عصر تويتر بعد إيلون ماسك.. هل ينجح في إنقاذ الطائر الأزرق؟

استحوذ إيلون ماسك على منصة التواصل الاجتماعي تويتر في صفقة تعد الأكبر في عالم منصات التواصل الاجتماعي مؤخرًا، إذ عرض شراء جميع أسهم الشركة وتحويلها إلى شركة خاصة في مقابل قيمة أكبر من تلك التي تستحقها تويتر، وقد كان دافع إيلون ماسك الرسمي "جعل تويتر أكثر حرية"، إذ يؤمن إيلون ماسك بأن تويتر أصبح منصة مقيدة أكثر من اللازم بسبب القيود التي وضعها مجلس الإدارة السابق، وهو ما يجعل المنصة لا تصل إلى قوتها الحقيقية.

ورغم موافقة مجلس الإدارة على استحواذ إيلون ماسك على المنصة، فإن هذه الصفقة لم تمر بسهولة، إذ تضمنت الصفقة الكثير من النقاشات والشد والجذب قبل إتمامها رسميًّا في نهاية أكتوبر الماضي، ومنذ تلك اللحظة نصبَ إيلون ماسك نفسه رئيسًا تنفيذيًّا للشركة وأزال مجلس الإدارة القديم ليصبح المتحكم الأول في منصة تويتر، وذلك قبل أن يبدأ في التغييرات المتنوعة التي يرغب في تطبيقها داخل المنصة.

التغيرات الإدارية في تويتر 

كانت التغييرات الإدارية أولى خطوات إيلون ماسك في تويتر، إذ عمد إلى تغيير الهيكل الإداري السابق بكل تفاصيله، وجاءت هذه التغييرات على شكل حملة إقالة موسعة تهدف إلى خفض موظفي الشركة بأكثر من 50%، اعتمد إيلون ماسك على طريقتين لخفض عدد الموظفين لدى تويتر، الأولى كانت على شكل حملات الإقالة والثانية كانت عبر الضغط على الموظفين الموجودين بالفعل لدفعهم إلى الاستقالة بنفسهم دون أي تدخل من الإدارة.

أول محطة في قطار إقالات إيلون ماسك كان لمجلس إدارة تويتر، إذ أقال باراغ أغراوال الذي كان يعمل مديرًا تنفيذيًّا للشركة إلى جانب مديرين آخرين، ثم أتبعه بالمدير المالي للشركة نيد سيغال، وفيجايا جادي رئيسة قسم السياسات في تويتر، وشون إدجيت المستشار العام للمنصة. ثم بدأ إيلون ماسك في إزالة فرق بأكملها من المنصة مثل بعض فرق المبيعات إلى جانب فريق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي المسؤول عن إدارة خوارزمية تويتر والتحكم فيها، وبعض المتعاقدين الخارجيين مع المنصة. 

وفي النهاية خاطب جميع موظفي الشركة بشكل رسمي متحدثًا عن المرحلة القادمة في عمر تويتر وأن العمل فيه سيصبح أكثر صعوبة من السابق، لذلك فإن عصر التراخي والعمل السهل قد انتهى والآن وقت الشدة، دفعت هذه الرسالة مئات العاملين في تويتر للاستقالة من الشركة دون تدخل من الإدارة، ومن ثم خفض العمالة مجددًا والاقتراب من هدف 50% من قوة العمالة السابقة الذي حدده إيلون ماسك.

اقرأ أيضًا:قم بهذه الخطوات حتى لا تفقد حسابك على تويتر

تغييرات موجهة للمستخدمين 

لم يكتف إيلون ماسك بإزالة الفرق الرئيسة المسؤولة عن بعض الوظائف في تويتر أو حتى إزالة المجلس الإداري، بل غير الكثير من المزايا والخصائص في المنصة حتى تصبح أكثر حرية. 

وبينما تنوعت التغييرات الصغيرة التي قدمها إيلون ماسك، لكن هذه هي أهم التغييرات: 

إتاحة علامة التوثيق الزرقاء في مقابل مادي 

علامة التوثيق الزرقاء في تويتر هي إحدى أهم مزايا المنصة التي تشير إلى مصداقية هذا الحساب وكونه أحد الحسابات الرسمية للشركة أو الشخص على المنصة، وكانت تعتبر ميزة موجه إلى نخبة مستخدمي تويتر والشخصيات الهامة عليه، وفي محاولة إيلون ماسك لجعل المنصة أكثر حرية، فقد قرر المساواة بين جميع المستخدمين مهما كانت مكانتهم لينهي عصر "سادة تويتر" كما وصفه سابقًا في تغريداته. 

وبدلاً من أن تظل علامة التوثيق الزرقاء مجانية يصعب الوصول إليها، أصبحت علامة سهلة الوصول يمكن لأي مستخدم شراؤها مقابل 8 دولارات شهريًّا، وجعل عملية منح العلامة عملية تلقائية لكل مشتركي خدمة "تويتر بلو"، سرعان ما تسببت هذه العلامة في إثارة جدل واسع للغاية، إذ سمحت للمستخدمين ذوي النوايا السيئة بانتحال الشخصيات الهامة أو حتى الشركات في المنصة والتأثير بشكل كبير على اقتصاد الشركات الضخم وأسعار الأسهم. 

وظهر ذلك بوضوح عندما قام أحد المستخدمين بمشاركة خبر عن الأنسولين الذي تصنعه شركة "إيلي ليلي"، وأن الشركة ستمنحه مجانًا للمستحقين، وقد تسبب ذلك في خفض أسهم الشركة وإيقاف جميع الحملات الدعائية عبر تويتر قبل أن يتم حظر الحساب المزيف، كما حظر تويتر حساب "كاثي جريفين" وهي ممثلة كوميدية انتحلت شخصية إيلون ماسك ذاته وقامت بشراء العلامة الزرقاء، وذلك إلى جانب مئات الحسابات المزيفة الأخرى التي أثارت منصات التواصل الاجتماعي لأكثر من شهر. 

الحسابات المزيفة دفعت إيلون ماسك للإعلان عن نظام توثيق جديد في تويتر يضم أكثر من لون مختلف لعلامة التوثيق، إذ ظل اللون الأزرق متاحًا للجميع وأضاف عليه اللون الذهبي للشركات والرمادي للحكومات، هذه الخطوة جاءت لتقلل عمليات انتحال الشخصيات في الشركات والحكومات تجنبًا للمزيد من الخسائر لإدارة تويتر.

إعادة الحسابات المحظورة 

اشتهرت منصة تويتر بحظرها للحسابات المختلفة لأي سبب كان، وذلك لأن المنصة كانت تطبق سياسات مجتمعية شرسة وشديدة للغاية، ظهر ذلك بوضوح في حظر حساب الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب إلى جانب بعض الشخصيات الموالية له.

ولكن عندما استحوذ إيلون ماسك على المنصة، فإن أول ما قام به هو إعادة هذه الحسابات المحظورة جميعًا وقد بدأ بالفعل بإعادة حساب دونالد ترامب، وإعادة الحسابات المحظورة كانت أشبه بعفو عام عن كل من اخترق قوانين وسياسات تويتر لتنظيم التغريدات والمجتمع، لذلك فإن العودة شملت الكثير من الحسابات العنصرية، التي تبث خطاب الكراهية عبر المنصة.

اقرأ أيضًا: هل تحل روبوتات إيلون ماسك للدردشة محل البشر؟

لم تتضح حتى الآن طريقة إيلون ماسك الجديدة في تنظيم المحتوى ومراقبته عبر تويتر، ورغم أن ذلك قد يكون صعبًا بعد انخفاض عدد المستخدمين بشكل كبير في المنصة وسيمثل تحديًا كبيرًا لإدارة تويتر لتتمكن من القيام به، ورغم ذلك قامت المنصة بحظر حساب المطرب الأمريكي "كاني ويست" لأنه اخترق سياسة المنصة في عبر التشجيع على العنف والترويج لاقتناء الأسلحة واستخدامها، ويبدو أن هذا الحظر جاء من إيلون ماسك  بدلًا من العملية التلقائية لمراقبة المحتوى.

إزالة خاصية Moments 

في لحظة مفاجئة أعلن إيلون ماسك عن تخليه عن خاصية اللحظات "Moments" التي كانت تتيح للمستخدمين بناء تغريدات طويلة قليلاً لمشاركة المحتوى الأكبر، وذلك لأن إيلون ماسك كان لديه خطط أخرى للمنصة، وبينما لم يعلن إيلون ماسك عن البديل المباشر لخاصية Moments، لكن بعض الخبراء يتوقعون أن إيلون ماسك سيطلق نوعًا جديدًا من التغريدات الطويلة إلى جانب تطبيق التشفير ثنائي الأطراف على المحادثات التي تتم بين المستخدمين المختلفين. 

ماذا بعد؟ 

استحواذ إيلون ماسك على تويتر كان لجعله أكثر حرية، ولكنه في النهاية رجل أعمال و "أغنى رجل في العالم" لذلك فلا بد أن يجد طريقة لجعل تويتر أكثر ربحية، وبينما قد يكون ذلك سهلاً في بعض المشاريع الأخرى، فإن تويتر سيكون صعبًا، وذلك لأن المنصة كانت تعاني سابقًا اضطرابًا وانخفاضًا كبيرًا في الأرباح الناتجة عن الإعلانات، كما كانت تعاني بعض المشكلات التقنية التي يتوقع بأن تزداد مؤخرًا بسبب التسريحات الكبيرة مؤخرًا. 

ورغم أن قرارات إيلون ماسك المتعلقة بتويتر قد تكون عشوائية وتسبب في الكثير من التخبط والضجة عالميًّا، فإنَّ تقديمه لخصائص جديدة تجعل المنصة أكثر ربحية أصبح أمرًا منتظرًا في القريب العاجل.