لغز الماء على الأرض.. ما أصله؟ ولماذا لا ينفد؟
الماء هو سر الحياة على الأرض، وهو لغز في العديد من التفاصيل، من أين يخرج؟ ولماذا لا ينفد؟٬ قال الله عز وجل في محكم التنزيل: "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، ما يدل على أن مصادر الماء على الأرض هي أساس حياة كل الكائنات وعملياتها الحيوية، لكن الأمر أكبر من مجرد الاستفادة التي يجنيها الأحياء من المياه، فهو يتعلق بسر الحياة نفسها، ويحمل في جوفه أيضًا الكثير من الأسرار.
مصادر الماء على الأرض
الماء العذب هو الذي يدخل في صلب الحياة والعمليات الحيوية، لكن هذا لا يعني أن المياه المالحة للمحيطات والبحار ليس لها أهمية، فعلى الأقل تتم تحليتها وتتحول إلى مياه عذبة، تكون هي أساس كل الحياة.
فما هي مصادر الماء العذب على الأرض؟
المياه السطحية:
تعرف المياه السطحية بأنها مياه الأنهار أو البحيرات العذبة أو الأراضي الرطبة، وهي التي تتجدد عن طريق الترسيب باستمرار، وتُفقد بشكل طبيعي في المحيطات أو عن طريق التبخر أو تغذية المياه الجوفية، وتحتفظ البرازيل بأكبر نسبة من إمدادات المياه العذبة، تليها روسيا وكندا.
ورغم أن هطول الأمطار هو المصدر الرئيس للمياه السطحية، فإنّ هذا الأمر يعتمد على عدد من العوامل الأخرى، ومنها:
سعة التخزين في البحيرات والأراضي الرطبة والخزانات الصناعية.
نقاء التربة تحت المخازن.
خصائص الأراضي الجارية في مستجمعات المياه.
توقيت هطول الأمطار.
معدلات التبخر المحلية.
اقرأ أيضًا:دراسة يابانية تقدم نظرية جديدة حول وجود المياه على سطح الأرض
المياه الجوفية:
تعرف المياه الجوفية بأنها مياه عذبة توجد في المسام الموجودة تحت سطح التربة والصخور، وهي مياه متدفقة داخل طبقات المياه الجوفية، وتنقسم إلى مياه جوفية مرتبطة بالمياه السطحية، ومياه جوفية عميقة.
الفارق الأساس بين المياه الجوفية والسطحية هو معدل الدوران، وأيضًا تخزين المياه الجوفية أكبر بشكل عام من ناحية المدخلات، ما يسهل على البشر استخدام المياه الجوفية لفترة طويلة دون مشكلات.
ويُعد متوسط معدل التسريب فوق مصادر المياه الجوفية هو الحد الأعلى لمتوسط استهلاك المياه من ذلك المصدر، لكن على المدى الطويل، يقوم البشر بزيادة مدخلات مصادر المياه الجوفية، عن طريق بناء خزانات أو برك احتجاز.
الجبال الجليدية:
الأنهار الجليدية من مصادر المياه العذبة، 10 أنهار تتدفق في آسيا تعتبر مصادر رزق لنحو مليار نسمة.
ارتفاع درجات الحرارة بشكل مطرد يجعل سيلان هذه الجبال وتحولها إلى أنهار عذبة أمرًا له ما يبرره الآن، ولكن قد تكون لذلك عواقب وخيمة.
المياه المحلاة:
تحلية المياه هي عملية اصطناعية تتحول فيها المياه المالحة إلى مياه عذبة، تنقسم إلى عمليات داخلية عديدة منها التقطير والتناضح العكسي، ورغم أنها باهظة الثمن قياسًا لعمليات استخراج المياه أو الحصول عليها من مصادر أكثر سهولة، إلا أن التوجه الحالي هو لاستخدام هذه الطريقة في ضوء العديد من الظروف.
كما أن هناك تزايدًا في استخدام المياه المحلاة في عملية الزراعة، ويعد الخليج العربي أكثر مناطق العالم استخدامًا شاملاً لتقنيات تحلية المياه.
ما سبب عدم نفاد الماء من الأرض؟
منذ بدء الخليقة والماء داخل في صلب تكوين الكائنات وكل عملية حيوية أساسية لبقاء الأحياء، فلماذا مع كل هذا الاستهلاك لا ينفد الماء؟ دون أن نتطرق إلى جانب الحكمة الإلهية في الإبقاء على أصل "كل شيء حي" فإن التفسيرات العلمية يمكنها شرح المسألة.
بداية يعد هطول الأمطار مصدر المياه العذبة في الأنهار والمسطحات المائية بشكل أساس، والأمطار عملية موسمية بشكل عام لا تتناقص عادة، وإن تناقصت لا تنفد، وتظل مجاري الأنهار في انتظار الفيضانات، ومن ثم يصبح جريان المسطح المائي أمرًا بديهيًّا وموسميًّا.
أيضًا يتولد بخار الماء من المسطحات المائية المختلفة ثم يتكثف وينزل كأمطار.
وكل هذا إلى جانب رصيد ضخم للغاية من المياه الجوفية، وإذابة الجليد، وإمكانية تحلية المياه المالحة، وكل هذه مبررات لعدم نفاد الماء على الأرض.
اقرأ أيضًا:كيف تواجه السعودية مشاكل نقص المياه ؟
لغز الماء على الأرض
كل هذا بسط لعوامل استمرارية الماء على الأرض، لكن اللغز الحقيقي هو في كيفية تكوين الماء على الأرض لأول مرة، وتشكيل كوكب الأرض بهذه النسب المائية، فيما لا علاقة له بهطول الأمطار على كل بقاع الكوكب تقريبًا.
في 2020، نشر بحث في مجلة "ساينس" تضمن تحليلًا لتركيب 13 عينةً من نيازك الكوندريت إنستاتيت، ما كشف عن وجود محتوى من الهيدروجين أعلى بكثير من المتوقع.
وأشارت هذه الأرقام إلى المواد الكوكبية الأولى التي تشكل منها بناء كوكب الأرض، بما نتج عنه ما أسماه البحث "محتوي مائي مبدئي" كان يساوي حين تكونه أكثر من 3 أضعاف كتلة الماء على الأرض حاليًّا.
هناك احتمال آخر فرضه البحث، متعلق بتقديم المادة نفسها خليطًا مبدئيًّا من نيتروجين الغلاف الجوي للكوكب الناشئ.
هذه الاحتمالية بسيطة، ولكنها تشير إلى أن العالم المائي صُنع منذ البداية دون الحاجة إلى إجراء تطور أكثر تعقيدًا.