نقص الألياف في نظامك الغذائي قد يسببه.. ما هو داء الرتوج؟
قد تتجاهل الإمساك الذي تُعانِيه، والذي يُنهكك عند الذهاب إلى المرحاض، لكن ما لا تعلمه أنّ ذلك قد يخلق ضغطًا على القولون، بما يؤدي لتكوّن جيوبٍ صغيرة في جدرانه، فيما يُعرَف باسم "داء الرتوج".
وقد لا يُسبِّب داء الرتوج أي أعراضٍ أو مشكلات صحية حاليًا، لكنّه قد يكون مأوى البكتيريا التي قد تُسبِّب عدوى والتهابًا به، ما يُنذِر بألم البطن ومشكلات الجهاز الهضمي.
كما أنّ المضاعفات التي قد تنجم عنه قد تتراوح بين نزيفٍ بسيطٍ أو ثقب الجهاز الهضمي، خاصةً مع تجاهل تلك الرتوج، فما أسباب ظهور ذلك الداء ابتداءً؟ وكيف يمكن علاجه والتعامل معه بنجاح؟
ما هو داء الرتوج؟
مرض يُؤدِّي إلى وجود أكياس صغيرة أو جيوب في الجدران الداخلية للأمعاء؛ إذ تندفع البطانة الداخلية عبر نقاطٍ ضعيفة في الجدار الخارجي، وهذا يحدث تدريجيًا بمرور الوقت عادةً.
وليس هناك لغز في ذلك، فالطعام يشقّ طريقه عبر أمعائك كل يوم، وحال وجود أماكن ضعيفة في الأمعاء، فقد يدفع تجاهها، ما قد يُؤدّي في النهاية إلى داء الرتوج.
وعادةً ما تتكون الرتوج في المُستقيم، وهو المكان الذي يصير فيه البراز أكثر صلابة، ويُوجَد على الجانب الأيسر من البطن.
ما الفرق بين داء الرتوج والتهاب الرتوج؟
داء الرتوج هو وجود تلك الأكياس أو الجيوب الصغيرة في الجدران الداخلية للأمعاء، أمّا التهاب الرتوج، فيُشِير إلى التهاب أحد تلك الجيوب على الأقل، حسب ما ذكره "Cleveland Clinic"، وهو ما قد يعني وجود عدوى بكتيرية بها.
فالرتوج نفسها قد لا تُسبِّب أي مشكلة، لكنّه قد يكون أرضًا خصبة لنمو البكتيريا واختبائها للتكاثُر، ما قد يُسبِّب التهاب الرتوج والألم.
أعراض داء الرتوج
لا يُعانِي معظم الناس أعراضًا بسبب داء الرتوج وحده، بل قد يكون نتيجة ما يُصاحِبه، فمثلًا لو كُنت تُعانِي ألم الجزء السفلي من البطن أو الحمى، فهذا قد يكون نتيجة عدوى بكتيرية سبَّبت التهاب الرتوج.
كذلك قد تُعانِي أعراضًا نتيجة وجود اضطرابات الأخرى بالأمعاء أو القولون، فداء الرتوج يجعل القولون أكثر حساسية للضغط.
مثلًا لو كُنت مُصابًا بأمراض الأمعاء الالتهابية، أو متلازمة القولون العصبي، فقد يتسبَّب مرور الطعام عبر الرتوج في القولون في الألم أو انتفاخ البطن.
كذلك لو كُنت مُصابًا بإمساكٍ، أو مُعرّضًا للإصابة به، فإنَّ البراز قد يعلق في تلك الجيوب داخل القولون، ما قد يُفاقِم الإمساك.
وما يقرب من 10% من المُصابِين بداء الرتوج يُعانُون نزيفًا، وهذا قد يحدث عند مرور البراز عبر أحد الجيوب، ما قد يُؤدِّي إلى تآكل أو تمدّد الأوعية الدموية به إلى أن يُسبِب نزيفًا يظهر مع البراز، وهو مؤقت ولا يُسبِّب ألمًا.
لذا يمكن تلخيص أعراض داء الرتوج في النقاط الآتية:
- ألم الجزء السفلي من البطن، وتحديدًا الجانب الأيسر غالبًا.
- الألم في صورة تقلّصات تأتي من وقتٍ لآخر.
- الإمساك أو الإسهال.
- تراجُع الألم وانتفاخ البطن بعد قضاء الحاجة.
- نزول دمٍ مع البراز.
ولو سبَّب داء الرتوج التهابها، فقد تشمل الأعراض:
- ألم ثابت في البطن، غالبًا في الجزء السفلي الأيسر منها، لكنّه قد يحدث في أي مكانٍ أيضًا.
- الحمى.
- الإمساك أو الإسهال.
- نزول براز مختلط بدم.
- الغثيان أو القيء.
- ألم عند لمس البطن (قد يتضح خلال فحص الطبيب للمريض).
اقرأ أيضًا:مرض كرون.. أنواعه وأعراضه والفرق بينه وبين القولون العصبي
أسباب داء الرتوج
لا تُوجَد أسباب مُحدّدة لداء الرتوج أو وجود بعض نقاط الضعف في جدار القولون بما يُؤدّي لتكوين الجيوب الصغيرة، لكن ثمّة بعض العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بذلك الداء، مثل:
- العمر: أي شخصٍ في أي عُمر مُعرّض لرتج قولوني، لكن كبار السن أكثر عُرضةً للإصابة بها، إذ يزداد عدد الجيوب إلى جانب حجمها بمرور الوقت.
- التدخين: وجدت دراسة عام 2011 أن تدخين أقل من 15 سيجارة باليوم يزيد خطر الإصابة بداء الرتوج بنسبة 34%، أمّا من يُدخِّنون أكثر من 15 سيجارة باليوم، فكان خطر إصابتهم بداء الرتوج 86%، حسب "Medicalnewstoday".
- شُرب الكحول: أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ الكحول قد يزيد خطر الإصابة بداء الرتوج.
- العوامل الوراثية: قد يكون للعوامل الوراثية دور في الإصابة بداء الرتوج، لأنّ سبق معاناة أحد أفراد أسرتك من ذلك الداء، قد يزيد خطر إصابتك به.
- نظام غذائي قليل الألياف: الألياف ضرورية للحفاظ على صحة الأمعاء والوقاية من الإمساك، ويظنّ بعض الخبراء أنّ الإنهاك الذي يحدث أثناء التبرّز، قد يخلق ضغطًا على القولون، ما يُؤدِّي إلى تكوين الجيوب الصغيرة. ولأنّ الألياف تُحافِظ على البراز لينًا، يسهل خروجه، فإنّ قلة تناولها، قد يجعله صلبًا ويزيد الإنهاك خلال التبرز للتخلص منه. ومع ذلك لا يُوجَد دليل قاطع على أنّ النظام الغذائي منخفض الألياف يُسبِّب داء الرتوج.
مضاعفات داء الرتوج
قد يُسبِّب داء الرتوج بعض المضاعفات، خاصةً لو تُرِك بلا علاج أو تأخّر تشخيصه، مثل:
- انسداد القولون.
- تجمّع قيح (خُرّاج) داخل البطن.
- الناسور الذي قد يمتد لأعضاء أخرى، مثل المثانة (الناسور هو قناة مفتوحة بين أعضاء الجسم وبعضها البعض أو مع الجلد، وقد يكون بين تجويف القولون والمثانة أو غيرها).
- ثقب جدار القولون، ما قد يُؤدِّي إلى عدوى في البطن والتهاب البريتون.
- النزيف الشديد عبر فتحة الشرج.
وهذه المضاعفات تتطلّب تدخّلًا جراحيًا لعلاجها واستعادة عافية المريض.
تشخيص داء الرتوج
بعد أن يتعرّف الطبيب إلى الأعراض التي تُعانِيها، قد يُجرِي فحصًا روتينيًا بالمنظار أو فحص الجهاز الهضمي بالأشعة السينية لرؤية الجيوب داخل القولون، وقد تُكتشِف خلال الفحص الروتيني، خاصةً أنّ داء الرتوج لا يُسبِّب أعراضًا عادةً.
لكن إذا قدِم المريض مع أعراضٍ واضحة للمرض، فقد يُجرِي الطبيب فحوصات واختبارات إضافية لتشخيص السبب، مثل:
- الفحص الجسدي: يفحص الطبيب جسم المريض، كما يلمس البطن ويستمع إلى أصوات الأمعاء، وربّما يفحص المستقيم بالإصبع.
- اختبار الدم: يسحب مُقدِّم الخدمة عينة دم صغيرة من الوريد ويرسلها إلى المختبر للاختبار، وهذا يساعد على رصد ما إذا كُنت مصابًا بعدوى أو نزيفٍ داخليٍ كبير.
- اختبار البراز: يُساعِد في رصد علامات العدوى أو نزيف الجهاز الهضمي.
- الاختبارات التصويرية: مثل التصوير المقطعي المحوسب أو تنظير القولون، أو حقنة الباريوم لتوضيح القولون باستخدام الأشعة السينية ومواطن الرتوج، كما تساعد هذه الاختبارات في رصد مضاعفات داء الرتوج.
علاج داء الرتوج
قد لا تكون هناك حاجة إلى تلقّي أي علاجٍ، خاصةً أنّ داء الرتوج لا يُسبِّب أعراضًا عادة إلّا لو أدّى إلى التهاب الرتوج أو بعض المضاعفات السالِف ذكرها.
لذا فإنّ أهم نصيحة لعلاج داء الرتوج هي الاعتماد على نظامٍ غذائي غني بالألياف، وسواء كُنت مصابًا بداء الرتوج أم لا، فإنّ الأطعمة الغنية بالألياف مفيدة للجهاز الهضمي، بل تقيه شرّ كثيرٍ من الأمراض.
لأنّ الألياف تزيد حجم البراز، بما يُسهِّل حركته عبر القولون وخروجه بيُسرٍ في نهاية المطاف دون أن تُهَك خلال قضاء الحاجة، ودون أن تتكوّن جيوب في القولون نتيجة ذلك.
ومن أمثلة الأطعمة الغنية بالألياف:
- الحبوب الكاملة، مثل الشوفان والكينوا.
- الفواكه والخضروات، مثل الفراولة والبرتقال والبروكلي والتين المُجفّف.
- الأرز البني.
- معكرونة القمح الكامل.
- البقوليات.
- نخالة القمح.
لكن يجب عدم الإسراف في تناول الألياف، وإلّا فقد تُسبِّب الإمساك وتضرّ جهازك الهضمي بدلًا من أن تُفِيده.
كما قد يساعد الحصول على مكملات الألياف، لو لم يُساعِد النظام الغذائي الغني بالألياف في تخفيف أعراض داء الرتوج، لكن قد تظهر نتائجها النهائية بعد مرور 4 أسابيع.
اقرأ أيضًا:هل يمكن علاج التهاب القولون بالإبر الصينية؟
السوائل
من الضروري شُرب الكثير من السوائل ما دُمت تلتزم نظامًا غذائيًا غنيًا بالألياف أو تتناول مكملات الألياف، فيجب أن تشرب ما لا يقل عن 2 لتر من الماء يوميًا (8 - 10 أكواب).
ويُفضّل أن يتكون الحصة الأكبر من السوائل للماء، لكن يمكن تناول المشروبات الأخرى، مثل شاي الأعشاب لتلبية احتياجات الجسم من السوائل.
الباراسيتامول
قد يُساعِد الحصول على دواء باراسيتامول إذا لم تُساعِد الألياف كثيرًا في تخفيف الألم، لكن لا يُنصَح بتناول الأنواع الأخرى من مُسكّنات الألم، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، كإيبوبروفين، أو المسكنات الأفيونية، لأنّها قد تُسبِّب ثقب الجهاز الهضمي.
مضادات التقلصات
كذلك قد يحتاج بعض المرضى إلى تناول الأدوية المُضادة للتقلّصات، مثل ميبيفيرين، لتخفيف تقلصات البطن المستمرة.
المضادات الحيوية
قد تكون ضرورية في حالة التهاب الرتوج، الذي يحدث نتيجة عدوى بكتيرية استقرّت في الرتوج، وذلك إلى جانب النظام الغذائي الغني بالألياف، والباراسيتامول، لكن إذا كانت العدوى شديدة ومِنْ ثَمّ الأعراض، فيجب زيارة المستشفى لتلقّي الرعاية اللازمة.
اقرأ أيضًا:هل تعاني آلام القولون العصبي؟ جرب النظام الغذائي قليل الفودماب
نصائح للوقاية من داء الرتوج
ليس واضحًا بعد للباحثين ما إذا كان بالإمكان الوقاية من داء الرتوج أم لا، لكن قد تساعد النصائح الآتية في تفادي الإصابة به:
- تناول أطعمة غنية بالألياف، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات.
- شُرب كميات مناسبة من الماء يوميًا.
- زيادة النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- التوقف عن التدخين.
متى تزور الطبيب؟
يجيب زيارة الطبيب حال ملاحظة أي تغيّر في قضاء الحاجة، مثل الإسهال أو الإمساك على غير عادتك عند قضاء الحاجة، بمعنى استمرار الإسهال أو الإمساك، وأنت لم تكُن تُعانِي ذلك من قبل.
كما يجب استشارة الطبيب حال نزول دمٍ أو مخاطٍ مع البراز، أو ظهور آلام جديدة في الجسم، أو ظهور أعراضٍ جديدة لم تكُن موجودة من قبل.