يشعر المرء مع تقدمه في السن بصعوبة تأسيس صداقات جديدة حقيقية ومتينة. ويصبح انتقائيًّا في غالب الأحيان، يميز بين من يمكن أن يدعوه صديقًا، ومن يكتفي بالقول إنه يعرفه حتى لو كان يمضي معه وقتًا طويلاً في العمل، وخارجه.
تتطلب عملية بناء صداقات جديدة الوقت والصبر، وتؤدي طباع وشخصية المرء دورًا أساسيًّا في ذلك، فهناك من يتمتعون بشخصية مرحة ومنفتحة، ولديهم مهارات التواصل والاختلاط بالناس ونسج شبكة علاقات وتأسيس صداقات بسهولة ومن دون جهد كبير.
بينما يتعامل أصحاب الشخصية المتحفظة مع الآخرين بحذر، ويضعون متاريس وحواجز تبقيهم على مسافة من الناس، إما بإرادتهم وإما بسبب طباعهم.
ويُعدّ فن اكتساب الأصدقاء ركيزة أساسية من ركائز النجاح في الحياة، فليس كل فردٍ لديه مهارة اكتساب الأصدقاء وجذبهم له، لكن بعض الحيل البسيطة يمكن استخدامها لتسهيل ذلك.
الصداقة مفيدة للصحة
وفقًا لتقرير "The Friendship Report" (وهو دراسة عالمية أجريت بتكليف من شركة "سناب شات" Snapchat) فإن متوسط العمر الذي نلتقي فيه بأصدقائنا المقربين هو 21 عامًا.
نعيش التجارب الجديدة التكوينية مثل الحب الأول والحسرة الأولى، ونزداد إدراكًا لمن نتصادق معه.
ويتمتع سن الرشد هذا بأنه وقت التواصل مع الناس في شتى الميادين، وتكوين الصداقات.
يقدر جيفري هول، أستاذ دراسات الاتصال بجامعة كانساس الأمريكية، أن تأسيس صداقة يستغرق عادةً أكثر من 200 ساعة، ويفضل أكثر من ستة أسابيع، لتنمو وتأخذ مجراها مع صديق مقرب.
اقرأ أيضًا:معنى الصداقة في قصة قصيرة.
وبحسب د. هول فإن لدى الرجال البالغين أقل عدد من الصداقات بين جميع الديموغرافيات الأخرى.
ويصف الأمر بالخطير مشيرًا إلى الدور الإيجابي الذي يؤديه وجود الأصدقاء والمقربين للصحة، والرفاهية.
ومع التقدم في العمر، تتحول المساحة التي اعتدنا أن نملأها بالضحك والثرثرة والسهر حتى الفجر إلى اهتمامات أخرى، يستحوذ الزواج والإنجاب والمسؤولية المترتبة عنهما والوظيفة واحتياجاتها حتى تطوير مجالات العمل والمهنة على غالب الوقت، وتحت ثقل هذا الروتين تتقلص دائرة الأصدقاء، أو تبقى كما كانت قبل سنوات.
فبعد سن الأربعين يصبح تكوين صداقات جديدة أقرب إلى المواعدة، لا يعتمد فقط على الكيمياء والاهتمامات المشتركة، ولكن أيضًا على الرؤية المشتركة وما يمكن أن تقدمه علاقتك الجديدة.
التحدي الأكبر في هذه المرحلة العمرية إيجاد شخص أو أشخاص يرغبون ويحبون الأشياء نفسها، التي تستهويك وفي الوقت نفسه أيضًا!
معادلة الصداقة
لدى الرجال خياران لتكوين صداقات جديدة جيدة:
أولاً: المواظبة على شيء معين، وهنا ينصح بالبحث عن طريقة عملية لتكون في المكان نفسه مع أشخاص آخرين تحترمهم وتحبهم، واجعله مكانًا جديدًا للاستراحة، قد يستغرق هذا الأمر الكثير من الوقت، ولكن بالإصرار والجهد قد تتمكن من النجاح.
ثانيًا: كن متجاوبًا أو لينًا، أحيانًا يتطلب بناء صداقة جديدة أو حتى استمرار صداقات قديمة بعض التنازلات والتضحيات، بل تعلم مهارات جديدة.
عليك أن تكون مباشرًا وصادقًا لتحديد ما تحتاج إليه.
يتمتع كل رجل بقدرة على تأسيس علاقات ذات مغزى في أي وقت يختاره للتواصل مع الناس، والتعبير عن رأيه وحاجته.
وعندما يجري تكريم هذه الروابط وتنميتها، فإنها تصبح صداقات تجعله سعيدًا، ومكتفيًا بل مدعومًا.
اقرأ أيضًا:سؤال حير الجميع.. كيف نحافظ على العلاقات السعيدة؟
اخرج من عزلتك وتواصل
يتمتع الأشخاص الذين لديهم روابط اجتماعية كثيرة بدرجة أقل من الاكتئاب ويعيشون أكثر.
يمكنك أن تقيم صداقات جديدة بغض النظر عن عمرك.
ابدأ بالخروج من عزلتك.
شارك في مناسبات اجتماعية أو تقرب من زملاء العمل، بادر إلى مشاركتهم فسحة الغداء مثلاً أو جلسة استرخاء في نادٍ أو مقهى بعد الدوام.
بادر بالسؤال، ما هي خطتكم لتناول الغداء اليوم؟ ماذا ستفعلون هذا المساء؟
حاول أن تكون إيجابيًّا ومنفتحًا ومتفهمًا عند التواصل مع الآخرين حتى لو اختلفت معهم في الآراء والاهتمامات وأسلوب الحياة.
يمكنك أن تكون مستمعًا لبقًا وحاول البحث عن اهتمامات مشتركة، باختصار امنح الصداقة فرصة لتتطور.
يمكنك أيضًا أن تتعرف بصدق من دون استعلاء على الآخرين، سواء الوضع العائلي، أو الاهتمامات، أو العمل، أو الأهداف، أو الأحلام على سبيل المثال لا الحصر.
وهنا عليك أن تظهر الاحترام.
لا تلزم نفسك بشيء تجاه الأشخاص الذين تعرفهم بل افعل الأشياء لأنك تريد وليس لأنك مضطر.
الصدق والشفافية من عوامل الجذب الأساسية، الباعثة على الاحترام والهيبة.
عليك أيضًا أن تسعى حتى لو كنت كثير الانشغالات بأن تكون حاضرًا من أجل الأصدقاء أو الأشخاص الذين قد يكونون أصدقاءك.
اعرض المساعدة أو قدم نصيحة من دون تطفل أو استغلال.
وحاول أن تكون كريمًا عاطفيًّا.
يحتم هذا عليك البقاء على تواصل، اتصل للاطمئنان، ابعث برسالة للسلام.
أفكار للانطلاق في صداقات جديدة
أولاً: انضم إلى جمعيات أو نواد، وشارك في الأنشطة بهدف الاستمتاع، ومقابلة أشخاص جدد.
تعزز هذه الخطوة ثقتك بنفسك.
ثانيًا: بادر لمساعدة الآخرين.
حاول أن تكون جزءًا فاعلاً في محيطك الاجتماعي لأن ذلك يساعدك على مقابلة أشخاص جدد والانخراط في أنشطتهم.
ثالثًا: لا تتخلَّ عن ابتسامتك ومقاربتك الإيجابية خصوصًا أن التواصل الجيد مع الناس يحتم عليك أن تكون مستمعًا لبقًا.
قدم نفسك لأشخاص جدد، اطرح عليهم أسئلة وابحث عن أرضية مشتركة.
رابعًا: استخدم لغة الجسد للدلالة على انفتاحك وإيجابيتك، من دون التقليل من شأنك أو التعالي.
خامسًا: كن مبادرًا واسأل أصدقاءك الجدد عما إذا كانوا يرغبون في التنزه، ادعُهم للمشاركة في الأنشطة معك.
سادسًا وأخيرًا: احرص على اختيار أصدقاء جيدين يجعلونك تشعر بالرضا عن نفسك، ولا تسعَ لتكوين صداقات مع أشخاص لا يفعلون ذلك.