الأوركسترا السعودية.. إبداع يطوف ويطرب العالم
انعكست أصالة الثقافة السعودية، ولمع بريق الفن السعودي في أعين الحضور المهيب لحفل فريق الكورال السعودي، وفرقة الفنون الأدائية السعودية، على خشبة مسرح "دار أوبرا متروبوليتان" في نيويورك الأحد.
فريق الكورال السعودي كان يعزف ويشدو لحنًا وطنيًّا ملهمًا، ويتفاعل معه الحضور بنفس المقدار من الحماسة، والاستمتاع، والشعور الجارف بالروح الوطنية، داخل دار الأوبرا وخارجها.
لم تكن تلك هي الحلقة الأولى التي يحييها الكورال السعودي حول العالم؛ بل كانت الثالثة ضمن مبادرة "روائع الأوركسترا السعودية" التي يشارك فيها نحو 80 موسيقيًّا من فرقة الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، بهدف تعريف العالم بروائع الموسيقى والفنون الأدائية السعودية، وتعزيز التبادل الثقافي الدولي الذي يعد أحد الأهداف الاستراتيجية التي تسعى لها وزارة الثقافة السعودية ضمن رؤية "السعودية 2030".
وكانت نيويورك، هي ثالث وجهات مبادرة "روائع الأوركسترا السعودية" التي تجوب العالم مؤخرًا، وتزور عددًا من المدن العالمية، حيث كانت البداية في عاصمة الفن والجمال باريس، ثم أبدعت في مدينة مكسيكو سيتي، قبل أن تبهر الحضور ويتفاعل معها العالم في حفلها الثالث الذي أُقيم في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
إبداع من نوع فريد
أحيت فرقة الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، الذي كان يرتدي علم المملكة، الحفل، مع فرقة الفنون الأدائية السعودية، وبمصاحبة فرقة الجاز الأمريكية "ديزي غيليسبي"، على مسرح "دار أوبرا متروبوليتان"، في مركز لينكلون بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
تجاوز نجاح حفل الأوركسترا السعودية، جدران مسرح "دار أوبرا متروبوليتان"، ووصل التفاعل إلى أرجاء المملكة العربية السعودية، حين تغنى الكورال السعودي، بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقدم أداءً رائعًا لأنشودة "أشرقت شمس المُجدِّد.. جددت عهد الموحِّد"، للمطرب السعودي الشاب "عباس إبراهيم"، التي يتغنى فيها بالأمير محمد بن سلمان.
وأظهرت لقطات نشرتها قناة "الإخبارية" السعودية عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في ثوبه الجديد "إكس"، الأمير تركي الفيصل، والأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي، وسفيرة المملكة لدى واشنطن الأميرة ريما بنت بندر، وهم يصفقون للكورال السعودي في أثناء عزفه مقطوعات موسيقية وأغاني تراثية سعودية خلال الحفل.
الحفل شهد كذلك عددًا من العروض الموسيقية بين عزف وغناء جماعي ومنفرد، حيث تألقت مغنّية الأوبرا السعودية "ريماز عقبي"، بحضورها الطاغي وصوتها الأوبرالي الفخم، خلال الحفل الذي شارك فيه أيضًا فرقة الجاز الأمريكية "ديزي غيليسبي"، بعزف مقطوعاتٍ موسيقية في عرضٍ مشترك مع فرقة الأوركسترا والكورال الوطني السعودي.
كذلك شاركت هيئة المسرح والفنون الأدائية في السعودية بخمسة عروض، لتعكس التنوع الثقافي للمملكة؛ شملت "فن الربش، الليوة، المجرور، السامري، والخطوة"، قدَّمها 60 مؤديًا من فرقة الفنون الأدائية، بمشاركة الأوركسترا والكورال الوطني.
وكان لافتًا حضور "البراميل" كأداة موسيقية في حفل روائع الأوركسترا السعودية في نيويورك، حيث أدخلت إحدى الفرق الشعبية السعودية "البراميل" كأداة موسيقية مع الفرقة في الحفل في مشهد أشعل منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
تاريخ الأوركسترا السعودية
بدأ التفكير مبكرًا في إنشاء فرقة وطنية للموسيقى في المملكة العربية السعودية، كإحدى المبادرات الرئيسة لتحقيق الاستراتيجية الثقافية للمملكة في تعزيز الوعي الثقافي كنمط حياة، وتماشيًا مع رؤية المملكة 2030.
كذلك الحال مع مبادرة الفرقة الوطنية للموسيقى، التي تم التفكير فيها لتدخل ضمن حزمة المبادرات الثقافية المعلن عنها على منصة وزارة الثقافة السعودية، التي تهدف إلى تشكيل فرقة موسيقية وطنية احترافية، تتمتع بمهارات عالية، لتمثيل المملكة في المحافل الموسيقية محليًا وعالميًا، وللعزف خلف أشهر الفنانين السعوديين والعرب في المحافل رفيعة المستوى.
وبالفعل أطلقت "هيئة الموسيقى" في المملكة العربية السعودية، في فبراير 2020، أعمالها لتطوير البنية التحتية للثقافة الموسيقية بالمملكة، وأطلقت العنان لتجارب جديدة وكيانات معنيّة بتطوير القطاع الموسيقي والاهتمام بالمواهب الواعدة في المجال.
لكن تدشين مشروع الأوركسترا السعودية، سبق هذا التاريخ بنحو عامين. وتحديدًا في إبريل 2018، عندما أعلنت فرنسا مساعدة المملكة العربية السعودية على إنشاء فرقة أوركسترا وطنية ودار للأوبرا، بالتزامن مع زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لفرنسا آنذاك.
حينها وقعت بالفعل، وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسين، مع نظيرها السعودي عواد العواد، في باريس، اتفاقية تعاون في مجالات الثقافة والأدب والفنون وصناعة السينما والمسرح والموسيقى.
حفلات عالمية لفريق الأوركسترا السعودي
توالت حفلات فريق الأوركسترا السعودي، حول العالم، منذ تأسيسها، وكان من ضمنها مشاركته الدولية في يناير الماضي، في مهرجان "قمم" الدولي للفنون الأدائية الجبلية في نسخته الثانية، الذي نظمته هيئة المسرح والفنون الأدائية، وذلك في الحفل الختامي للمهرجان الذي أُقيم على مسرح جامعة الملك خالد بأبها.
وقدمت الأوركسترا والكورال الوطنية السعودية خلال مشاركتها في الحفل مجموعة من الأغاني الفلكلورية الوطنية التراثية والطربية والحديثة، بمشاركة سبعين من العازفين وأفراد الكورال السعودي؛ لتعكس من خلالها الثقافة الموسيقية السعودية، وما تتميز به المكتبة الموسيقية من أغان مميزة سجلت حضورها التاريخي، ولا تزال عالقة في أذهان المستمعين.
وجاءت هذه النسخة من مهرجان "قمم" كأول مهرجان سعودي متخصص في الفنون الأدائية الجبلية بعد النسخة الأولى التي أُقيمت في يناير من العام الماضي 2022.
وحظيت النسخة الجديدة من المهرجان لعام 2023، بمشاركة 16 فرقة سعودية، و14 فرقة دولية، وقدمت 32 لونًا جبليًا من المملكة ودول العالم؛ للإسهام في التعريف بمواقع تراثية وأثرية في عسير، وهي قصور آل مشيط، قصر مالك التاريخي، قصور أبو سراح، قرية طبب التراثية، قرية محمد بن عضوان الأحمري، قلعة شمسان، قرية المسقي، بالإضافة إلى حصن أبها.
وجاءت مشاركة هيئة الموسيقى في مهرجان "قمم" ضمن استراتيجيتها الرامية لتطوير القطاع، ونشر ثقافة الموسيقى السعودية، وتكثيف حضور القطاع الموسيقي في المحافل الثقافية الدولية المرموقة.
وفي يوليو من العام الجاري، نظمت فرقة الأوركسترا والكورال الوطني السعودي ليلة موسيقية في بوليفارد العبدلي بالعاصمة الأردنية عمّان، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن، نايف بن بندر السديري، ضمن مهرجان جرش للثقافة والفنون بدورته السابعة والثلاثين، الذي أُقيم خلال الفترة من 26 يوليو إلى 5 أغسطس 2023 وشاركت به المملكة، بتقديم الفرقة باقة من الأغاني الوطنية، وأخرى متنوعة تخللتها فقرات موسيقية فردية.
فيما شاركت فرق أدائية رجالية ونسائية في الحفل، وقدمت فنون السامري والخطوة والخبيتي والينبعاوي.
وهكذا توالى إبداع فريق الأوركسترا السعودي والفرقة الوطنية للموسيقى في الداخل وفي الخارج.