من هو الإسكندر الأكبر مؤسس أهم إمبراطوريات العالم القديم؟
يتساءل الكثيرون عن من هو الإسكندر الأكبر؟ إذا ذكرنا ممالك العالم القديم وإمبراطورياته، فبلا شك ستأتي إمبراطورية الإسكندر الأكبر واحدةً من أهم الإمبراطوريات عبر التاريخ وأكثرها إثارة.
ذلك أن الإسكندر الأكبر أسس إمبراطوريته في وقت قياسي، وتوفي شابًّا، هذا إلى جانب الإسهام الحضاري والفكري والمعماري والمدني الذي تركه هذا الشاب الذي توفي ولم يتجاوز 32 عامًا.
من هو الإسكندر الاكبر؟
هو الإسكندر الثالث المقدوني وله أسماء يعرف بها في كتب التاريخ مثل الإسكندر الأكبر، والإسكندر الكبير، والإسكندر المقدوني، وذي القرنين.
هو واحد من أشهر القادة العسكريين عبر التاريخ البشري، وهو المولود في مدينة "ييلا" عام 365 قبل الميلاد.
نشأته لها جانب فكري مختلف يستطيع أن يعطيك لمحة عن من هو الإسكندر الأكبر، فقد تتلمذ على يد الفيلسوف الشهير أرسطو حتى صار يبلغ من العمر 16 عامًا.
بحلول عامه الثلاثين كان قد أسس إحدى أكبر الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم والتاريخ البشري بشكل عام.
امتدت إمبراطورية إلإسكندر الأكبر من سواحل البحر الأيوني غربًا وصولاً إلى سلسلة جبال الهيمالايا شرقًا.
يُعد أحد أنجح القادة العسكريين في مسيرتهم.
عرف الإسكندر الأكبر لدى المسلمين بأنه "ذو القرنين" نسبة إلى الآيات التي تناولت قصة سيدنا موسى والخضر بأنه لم يهزم في معركة خاضها إطلاقًا.
اقرأ أيضًا:الإمبراطورية الضائعة في هامبي
أم الإسكندر الأكبر
جزء أصيل من نشأة الإسكندر الأكبر، يرجع فضله لوالدته أولمبياس وهي من أشهر النساء في العصور اليونانية القديمة.
تعود أم الإسكندر الأكبر إلى مدينة إيميسا، التي توجد الآن في مكانها مينة حمص.
هي ابنة نيوبطليموس ملك إيبروس وزوجة فيليبوس الثاني المقدوني وأنجبت منه الإسكندر الأكبر.
أم الإسكندر الأكبر كانت مصدر النصح الدائم له طيلة نشأته، من الناحية المعنوية، وحرصت على تربيته وملازمته وإعطائه النصائح اللازمة لكي يشتد عوده ويتقوى في مواجهة الحياة.
كما كانت أم الإسكندر الأكبر حريصة على تعليمه فنون القتال إذ أشرفت بنفسها على تدريبه وتعلميه الفروسية والقتال، حتى أصبح عمره 16 عامًا، وبات بحاجة إلى تدريب أكثر من الرجال.
أيضًا أم الإسكندر الأكبر هي من أوصلته إلى الفيلسوف أرسطو ليتعلم منه ويشرف على تطوير قدراته وإظهار أفكاره وبلورة رؤيته الفكرية للحياة.
اشتهرت والدة الإسكندر الأكبر بجمالها الكبير وبذكائها الوقاد، ولكنها لم تستطع أن تفرح بناتج تنشئها للإسكندر الأكبر طويلًا إذ توفي هو نفسه مريضًا بعمر 32 عامًا تاركًا مملكة واسعة أرادت أن تظل وصية عليها لكن تم إعدامها على يد القائد كاسندر في أحداث مروعة عقب وفاة الإسكندر بسبع سنوات فقط.
نحن إذًا أمام قائد عسكري كبير في التاريخ البشري وحاكم لأكبر إمبراطوريات الأرض في عصره، ولكنه لم يستمد قيمته من هذه الانتصارات الحربية فحسب، بل من إرث كبير أشرفت عليه والدته.
كل تلك النشأة مهدت لقصة كبيرة للإسكندر الأكبر رغم وفاته حديث العمر، نستعرض لكم أبرز معلومات عن الإسكندر الأكبر ومسيرته والإمبراطورية التي شكلها.
معلومات عن الإسكندر الأكبر
قصة الإسكندر الأكبر وإمبراطوريته مترامية الأطراف بدأت حينما تولي شؤون الحكم خلفًا لوالده فيليبوس الثاني المقدوني الذي يلقب بالأعور وكان ذلك عام 336 ق.م. وفي ظرف 14 عامًا فقط نجح في تأسيس أكبر إمبراطوريات العالم القديم.
اقرأ أيضًا:عدد الخلفاء الراشدين ومدة حكمهم
الجيش المذهل الذي امتلكه الإسكندر الأكبر جعل طموحاته لا حدود لها، كان هدفه هو الوصول إلى "نهاية العالم والبحر الخارجي الكبير".
انطلق في عام 334 ق.م بأولى غزواته العظمى حين قرر الهجوم على بلاد فارس فسيطر على بحر الفرس وطردهم خارج آسيا الصغرى، حتى فتح كامل الإمبراطورية الفارسية بعد ذلك في وقت يسير.
كانت الخطوة الكبرى الأخرى متمثلة في غزو الهند، كان هدف الإسكندر هو الوصول إلى طريق البحر الخارجي الكبير، أصر على موقفه رغم الصعوبات الكبرى التي واجهته ولم يعده عن رأيه إلا تمرد القادة في جيشه.
كان يخطط لفتح شبه الجزيرة العربية لكن اضطراب قادته وتباين آرائهم قبل أن يتوفى سنة 323 ق.م حالت دون توسيع إمبراطوريته.
كانت "بابل" البقعة الكبرى الأخيرة التي سيطر عليها الإسكندر الأكبر قبل أن يُتوفى فيها تاركًا إرثًا كبيرًا قسم المملكة فيما بعده.
يذهب عدد من المفسرين الإسلاميين للقرآن الكريم إلى أن الإسكندر الأكبر هو المذكور في القرآن بـ"ذي القرنين" والذي تناولته هذه الآيات من سورة الكهف:-
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا.إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا . فَأَتْبَعَ سَبَبًا . حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا".
وأيضًا من سورة الكهف: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا . قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا. قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا . آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا . فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا . قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا".
وفاة الإسكندر الأكبر
قائد كبير من حجم الإسكندر الأكبر لا يتوقع أبدًا ألا يموت إلا في ساحة القتال، المفاجئ أن ما أدى إلى وفاة الإسكندر الأكبر هو إصابته بحمى التيفويد!
رغم أن الإصابة بحمى التيفويد ظلت الاحتمال الأكبر لوفاة الإسكندر الأكبر فإنّ العديد من المصادر تحدثت عن أسباب مغايرة.
اقرأ أيضًا:«جواهر هوس المصريات».. فرصة لعشاق الحضارة الفرعونية
رجح البعض أن يكون قد اغتيل مسمومًا بعد ليلة طويلة استقبل فيها نيارخوس وقضيا الليل في شرب للخمر وتسامر بصحبة مبديوس اللاريسي، ثم بدأ يشعر بالعجز التام حتى مات في غضون 14 يومًا.
البعض اقترح تورط أرسطو في قتل الإسكندر الأكبر إثر عدم رضاه عما انتهجه في حكمه. ورجح البعض أن اغتياله قد تم على يد الأرستقراطيين المقدونيين.
لكن تظل مسألة وفاته بحمى التيفويد هي الأكثر ترجيحيًا أو الإصابة بمرض آخر مثل الملاريا أو غيرها خصوصًا مع تنامي الأوبئة والأمراض في ذلك الوقت واتساع رقعة مملكته وعدم وجود الدراية الطبية الكافية للتعامل مع أمراض كتلك في ذلك الزمان.
أهم أعمال الإسكندر الأكبر
أسس الإسكندر الأكبر أكثر من 20 مدينة تحمل اسمه في أنحاء مختلفة من إمبراطوريته، بعضها باقٍ إلى الآن بنفس الاسم.
ولعل أبرز هذه المدن الباقية إلى الآن هي مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط في مصر، التي تحمل اسم الإسكندر الأكبر إلى الآن فخورة بهذا الإرث.
يقودنا تناول الإسكندرية وموقعها في تاريخ الإسكندر الأكبر إلى استعراض تاريخ الإسكندر الأكبر في مصر.
لقد دخلت جيوش الإسكندر الأكبر مصر بعد مجهود كبير في الشام ثم غزة، لكن أهل مصر استقبلوه استقبال الفاتحين المحررين، وظلت العلاقة سلمية إلى درجة كبيرة حتى ودعت جيوش الإسكندر مصر متجهة إلى الشرق محتفية بالمصريين وأقام لهم الإسكندر مهرجانًا ثقافيًّا ورياضيًّا مستديمًا أوصى به عماله على مصر.
أدخل الإسكندر الأكبر تعديلات كبيرة وله يد في تجديد معبد الكرنك واحد من أهم آثار الفراعنة الباقية حتى العصر الحالي في مدينة الأقصر.