قسم المشاريع الخاصة في «فيراري».. مصنع التحف الفنية الحصرية
«إنها السيارة المُقبلة تلك التي لم تبصر النور بعد»، هذه هي العبارة التي لطالما رددها «أنزو فيراري» على مسامع أهل الإعلام في كل مرة كان يُسأل فيها عن الطراز المفضّل بالنسبة له بين سيارات فيراري، ما يدل على أن الابتكار كان هو ما يسيطر على مخيلة فيراري، وهو نفسه الذي يسيطر اليوم على طريقة تفكير أصحاب القرار الأول في قلعة «مارانيللو».
لكنّ «فيراري» لا تقف عند هذا الحد في مجال ترجمة الأحلام إلى واقع، بل ارتقت بنفسها عن الحشد من خلال إحياء التقليد العريق لبناء السيارت بنسخة واحدة، الذي كان رائجًا قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها لبضع سنوات.
في أربعينيات القرن الماضي أو الأيام الأولى لـ«فيراري»، كان إنتاج السيارات بشكلٍ حصري وخاص هو القاعدة، إذ كان العملاء يطلبون سياراتهم الخاصة من المصنع مع خيار الهيكل والمُحرك المُفضّل لديهم، ثم يختارون دار تصميم سيارات إيطالية لتصميم الجسم الذي يناسبهم.
اقرأ أيضًا:«Purisangue» أول سيارة دفع رباعي من فيراري.. فكم يبلغ سعرها؟
قسم المشاريع الخاصة
لإحياء روح هذا التقليد الفريد من نوعه في وقتنا الحالي، أنشأت «فيراري» قسم المشاريع الخاصة، ما مكّن عدد صغير من العملاء الحصريين للعلامة التجارية الأشهر في مجال السيارات الرياضية من ابتكار سيارة «فيراري» الحصرية.
وضمن قسم المشاريع الخاصة لدى «فيراري»، الذي يمثّل قمة الهرم عندما يتعلق الأمر بالتخصيص، يُصبح العميل المدير العام للشركة خلال تطوير تلك السيارة المُحددة، ويبدأ كل شيء بفكرة تقريبية جدًا تدور في بال العميل، قبل تفسيرها وتحويلها إلى مفهوم من قبل فريق التصميم، مع ذلك كل شيء يبدأ من عند العميل الذي يرغب بتنفيذ فكرة قد تكون مُستوحاة من الماضي أو من شيء مستقبلي للغاية، فالأساس هو إنشاء شيء لم يكن موجودًا من قبل.
كحد أقصى سنوي، تُنفذ «فيراري» سيارتين ضمن قسم المشاريع الخاصة، والجميل في الموضوع هو أنّ هذه التجربة لا تُوفّر فرصة امتلاك سيارة فريدة فحسب، لكن أيضًا المُشاركة في عملية تطويرها، هذا وجرى إنتاج حوالي 19 سيارة حتى الآن عبر هذا البرنامج، والتكلفة وحدها تغربل العملاء المحتملين الذين يبقى جزء صغير منهم قادرًا ماديًّا أن يتحمل تكلفة هذا النوع من المشاريع التي تبدأ فاتورتها من 18 مليون ريال سعودي وتزداد لتصل إلى مستويات حدودها ما يرغب فيه العميل.
معايير معينة
ولكن رغم ذلك، لا ينحصر الأمر فقط بالتمتع بجيوب عميقة، حيث يحتاج العملاء إلى تلبية معايير معينة للتأهل إلى برنامج المشاريع الخاصة، إذ يجب أن يكون المُشتري واحدًا من أفضل عملاء «فيراري» بأن يمتلك مرآبًا يحتوي على العديد من سيارات الحصان الجامح، قبل أن يتمكن من تفعيل قسم المشاريع الخاصة، فالصانع الإيطالي لا يمنح هذه الفرصة إلا لمن هم أفضل قدرةً على تمثيل العلامة التجارية التابعة له في جميع أنحاء العالم.
تتمثل المُهمة الأولى في تحديد سيارة مانحة مناسبة «أي السيارة التي ستُستخدم مكوناتها الأساسية كقاعدة العجلات والمجموعة المُحركة كأساس للسيارة المشروع»، التي تقول عنها الشركة إنها يجب أن تكون من بين السيارات التي تُنتجها «فيراري» حاليًّا، وهذا لضمان أقصى قدر من الكفاءة وتلبية مُتطلبات التجانس مع القوانين، وبعبارة أخرى، لتلبية مُتطلبات وشروط أحدث لوائح السلامة والانبعاثات.
ورغم استخدام أحد طُرز «فيراري» التي تتدرج ضمن الإنتاج التجاري العادي كأساس لكل سيارة حصرية، فإنّ النتيجة النهائية ستكون على شكل سيارة لا يمكن لأحد أن يلاحظ أو يحدد أي سيارة تقليدية جرى استخدامها في تنفيذ السيارة الحصرية ذات النسخة الواحدة.
اقرأ أيضًا:مواصفات ومميزات Ferrari 296 GTB.. بداية عهد جديد لفيراري
آلية الإنتاج
يجري إنتاج كل سيارة من سيارات قسم المشاريع الخاصة تحت إشراف مدير التصميم لدى «فيراري»، فلافيو مانزوني، الذي يقول إنّ تصميم سيارة بنسخة واحدة فقط يتطلب درجة عالية من الحرفية العملية، فعنصر الحرفية هو ما يمكّن من تطوير بعض الحلول بالسيارات الحصرية بشكلٍ لن يكون ممكنًا للطُرز التقليدية، ففي النهاية سيكون الهدف الأساس من السيارة هو عكس رؤية العميل ضمن سيارة مميزة تنسجم مع قيم «فيراري»، وإرثها الطويل في مجال التحف الفنية التي تسير على عجلات.
فيراري إس بي 51
ورغم أنّ «فيراري» قدمت العديد من السيارات البارزة ضمن هذا القسم الحصري، فإننا سنتحدث اليوم عن أحدثها وأبرزها، أي طراز إس بي 51، الذي يقوم على أساسات طراز 812 جي تي إس الذي يرث منه هيكله ومحركه، أي إنه يتمتع بمحرك من 12 أسطوانة مثبّت في وضعية أمامية وسطية.
من الوهلة الأولى، السمة المذهلة لـ إس بي 51 هي الغياب التام للسقف، ما يجعلها سيارة رودستر أصلية من جميع النواحي، ويبرز طابعها الرياضي وقدرتها على جذب الانتباه بصريًّا من جهة وعلى صعيد متعة القيادة في الهواء الطلق من جهة أخرى.
اقرأ أيضًا:فيراري F171 الهجينة بمحرك سداسي الأسطوانات
محاكاة رقمية
وكما هو مألوف من «فيراري»، فإنّ الانسيابية الهوائية في إس بي 51 تطلبت مجهودًا كبيرًا ضمن عملية محاكاة رقمية ومن خلال نفق الهواء، لا لضمان أقصى درجات الراحة في المقصورة وحسب، ولكن أيضًا للحصول على نفس معايير الراحة الصوتية والشعور الممتع بحركة الهواء الذي يتوفر في السيارة التي ألهمتها.
ويتميز تصميم إس بي 51 بالقوة والتناغم، بفضل مساحاته المتموجة والعضلية السلسة، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى الاستخدام المكثّف لألياف الكربون البارزة في كل من الخارج والمقصورة، ويتميز غطاء المُحرك بتقليم لافت للنظر بشكلٍ خاص لأنه يؤطر بشكلٍ ديناميكي فتحات التهوية.
طلاء جديد
ومن المميزات الأخرى الأكثر جاذبية في إس بي 51 هو طلاؤها الجديد الذي يحمل تسمية «روسو باسيونال» وهو ثلاثي الطبقات، تمّ تطوير اللون خصيصًا للسيارة، حيث يمنحها طابعًا أنيقًا وفاخرًا.
ويتعزز هذا الانطباع من خلال الخطوط الزرقاء والبيضاء المُستوحاة من سيارة «فيراري إس 410» الأسطورية لعام 1955 التي لا تمتد على طول السيارة فحسب، بل تعبر المقصورة الداخلية أيضًا.
تجدر الإشارة إلى أن سيارات قسم المشاريع الخاصة قد لا تكون في بعض الأحيان أكثر إثارة مظهريًّا من سيارات «فيراري» التقليدية، لكنها تبقى بمنتهى التميز، كونها لا تتوفر سوى لشخص واحد فقط.