من الكيمياء إلى الطب والفلك.. ما هي أبرز إنجازات العلماء العرب؟
طوال قرون ماضية وحقب زمنية مختلفة وحتى أيامنا الحالية لم تتوقف إنجازات العلماء العرب، تبرز أسماء عربية كثيرة ويُنسب الفضل لأسماء أكثر ساهمت في تأسيس ونشر العلم ثم تطويره وتقدمه.
كان العلماء العرب منذ القدم رواد البحث العلمي وأول من بث هذه الروح التي استقى منها علماء أوروبا واستخدموها في تأسيس جامعاتهم وتمكينهم من التقدم العلمي، لذلك لا يمكن لأحد أن يغفل فضل علمائنا العرب الذي سيظل فخرًا ودافعًا لملايين الباحثين ومحبي العلم.
لذا دعونا نستعرض جزءًا من إنجازات بعض علمائنا العرب في الماضي وكذلك عصرنا الحديث.
علماء العرب في العصر الحديث
منذ قديم الأزل وحتى الآن ما زالت إنجازات العلماء العرب مستمرة، إذ شهد عصرنا هذا مجموعة متميزة من العلماء الذين قدموا العديد من الاختراعات سواء في مجال الكيمياء أو الطب أو الذرة أو في العلوم الإنسانية، منهم من رحلوا ومنهم من هم مستمرين في رحلة العطاء.
أحمد زويل
برع العالم المصري الراحل وحامل الجنسية الأمريكية «أحمد زويل» في عالم الكيمياء، إذ حصل على شهادة الدكتوراه في علوم الليزر من جامعة بنسلفانيا، ما ساعده على تقديم واحدة من أعظم الابتكارات في مجال الكيمياء وهي «الفيمتو» أصغر وحدة قياس للوقت والتي أهلته للحصول على جائزة نوبل.
قضى «زويل» عمره في زيادة إنجازات العلماء العرب في مجال الكيمياء من خلال تقديم 350 بحثًا علميًا في المجالات المتخصصة، وورد اسمه ضمن الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأمريكية، فيما احتل المركز التاسع بين 29 شخصية في قائمة أهم علماء الليزر في الولايات المتحدة.
منير حسن نايفة
«منير نايفة» عالم تكنولوجيا النانو وأحد أشهر علماء الفيزياء العرب، والذي قدم حوالي 180 مقالاً وبحثًا علميًا، في مجال الليزر والكهرومغناطيسية وتكنولوجيا النانو.
جعل «نايفة» العالم مبهور بإنجازات العلماء العرب، ففي عام 1979 حصل على جائزة البحث الصناعي في الولايات المتحدة عن البحث الذي أجراه حول الذرات المنفردة في مختبر أوك ريدج الأمريكي، كما أسس شركة خاصة به لإيصال تقنيات النانو إلى القطاع الصناعي وأطلق عليها اسم «نانوسليكون».
يتبوأ «منير نايفة» الفلسطيني الأصل والحاصل على الجنسية الأمريكية في الوقت الحالي منصب بروفيسور الفيزياء بجامعة إلينوي في أوربانا شامباين.
اقرأ أيضًا: أبرز إنجازات العلماء المسلمين في تطور الحضارة الإنسانية
أشهر علماء الفلك العرب في العصر الحديث
إنجازات العلماء العرب لم تتوان عن علم الفلك، فظهر من بين صفوف العرب الكثير من علماء الفلك الذين برعوا في دولهم والدول الأوروبية بل وصلوا إلى الفضاء وكشفوا أسراره إلى العالم أجمع، ومن أشهر علماء العرب في الفلك:
صالح العجيري
عالم الفلك الكويتي الراحل «صالح العجيري»، أحد أبرز الأسماء العربية المساهمة في نهضة علم الفلك نظرًا لإضافته المؤثرة وما قدمه من أبحاث علمية ومؤلفات ومحاضرات وبرامج تعليمية في مراكز متخصصة، ومشاركته في أغلب المؤتمرات العلمية في الدول العربية وخارجها ما ساعد الكثير من الباحثين والمهتمين بعلم الفلك في دراستهم وأبحاثهم العلمية.
حصل على شهادة من الاتحاد الفلكي المصري في عام 1952، واستمر في البحث وملاحقة فرص الاستكشاف والسعي وراء المؤسسات العلمية وزيارة الدول التي تعقد مؤتمرات فلكية لسنوات وسنوات، وفي أوائل السبعينيات من القرن الماضي كان قد بدأ في بناء مرصدًا فلكيًا على نفقته الشخصية في دولة الكويت.
كُرم عام 1980 من أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عن مساهماته التي لم تتوقف في التقدم العلمي وإحراز أحد أهم إنجازات العلماء العرب، والتي نُسبت له وسميت على اسمه، أهمها مرصد العجيري ومتحف العجيري ومكتبة العجيري، ولم يكتف عند هذا الحد بل عمل على إنشاء مركز علوم فلكية وأرصاد جوية في جنوب السرة، ويُعد أشهر إنجازاته هو تأسيس التقويم العجيري المشهور بالكويت.
عصام حجي
عالم الفضاء والباحث المصري الحاصل على الجنسية الأمريكية والفرنسية والملقب بـ «رجل المريخ»، من مواليد مدينة طرابلس الليبية في عام 1975، أحد العلماء العرب المعاصرين، اسمه الكامل هو عصام محمد إبراهيم حجي ووالده هو الفنان التشكيلي محمد حجي.
أفنى «عصام حجي» عمره منذ صغره حتى الآن وهو يصول ويجول بحثًا عن العلم ولا يكف عن التعلم والقراءة والبحث، وعامًا بعد عام يثبت مدى براعته وعقليته الفذة، على الرغم من نشأته وتنقله بين البلاد في سن صغيرة إلا أن ذلك لم تؤثر على هذا النموذج ولم تمنعه من البزوغ وإثبات أنه يمكن لأي شخص أن يحقق حلمه، حصل على شهادته الابتدائية في ليبيا وشهادته المتوسطة في تونس ثم عاد إلى القاهرة ودرس في جامعة القاهرة بقسم الفلك وحصل على البكالوريوس في علم الفلك وعلم الأجرام، وعين مدرس مساعد في نفس الجامعة عام 1997 بعد أن تفوق واستمر اجتهاده طوال سنوات الدراسة الجامعية ليقترب خطوة أخرى من تحقيق حلمه واستكمال رحلته في البحث عن حياة خارج الكوكب.
ولم يكتف بهذا النجاح بل خرج هذا الشاب العبقري إلى العاصمة الفرنسية باريس في محاولة للوصول لدرجات علمية أكبر، ونال ما خرج من أجله بالحصول على ماجستير في علم الفضاء عام 1999 ثم حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات وهو إنجاز انفرد بيه كأول مصري يحققه في علم اكتشاف الكواكب، وكانت رسالة الدكتوراه الخاصة به يدور موضوعها بشكل عام حول البحث عن الماء على كوكب المريخ وبعض المناطق في كوكب الأرض.
يعمل حاليًا في المعمل الخاص بمحركات الدفع الصاروخي في «ناسا»، وأصبح واحد ضمن 8 علماء مسؤولين عن متابعة الإشارات القادمة من كوكب المريخ وتدريب رواد الفضاء والتنسيق معهم لاستعمال الكاميرات الرادارية للوصول لأماكن تجمع الثلج تحت سطح المريخ والتعرف على خصائصها الجيوفيزيائية وطرق جمع العينات ودراسة مكوناتها الجيولوجية، ما ساهم في زيادة إنجازات العلماء العرب في العالم.
اقرأ أيضًا: أشهر علماء الدين الإسلامي في العصر الحديث وأبرز إسهاماتهم
علماء العرب في الطب
هناك العديد من إنجازات العلماء العرب في الطب، فوضع ابن سينا قواعد الطب في العالم بأسره، ومن أبرز علماء العرب في الطب:
أبو بكر الرازي
ولد محمد بن يحيى بن زكريا الرازي في عام 850 م، وهو واحد من أبرز علماء الطب في العصر الإسلامي وأول من أوجد الفرق بين النزيف الشرياني والنزيف الوريدي، وذاع صيته إلى أن أُطلق عليه لقب «إمام عصره» في علم الطب.
كتب «الرازي» أكثر من 200 كتاب في الفلسفة والطب، وكتب عن العلاقة بين الطبيب والمريض بسبب اعتقاده أنه يجب أن تقوم العلاقة بين الاثنين على الثقة، بالإضافة إلى كتاب جمع فيه معظم المعرفة الطبية التي عُرفت في العصر الإسلامي.
اهتم أبو بكر الرازي بعملية تشريح جسم الإنسان، فألّف كتب عن علم وظائف الأعضاء البشرية والجهاز العصبي والعضلات، بالإضافة إلى طريقة عمل الدماغ.
قدم «الرازي» الكثير في مجال الطب حتى وافته المنية عام 923.
ابن سينا
قدم «أبو الطب» أو «أمير العرب» كما لُقب أيضًا أبو علي الحسين بن عبدالله بن الحسين بن علي بن سينا البلحي، الكتاب الذي أصبح منهجًا للأطباء في جميع أنحاء العالم وهو «قانون الطب»، الذي أرسى من خلاله قواعد تشخيص الأمراض بسهولة، ولد «ابن سينا» في عام 980 ميلاديًا وأثبت جدارته في كثير من العلوم وليس فقط الطب.
إذ برع «ابن سينا» في علوم الفلسفة والعلوم الطبيعية والطب الإسلامي وقدم حوالي مئتي كتاب في هذه المجالات والتي أفادت البشرية، فأصبح واحدًا من أشهر العلماء المسلمين والذين رفعوا من شأن إنجازات العلماء العرب في العالم.
لم يقتصر اهتمام «ابن سينا» على علاج المرضى فقط بل أرسى العديد من المبادئ للتحقق من نقاء المياه نتيجة لاعتقاده أن المياه السيئة هي السبب الأساسي في إصابة الكثير من الناس بالأمراض، كما أوضح الطرق الصحيحة لرعاية الأطفال.
كان «ابن سينا» أول عالم يكتشف أسباب مرض اليرقان والتهاب السحايا، ذلك بالإضافة إلى وضع تشخيصًا دقيقا لأعراض حصى المثانة، كما أنه أوضح مدى أهمية المعالجة النفسية في علاج الأمراض.
اقرأ أيضًا: أشهر العلماء المسلمين | «ابن الهيثم» أبو علم البصريات ورائد العلم التجريبي (فيديو)
أشهر علماء الكيمياء العرب
أُسس علم الكيمياء من قبل أشهر العلماء المسلمين الذين برعوا في مختلف العلوم ومن ضمنها علم الكيمياء والذي يتمحور حول حالات المادة الثلاثة، ومن أشهر علماء العرب في الكيمياء:
جابر بن حيان
هو عبد الله بن جابر بن حيان أحد العلماء العرب والذي أسس علم الكيمياء، وقدم العديد من الإنجازات للبشرية والتي تضمن، وضع المنهج التجريبي في الكيمياء، استخدام الميزان لقياس مقادير العناصر التي يستخدمها في التجارب الكيميائية، كما اكتشف أن المواد ذات القابلية للاحتراق عند حرقها تنتج الكبريت.
أضاف «ابن حيان» الكثير لإنجازات العلماء العرب، إذ قام باختراع وتحضير الكثير من الأحماض مثل حمض الكبريتيك، حمض الهيدروكلوريك، وحمض النيتريك، ذلك بالإضافة إلى تقسيم المواد إلى ثلاثة أقسام وفقًا لخصائصها، وهم الأغوال، المركبات، المعادن، كما نجح في فصل الذهب عن الفضة باستخدام الأحماض، ولم يبرع «ابن حيان» في علم الكيمياء فقط بل امتدت إنجازاته إلى علم الموسيقى والكونيات والسحر، بالإضافة إلى أنه أصبح واحدًا من أشهر علماء العرب في الأحياء.
عز الدين الجلدكي
عز الدين الجلدكي أحد علماء الكيمياء العرب الذين برعوا في القرن الثامن الهجري، لما قدمه من مؤلفات كثيرة في مجال الكيمياء ساهمت في زيادة إرث إنجازات العلماء العرب في الكيمياء.
ينسب لـ«الجلدكي» الفضل في اكتشاف أن المواد الكيميائية لا تتفاعل مع بعضها إلا بنسب ثابتة معينة، ذلك بالإضافة إلى كونه أول عالم نجح في اكتشاف أن لكل مادة ألوان خاصة تنتج عند احتراقها، كما قام بصناعة صابون الغسيل إضافة بعض المواد الكيميائية إلى الصودا الكاوية.
حذر «الجلدكي» من خطورة استنشاق الغازات الناتجة عن التفاعلات الكيميائية، وكان له الفضل في صناعة الكمامات المستخدمة حاليًا.
أشهر علماء الرياضيات العرب
كان علم الرياضيات أحد العلوم التي قدم خلالها العرب الكثير من الكتب والنظريات التي ما زالت تستخدم حتى وقتنا هذا.
الخوارزمي
ولد «الخوارزمي» عام 780 م، في مدينة خوارزم، وهو أحد أشهر علماء العرب في الرياضيات خاصة الهندسة والجبر، وقدم العديد من الكتب التي كانت تُستخدم كمراجع في مختلف أنحاء العالم، ومنها كتاب «الجبر والمقابلة» والذي شرح طريقة حل المعادلات من الدرجة الأولى والثانية، وكتاب «علم الحساب»، ما ساهم في زيادة إنجازات العلماء العرب في علم الرياضيات.