بشرح مبسط.. كل ما تريد معرفته عن "قانون السرعة"
لطالما لفتت حركة الأشياء انتباه الإنسان؛ منذ اليوم الأول لوجوده على الأرض، بدءًا من حركة الهواء لجريان الأنهار والبحار، ومن جري الحيوانات لحركة الكواكب والأقمار.
فكرة "السرعة" تحديدًا كانت وما زالت تشغل حيزًا من تفكيرنا، وذلك لأن هذا المفهوم الفيزيائي ليس مجرد وصفٍ أو قياسٍ بسيط، بل مفتاح لفهم الكثير من الأشياء التي تحدث من حولنا، ووسيلة نُشبع بها فضولنا.
تعريف السرعة

فيزيائيًا، وببساطة شديدة، تُعرف "السرعة Speed"، بأنها المسافة التي يقطعها الجسم خلال فترةٍ زمنية مُعينة، أي إن السرعة تُخبرك بالمسافة التي قطعها شخص أو شيء ما إذا توفر مُعطى الوقت، وتُخبرك بالوقت المُستغرق لقطع مسافة معينة.
وأبسط طريقة لحساب السرعة، تكون باستخدام هذا القانون:
السرعة (ع) = المسافة (ف) ÷ الزمن (ز)
مثال: إذا قطعت سيارة مسافة 100 كيلومتر في ساعتين، فهذا يعني أن سرعتها تساوي 100 كيلومتر (المسافة) قسمة 2 ساعة (الزمن)، أي 50 كيلومتر في الساعة (50 كم/س).
السرعة المتوسطة
السرعة التي حسبناها الآن تُسمى أيضًا بـ"السرعة المتوسطة Average Speed"، وهي السرعة التي نحسبها على مدار فترة زمنية مُعينة، دون الأخذ في الاعتبار أن سرعة السيارة قد تزداد أو تقل مع الوقت، أي أننا نحسب "متوسط السرعة".
السرعة اللحظية
هناك نوعٌ آخر من السرعة يُعرف بـ"السرعة اللحظية Instantaneous Speed"، ويقيس السرعة عند لحظةٍ مُحددة، مثلما نرى في عدّاد السيارة، حيث تكون السرعة هي الفعلية التي تسير بها المركبة في اللحظة التي نراقبها فيها؛ ربما تكون سرعتك اللحظية (60 كم/ س)، بينما متوسط السرعة في آخر 10 دقائق مثلًا أقل أو أكثر من ذلك.
مثال آخر لنفهم الفرق، تخيل أنك تقود سيارة وبدأت مشوارك بسرعة (40 كم/ س)، بعد ذلك رفعت السرعة إلى (80 كم/ س)، ثم عدت وقللتها إلى (60 كم/ س).
إذا أردنا أن نحسب السرعة المتوسطة خلال هذا المشوار كاملًا، فسنحتاج أن نقسم المسافة الكلية على الزمن الكلي، بينما ستكون السرعة اللحظية (40 أو 80 أو 60 كم/ س)، حسب اللحظة التي تقيسها فيها.
وحدات قياس السرعة
تُقاس السرعة بوحدات مختلفة أشهرها:
1. متر/ ثانية
2. كيلومتر/ ساعة، الأكثر شيوعًا في حياتنا اليومية، إذ تُستخدم لقياس سرعات المركبات.
3. عُقدة أو ميل بحري/ ساعة، وهذه الوحدة تُستخدم في البحر، لقياس سرعة السفن وتقدير المسافات البحرية.
فيما يمكن إجراء بعض التحويلات المُهمة، كما يلي:
1 متر/ ثانية = 3.6 كيلومتر/ ساعة، أو 2.236 ميل/ ساعة، أو 1.944 عقدة، أو 3.28 قدم/ ثانية.
اقرأ أيضًا: "فورد موستانج GTD" الجديدة.. أسرع سيارة أمريكية الآن (فيديوجراف)
من اكتشف السرعة؟

"السرعة" في حد ذاتها ليس لها مكتشف، ولكن هناك من اكتشف طريقة حسابها، وهو العالم "جاليليو جاليلي".
نعم، يُقال إن العالم الإيطالي المُلقب بـ"أبو العلم الحديث" هو من أول من اكتشف طريقة حساب السرعة التي شرحناها، حيث كان يراقب الأجسام وهي تتحرك على منحدرٍ مائل، وفي أثناء ذلك اكتشف أن سرعة الأجسام تزيد كلما زاد ميل المنحدر، من هنا بدأ "جاليليو" يُفكر في العلاقة بين المسافة التي يقطعها الجسم، والوقت الذي يستغرقه لقطع هذه المسافة.
ما الفرق بين السرعة والسرعة المتجهة؟
تُعبر "السرعة Speed" عن المسافة المقطوعة في وقتٍ معين دون الاهتمام بالاتجاه، ما يعني أنك إذا قطعت 10 أمتار سواء إلى الأمام أو الخلف أو يمينًا أو يسارًا، فسرعتك ستكون 10 أمتار مقسومة على الزمن الذي قطعتها فيه، وهذه السرعة هي كمية قياسية، أي إن لها مقدارًا بدون اتجاه.
أما "السرعة المتجهة Velocity"، وكما يُشير المصطلح، فهي تقيس التغير في المكان (الإزاحة) بالنسبة للزمن" و"الإزاحة" هي أقصر مسافة يمكن قطعها بين نقطة البداية والنهاية، مع تحديد الاتجاه، وطبعًا السرعة المتجهة هي كمية متجهة، أي إن لها مقدارًا واتجاهًا.
لاحظ: لكي تكون هناك سرعة متجهة، لا بد من وجود إزاحة، بمعنى أنك إذا تحركت من نقطة "أ" إلى نقطة "ب"، ثم عُدت إلى النقطة "أ" مرةً أخرى، فهنا السرعة المتجهة ستساوي صفرًا.
الضوء: أسرع شيء في الكون

جميعنا نعرف الآن أن الضوء يمتلك أكبر سرعة في الكون، وهي -تقريبًا- 300 ألف كيلومتر في الثانية، لكن كيف وصلنا إلى هنا؟
قديمًا كان العلماء يعتقدون أن سرعة الضوء لا نهائية، وأنها تنتقل لحظيًا من نقطة إلى أخرى، والعالم "جاليليو جاليلي" أيضًا كان أول من حاول قياس سرعة الضوء، حيث جلب شخصين وأعطى كلًا منهما فانوسًا مُغطى، وأوقفهما على مسافةٍ معينة من بعضهما، وأخبر "جاليليو" الشخص الأول أن يُزيل الغطاء عن الفانوس، وما أن يرى الشخص الثاني الضوء يُعطي إشارة، بأن يزيل هو الآخر غطاء فانوسه، وحاول "جاليليو" أن يُسجل الوقت الذي استغرقه الضوء ليصل إلى الشخص الثاني، لكنه طبعًا لم يستطع لقِصر المسافة بين الشخصين، مقارنةً بسرعة الضوء التي هي أسرع بكثير من أن تُقاس بهذه الطريقة!
أول من اكتشف أن الضوء له سرعة محددة، كان العالم الدنماركي "أولي رومر" في عام 1676؛ إذ اكتشف ذلك أثناء دراسته لأقمار كوكب المشتري، حيث وجد أن وقت الكسوف يعتمد على المسافة بين الأرض والمشتري، فعندما يكون الكوكبان قريبين من بعضهما، يحدث الكسوف بشكلٍ أسرع والعكس بالعكس.
بعد ذلك حاول الكثير من العلماء أن يقيسوا سرعة الضوء بالضبط، ومن أبرز المحاولات كانت لعالمٍ فرنسي يدعى "هيبوليت فيزو "في عام 1849، ثم العالم الأمريكي" ألبرت مايكلسون" في العشرينات، وأخيرًا في عام 1983، تم تحديد سرعة الضوء في الفراغ رسميًا، من قِبل "اللجنة الدولية للأوزان والمقاييس International Bureau of Weights and Measures" بـ 299,792,458 متر في الثانية، أو حوالي 300 ألف كم/ثانية، وتعني هذه السرعة أن الضوء يستطيع الدوران حول الكرة الأرضية 7.5 مرات في الثانية الواحدة!
اقرأ أيضًا: الأسرع في العالم.. سيارة صينية تحتل مكان لامبورجيني وفيراري (فيديوجراف)
تطبيقات عملية للسرعة
هناك الكثير من التطبيقات التي تدخل فيها السرعة بشكلٍ أساسي، وفي العديد من المجالات، على سبيل المثال:
- توقع حركة المرور: يستطيع المختصون أن يتوقعوا التكدسات المرورية الوارد حدوثها على طريقٍ ما في المستقبل، عن طريق تحليل بيانات أهمها سرعة السيارات والمسافات التي قطعتها، بالإضافة إلى الوقت الذي قطعتها فيه، ولولا هذه البيانات لما امتلكنا أنظمة GPS قوية تُمكننا من تجنب ازدحام الطرق والوصول إلى وجهاتنا بشكلٍ أسرع وأسهل.
- تحسين الأداء البدني: في المجال الرياضي، يُحلل مدربو الجري أو ركوب الدراجات إلخ، بيانات السرعة والمسافة والزمن ليعرفوا نقاط القوة والضعف عند اللاعبين، وهذا يساعدهم على تحسين أدائهم، وعلى سبيل المثال، إذا كان عداء يبدأ السباق بسرعةٍ جيدة، لكنها تقل بشكلٍ مهول في وسط أو نهاية السباق، فهذا يعني أن العداء يجب أن يُحسن من قدرات تحمله، وهكذا.
- التنبؤ بحالة الطقس: بمعرفة سرعة الرياح والمسافات التي تقطعها الغيوم، يمكن التنبؤ بحالة الطقس وتحذير المواطنين من الظروف الخطرة مثل العواصف أو الجليد، وتستفيد شركات الطيران من هذه المعلومات أيضًا لكي تختار مسارات طيران آمنة واقتصادية، وتتجنب المطبات الهوائية أو العواصف.
كانت هذه 3 مجالات واستخدامات للسرعة، وكان هذا أهم ما تحتاج إلى معرفته عن هذا المفهوم الفيزيائي المحوري، ولا شك أن هناك الكثير من التعقيدات التي قد تقودنا السرعة إليها مثل "النظرية النسبية"، التي ربما نتطرق إليها في تقارير أخرى.