الإعلامي طراد سندي لـ«الرجل»: وقفت إعلاميًّا وسأبدأ بالتمثيل
كان يحلم بأن يلبس المعطف الأبيض ويصبح طبيبا مشهورًا، لكن درجاته لم تسعفه، فدرس إدارة نظم معلومات، والمصادفة قادته إلى مكان آخر بعيدًا عن تخصصه، فوجد نفسه تحت الأضواء في مجال الإعلام، مقدمًا لبرنامج تليفزيوني، ارتبك قليلاً وتلعثم، ولكنه سرعان ما اجتهد، وأعاد ترتيب مهاراته، متنقلاً من استوديو لآخر.
خلفه حصيلة تجارب اثني عشر عامًا في مؤسسات إعلامية كبرى، يقف اليوم ليلتقط أنفاسه، ويعيد ترتيب أولوياته، فطالما كان يستهويه مجال التمثيل، ويكشف لمجلة الرجل بأنه مقبل على تجربة سينمائية حديثة العهد مع الفنان المصري تامر حسني، في أول خطوة بمجال التمثيل الذي يستهويه منذ الصغر.
الإعلامي الشاب طراد بن فهد سندي يتحدث لمجلة الرجل عن تجربته الإعلامية "العاصفة"، وعن أهمية المظهر والمعرفة المهنية أمام كاميرات التصوير، وعن مفترق الطرق الذي يقف عليه اليوم، بين الاستمرار في الإعلام أو التحول إلى عالم التمثيل والأفلام.
الخطة ب
يروي طراد سندي لمجلة الرجل التحولات التي طرأت على حياته بينما كان لا يزال على مقاعد الدراسة، فيقول "كان الطموح دراسة الطب ولكن للأسف المجموع التحصيلي لم يجعلني من ضمن صفوف أرباب الرداء الأبيض، هذا ما جعلني أتجه للخطة البديلة". ولكن ما الخطة البديلة؟ وهل تنجح حقًا؟!
الخطة ب، كما يفضل أن يسميها سندي كانت دراسة إدارة نظم المعلومات، ويضيف "خلال السنة الأولى من الدراسة، إذ بأحد الأصدقاء يخبرني عن تجربة أداء لصالح قناة «الآن» الفضائية، وتوجهت لعمل التجربة، وبعد فترة من الوقت، تواصلت القناة معي لأكون أحد مقدمي برنامج «شلتنا» الأول من نوعه، يجمع شبابًا وفتيات لمناقشة قضايا شبابية".
تلعثمت في البدايات
حمل حقيبة سفره وتوجه إلى دبي دون أي خبرة سابقة، أو أي استعدادات تأهيلية، لكن كان لديه ما يستند إليه، فهو صاحب اطلاع واسع في كتب علم النفس منذ سن الثالثة عشرة، وهذا ما دعمه في إظهار ثقته بنفسه أمام الكاميرا، ولكن هل يكفي هذا؟!
يؤكد طراد سندي أنه استمر في العمل لصالح البرنامج نفسه لمدة أربع سنوات، وهذا يدلل على ما حققه من إنجاز، لكن في المقابل هذا لم يكن دون تحديات وعقبات، يكشف عنها قائلاً: "كنت أفتقد في البداية عدة مهارات، وكنت أعاني كثرة التلعثم في الحديث، الذي أفقدني المشاركة في فقرة حوار الضيف بشكل مطول، واقتصر دوري فقط في تقديم فقرات بسيطة، هذا جعلني مؤطرًا في إطار معين، ولكن لم أتقبل هذا التحديد، لذلك طورت مهاراتي، حتى بت أستطيع إجراء حوار كامل".
وقد اعتمد الطرق التقليدية التي طالما كان يقرأ عنها في كتبه، والتي جعلته يملك زخمًا كبيرًا من المعلومات في كل المجالات خصوصًا النفسية.
الإذاعة أصعب
بعد أربع سنوات أنهى مشواره التليفزيوني وانتقل للإذاعة، ليعيش خبرة مختلفة. يقول: "بافتتاح إذاعة «ألف ألف» انتقلت للعمل بها، وأجزم أن العمل الإذاعي أكثر صعوبة حيث تعتمد في عملك على صوتك، ومخارج الحروف، والإيحاءات الصوتية التي يجب أن تصل إلى المستمع، ومعرفة حالة المتصل سواء سعيدة، حزينة، غاضبة... وهنا كان لا بد من الخضوع لدورات تدريبية، وقد تلقيتها على يد الإعلامي الأستاذ فادي مطر من إذاعة «مونت كارلو» العالمية، غير أني ركزت على الاستماع إلى المقامات الموسيقية، والتعرف عليها وعلى كل نغمة على حدة، وتمرنت على الأداء الغنائي".
استمر الإعلامي سندي في العمل الإذاعي أربع سنوات ونصف سنة، صقل خلالها خبراته وشخصيته الإعلامية، لكنه تلقى كثيرًا من العروض العملية لصالح جهات أخرى ستعيده مرة أخرى إلى أضواء التليفزيون.
قناة رسمية
في ذلك الوقت كانت قناة اليوتيوب بدأت تحظى باهتمام متزايد، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت محملة على كثير من الهواتف، ما جعل العمل الإذاعي في حالة "سكون" على حد تعبير طراد سندي، لهذا وافق على الانتقال إلى قناة تليفزيونية ولكن بصبغة حكومية وتحمل كثيرًا من المعلومات الرسمية، مستكملاً حديثه: "تلقيت مع نهاية السنة الرابعة في عملي الإذاعي عرضًا من قناة «ديوان» وكانت تتبع الغرفة التجارية السعودية في جدة، ولامست كثيرًا من الحوارات المهمة مع شخصيات مؤثرة لها وقع في السوق السعودي، ولم يقتصر عملي على التقديم بل كنت أيضًا مستشارًا للهيكلة البرامجية، وحقًا كانت إنجازًا مهمًا قدمت من خلاله بصمتي الخاصة، وبعد عام من العمل تلقيت عرضًا من قناة روتانا للانضمام لأسرة العمل".
منوهًا بأن العرض قدم له من قبل وزير الإعلام السابق "تركي شبانة"، الذي أتاح له فرصة البدء ببرنامج من الصفر يخاطب الشباب.
ساعة شباب
انتقل طراد سندي إلى قناة روتانا وبدأ بإعداد فقرته الخاصة، وبعد سنة واحدة تقرر تحويل الفقرة إلى برنامج مستقل. وعن هذا يقول: "ناقشنا كثيرًا من القضايا المهمة خلال الفقرة الشبابية، التي كانت ضمن برنامج سيدتي على قناة روتانا الفضائية، ولكن بعد عام واحد من النجاح تحول البرنامج إلى ساعة كاملة تحمل كثيرًا من الفقرات، بناء على قرار من وزير الإعلام السابق (تركي شبانة)".
ويتابع "إضافة أخرى على البرنامج، حيث انضمت زميلتان في التقديم، كونه يخاطب الجنسين، وبدأنا نأخذ حيزًا خاصًا بهيكلة مختلفة، واستضافة كثير من النماذج الشبابية من كلا الجنسين لتسليط الضوء على مرحلة زمنية مغايرة، واستمر النجاح ووجودي في البرنامج مدة أربع سنوات ونصف سنة".. ممازحًا بتعليق خفيف "لا أعلم ما سر رقم أربع سنوات ونصف سنة، في كل عمل انضممت له".
وعن سبب انسحابه من البرنامج، أضاف: "في تلك الفترة حقيقة شعرت بأني تشبعت من هذه النوعية من البرامج هنا قررت الانسحاب، فكان القرار بترك القناة، ولم يكن لدي أي خطة، أو عرض، وفي ذات الوقت احتجت للتوقف وأخذ استراحة محارب لإعادة ترتيب أوراقي وأولوياتي".
وخلال وجوده في إجازة خارج السعودية ورده اتصال من إحدى الشركات المنتجة للبرامج، وقدم له نص برنامجين (قرم النفوذ) و(الأمنية الخضراء)، وبدوره قام بعمل الحلقة التجريبية وقدمها للشركة، وجرى الاتفاق، وخلال ثلاثة أشهر (فترة إنجاز حلقات العمل) تلقى طراد سندي دورات تدريبية، واحتاج إلى كثير من ضبط المشاعر، حيث كان من البرامج الصعبة التي تستهلك المذيع نفسيًا، وجرى الانتقال إلى قناة "sbc".
توقف إعلاميًا
اثنا عشر عامًا حصيلة خبرة الإعلامي طراد سندي، اختبر خلالها كثيرًا من المنصات الإعلامية إذاعيًا، وتليفزيونيًا، حتى كان القرار بالتوقف (فترة التوقف إلى الآن تقارب عامين ونصف عام). وعن هذا القرار قال: "هناك عدة أسباب منها نفسية ومنها عملية... نفسية لأن البرنامج الأخير (أمنية خضراء) استهلكني جدًا نفسيًا، حيث إننا حققنا قرابة أربعين أمنية لأشخاص من ذوي الإعاقة، ومحاربي السرطان، ومصابي متلازمة داون، وحالات توحد، وغيرها من الحالات الإنسانية".
وعبر عن امتنانه كونه جزءًا من هذا البرنامج الذي حمل في طياته الكثير من العطاء، وكيفية توجيه حياتنا كبشر لآخرين في حاجة إلى بصيص أمل، مضيفًا: "حققنا أمنيات على مستوى العالم، وتنقلنا كثيرًا بين السعودية، ومصر، والإمارات، وإسبانيا، والصين، وغيرها، وصادفنا كثيرًا من الحالات الصعبة، التي بدورها أثرت عليّ نفسيًا وعصبيًا".
وأعلن أن البرنامج كان خليطًا من المشاعر، ما جعله يواجه كثيرًا من الضغط النفسي، حيث كان مطالبًا بعدم إظهار مشاعره، وكان من الصعوبة تنفيذ ذلك كونه يتفاعل مع الحالات الإنسانية بشكل كبير.
وانعزال كليًا
عن الفترة الانعزالية التي يمر بها طراد سندي يقول: "ستة أشهر من العمل المتواصل، وملاحظة رغبات الأشخاص الذين تحققت أمنياتهم، جعلتني أراجع رغباتي العملية في جوانب أخرى".
ويضيف "فمن جانب إيجابي تفكرت وفكرت بما يجب تحقيقه، وكحال أغلب البشر كنت في حاجة إلى التغيير والالتفات إلى ما لم ينجز خلال السنوات الماضية، اضطررت إلى الانعزال تمامًا عن مواقع التواصل الاجتماعي والحياة الاجتماعية، ولم أتوقع قط أن أمر بمثل هذه الفترة، وكوني قارئًا متمرسًا في علم النفس، وساعدت كثيرًا من الأصدقاء على تخطي أزماتهم الاجتماعية والعملية عاد ذلك عليّ بالنفع، فكان داعمًا فكريًا لي، ونشأتي في أحضان عائلة داعمة ومتفهمة، أعادت التوازن لي في فترة وجيزة".
وحصيلة تلك المرحلة والوقفة مع النفس هي تغيير خططه، حيث قرر التوقف تمامًا إعلاميًا، والبدء في توجه مختلف تمامًا والعودة إلى نقطة البداية، بحسب تعبيره.
وعاد ممثلاً
بعد عامين ونصف عام من الانقطاع، يكشف طراد سندي أنه يعمل حاليًا بجد على تتبع حلمه القديم في أن يشارك في أعمال فنية، ويضيف "بل بدأت بأخذ دورات تدريبية في المجال، ولعل تغيير النظرة المجتمعية، والدعم الحكومي، ووجود هيئة الترفيه كلها عوامل شجعتني على اتخاذ الخطوة. وعلى الرغم من كل الأسئلة ومخاوف الانطلاق من نقطة الصفر مرة أخرى، وإعادة تشكيل شخصيتي الجديدة واكتشافها بعد كل الخبرات والتجارب التي عشتها يعد ذلك بحد ذاته حياة أخرى لي".
ويكشف سندي أنه وافق على المشاركة في فيلم تامر حسني (مش أنا) كمقدم برنامج كخطوة أولى على الطريق، مضيفًا: "جاءتني الفرصة عن طريق إحدى الشركات، وتأكد الجميع من جدية القرار، وعلى الرغم أن المشهد بسيط وبالشخصية الإعلامية نفسها فإن حضوري المنتظم، والتقيد بكل شاردة وواردة أظهر الشغف الموجود داخلي، وبدأ الأصدقاء دعمي، ولفت نظري إلى بعض النقاط وكيفية تقويتها".
وقد نوه بأنه اكتشف كثيرًا من المواهب داخله، مؤكدًا أن التحول من شخصية إعلامية إلى ممثل ليس بالشيء السهل خصوصًا أن الإعلام لديه بروتوكول معين في التواصل والحديث مع من حوله.
الوسامة فرصة
وردًا على سؤال مجلة الرجل عن دور الوسامة والمظهر في دخول مجال الإعلام، أقر طراد سندي أن وسامته كانت تذكرة حقيقية لدخوله المجال الإعلامي، حيث تؤدي دورًا مهمًا وأساسيًا جدًا خصوصًا إعلاميًا، وأضاف قائلاً: "أعترف أن شكلي أعطاني فرصة العمل الإعلامي، ولكن إن لم أتمكن من فرض حضوري، وعقليتي، وثقافتي بالتأكيد كنت سأنتهي، ولكن بفضل من الله فإن تعليمي، ودراساتي، وقراءاتي، ولباقتي، وطريقة تعاملي مع من حولي جعلتني على المسار الصحيح. نعم الشكل مهم ولكن الأهم ما بعد ذلك".
لقد كان طراد سندي أحد المدعوين إلى افتتاح مهرجان البحر الأحمر، الذي أقيم مؤخرا للمرة الأولى في المملكة، وعن رأيه بهذه الاحتفالية يوضح: "كانت تجربة حقيقية وبداية جميلة بسبب اجتهاد كبير من العاملين في صناعة الأفلام السعودية من ممثلين، وممثلات، وكتّاب ومخرجين، بالإضافة إلى الأسماء الفنية التي شاركت في المهرجان. وعندما وصلتني الدعوة كنت متحمسًا جدًا، فقد شهدنا نقلة فنية نوعية مختلفة تمامًا لم تكن تقام إلا في الدول العربية ذات التاريخ الفني القديم، فأن تكون حاضرًا بكل هذا الثقل، والترتيب فذلك يحسب في مجمل التغيرات التي تشهدها السعودية مؤخرًا".
ونوه بأنه كان "عرسًا فنيًا جمع كثيرًا من صنّاع الأفلام والفنانين في منصة واحدة: السعودية".
وكاتب..
وعن أحلامه غدًا وأين يرى نفسه قال: "التغيرات المستقبلية كثيرة ومتعاقبة، ولا نعلم أين نحن غدًا، ولكن من الواضح توجهي القادم حيث أركز على صناعة الأفلام كممثل وكاتب. وعلى الرغم من أن لدي عملين معروضين حاليًا، لكن لا أستطيع البت فيهما قبل عمل تجارب الأداء والتأكد من الانضمام لهما. طورت موهبتي بشكل كبير، ونعم قريبًا سنصل بإذن الله".