جديد محادثات الفيديو.. مشروع يستحق الانتظار
تزداد الحاجة إلى إجراء محادثات فيديو بجودة عالية في جميع مجالات حياتنا، وهذا ما اختارت أن تعمل عليه غوغل من خلال مشروعها Starline الذي يقدم فرصةً لإجراء محادثات فيديو افتراضية، في غرف خاصة بها، وبميزات باهرة.
ورغم أن هذه المحادثات كانت افتراضية بشكل كامل، فإن كل من شارك في المشروع أجمع على تفردها، وواقعيتها، لدرجة تخدع العقل، وتُشعره أنه يجلس أمام الطرف الآخر على بعد خطوات، بدلاً من آلاف الكيلومترات.
محادثات فيديو واقعية
كشفت غوغل أن مشروعها يعتمد على مزيج من تقنيات عرض الفيديو بشكل ثلاثي الأبعاد إلى جانب تشكيلة واسعة من المستشعرات المختلفة التي تعمل على تتبع المستخدم بشكل واضح لتوجه الصور ناحيته قدر الإمكان.
يشبه هذا المزيج البطاقات ثلاثية الأبعاد التي تتغير صورتها كلما غيرت الزاوية التي تنظر إليها بها، ولكن بدلاً من أن تتحرك الشاشة بشكل يدوي، فإن المستشعرات تغير زاوية عرض الفيديو وإلقائه، حتى يصبح أقرب إلى زاوية نظرك بشكل واضح.
وتمثل المستشعرات المتنوعة الموجودة في التقنية جوهر طريقة عملها، إذ تتيح للصورة المعروضة أمامك التفاعل مع كل التغيرات التي تطرأ عليك سواء كانت تغيرًا في زاوية نظرك أو تغيرًا في حركة جسدك، كما تلتقط الظلال المحيطة بك لتضيف عمقًا إلى الصورة المنقولة إلى الطرف الآخر، وتشعر الطرف الآخر بأنك لست جزءًا من الخلفية الموضوعة خلفك، وتعد هذه التقنية تطويرًا لتقنية عرض الصور الهولوغرافية ثلاثية الأبعاد.
لذلك لن تستطيع إجراء المحادثات بين مشروع Starline وغيره من مشاريع محادثات الفيديو الافتراضية، ويحتاج الطرف الآخر إلى امتلاك قطعة من المشروع حتى يتمكن من استقبال الصورة بشكل واضح للغاية دون أي تشوش فيها، وهو ما يمثل عقبةً أمام انتشار المشروع.
تحتل المستشعرات المثبتة في الجهاز التي تساعد بشكل رئيس على استخدام تقنيته مساحةً كبيرة من منطقة المشروع أو منطقة عمل المشروع، لذلك احتاجت غوغل إلى بناء "كبائن" مخصصة لاستقبال المستخدمين وعرض المشروع بشكل تجريبي، وكانت المستشعرات تشغل أكبر مساحة داخل تلك الكبائن، كما أن المحادثات كانت تتم بين زوج من الكبائن معًا في وقت واحد، وهو ما يؤكد ضرورة وجود كابينة خاصة بالمشروع في الجهة المقابلة، حتى تتمكن من إجراء المكالمات.
اقرأ أيضًا:ما هي تقنية الهولغرام أو التصوير التجسيمي (الهولوغرافي)
صورة كالحقيقة
على عكس محادثات الفيديو الافتراضية المعتادة التي تعتمد على تطبيقات الحاسوب، فإنك تنظر مباشرةً إلى المستخدم الآخر في حجمه الطبيعي والكامل، لذلك تستطيع التفاعل معه وقراءة جميع الاختلافات التي تُعرض على وجهه ونظرة عينيه مباشرةً وبشكل واضح، بما لا يدع للشك مجالاً بأنك تجلس أمام مستخدم حقيقي وواقعي وليس صورة صغيرة في نافذة حاسوبك المعتادة.
تدفع هذه الصور ثلاثية الأبعاد العقل لأن يعتقد أن الطرف الآخر في المحادثة يجلس أمامه، وذلك بفضل التقاط جميع المؤثرات وجميع الحركات مهما كانت صغيرة وعرضها بالحجم الطبيعي أمامك، كما أنك لا تنظر إلى شاشة مسطحة كبيرة مثل الحواسيب المعتادة، ولكن بدلًا من ذلك تنظر عبر مجموعة من العدسات المختلفة التي تنقل الضوء والصورة بطريقة مبتكرة لتشعرك بالواقعية.
ترى غوغل أن مشروع Starline ما زال مشروعًا مستقبليًا لا يمكن استخدامه في القريب العاجل، ورغم ذلك بدأت مشروعًا يعتمد على شراكات مع عدة مؤسسات تقنية كبيرة مثل Salesforce وWeWork وHackensack Meridian Health لتثبيت الكبائن التجريبية لديهم، ضمن جولة اختبارات أولية للتقنية من أجل تحسينها
اقرأ أيضًا:تطبيقات الواقع المعزز.. ثورة تقنية بلا حدود
المستقبل للمحادثات الافتراضية
تعمل "ميتا" المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام على تطوير تقنية مشابهة لتقنية Starline ولكن بالطبع داخل عالمها الافتراضي ميتافيرس، ورغم أن هذه التقنية ستضمن لك الوجود في غرفة افتراضية إلى جوار المستخدم الآخر، فإنها لا تزال افتراضية، ولا تتسم بالواقعية التي يقدمها مشروع Starline.
وتضمن واقعية Starline إمكانية استخدامه في العديد من المشاريع المستقبلية وفي أكثر من مجال واحد، إذ يمكن استخدام التقنية في محادثات خدمة العملاء عبر بناء مراكز خدمة عملاء افتراضية لا تضم موظفين بها، كما يمكن الاعتماد عليها في إجراء الكشوفات الطبية، وتقديم العلاجات المختلفة للمستخدمين دون الحاجة إلى وجود مقدم الخدمة معك فيزيائيًا، في المكان ذاته.
وقد توفر هذه التقنية القدرة على تقديم خدمات صحية ذات جودة مرتفعة في البلاد النامية أو الأماكن البعيدة عن المناطق المركزية دون نقل الأطباء، حيث كل ما ستحتاج إليه هو غرفة Starline يجلس فيها الطبيب، وغرفة أخرى يجلس فيها متلقي الخدمة.
النسخة التجريبية بدأت
رغم المستقبل الوردي الذي يقدمه هذا المشروع، فإنه ما زال يواجه عدة عقبات يجب عليه التخلص منها، إذ يجب أن تجد غوغل حلاً لدمج هذه المستشعرات وتصغير حجم الغرفة، أو جعلها أشبه بجهاز صغير قابل للحمل.
كما أن هذه التقنية تحتاج إلى توفير اتصال سريع للغاية بالأقمار الصناعية، يضمن سرعة ثابتة للإنترنت مع استجابة سريعة ليتمكن من نقل الصورة بأوضح شكل ممكن.
ربما ما زالت تقنية Starline بعيدةً عن الاستخدام الواسع، ومع البدء في استخدامها بشكل تجريبي مع بعض الشركات، فإنها تمثل مستقبلاً باهرًا للغاية يستحق الانتظار، لأنه مستقبل يقرب المسافات البعيدة، ويجعل المسافات المختلفة عبارة عن نافذة صغيرة، يمكنك عبورها بفضل هذا المشروع.