التبرع بالدم.. ما الفوائد التي تعـود على المتبرع؟
يعد التبرع بالدم من أنبل الأعمال التي يمكن للمرء فعلها من أجل إنسان آخر. وفي الواقع، لا تُـنقذ عملية التبرع بالدم شخصًا واحدًا، بل ثلاثة أرواح على أقل تقدير. ولا تحتاج بالضرورة إلى سبب لتتبرّع بالدم؛ فالأمر يعود لك وبمحض إرادتك، لكي تمنح لشخص ما فرصة للحياة!
ولوضع النقاط على الحروف، هناك حاجة ماسة ومستمرة للدم وبصورة منتظمة، إذ لا يمكن تخزينه إلا لفترة محدودة قبل استخدامه. وحتى الآن، لا يوجد بديل علاجي لدم الإنسان. لذا، فإن "كل قطرة دم لها قيمتها"!
ولكن، هل هناك فوائد أخرى للتبرع بالدم؟ ما الذي يُضاهي إلى حد ما إنقاذ حياة إنسان؟ في الحقيقة هناك الكثير! فالتبرع بالدم يحمل فوائد جمة للمتبرعين. إنه أحد أعمال الخير التي تعود بالمنفعة على الطرفين، وبشكل كبير وملموس.
ما فوائد التبرع بالدم للمتبرع؟
1- المشاركة في أعمال الخير : في حين أن هناك كثيرًا من الفوائد البدنية للتبرع بالدم، يمكن القول إن أهم فائدة صحية هي الآثار الإيجابية التي تنعكس على الحالة النفسية للمتبرع. فالتبرع بالدم يعني أن هناك شخصًا ما (أو عدة أشخاص) في مكان ما، سيحصل على المساعدة التي هو في أمس الحاجة إليها.
2- تقليل مخزون الحديد الضار: يمكن للتبرع بالدم أن يقلل من خطر الإصابة بداء ترسب الأصبغة الدموية، أو قد يمنع تطور ترسب الأصبغة الدموية، وهي حالة يزيد فيها امتصاص الجسم للحديد.
3- تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب: يؤدي التبرع بالدم بانتظام إلى السيطرة على مستويات الحديد، مما يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب. ويمكن لتراكم كمية كبيرة من الحديد في الجسم أن يؤدي إلى أضرار بسبب مستويات الأكسدة، التي ثبت أنها سبب رئيس في تسريع الشيخوخة، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية.
4- تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان: يمكن للمستويات المرتفعة من الحديد في الجسم أن تعمل كمحفّز للإصابة بالسرطان. وعن طريق التبرع بالدم، يمكنك الحفاظ على مستويات صحية من الحديد، ومن ثم تقليل خطر الإصابة بالسرطان.
5- تحفيز إنتاج خلايا الدم الجديدة: يؤدي التبرع بالدم إلى تحفيز إنتاج خلايا جديدة للدم. وبعد التبرع بالدم، يبدأ نظامك الحيوي بالعمل في غضون 48 ساعة من عملية التبرع وبمساعدة نخاع العظام لإنتاج خلايا جديدة للدم. ويجري تعويض جميع خلايا الدم الحمراء المفقودة في غضون 30 إلى 60 يومًا.
6- المساعدة في إنقاص الوزن: في كل مرة تتبرع فيها بالدم، يحرق الجسم كميات من السعرات الحرارية. ووفقًا لفريق البحوث العلمية في جامعة كاليفورنيا، فإن التبرع بنصف لتر من الدم (450 مل) يساعد جسمك على حرق حوالي 650 سعرة حرارية. لكن يجب عدم التفكير في التبرع بالدم أو الترويج له على أنه خطة لإنقاص الوزن، بل عده حافزًا إضافيًا للتبرع ليس أكثر!
7- الخضوع لفحص طبي مجاني: قبل التبرع، سيُطلب منك الخضوع لفحص طبي، حيث يقوم طاقم مدرّب بفحص النبض، وضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم، ومستويات الهيموجلوبين في الدم. ويتم أيضًا إجراء فحص للدم بحثًا عن مرض الزهري، وفيروس نقص المناعة المكتسبة، والتهاب الكبد، وأمراض أخرى.
* التقييم الطبي قبل التبرع بالدم أمر لا بد منه لتجنب أي مشكلات صحية.
ماذا عن الفوائد الصحية للرجال على وجه التحديد؟
أظهرت الدراسات أن معظمنا يميل بوجه عام إلى استهلاك المزيد من الحديد يوميًا، أكثر مما هو ضروري للجسم الصحي السليم.
ويمكن أن يؤدي تناول عنصر الحديد بما يتجاوز كمية معينة إلى تحفيز تكوين الشوارد الحرة في الجسم.
وقد وُجد أن الشوارد الحرة تتسبّب في إحداث تغييرات في خلايا الجسم من شأنها أن تعطل وظائفها الطبيعية، وتزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسرطان.
وعلى الأرجح، يعاني هذه المشكلة الرجال، وكذلك النساء بعد انقطاع الطمث، لا سيما وأن النساء في سن الإنجاب يتخلصن من الحديد الزائد خلال دورات الحيض المنتظمة. وإذا كنت فرضًا ممن يأكلون اللحوم الحمراء، فهناك خطر أكبر من زيادة مستويات الحديد التي تدخل إلى الجسم.
ويميل الرجال إلى أن يكونوا بالفعل أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما في أي مكان آخر في العالم، وهم أكثر عرضة بمرتين من النساء للإصابة بنوبة قلبية خلال حياتهم.
لذا، أيها الرجال، يعد التبرع بالدم بشكل منتظم وسيلة سهلة ومفيدة للتخلص من الحديد الزائد من النظام الحيوي للجسم، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
علامة أخرى لأمراض القلب يتم تقليلها بشكل فعال عن طريق التبرع المتكرر بالدم هي ارتفاع الهيماتوكريت. فقد أظهرت الدراسات أن الرجال الذين تبرعوا بالدم مرة واحدة على الأقل في السنة يقللون خطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 88% مقارنة بغير المتبرعين، وذلك وفقًا لدراسة نُشرت في المجلة الأمريكية لعلم الأوبئة.
كما بيّنت أن الرجال المتبرعين بالدم بانتظام يقللون من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية بنسبة تصل إلى 30%!
الاعتقادات الخاطئة حول التبرع بالدم
يعد التبرع بالدم طريقة بسيطة وآمنة للمساعدة في إنقاذ الأرواح. فلا تدع هذه الاعتقادات والأفكار الخاطئة تمنعك من التبرع بالدم.
أولًا: التبرع بالدم مؤلم.
الحقيقة: الألم الوحيد الذي ستشعر به هو وخز الإبرة عند إدخالها. قد تكون المنطقة مؤلمة قليلًا بعد ذلك، ولكن أي إزعاج تشعر به بسيط مقارنة بهذا الفعل النبيل للتبرع بالدم.
ثانيًا: من غير الآمن التبرع بالدم لأنني أتعاطى الأدوية.
الحقيقة: معظم الأدوية لا تتداخل مع عملية التبرع بالدم. ومع ذلك، من الأفضل التحدث إلى طبيبك مسبقًا لمعرفة ما إذا كنت قادرًا على التبرع بالدم.
ثالثًا: التبرع بالدم يجعـلني ضعيفًا.
الحقيقة: يتم جمع ما يقارب نصف لتر فقط من الدم. ولدى الأشخاص البالغين، يحمل الجسم ما يقارب 5 لترات من الدم، بحيث يتم إنتاج خلايا جديدة للدم لتعويض ما فقده الجسم في غضون أيام قليلة من عملية التبرع.
رابعًا: يمكن أن أصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة أو غيره من الأمراض.
الحقيقة: يتم استخدام إبرة معقمة جديدة في كل مرة، ثم التخلص منها على الفور. ويتم اتباع ممارسات صارمة لمكافحة نقل عدوى الأمراض، مما يجعل هذه العملية آمنة تمامًا.
خامسًا: أعاني مرض السكري لذا لا يمكنني التبرع بالدم.
الحقيقة: إن الإصابة بمرض السكري أو ارتفاع الكوليسترول في الدم لا يمنعك من التبرع بالدم، ما دمت بصحة جيدة. ومع ذلك، يجب عليك التأكد من أن مستويات السكر في الدم لديك تحت السيطرة قبل عملية التبرع.
والحق يُقال، إن أحد أفضل الأمور التي يمكنك القيام بها من أجل صحتك والآخرين هو التبرع بالدم. دعونا نجعلها عادة طيبة نداوم على فعلها!
* جايمي ريتشاردز، رئيس خدمات الصحة في Valeo، اختصاصي في العلاج النفسي والعصبي المناعي، واختصاصي تغذية.