بيير كاردان.. مصمم أزياء بدرجة مؤرخ!
في 7 من يوليو عام 1922، ولد واحد من رواد الأزياء الجاهزة في العالم، إنه الفرنسي الإيطالي بيير كاردان.
اشتهر كاردان بأسلوبه المبتكر في التصميم، الذي كان يعد الابتكار أولوية، والتراث في الصدارة أيضًا. لقد بدا ذلك في الأشكال الهندسية والزخارف وتصاميم الفضاء التي كان ينتهجها، وكان سبقه لكل من هم في مجاله مدعاة لإثبات تفوقه.
حينما تمر من أمام أي متجر للأزياء الجاهزة، عليك أن تتذكر جيدًا أن مفهوم الأزياء الجاهزة بشكل عام أخذ طورًا جديدًا على يد بيير كاردان، كذلك فإن عروض الأزياء الشهيرة حول العالم ظهرت في شكل جديد منذ دخول هذا الرجل مجال الأزياء بقوة في ستينيات القرن الماضي على وجه التحديد.
لقد كان هذا من الأشياء التي جعلت بيير كاردان واحدًا من أكثر المصممين التاريخيين في عالم الأزياء تعرضًا للنقد، تلك هي طبيعة المؤثرين بشكل عام، الذين تختلف مجالاتهم تمامًا بظهورهم.
اقرأ أيضًا: بعد الإعلان عن رحيله.. شاهد أجمل التصميمات الرجالية لأسطورة الأزياء «بيير كاردان»
لا يتوقف عن الإبداع
لقد بدأ كاردان كل شيء في الأربعينيات حين كان بعمر لا يتجاوز الثالثة والعشرين، إذ عمل في دار "كريستيان ديور"، وفيها كان واحدًا من الفريق الذي شارك في إعداد واحدة من أهم القطع الأيقونية في تاريخ الدار، وهي "تايور بار".
وفي 1946، أي حين كان بعمر الرابعة والعشرين فحسب، صمم أزياء واحد من أهم الأفلام في التاريخ وهو فيلم "الجميلة والوحش" للمخرج جان كوكتو، الأمر الذي جذب الأنظار إلى هذا الفنان الذي لا يتوقف عن الإبداع.
تدرج بيير كاردان بسرعة، وأطلق دار أزيائه الأولى التي تحمل اسمه في عام 1950، أي حينما كان بعمر 28 عامًا فقط، ومنه بدأ في افتتاح متاجر نسائية أخرى لا تحمل اسمه. وبحلول سبعينيات القرن العشرين بات بيير كاردان واحدًا من أشهر مصممي الأزياء في العالم الذين تجد أعمالهم في إطلالات عروض الأزياء الكبرى.
في ذلك الوقت دعا كاردان لإدخال تعديلات جوهرية على تراخيص دور الأزياء وعروضها حول العالم، الأمر الذي صب عليه العديد من الانتقادات بدعوى أن المجال سينفتح على إسهامات الكل من كل حدب وصوب، وهذا ما لم يرق لكثيرين.
اقرأ أيضًا: كم تبلغ ثروة مصمم الأزياء «جورجيو أرماني»؟ وكيف ينفقها؟
كما أضاف لتراخيص مصممي الأزياء تراخيص تصميمات أخرى مثل السجائر والألعاب وقطع الأثاث والمياه المعدنية وورق الحائط وغير ذلك من الصيحات المختلفة، إذ كان يؤمن بأن المصمم الناجح يملك ذلك الإحساس المختلف في أي مجال، الأمر الذي صب عليه الانتقادات أيضًا.
قال كاردان ذات مرة: "لقد تمكنت وحيدًا من دون أي تمويل أو مصرف أو استشاريين، أن أحول دار الأزياء الخاصة بي إلى علامة ناجحة تدر الأرباح في مجال به أسماء كبيرة في عالم الموضة، انضممت إلى علامات فاخرة وحرصت على تحقيق الاستمرارية".
عشق التاريخ
يمكننا أن نرى في إنتاج هذا الرجل ما يثير الفضول، فهو إلى جانب تمرّسه في عالم الأزياء وتوسيع علامته التجارية لتدخل في صناعة الساعات، وتتفوق في هذا المجال، لديه اهتمامات أخرى أيضًا، حيث يضع التاريخ في المقام الأول. فقد اشترى أطلال قلعة "لاكوست" وامتلك قصرًا كبيرًا في البندقية. والقاسم المشترك بين هذين المعلمين، أن كاردان اشتراهما كي يعيد إحياء التاريخ.
فالقلعة كان يسكنها المركيز دي ساد، وقد أحياها ورممها وأجرى مهرجانات موسيقية عديدة هناك، إذ كان يعشق الموسيقى بجنون ومنح جوائز في بعض مهرجانات الرقص في بلدان عديدة.
اقرأ أيضًا: مصمم الأزياء محمد خوجة : أزيائي دخلت المتاحف العالمية
أما قصر البندقية فكان مقر إقامة جياكومو كازانوفا، المغامر والمؤلف الإيطالي صاحب القصص التي لا تمل من سماعها.
في 2020، وعن عمر بلغ 98 عامًا، كان الفصل الأخير في حياة بيير كاردان، إذ أسدل الستار على إبداعاته الجديدة تاركة القديمة لتكون جزءًا من تاريخ.. مات وهو يأمل بالتأكيد في أن يجد من يعيد إحياءه، كما أحيا إرث كثيرين خلال مسيرته الطويلة.