كيف أثّرت نشأة ليوناردو دي كابريو في مشواره؟
في حياة الفنانين العالميين ينشغل المتابعون والنقاد والمحللون بالجانب البراق في مسيرتهم العملية، هذا الانشغال قد يدفعك كمتابع إلى التغافل عن مشوار طويل لا يراه أحد عادة في مسيرة كل نجم.. وفي مسيرة النجم ليوناردو دي كابريو هناك الكثير من القصص.. والأعراق!
نحن نتحدث هنا عن واحد من أهم ممثلي هوليوود دون أدنى شك، وصاحب حفنة من أهم الأدوار التي لا تنسى في تاريخ السينما الأمريكية، نتحدث عن ليوناردو دي كابريو.
دي كابريو إلى جانب وسامته التي لا ينكرها أحد، وإلى جانب موهبته الاستثنائية ومشواره الفني الطويل، يملك أصولاً تشير إلى كل شيء اتسم به.
لقد مزج دي كابريو بين أكثر من أصل وجنسية، في خليط كان لا بُدَّ أن يصبح باهرًا، تمامًا مثل ليوناردو.
فدي كابريو المولود في مدينة لوس أنجلوس بكاليفورنيا الذي يعد الابن الوحيد لوالديه، حاز الحداثة الأمريكية من منشئه دون شك وهو الذي عاش عمره كلها في الولايات المتحدة.
نشأة دي كابريو تلك وانحداره من أكثر من مكان جعل الممثل الهوليوودي الشهير ينهل من كل نهر ويأخذ من كل بستان زهرة، يكون خليطًا من صفات عدة قلما تجتمع في غيره.
ألمانيا.. الجدية
ولكن الجدية التي يمكن أن نعرفها بسهولة عن دأب دي كابريو وإتقانه في أعماله، لا يستغرب أن نعرف أصلها، الرجل لديه أصول ألمانية من والدته.
إيرملين والدة ليوناردو دي كابريو مولودة في ألمانيا مع عائلتها، وانتقلت مع عائلتها من بلدة "أوير إركينسويتش" في حوض الرور إلى الولايات المتحدة الأمريكية في خمسينيات القرن الماضي، حين كانت ألمانيا تموج بفوضى في أعقاب هزيمة الحرب العالمية الثانية.
اقرأ أيضًا:«ليوناردو دي كابريو» أشهر عازب في هوليوود.. هل يرتبط بـ «جيجي حديد»؟
البديع أن الرجل لم يأخذ العرق الألماني من والدته فقط، يبدو أن الجدية كانت مركزة بالفعل، لأن والده جورج دي كابريو كان يملك أصولًا نصف ألمانية وبالتحديد من مقاطعة بافاريا.
ألمانيا لم تقف هنا في حياة دي كابريو، فجده لأمه الذي يدعى فيلهلم إندينبركن كان ألمانيًّا، وكذلك جدته لأمه هيلين إندينبركن كانت ألمانية هي الأخرى.
ولكنها عاشت في روسيا فأضافت جزءًا من الآخر لهذا المزيج الباهر في إرث دي كابريو.
الجدية لم تكن فقط في النشأة الألمانية، بل كانت في وظيفة والدته إيرملين التي كانت تعمل سكرتيرة قانونية.
إيطاليا.. الفن
ولكن من أين أتى كل هذا الحس الفني في مسيرة الرجل؟ هل لم يتسم طيلة مشواره الفني بأكثر من الجدية؟
بالتأكيد لا، يحمل ليوناردو دي كابريو الفنان في أعماقه ليس منذ نعومة أظفاره فحسب، بل قبل ذلك بكثير.
يعود الأمر للعام الذي سبق مولده، هل سألت نفسك لماذا يسمى هذا الفتى بليوناردو؟ ستدهشك الإجابة، لقد ركل الفتى ركلته الأولى في بطن أمه بينما كانت تشاهد لوحة فنية لليوناردو دا فينشي في أحد المتاحف بإيطاليا فقررت تسميته ليوناردو تيمنًا بتلك اللحظة واستحضارًا لها.
اقرأ أيضًا:لماذا لم يتزوج ليوناردو دي كابريو إلى الآن؟
ولكن ما الذي جلب إيطاليا إلى المعادلة؟ تلك هي القصة الأخرى في أصول دي كابريو التي ربما منحته ذلك الحس الفني المرهف، إلى جانب اسمه إيطالي الوقع "ليوناردو دي كابريو".
الأصول الإيطالية لليوناردو دي كابريو نابعة من والده، الذي -إلى جانب أصوله الألمانية البافارية- امتلك أصولًا نصف إيطالية وبالتحديد من نابولي في الجنوب.
ولكي نتيقن من أن سر الفنون في حياة دي كابريو منبته كان إيطاليًّا، فيمكننا أن نطلع على الوظائف التي شغلها الوالد الذي كان رسامًا ومنتجًا وموزعًا للكتب الساخرة، كان سعيدًا بالتأكيد حيال ذلك الحس الساخر الذي امتلكه نجله في فيلم "ذئب وول ستريت".
أمريكا.. حصاد كل الأعراق
لكن هذه النشأة التي تعد مزيجًا من كل هذه الأعراق، شهدت هزة عنيفة بانفصال والده ووالدته وهو في عمر عام واحد، نشأ في لوس أنجلوس وأحيائها الأقل، مع والدة تعمل بجد لتوفير احتياجات المنزل، وعاش فترة من الوقت لدى جدته في ألمانيا ليكمل بعضًا من هذا المزيج.
كل هذه الخلفيات مهدت لظهور هذا الفنان الاستثنائي الذي عرفه العالم لأول مرة بعمر 14 عامًا إثر ظهوره في العديد من الإعلانات والحملات التعليمية قبل أن يشق طريقه رويدًا في عالم السينما الأمريكية ويكون فيلم "تايتانيك" الصادر عام 1997 نقطة تحول في مسيرته من أدوار ابتدائية وثانوية، إلى دور البطل "جاك" جعله من بين أهم النجوم في العالم، وهو الذي أتقنه تمام الإتقان ونقل لحظات غرق "تايتانيك" في لقطات لن ينساها التاريخ الفني العالمي.
لقد كان بعمر 23 عامًا حين أدى هذا الدور الباهر الذي جابت شهرته العالم أجمع، ومنذ ذلك الوقت لم يكف دي كابريو عن التألق، حصل على جائزة الأوسكار في مناسبة وجائزة غولدن غلوب في 3 مناسبات وحازت أفلامه وأدواره على العديد من الجوائز.
يعرف الكثيرون عديد الأشياء عن مسيرة الفنان، إنجازاته وألقابه، لكن الجانب الإنساني يظل دومًا مطمورًا لا يكاد يرى من فرط الأضواء المحيطة بهؤلاء النجوم.. وقد كان جانبًا شديد التأثير في مسيرة ذلك الرجل ذي الأعراق المتعددة.