«بيرداسدفوجو» ليس مجرد اسم لقرية صغيرة في إقليم سردينيا الإيطالي، لا يتجاوز عدد سكانه 1780 نسمة، بل إنه اسم لقرية مُدرجة بموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية نظراً لتسجيلها أكبر عدد من المُعمرين الذين تجاوزوا المائة عام على مستوى العالم.
اشتهر سكانها بطول العمر حتى أن أشهر متجر بيتزا بالقرية أطلق على نفسه «بيتزا لونجيفيتا» أي الحياة الطويلة في اللغة الإيطالية، وقد انعكس ذلك على سمات القرية وملامحها، فعلى جدران البيوت تجد اسم كل مُسن مكتوب على بيته وتحته التاريخ الذي وُلد فيه، كما تُزين جدران القرية صورًا بالأبيض والأسود للمُسنين الذين بلغوا 100 عام، فعلى سبيل المثال نجد صورة أصغر مُعمرة «انونزياتا ستوري»، بينما على جدار آخر صورة أكبر مُعمر وُلد عام 1922 ويدعى «فيتوريو لاي» وكلاهما يتمتع بصحة جيدة للغاية. ولكن ما سر قرية «بيرداسدفوجو» أو «قرية المعمرين» كما يدعونها؟.
حياة هادئة بلا صخب
وعندما نبحث عن طبيعة الحياة في «بيرداسدفوجو» نجد أن الهدوء والإيقاع البسيط هو سمة الحياة في هذه القرية البسيطة، نظرًا لأن سكانها أقل تعرضًا لوسائل التكنولوجيا الحديثة من هواتف محمولة وإنترنت ما يجعل حياتهم بعيدة عن الضغوط ومتابعة الأحداث المستمرة، كما تعتمد القرية على الزراعة بشكل أساسي ما يجعل سكانها يأكلون طعامًا صحيًا مما يزرعونه، كما أنهم يعملون بشكل مستمر في الهواء النقي ويتعرضون لأشعة الشمس المفيدة على الدوام ما يحافظ على صحتهم ولياقتهم البدنية.
إقرأ أيضاً: منظمة الصحة العالمية تعلن أن جدري القرود حالة طوارئ عالمية
هذا وقد أشارت أبحاث المؤرخين التي أُجريت على القرية، أن أفراد القرية يعيشون في محيط عائلي واجتماعي على الدوام، وأن لهذا التواصل الاجتماعي أثر عظيم على صحتهم النفسية والعقلية، وهذا ينعكس عليهم عند الوصول لسن الشيخوخة فتجدهم يحتفظون بذاكرتهم وصحتهم حتى آخر لحظات حياتهم.
احتفال مئوي لكل مُعمر
ومن الطقوس المُعتادة في قرية «بيرداسدفوجو» هو إقامة احتفال كبير لكل مُعمر عند إتمام عامه المائة، حيث يُعد المُسنون مصدر فخر واعتزاز كبير لسكان القرية، حيث إنه أمر نادر أن تلتقي بكل هؤلاء المُعمرين في مكان واحد خاصة أن أغلبهم يتمتع بالصحة والحيوية رغم وصوله لهذا العمر وهو أمر يُرجعه البعض إلى بساطة الحياة التي يعيشونها، علاوة على طعامهم الصحي واعتمادهم على الأعشاب الطبية بدلاً من العقاقير والأدوية، وتتوافر أيضًا في القرية دور لرعاية المسنين الذين يعانون من مشكلات صحية وأمراض الشيخوخة لتقديم الخدمات والرعاية الصحية لهم.
إقرأ أيضاً: جزيرة تسجل رقمًا قياسيًّا عالميًّا في طول العمر
مزار سياحي
يسعى الكثير من العلماء لعمل المزيد من الأبحاث للوصول لأسباب طول عمر سكان هذه القرية، وتهدف إحدى هذه الدراسات التي تشارك فيها «جامعة ساساري» الإيطالية، إلى جمع 13 ألف عينة من الحمض النووي من سكان القرية لدراستها والوقوف على طبيعة الجينات التي تحكمها ومدى تأثير طبيعة الحياة في القرية والعادات الغذائية والصحية التي يتبعها سكانها من أجل الوصول لعمر المائة عام بصحة جيدة، وفي حال أثبتت الدراسات ذلك سيكون بمثابة ترويج سياحي رائع للقرية بل وللإقليم الإيطالي بالكامل، ولا شك سيسعى الملايين حول العالم لزيارة المكان الذي يعيش فيه أكبر عدد من المُعمرين على وجه الأرض، كما سوف يستمتع الكثيرون بقضاء وقت هناك ومحاكاة الحياة التي يعيشها هؤلاء الناس على أرض الواقع.