علميًا.. لماذا نحزن على وفاة المشاهير رغم عدم تعاملنا معهم؟
تترك أخبار وفاة المشاهير غيمة حزن، ليس فقط على عائلتهم وأصدقائهم، بل على شريحة واسعة من المعجبين بهم، حتى وإن لم تجمعهم سابق معرفة شخصية بهم، أو علاقة متبادلة، وهو ما يبدو أنه أمر غير منطقي.
لكن مجموعة من الخبراء وعلماء النفس يرون أن ردود فعل المعجبين الحزينة جراء وفاة المشاهير المفضلين لهم أمر طبيعي، له مصدر عاطفي واضح، يتمثل في الطريقة المعينة التي يحتل بها هؤلاء المشاهير حيزًا بذاكرة محبيهم.
تكوين روابط عاطفية مع المشاهير
وكشف خبراء أن علاقتنا بالمشاهير لا ترتبط بالضرورة بمقاييس الزمان والمكان التقليدية، التي تحدد العلاقات، بل دائمًا تتحدد وفقًا لافتقادنا عزفهم، أو قدرتهم على التمثيل أو إمكاناتهم بإفادة العالم بخبراتهم، في المجالات المتنوعة.
"ليس من المفترض أن يموتوا أبدًا؛ لأنهم عندما يموتون، يموت جزء صغير من براءتنا معهم"، هذا ما قالته المعالجة النفسية جيل جروس وفقًا لما ذكره "wellandgood"، خلال وصفها ظاهرة حزن الأشخاص على وفاة مشاهيرهم المفضلين.
كما أكدت أنيسا هانسون، (معالجة نفسية أمريكية)، أن الحزن والحداد على وفاة المشاهير الذين نفضلهم لا يقل أهمية عن أي وفاة أخرى، ضمن دائرة أقربائنا المباشرة، وأشارت إلى أن عدم لقائنا المباشر بهم لا يعني أن شعور الحزن عليهم مبالغ به، أو غير منطقي.
وذكرت بعض الدراسات النفسية أن العلاقات العاطفية مع الشخصية المشهورة، أو المؤثرة تتم بناءً على توقعاتنا لما يمثله لنا هذا الشخص خلال لحظات معينة في حياتنا، على سبيل المثال: نحزن على ما مثلته لنا شخصياتهم الدرامية خلال أعمالهم، أو آراؤهم الدينية أو السياسية، وتأثيرها على شخصيتنا.
لذا ترتبط حقيقة الحزن على وفاة المشاهير بميل الأشخاص إلى تخليدهم، من خلال التجارب والذكريات، واللحظات المؤثرة، التي مروا بها في أثناء عرض المحتوى الذي شاركه هؤلاء المشاهير معنا.
اقرأ أيضًا:مشاهير لن تجدهم في مواقع التواصل الاجتماعي
علاقات الصداقة الأحادية
تسهم المنشورات المطبوعة والمحتوى المرئي والمسموع ومشاركة الكتابات والصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في زيادة شعور الأشخاص بالتواصل العاطفي مع المشاهير والشخصيات العامة، خاصة إذ كانوا حريصين على متابعتهم بشكل دوري.
لذا يشعر الكثير من الأشخاص أنهم يتواصلون بشكل متبادل مع المشاهير بمجرد رؤية نشاطاتهم المختلفة عبر الوسائل الاجتماعية، ومن ثم فإنه عند وفاة هذا الشخص، وانقطاع نوع التواصل الذي يقدمه مع الجمهور، فإن هذا يخلق حالة من الحزن والفق لديهم، كما لو أن صديقًا عزيزًا قد رحل بشكل مفاجئ.
تأثير وسائل الإعلام المختلفة
في الأغلب تنتشر أخبار وفاة الشخصية المشهورة في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وحتى المكتوبة، كما تحتل الصدارة دائمًا في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويصف علماء النفس هذا الانتشار بأنه "مربك"، ويضغط على كثير من الأشخاص، ويسبب هذا التعرض المستمر حالة من المشاعر الحزينة، نتيجة تأثر البعض بالموت.
كما يمكن أن يحدث حزن جراء وفاة أحد المشاهير نتيجة تأثرنا بالمحيطين بنا، وذلك بحسب طريقة تعاملهم مع الأمر، وتأثرهم به.
تجاربنا السابقة وعلاقتها بالحزن على وفاة المشاهير
كما أكد علماء النفس أن الحزن على وفاة الشخصيات العامة لا يرتبط بالضرورة بوجود علاقة مباشرة معهم، بل يُنتج الحزن، بسبب التأثر والحنين إلى الماضي، وتجاربنا السابقة.
ويمكن للأشخاص التأثر والحزن على المشاهير الذين كان لهم دور في تكوين ذواتهم، أو في مرحلة طفولتهم، أو حتى مراهقتهم، لذلك بموت هذه الشخصية العامة يشعرون أنهم فقدوا جزءًا من ماضيهم وأنفسهم.
وفي هذا الصدد صرحت المعالجة النفسية جيل جروس بأن البعض يرتاح لوجود الشخصيات المؤثرة في العالم، وعندما يختفون فجأة، يُصاب الشخص بحالة من الحزن والصدمة، ويتطلب الأمر منه أحيانًا إعادة ترتيب حياته، من دونهم.
اقرأ أيضًا:مشاهير محظورون من شراء فيراري
حقيقة الموت المخيفة
يشير إريك ويسلمان، (أستاذ علم النفس بجامعة ولاية إلينوي الأمريكية)، إلى أن موت المشاهير، أو الكشف عن إصابتهم بمرض خطير، يهدد حياتهم، يجعل الأشخاص يتذكرون حقيقة الموت، أو الشيخوخة، وهو ما يسبب لهم الحزن.
خذ وقتك في الحزن
وقال خبراء الصحة النفسية إنه في حالة شعور شخص بالحزن، إثر وفاة أحد المشاهير، فعليه إدراك أن الأمر منطقي، وطبيعي للغاية، لذا ليس عليه كبح مشاعره، بل العكس، بأن يدع نفسه للشعور بالحزن، والخسارة.
ويمكنه استشارة طبيب نفسي إذا ظهرت عليه علامات اكتئاب.
تابع كل جديد عبر منصتنا على: