تجربة آسرة في «إميرالد زانجبار» حيث الماء والخضرة وتدليل الذات
أذهلتنا زانجبار، الأرخبيل التنزاني المطل على المحيط الهندي، بتجربة سياحية لا تُنسى، أضفت لها المزيد من الراحة والفخامة والرفاهية والشعور بأصالة المكان، الإقامة في منتجع وسبا «إميرالد» الذي يتميّز بإطلالته الآسرة على شاطئ «مويوني» في قرية ماتيموي.
فأول ما يلتقي أعيُننا صباحًا، البحيرة الفيروزية التي يتربّع المنتجع على ضفافِها، لتثير الوجدان، وتخلق عزلة حقيقية عن العالم والأعمال اليوميّة.
كنَّا نكتفي أحيانًا بالبقاء في الأجنحة، وفي أحيانٍ أخرى نشتاق إلى التدليل الوافر، الذي يوفره المنتجع بمطاعمه الفاخرة وملاذاته الساحلية التي لا يُعلى عليها، بينما يتوارى قرص الشمس خلف البحر ليخلّف في السماء بقعة حمراء، تشعرنا أننا أبطال مشهدٍ أسطوري لن يتكرر.
لن تخوضَ تلك التجربة الخلّابة إلا في منتجع «إميرالد زانجبار» الفريد، الذي أدركت بداخله لما تُعرف جزيرة زانجبار بـ«الجزيرة التائهة في المحيط»، بينما أتهادى على ضفافه الهادئة، منقطعين عن العالم، ولا يشغلنا سوى الاستمتاع باللحظة، على كثرة ما يوفّره المنتجع من متعٍ ورفاهيات لم نألفها في زنجبار.
الطبيعة البِكر في أحضان المحيط
في تلك البقعة الوادعة التي تتهادى في رحاب المحيط الهندي، لم تدهشنا التجربة السياحية وحدها، منحتنا الأجواء تجربةً روحية وثقافية، فكل التفاصيل تشيرُ إلى ارتباط قوي مع العرب والجذور الإفريقية واللمسات الآسيوية، ومناطق الاستجمام الساحلية في أوروبا، والجنون الذي يميّز سواحل أمريكا اللاتينية.
كُلّ ما بحثنا عنه في رحلاتنا وتجاربنا السياحية وجدناه هنا دون الشعور بالغُربة: الموسيقى التي تخيّم على الأجواء ليلًا ونهارًا تسمّى «طرب»، وتعزف بالعود والقانون والأزياء التقليدية والعادات الطيبة، التي تتماهى مع الروح الهادئة التي اختبرناها في جميع زوايا المنتجع وتفاصيله الصغيرة.
كنّا نلهث وراء التجارب، منذ وصولنا مطار «زانجبار الدولي»، ويحفُّنا الكرم في كلِّ خطوة.
خلال 45 دقيقة فقط، تقلّنا سيارة فاخرة إلى قرية «مويوني»، حيث منتجع «إميرالد»، وتحفُّنا مظاهر الحياة البرية التي تتوّجها الطبيعة البِكر، من شواطئ المحيط الصافية والنخيل الشامخ والغابات الغنَّاء، والابتسامات المُرحِّبة الغارقة في عزلتِها.
اقرأ أيضًا: السفر إلى زنجبار.. «جزيرة التوابل» المفضلة للعرب
إميرالد.. أجمل بقاع جنة «زانجبار»
يحفلُ اليوم الأول بطاقة إيجابية تكلِّلها مشاعر البهجة والاستكانة التي نَمَت بداخلنا منذ حطت أقدامنا على أرضِ جزيرة زانجبار، التي تنافسُ تصوّراتنا عن الجنة، واكتشفنا لدى وصولنا منتجع «إميرالد» أننا في أجمل بقاع تلك الجنة، وأكثرها إلهامًا ورفاهية، إذ يغوص في سكينته بين المناظر الطبيعية الخلابة والنعيم الاستوائي الذي اعتدنا مشاهدته في الأفلام، قبل أن نجد أنفسَنا جزءًا منه، وكأننا في واحة مستقرة على ضفاف المحيط منذ آلاف السنين، طُعِّمت بمزيج استثنائي من اللمسات العصرية وأنماط الفخامة الغربية، التي تبعث على الاسترخاء.
يحضرنا ذلك الشعور، خلال تجوالنا بمرافق المنتجع واستلقائنا على المسابح، ورحلاتنا لاستكشاف الجزيرة، لا سيما مدينة زانجبار الحجرية «ستون تاون» دُرّة السياحة والتاريخ في تنزانيا، المدرجة على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، التي تحتفظ بنسيجها الحضريّ وممراتها الضيقة والحياة البسيطة للسكان المحليين، فضلًا عن طريق العبيد، الشاهد على بيع 600 ألف عبد في القرن التاسع عشر، بمحاذاة الأسواق العامرة بالسلع الإفريقية والتوابل التي لا تُنسى، فلأجلها سُمّيت زانجبار بـ«جزيرة التوابل».
ما تختبره في منتجع «إميرالد زانجبار» من سعادة وأُنس لا يقتصر على الاكتشاف والرحلات والمتعة الخالصة التي تلاحقك كلما عبرت من نشاط إلى آخر، أو على المياه الفيروزية التي تتمدّد أمام ناظريك إلى ما لا نهاية، ليغرقك في تجربة استرخاء تنأى بك عن متاعب الحياة ومشاغلها، إنما يمتدّ حُسن الضيافة إلى منحك القدرة على تصميم كل تفاصيل إقامتك حسب رغبتك، بدءًا من مطبخك المفضّل مرورًا بأوقات الاستجمام التي تلائمك، حتى أبسط التفاصيل كتصميم كعكة عيد ميلادك.
كعكة عيد ميلاد وأطباق عالمية
يمنحنا «إميرالد» كعكة عيد ميلادٍ أو ذكرى سنوية تُعد حسب الطلب.
شعرنا من تلك اللفتة أننا بين أسرتنا الكبيرة، هناك من يتذكّرنا لا لشيء إلا أنه يهتم لأمرنا ويحبُّنا، نحتفلُ ويحتفلُ الجميع برفقتنا، مع الحفاظ على الخصوصية التامة، وبينما نتناول الكعكة، جرى تزيين الفراش والحمام بأزهار محليّة لنقضي ليلة ملكية لا تُنسى على غرار أباطرة وملوك إفريقيا، حتى صرنا نتذكر تلك المناسبة المميّزة بأنها «عيد الميلاد الذي كان في إميرالد زانجبار».. يا لها من ذكرى!
إلى جانب ذلك، توفّر المطاعم الأربعة قائمة مميّزة من الوجبات كنّا نتناول منها كميات غير محدودة، أمّا المطاعم فتقدم وجبات شهية من مختلف مطابخ العالم بجودة فائقة لم نألفْها بأي مكان آخر.
تُحضّر الأطباق بعناية، وفقًا للوصفات الأصلية الممزوجة بأساليب الطهي المبتكرة مع أجود المكونات.
وكالعادة، قضينا اليوم الأولى بالمطعم الرئيس للمنتجع «أكوا»، نجول بين الأطباق التي تتصاعد أبخرتها وروائحها في أنوفنا حتى نندفع إلى التجربة بأقصى ما لدينا من طاقة.
يعدّ المطعم أشهر الأطباق العالمية، بين يابانية ومتوسطيّة وإيطالية وصينية، فضلاً على الطعام النباتي، في تجربة تفاعليّة تتخللها خمس محطات طهي.
ويقدم مطعم «كارنيفوروس» أطباقًا مستوحاة من مطابخ أمريكا الجنوبية، فاستحقّ أن نتناول به وجبة العشاء، المكوّنة من دُرة تاجه وطبقه الرئيس «اللحوم المطهوة على الطريقة البرازيلية».
اقرأ أيضًا: منتجع «هابيتاس العلا».. مزيج الطبيعة الخلابة والروائع البشرية
وفي اليوم التالي، بحثنا عن تجربة غذاء فاخرةٍ ومختلفةٍ، لنجد ضالتنا في مطعم «لو أزياتيك»، جوهرة ممشى منتجع «إميرالد زانجبار»، الذي يقدم تجربة طعام آسيوية مثالية لم نختبرها في العديد من الدول الآسيوية.
وكانت وجبة العشاء من نصيب مطعم «بيتش كلوب غريل» الذي جذبتنا إليه روائحه الذكية التي تفوح من كلِّ طبق، بفضل طهي الطعام على شواية من الحجر، ووعدنا المطعم المخصّص لأطباق البحر المتوسط، بتجربة مميّزة عامرة بالبيتزا والباستا بتشكيلاتهما المتنوّعة.
ومررنا به عدّة مرات لنستمتع بالأسماك والمأكولات البحرية الطازجة، التي تجاوز المألوف والمتوقّع في طهيها.
بعد ظهيرة أحد الأيام، كنّا على موعد أيضًا مع استراحة «إكليبس بول بار» التي لا تفوّت، حيث بوسعكم، كما فعلنا، التلذّذ طوال اليوم بتشكيلة فريدة من الوجبات الخفيفة، والاسترخاء بينما تسبحون أو تستلقون على ضفاف المحيط، وتهدهدكم المساحات الخضراء الشاسعة التي يتغنّى بها المنتجع.
ومن الاستراحة الفريدة إلى «متجر الجيلاتو» الوجهة المثالية بالمنتجع للأزواج الباحثين عن مكمِّلات للسهرة الرومانسية على أنغام «الدي جاي»، والعائلات الباحثة عن إرضاء أطفالها، الذين يوفّر المنتجع لهم أيضًا «نادي دولفين للصغار»، مفتوحة أبوابه يوميًّا لـ12 ساعة، تبدأ التاسعة صباحًا، فضلاً على الأنشطة المائية التي تملأ جنبات المكان الأسطوري.
ولا يفوتكم الحصول على «رحلة غطس» لكل ضيف ضمن إقامتكم، من مركز الغطس المُصنّف ضمن فئة الخمسة نجوم.
«سبا» ومتعة للعقل والجسد والروح
ارأ أيضًا: منتجع «زويا» الصحي.. امنح جسمك فرصة للعلاج وطرد السموم بلا أدوية
فضلاً على جلسات للرفاه مسرحها النادي الرياضي الكائن في مبنى مكيّف الهواء ومجهّز بأحدث المعدات، ويضمّ ملاعب للتنس والبادل وكرة القدم تعزّز تجربة لا نهائية للعب، حصلنا على المعدات اللازمة للإبحار على متن قوارب «هوبي كات» و«الكاياك» والتزلج عل المياه وركوب الأمواج.
كانت تجربة مُلهمة ومخيفة أيضًا، لكننا بلغنا أقصى درجات المتعة والشعور بالأمان بفضل فريق الرياضات المائية التابع للمنتجع، الذي يوفّر أيضًا تجربة هائلة لـ«تدليل الذات» جعلته -بالنسبة لنا- ملاذًا آسرًا ونابضًا بالحيوية، بعدما انغمسنا في تجارب الاستشفاء والاسترخاء والراحة في عناقٍ بين الدلالِ الاستوائي الفريد والمحيط الهندي، والهندسة المعمارية المعاصرة الأنيقة، كان بطلها منتجات علامة «هيلينغ إرث» الرائدة في إفريقيا.
أمضينا الوقت، الذي أعاد لنا شغفنا بالحياة من جديد، داخل «سبا إميرالد»، في التدليك والتدليل بمجموعة من منتجات السبا والعلاجات الطبيعية والعضوية، المستوحاة من الثقافات التايلاندية والباليّة، المصنوعة من مكوّنات طبيعية مُستقاة من المحيطات والأزهار والفواكه والبذور والزيوت الطبيعية الإفريقية، حتى نفضنا همومَ وضغوطات الحياة والعمل وإرهاقهما، وصار ملاذنا اليوميّ للاسترخاء والرفاهية، كأننا نسافر عبر الزمان والمكان في رحلة ملؤها الراحة، فيما يأخذنا معالجو «السبا» الموهوبون إلى عالم من السلام الداخليّ، ينسجم خلاله العقل والجسد والروح معًا.