غرائب محطة الفضاء الدولية.. أحد روادها سرق زوجته وهو بالفضاء
تجسد محطة الفضاء الدولية رغبة الإنسان المستمرة في غزو الفضاء والعيش فيه لفترات طويلة، بدلاً من تلك الرحلات القصيرة التي تتجه إلى الفضاء في محاولة لسبر أغواره.
لذلك نشأت المحطة لتكون وجهة يستقر فيها رواد الفضاء في أثناء رحلاتهم، ويعودون إليها بعد الوصول إلى سطح القمر وقبل العودة إلى الأرض مباشرةً، كما مثلت مركز أبحاث عملاقًا، يحلق في الفضاء لجمع المعلومات وتحليلها مباشرةً.
وبينما تتصارع الدول المختلفة على سطح الأرض وترفض التعاون في إنشاء المحطات البحثيّة الكبيرة، فإنَّ محطة الفضاء الدولية تثبت أن هذه الدول قادرة على العمل معًا من أجل تحقيق أحلامها.
إذ بُنيت المحطة بعد تعاون خمس عشرة دولة وخمس وكالات فضاء، كانت تتسابق ضد بعضها سابقًا حتى تتمكن من الوصول إلى الفضاء وغزوه.
ما هي محطة الفضاء الدولية؟
تعد أكبر معمل أبحاث متنقل في الفضاء الخارجي، وهي أيضًا أكبر محطة فضائيّة محلقة فوق سطح الأرض، كما صُنعت بطريقة تسمح بترقيتها وتغيير القطع بها وتركيبها في أثناء وجودها في المدار فوق سطح الأرض، ويتيح ذلك صيانة المحطة دون الحاجة إلى عودتها إلى الأرض.
يصل حجمها مع لوحات الطاقة الشمسيّة بالكامل إلى حجم ملعب كرة قدم كبير، ويتجاوز وزنها 400 ألف كيلوغرام، مع عرض يتجاوز 109 أمتار وطول يتجاوز 70 مترًا.
وبينما انطلقت المحطة إلى الفضاء منذ 23 عامًا تقريبًا أي في عام 1998، فإنّ إنشاءها لم ينتهِ تمامًا حتى عام 2011، وهي تضم 11 رائد فضاء مقيمين بها حاليًّا، إلى جانب العديد من الزوار الذين يمرّون على المحطة قبل عودتهم إلى الأرض.
اقرأ أيضًا:أول رائد فضاء عربي ينطلق في مهمة لمحطة الفضاء الدولية.. من هو؟
من فوائدها: توفير منطقة أبحاث
وتعد فائدة محطة الفضاء الدولية الكبرى هي توفير منطقة أبحاث يمكن للعلماء مراقبة الكواكب والنجوم بسهولة، دون الحاجة إلى العودة إلى سطح الأرض، إلى جانب جمع المعلومات وتحليلها وجمع العينات الفضائيّة ومراقبة التغيرات التي تحدث على كوكب الأرض من خارج الغلاف الجوي.
وبينما تعمل المحطة على دراسة كل ما يتعلق بالفضاء مباشرةً، تعمل أيضًا على دراسة تأثير الفضاء على روادها وزوارها، وتراقب المحطة جميع روادها بشكل مكثف، حتى توفر فهمًا أفضل للجسم البشري، وتأثيرات الجاذبية وكوكب الأرض عليه بشكل عام.
كما تعمل المحطة على مراقبة المناخ الأرضي، والتغيرات التي تطرأ عليه باستمرار، وظهر ذلك بوضوح عندما قدمت تحليلاً للمناخ وتحسّنه، في بداية أزمة كورونا.
ويكمل مسار المحطة دورةً كاملة حول كوكب الأرض كل 90 دقيقة؛ إذ إن مسارها يدور على الأرض بشكل كامل، وتسير المحطة بسرعة تتجاوز 28 ألف كيلومتر/الساعة حتى تتمكن من إكمال هذه الدورة كل 90 دقيقة، وعلى بعد 400 كيلومتر من سطح البحر.
شكل محطة الفضاء الدولية
تشبه محطة الفضاء الدولي كل أفلام الخيال العلميّ التي يمكنك تخيلها، إذ تمتلك أجنحة كبيرة تعمل كلوحات طاقة شمسيّة إلى جانب عدة طوابق ومنشآت داخلها.
وتبدو في الفضاء الخارجي مثل مبنى كبير ذي أجنحة سوداء، يطفو دون هدف واضح وسط الفضاء الرحب، ولكن من الأرض يختلف الأمر قليلًا.
إذ يمكنك رؤية المحطة ومسارها من فوق سطح الأرض ودون الحاجة إلى السفر للفضاء، وذلك بفضل وجودها في الطبقة الخارجيّة الأخيرة فوق الغلاف الجوي، على بعد 400 كيلومتر.
وقد طوَّرت ناسا أداةً خاصة تساعدك على معرفة موقع محطة الفضاء حاليًّا بدقة كبيرة، وذلك حتى تتمكن من رؤيتها بوضوح وسهولة، ولكن لن ترى إلا أثرًا بسيطًا في السماء يتحرك بسرعة كبيرة، ويبدو مثل شهاب ساقط ذي أثر دخانيّ يسير خلفه.
مهام محطة الفضاء الدولية
تتنوع مهامها كثيرًا، كما أن وجودها واستدامتها في حد ذاته مهمة كبيرة تحتاج إلى إثبات نجاحها؛ إذ تهدف لجمع أكبر قدر من المعلومات عن الحياة في الفضاء الخارجي، وما تحتاج إليه حتى تتمكن من الاستمرار في الحياة بتلك البيئة القاسية التي لا تمتلك مقومات الحياة الأساسية.
كائنات حيّة.. ونباتات متنوعة
تضم أكثر من قسم متنوع، يضم كائنات حيّة مختلفة من سطح الأرض مثل النباتات المتنوعة، التي يحتاج إليها الرواد، ويقوم العلماء بدراسة تأثير الفضاء الخارجي على هذه النباتات وكيف تتعامل مع انعدام الأوكسجين والشمس واستبدال أجهزة صناعيّة بها.
كما تهدف المحطة لدراسة تأثير المعيشة في الفضاء الخارجي على البشر وكيف تؤثر على بنيتهم العضليّة والجسديّة بسبب انعدام الجاذبية، وبالطبع كيفية مقاومة التأثيرات السلبيّة.
وتساعد محطة الفضاء الدوليّة الرحلات الفضائيّة التي تصل إليها وتستريح في المحطة قليلًا، أو تتزود بالوقود وتقوم بإعادة معايرة أجهزة مركباتهم.
وذلك إلى جانب تحليل المعلومات والبيانات التي تجمعها المحطة من الفضاء الخارجي وإرسال نتائجها إلى الأرض مباشرةً، وتقوم أيضًا بمراقبة المناخ الأرضي والتغييرات التي تطرأ عليه مباشرةً من الفضاء الخارجي حتى تتمكن من الوصول إلى نتائج وتحليلات دقيقة عنه.
أغرب المعلومات عن محطة الفضاء الدوليّة
أمضت المحطة في محورها أكثر من عشرين عامًا، مرت خلالها بالكثير من التغييرات المتنوعة والمختلفة إلى جانب مرور الكثير من رواد الفضاء والتغييرات السياسية والدوليّة عليها ومن ضمن هذه الغرائب:
يختلف مرور الوقت داخل المحطة عن سطح الأرض:
تتسبب السرعة الكبيرة التي تسير بها المحطة في مدارها بتفعيل قانون النسبيّة، الذي يجعل الوقت يمر بشكل مختلف تمامًا عن سطح الأرض.
وبناءً على قانون النسبيّة، فإن الوقت في المحطة يمر بشكل أبطأ من الوقت على سطح الأرض.
ورغم أن هذا التغيير ليس كبيرًا فإنّه موجود ويشعر به رواد الفضاء؛ إذ يتأخر الوقت بمقدار 1/100 من الثانيّة في محطة الفضاء الدوليّة، ويعد هذا التغيير صغيرًا للغاية، بسبب ابتعادها عن سرعة الضوء.
اقرأ أيضًا:معلومات لا تعرفها عن محطة الفضاء الدولية
الوضع القانوني للمحطة مختلف كثيرًا:
لا تخضع المحطة لحكومة واحدة، أو هيئة واحدة، إذ تعد مشروعًا مشتركًا بين عدة حكومات دوليّة، لأن جميع وكالات الفضاء المشاركة في بناء المشروع وإدارته قامت ببناء جزء ما من المشروع، والمشاركة فيه بصورة ما، لذلك لا تخضع المحطة لمجموعة واحدة من القوانين أو سيادة دولة واحدة.
ولكن بدلاً من ذلك فإن كل رائد فضاء مشارك من دولة ما أو قطعة معدات جاءت من دولة ما تخضع لسيطرة هذه الدولة وقوانينها، ويتسبب ذلك في تنوع القوانين، والسلطات السيادية داخل المحطة.
إذ قد تجد غرفة تخضع لقوانين الولايات المتحدة لأنها شاركت في بنائها، وقد تجد غرفة أخرى تخضع لقوانين اليابان أو حتى روسيا لأنها هي التي قامت ببناء هذه الغرفة.
وحتى تتغلب الدول المشاركة على هذه المعضلة القانونية، فقد اتفقوا على أن يتنازلوا عن حق المطاردة القانونية حالة وقوع أزمة نتيجة المهام اليومية للمحطة.
كما أن رواد الفضاء في العادة لا يتسببون في الكثير من المشكلات في أثناء وجودهم داخل المحطة لأنهم يعدون وجودهم شرفًا كبيرًا، وحلمًا تحقق.
أول حالة سرقة في الفضاء:
من الصعب أن تقع الجرائم المعتادة على متن محطة الفضاء الدوليّة، لكن في عام 2019، قام أحد رواد الفضاء التابعين لناسا بسرقة الأموال من حساب زوجته البنكي عن بعد، على متن المحطة.
ورغم أن الكثير من المحادثات اندلعت حول هذا الأمر في محاولة لتحديد إن كان يعد جريمة أم لا، فإنّه جذب أنظار العالم إلى المشكلة القانونيّة المتعلقة بالفضاء الخارجي.
وذلك لأن الوصول إلى الفضاء لم يعد صعبًا كما كان في الماضي، ولم يعد تحت سيطرة الحكومات فقط وبشكل رئيس، بل أصبح متاحًا للجميع بفضل الشركات الخاصة التي تعمل على إرسال رحلات إلى الفضاء الخارجي.
وتتمثل المشكلة في أنه لا يوجد شخص بعينه يمتلك حقوقًا أو صلاحيات قانونيّة فوق سطح المحطة فقط، ومن ثم لا يمكن محاكمة الأشخاص في الفضاء ضمن المحاكم المعتادة على سطح الأرض.
أكثر من 250 رائد فضاء من مختلف دول العالم:
تعمل المحطة منذ أكثر من 23 عامًا استضافت خلالها تشكيلة كبيرة ومتنوعة من رواد الفضاء من مختلف دول العالم، رغم أن الغالبيّة تأتي من الولايات المتحدة أو روسيا.
إذ أرسلت ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية وكندا والبرازيل روادًا إلى المحطة، وذلك إلى جانب رائد الفضاء الإماراتي الذي وصل إلى المحطة العام الماضي، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد مع بدء رحلات سياحة الفضاء، ودخول الكثير من الشركات في هذا المجال.
رائد فضاء آلي:
طور العلماء في ناسا روبوتًا يدعى Robonaut 2 وهو أول رائد فضاء آلي يشارك في محطة الفضاء العالمية منذ 2012، ويعمل هذا الروبوت مع رواد الفضاء البشر في صيانة المحطة، والقيام بالمهام المملة أو المهام الخطيرة التي تتطلب رجلاً آليًّا.
وبينما لم يخرج الروبوت بعد إلى الفضاء الخارجي، إذ يقتصر استخدامه فقط على المهام الصعبة داخل سطح السفينة بدلاً من خارجها، فإنّه يعد حجر الأساس للروبوتات التي تساعد رواد الفضاء في عملهم.
عاشت بها رائدة فضاء لمدة تزيد على عامين كاملين:
أمضت بيجي ويتسون عامين من حياتها بالكامل داخلها، وهي تعد أطول مدة بقيت فيها رائدة فضاء على سطح المحطة، وبينما تقاعدت ويتسون عام 2018، فإنّها تخطط للعودة إلى الفضاء الخارجي في المستقبل القريب مع رحلات SpaceX.
وأقامت المحطة أيضًا بحثًا حول تأثير الفضاء على الجسم البشري بفضل توأمين من رواد الفضاء، أمضى أحدهما عامًا في الفضاء، والآخر أمضى عامًا يعمل في وظيفته على سطح الأرض.
اقرأ أيضًا:وكالة ناسا تغرق محطة الفضاء الدولية في المحيط الهادئ لهذا السبب !
استغرق إكمالها أكثر من عشرة أعوام:
بدأ بناء محطة الفضاء الدوليّة للمرة الأولى عام 1984 في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، وكان من المخطط أن تنطلق قبل مرور عشرة أعوام على تطويرها، لكنها تأخرت كثيرًا حتى انطلقت، لكنّ انطلاقها في 1998 كان مهيبًا للغاية، وكانت هذه المهمة لإطلاق جزء من المحطة فقط قبل إطلاق باقي الأجزاء.
وقد استغرقت المحطة أكثر من عشرة أعوام متصلة حتى جرى بناؤها بشكل كامل، والانتهاء من تركيب جميع القطع الخاصة بها في رحلة استغرقت ثلاثين مهمة متنوعة، من مختلف الدول المشاركة في بناء المحطة.
ستظل حتى 2030:
رغم عمر المحطة الكبير، فإنّه من المخطط أن تظل في مدارها حتى عام 2030 تقريبًا، وذلك رغم رغبة وكالة الفضاء الروسيّة في استعادة المكونات الخاصة بها من المحطة، لأنها أصبحت عتيقة.
ورغم أن المحطة أثبتت نجاحها الباهر طوال الأعوام الماضية، فإنّه من المتوقع أن تقوم كل وكالة فضاء بسحب الجزء الخاص بها، للبدء في إطلاق برامجها الخاصة للفضاء بدلاً من المحطة المشتركة بين جميع الدول مثل الوضع الحالي.
وتخطط روسيا لإطلاق محطة جديدة تطلق عليها ROSS، بينما تخطط ناسا للتعاون مع الشركاء التجاريين العاملين في مجال السياحة الفضائيّة من أجل بناء أول فندق فضائي عام.