رامي مالك.. الفخر بالأصول
قد تتاح لك الفرصة نتيجة الوصول إلى نجاح ما، لتتنصل من بعض الأشياء التي لا تروق للمجتمع الذي صرت فيه، فمثلاً إذا كنت بين أشخاص يقتنعون بأفكار معينة، وقد صرت الآن تقتنع بأفكارهم نفسها، فلن يكون مفضلاً أن تخبرهم أنك نشأت في بيئة تعتنق خلاف تلك الأفكار، خشية أن ينبذوك أو يتعاملوا معك بقلة تقدير.
ولكن هؤلاء الذين لا يجدون غضاضة في العودة إلى أصولهم والتعبير عن إرثهم ما دام لم يحمل مخالفة ولم تكن من ورائه أي مشكلة، هم الذين يستطيعون التأثير حقًا، لأنهم ينطلقون من خلفيات لا تعني كثيرين في العالم. وبنجاحهم المعتمد على أنفسهم دون أي مساعدة، يعبرون عن تلك الأصول بأفضل طريقة ممكنة، وهذا ما يمكن أن نجده في حالة الممثل الأمريكي من أصل مصري، رامي مالك.
مالك المولود في لوس أنجليس لأب وأم مصريين، كان من الممكن أن يتنصل من أصوله المصرية بما أنه لم يعش في مصر سوى 4 أعوام، وبما أنه يحمل الجنسية الأمريكية الآن، ويوجد في مجتمع لا ينظر إلى المجتمعات العربية والإسلامية بعين الإنصاف، ويراهم فقط من المنظور الضيق، الذي يتصيد أي خطأ فردي لإلصاق التهمة بالكل، فقد كان من الممكن أن يطوي صفحة هذا الإرث تمامًا ويتفرغ للمستقبل، أو حتى أن يمسك العصا من المنتصف، ولكن مالك ليس كذلك.
"ما زلت أنتمي لهم"!
يقول رامي مالك: "أنا مصري، نشأت وترعرعت في مصر وأنتمي لهؤلاء الأشخاص، أحببت سماع أم كلثوم ومشاهدة عمر الشريف، أقر أن لدي تجربة مختلفة لكنني ما زلت منتميًا لهؤلاء الأشخاص".
اقرأ أيضًا: رامي مالك يضيف نكهة كوميدية طريفة للعبة الحبار (فيديو)
هذه مقولة رجل لا يجد غضاضة من تناول ماضيه ما دام ليس فيه إلا الفخر والاعتزاز، يمكننا أن نلمح هذه الروح أيضًا حين كان يتلمس خطواته في طريق المجد بعدما قطع طريقًا طويلاً في وظائف متباينة منها ما هو فني ومنها ما لا يعد فنيًا مثل حرصه على الاقتراب من هوليوود، فوجد نفسه يعمل صانعًا للمأكولات الشرقية كالفلافل والشاورما! وعامل توصيل طلبات البيتزا للمنازل، وفي الوقت نفسه لا يتنازل عن حلمه فيرسل سيرته الذاتية لكل العاملين في هوليوود.
وحينما لاحت له فرصة، وتواصلت معه مسؤولة في اختيار المواهب الشابة في دور تمثيلي، لم تجد معه وكيل أعمال، فعيّن واحدًا من معارفه لهذا الاجتماع فحسب، وحصل على أول دور له وقد كان في حلقات "سيت كوم" التلفازية، ومنها انطلق في مشوار تلاه مشوار مسرحي كبير على كثير من الخشبات التي أبان فيها عن موهبة كبيرة تستحق فرصة.
أخذ يتنقل رامي مالك بين الأدوار المختلفة في التلفاز والإذاعة وكلها أدوار ثانوية وصغيرة. ووسط كل هذا اشترط على وكيل أعماله ألا يدخله في أعمال "تظهر العرب وسكان الشرق الأوسط بشكل سيئ".. شرط يوحي بمدى الفخر والانتماء اللذين يشعر بهما مالك تجاه أصوله.
لقد حرص والداه منذ صغره على أن يتكلم أبناؤهما العربية، سموهم بأسماء عربية، وحرصوا على إبقاء قنوات التواصل بالعربية مع أقاربهم في صعيد مصر، إذ ينتمي رامي مالك إلى عائلة من محافظة المنيا وبالتحديد من مدينة سمالوط.
اقرأ أيضًا: تفاصيل دور رامي مالك في فيلم جميس بوند الجديد No Time To Die
أدوار وجوائز
كل هذا الفخر كان ينتظر الدور الكبير الذي مثل انطلاق رامي مالك إلى العالمية، وهو دور البطولة في فيلم "مستر روبوت" الذي كاد كاتب السيناريو الخاص به سام إسماعيل يعيد كتابته بشكل كامل بسبب أنه لم يجد التمثيل الأفضل له من بين المتقدمين لشغله، ولكن جاء رامي مالك في اللحظة الأخيرة ليقتنص هذا الدور ويقدم به أداء مذهلاً استحق عليه كثير من الجوائز، لينقله إلى محطة تالية هي دوره في فيلم "بوهيميان رابسودي" الذي حاز به جائزة الأوسكار لأفضل ممثل كأفضل إنجازات رامي مالك.
لكن يظل دوره في "مستر روبوت"، الذي جسد فيه شخصية مهندس أمن سيبراني مضطرب نفسيًا يدعى إليوت أندرسون، علامة لا تنسى في مشواره. لقد نقله إلى آفاق مختلفة للغاية. ويؤكد مالك أنه "أثر في اتزانه النفسي للدرجة التي احتاج فيها إلى الذهاب إلى طبيب" من فرط ما عاشه من أجواء وهو يؤدي هذا الدور المعقد.
اقرأ أيضًا: صديقة قديمة لرامي مالك تكشف عن طلبه الصادم قبل الفوز بالأوسكار