميًا يقلل من مستويات التوتر ويخفض من نسبة هرمون الكورتيزول كذلك.
علاج التهاب المفاصل
نعم، يمكن للأشواغندا أن تُخفف من آلام المفاصل، وبالتحديد آلام المفاصل الروماتويدي، مانعةً إشارات الألم من الوصول إلى الجهاز العصبي المركزي، ولا ننسى أنها قد تكون ذات خصائص مضادة للالتهابات.
وفي دراسة استطلاعية أولية - دراسة لا ترتقي للدراسات الموثوقة ولكنها مؤشرٌ جيد - نُشرت عام 2015، اختبر الباحثون آثار "الأشواغاندا" على 125 شخصًا، واستنتجوا أنها قد تكون مفيدةً لعلاج الروماتويد.
علاقة الأشواغندا بصحة القلب والتنفس
يستخدم البعض "الأشواغندا" للتعزيز من صحة قلوبهم، وهذا يشمل خفض ضغط الدم ونسبة الكوليسترول، ناهيك بالتخفيف من آلام الصدر. ولم تُجرَ الكثير من الدراسات في هذه المسألة، ولعل ما يستند إليه الجميع في هذا الصدد هو دراسة واحدة أُجريت في 2015 أشارت إلى أن العُشبة قد تُعزز فعلًا من اللياقة القلبية التنفسية cardiorespiratory.
اقرأ أيضًا:فوائد الميرمية الصحية وطريقة استخدامها
هل تقي الأشواغاندا من ألزهايمر والسرطان؟
بحسب مراجعة عدة دراسات، أُجريت على الفئران، فإن "الأشواغندا" لها القدرة على تأخير أو منع بعض الأمراض التنكسية العصبية مثل ألزهايمر، وداءُ هَنتنغتُون، ومرض باركنسون، وهذه أمراض تصيب الدماغ ويؤدي انتشارها إلى خلل في وظيفة الدماغ والتأثير على الذاكرة.
وفي نفس المراجعة، وبناءً على ما تم على حيوانات أيضًا، وُجِد أن "الأشواغندا" قد لا تقلل من فرص الإصابة بالأمراض التنكسية العصبية فقط، وإنما قد توقف تفشي الخلايا السرطانية في بعض أنواع هذا المرض الخبيث مثل سرطان الرئة.
جرعة الأشواغاندا الموصى بها
إذا اقتنعت بفوائد هذه العشبة وأردت أن تُجرّبها، فعليك أن تعلم أن جرعة تناولها تعتمد على الحالة أو المرض المرجو علاجه، ناهيك عن أنه لا توجد جرعة ثابتة مبنية على تجارب سريرية حديثة.
بعض الدراسات توصي بـ 250-600 مللي غرام في اليوم الواحد - مثلما ذكرنا بالأعلى - للتخفيف من حدة التوتر، بينما رجّحت دراسات أخرى تناول كميات أكبر بكثير من ذلك.
وعادةً ما تحتوي جرعة كبسولات الأشواغاندا من 250 وحتى 1,500 مللي غرام من الجنسنج الهندي، وعلى ذكر الكبسولات، فالأشواغاندا لا تقتصر على هذا النوع فحسب، إذ يُمكن أن يتم تناولها في صورة مسحوقٍ أو حتى مستخلص سائل.
في بعض الحالات يؤدي تناول جرعات كبيرة من "الأشواغاندا" إلى ما لا يُحمَد عقباه من الأعراض الجانبية، ولهذا من الأفضل أن تستشير طبيبًا مُختصًّا قبل أن تتناول الأشواغاندا، أو أي علاج آخر بالطبع، عشبيًّا كان أم كيميائيًّا.
الأعراض الجانبية للأشواغاندا
إذا تناول شخصٌ ما الجنسنج الهندي بجرعات كبيرة كما أشرنا، فإنه على الأرجح سيعاني من أعراض جانبية واضحة، أبرزها اضطراب الجهاز الهضمي، الإسهال، الغثيان والقيء، وذلك - غالبًا - بسبب تهيج الغشاء المخاطي للأمعاء.
أما بالنسبة عما إذا كانت آمنةً أم لا، فمبدأيًا يُنصَح أن تتجنبها الحوامل لأنها قد تتسبب في حدوث ولادة مُبكرة. وبشكل عام، لا تُشرف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على الشركات أو الجهات المُصنّعة للأعشاب وعقاقير الطب الأيروفيدي بشكل عام، وهذا يثير القلق لأن معايير الشركات المُصنّعة قد تكون صادمة وتستخدم موادًا مغشوشة.
وبحسب المركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية، فإن عقاقير الطب الأيروفيدي قد تحتوي على عناصر الرصاص والزئبق بكميات أكبر من الموصى بها، ما قد يؤدي -لا قدر الله- إلى الإصابة بالسرطان.
إذا أمعنت النظر في الأجزاء التي تحدثنا فيها عن فوائد "الأشواغاندا"، فستجد أننا حرصنا على استخدام لفظة "قد" وذلك لأنه على الرغم من دعم بعض الدراسات لفوائد الجنسنج الهندي، لكنَّ عدد الأبحاث المُثار حولها قليل جدًّا ومعظمه قد أُجري على الحيوانات، ناهيك عما ذكرناه في الفقرة الأخيرة من احتمالية الغش في مكوناتها.
وأخيرًا، إن أردت تناول "الأشواغاندا" فيمكنك أن تتناولها بالجرعات التي أوصت بها بعض الدراسات، ومن المهم للغاية أن تكون واثقًا في مصدرها، وقبل كل ذلك عليك أن تستشير طبيبًا مُختصًا، ناهيك عن عدم التعويل عليها، أو على أي علاج من علاجات الطب البديل كعلاجٍ أساسي لحالة مستعصية أو حتى للحالات البسيطة.