الرعاية العلاجية في المملكة.. خطوات متكاملة نحو «صحة أفضل»
تُعدّ المملكة العربية السعودية من أكبر الدول في منطقة الشرق الأوسط، مع تعداد سكاني يتجاوز 34 مليون نسمة، وقد تقدَّمت خدمات الرعاية الصحية على مدار السنوات السابقة، خاصةً مع استثمارات الحكومة الكبيرة في البنية التحتية للرعاية الصحية، ما سهَّل الوصول إلى خدماتها في جميع أنحاء البلاد.
أيضًا، نجحت المملكة في الحدِّ من انتشار الأمراض المُعدية بإطلاق العديد من البرامج والمبادرات، كما ازداد متوسِّط الأعمار، وتراجعت مُعدّلات الوفيات بين الرضع، فكيف تقدَّمت الرعاية الصحية في المملكة على كافة الأصعدة؟ وما أهم التحديات المواجهة لها؟
الرعاية الصحية في المملكة
تمتلك المملكة العربية السعودية نظامًا راسخًا للرعاية الصحية، يُوفِّر لجميع المواطنين والمُقيمين خدمات الرعاية الصحية المجانية، فالحكومة هي المُموِّل الرئيس لقطاع الرعاية الصحية، ووزارة الصحة مسؤولة عن تنظيم الرعاية الصحية، وتقديم خدماتها في جميع أنحاء البلاد.
يتألَّف نظام الرعاية الصحية في المملكة من:
خدمات أولية: يُحصَل عليها من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية، التي تُوفِّر خدمات الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك الرعاية الوقائية، التثقيف الصحي، وخدمات الفحص.
خدمات ثانوية: تتوفَّر من خلال المستشفيات والمراكز المُتخصِّصة؛ إذ تُوفِّر خدمات متقدمة في الرعاية الصحية، بما في ذلك خدمات التشخيص، الإجراءات الجراحية، والرعاية في حالات الطوارئ.
خدمات ثالثيّة: تُقدَّم من خلال المستشفيات المُتخصِّصة، التي تُقدِّم خدمات فائقة التخصصية، بما في ذلك خدمات زراعة الأعضاء، وعلاج السرطان.
اقرأ أيضًا:فوائد السلطة الخضراء.. صيدلية طبيعية متكاملة
إنجازات الرعاية الصحية
مرَّ قطاع الرعاية الصحية بتغيُّرات بارزة، وتحسينات واضحة على مدار السنوات الماضية، وفيما يلي أهم الإنجازات المُتعلِّقة بهذا القطاع:
1- زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية
زادت المملكة العربية السعودية الإنفاق على الرعاية الصحية، ففي عام 2020 مثلًا، خصَّصت الحكومة ما يقرب من 147 مليار ريال (39.2 مليار دولار) لقطاع الرعاية الصحية، والذي مثَّل زيادة عن مُخصَّصات ميزانية العام السابق للرعاية الصحية.
2- تحسين البنية التحتية للرعاية الصحية
استثمرت الحكومة بقوة في البنية التحتية للرعاية الصحية، بما أدَّى إلى زيادة أعداد المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، إضافةً إلى الاستثمار في تطوير مرافق الرعاية الصحية عبر البلاد.
ففي عام 2021، تجاوز عدد المستشفيات 460، وعدد مراكز الرعاية الصحية 2000 في أنحاء المملكة.
3- تعزيز جودة الرعاية
اعتنت الحكومة بتقديم العديد من البرامج والمبادرات لتحسين جودة الرعاية الصحية المُقدَّمة، بما في ذلك البرنامج الوطني لاعتماد منظمات الرعاية الصحية، والمجلس المركزي السعودي لاعتماد مؤسسات الرعاية الصحية.
وقد نفَّذت وزارة الصحة عِدّة مبادرات، تهدف إلى تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية، مثل برنامج الاعتماد الوطني للمرافق الصحية.
هذا البرنامج يُقيِّم ويعتمد مرافق الرعاية الصحية بناءً على عِدّة معايير، بما في ذلك سلامة المرضى، مكافحة العدوى، وجودة الرعاية.
واعتبارًا من عام 2021، اعتُمدَت أكثر من 50% من المرافق الصحية في المملكة، كما نفَّذت وزارة الصحة مبادرات مختلفة مثل برنامج التحول الوطني ورؤية 2030، الرامية إلى تحسين جودة وكفاءة الرعاية الصحية.
4- تحسُّن مؤشرات جودة الرعاية الصحية
تحسَّنت مؤشرات الرعاية الصحية المُختلفة في المملكة. فعلى سبيل المثال، حسب منظمة الصحة العالمية "WHO"، فقد ارتفع متوسط العمر المُتوقَّع عند الولادة من 68 عامًا في عام 1990 إلى 74 عامًا في عام 2019، ما يعكس تقدُّم الرعاية الصحية.
أيضًا، فقد انخفضت مُعدَّلات وفيّات الرضع من 32.5 لكل 1000 مولود حي في عام 1990 إلى 5.3 لكل 1000 مولود حي في عام 2019.
اقرأ أيضًا:لماذا نحتاج إلى مكملات المغنيسيوم؟ وما الجرعة المناسبة منها؟
5- سهولة الحصول على الرعاية الصحية
سُهل حصول المواطنين على الرعاية الصحية في المملكة على مدار السنوات الماضية، ففي عام 2021، تخطَّى عدد الأسرَّة في المستشفيات 75,000، ما يعني وجود 2.3 سرير لكل 1000 مواطن.
6- التغطية الصحية الشاملة
استهلَّت المملكة العربية السعودية نظام التغطية الصحية الشاملة في عام 2019، الذي يُوفِّر خدمات الرعاية الصحية مجانًا للمواطنين في المملكة.
7- الحد من انتشار الأمراض المُعدية
أطلقت المملكة عِدَّة برامج للسيطرة على الأمراض المُعدية والوقاية منها، بما في ذلك برنامج التطعيم الوطني، والنظام السعودي لرصد مقاومة مضادات الميكروبات.
8- اعتماد تكنولوجيا الرعاية الصحية
استثمرت المملكة في نظم المعلومات الصحية، سجلات الصحة الإلكترونية، والطب عن بُعد، ما رفع كفاءة الرعاية الصحية، وسهَّل حصول المرضى على خدماتها دون مشقة.
اقرأ أيضًا:هل مكثف الأكسجين ضروري لعيش حياة صحية؟
التحديات المستقبلية للرعاية الصحية
رغم التقدُّم الملحوظ في الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، لكنَّها لا تزال تُواجِه بعض التحدّيات، مثل:
1- نقص عدد العاملين في مجال الرعاية الصحية
ثمَّة نقص في عدد العاملين في مجال الرعاية الصحية في المملكة، خاصةً في المناطق الريفية، فأغلب خبراء الرعاية الصحية يتركَّزون في المناطق الحضرية، ما يجعل الأماكن الريفية تُعانِي نقصًا في خدمات الرعاية الصحية.
وحسب تقرير الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، فإنَّ المملكة لديها عجز في أعداد العاملين، بما يقرب من 15,000 طبيب و20,000 ممرِّض، وقد أدَّى هذا النقص إلى فترات انتظارٍ أطول للمرضى.
وقد نفَّذت الحكومة العديد من المبادرات لمجابهة هذا التحدِّي، مثل إنشاء كُلِّيات طبية جديدة، وتوظيف مُتخصِّصين أجانب في الرعاية الصحية.
2- ضعف الرعاية الوقائية
تُركِّز خدمات الرعاية الصحية في المملكة على الرعاية العلاجية دون الرعاية الوقائية، وهذا قد ينجم عنه زيادة في مُعدَّلات الإصابة بالأمراض غير المُعدية، مثل مرض السكري، السمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتُعدّ الأمراض غير المُعدية هي السبب الأول للوفيات في المملكة، كما أنَّ المُعدّلات آخذة في الازدياد.
وقد نفَّذت الحكومة عِدَّة برامج لمعالجة هذه القضية، مثل البرنامج الوطني للوقاية من مرض السكري ومكافحته.
3- محدودية التغطية الصحية الخاصة
تُشِير إحصاءات وزارة الصحة إلى أنَّ أرباب العمل هم المُزوِّدون الرئيسون عادةً لوثائق التغطية الصحية الخاصة في المملكة.
وغالبًا ما يُغطَّى الموظّفون ومن يعولونهم بموجب هذه المخططات بصفة ذلك جزءًا من استحقاقات التوظيف الخاصَّة بهم.
كانت المُخطَّطات مسؤولة فقط عن 67% من جميع سياسات التغطية الصحية الخاصة في عام 2020، ومِنْ ثَمَّ اعتمد أكثر من 30 % من السكان على الرعاية الصحية العامة التي تُقدِّمها وزارة الصحة، ما أدَّى إلى اكتظاظ مرافق الرعاية الصحية العامة، وأوقات انتظار أطول.
4- قلة خدمات الصحة النفسية
ما زالت خدمات الصحة النفسية محدودة في المملكة، وثمَّة نقص في أعداد خبراء الصحة النفسية، خاصةً في المناطق الريفية، فحسب منظمة الصحة العالمية، يُوجَد 2.2 أطباء نفسيين لكل 100,000 إنسانٍ في المملكة، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي الذي يبلغ 9.9 أطباء نفسيين لكل 100,000 إنسان.