رائد الأعمال أحمد المحيسني لـ«الرجل»: حادث سيارة غيّر حياتي.. اغتنموا الفرصة اليوم وليس غدًا
البطاقة التعريفية:
الاسم: أحمد سليمان حمد المحيسني
مكان الميلاد: الرياض – المملكة العربية السعودية
التخصص الدراسي: بكالوريوس إدارة أعمال - جامعة الملك سعود الرياض.
المسمى الوظيفي: المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أحمد المحيسني القابضة.
الاهتمامات: الرياضة والقراءة والسفر.
دخل مجال الأعمال في سن مبكرة، ولعل المحنة صنعت منه رائد أعمال حين تحطمت السيارة الوحيدة التي تملكها عائلته ولم يجدوا المال لإصلاحها، ليقرر ابن الخمسة عشر عامًا الدخول إلى معترك الحياة العملية، والسير خطوة بخطوة حتى تذوق طعم النجاح بعد قصة كفاح ومثابرة.
انتقل خلال 18 عامًا، من عامل في ورشة لصيانة السيارات إلى مالك مجموعة تضم نحو ثماني شركات تعمل في مجالات مختلفة تحت اسم مجموعة "أحمد المحيسني القابضة".
رائد الأعمال أحمد سليمان المحيسني يروي لمجلة "الرجل" تفاصيل تأسيسه لمجموعته، وكيف أن كل شركة لديه ولدت لتلبي حاجة ما، وكل منها صنعت مشروعًا مستقلاً بذاته.
بدأ العمل وهو في سن الخامسة عشرة، كان لا يزال في الصف الأول الثانوي، حين قررت والدته في أحد الأيام الانتقال في رحلة سريعة من العاصمة الرياض إلى المدينة المنورة. خلال الرحلة تعرضت السيارة لحادث سير وتضررت كثيرًا، وكانت بحاجة إلى صيانة بتكاليف فاقت قدرات عائلته المادية.
يتذكر رائد الأعمال أحمد المحيسني تلك الحادثة وما ترتب عليها من أحداث غيّرت مجرى حياته، ويضيف: «كان من الضروري إصلاح السيارة، لهذا قررت العمل لدى صاحب "ورشة لإصلاح السيارات" لمدة شهر كامل، مقابل تخفيض تكاليف الصيانة. وخلال هذه المدة تعلمت كثيرًا من المهارات. وكنت أوزع وقتي ما بين الدراسة والعمل. وعند اقتراب انتهاء المدة طلب مني صاحب الورشة البقاء، فقبلت العرض وعملت معه مدة ثلاثة شهور».
ويتابع روايته «في ذلك الوقت لاحظت مدى المعاناة التي يتعرض لها أصحاب المركبات في إصلاح أعطال سياراتهم. من هنا لمعت فكرة بداية أول مشروع، بعت السيارة وبثمنها فتحت مركزًا متنقلاً متخصصًا في صيانة السيارات، لنكون بذلك أول مركز متنقل متخصص في هذا المجال».
ويضيف «بالرغم من قدم السيارة التي استخدمناها في البدايات، فإنني كنت مهتمًا بتطوير المشروع حتى أصبح من المشاريع الرائدة بإيرادات ربحية عالية، لنتوسع بعدها لأكثر من 42 فرعًا في المدن السعودية، وذلك خلال 18 سنة تحت اسم "دوكس لصيانة السيارات"».
مبلغ زهيد هو ثمن السيارة المباعة، كان رأس مال مشروع رائد الأعمال أحمد المحيسني، الذي حوّل حياته من طالب في الصف الأول الثانوي إلى مالك مجموعة قابضة، يقول: «أتى فتح شركة صيانة السيارات بعد اكتشاف حاجة السوق إليها، ونجحنا في تطويرها وجعلها من أهم مراكز صيانة السيارات في السعودية، وتمتلك إدارة قوية من إدارة مالية، وموارد بشرية، وإدارة عامة. ومن ثم توسعنا خلال السنوات من إيرادات الشركة في مجال التسويق، والبرمجة الإلكترونية».
معروف لن أنساه
طموحه في التوسع وتكريس وقته للعمل جعله يفكر في ترك الدراسة، لكن هذا لم يحدث، يقول أحمد المحيسني: «بعد أن بدأ مشروع "صيانة السيارات" يؤتي ثماره، وبدأت بحصد إيرادات، قررت ترك الدراسة للتفرغ للمشروع، فذهبت إلى مدير المدرسة وأخبرته بنيتي التوقف عن استكمال الطريق العلمي، وعندما سألني عن السبب، صارحته متحدثًا عن المشروع وضيق الوقت. أذكر جيدًا أنه قال لي "سنكون زبائنك وسنوفر لك استكمال الدراسة بساعات مرنة حتى تتمكن من الجمع ما بين التعليم والعمل". وسمح لي بالخروج من المدرسة خلال اليوم الدراسي وقت الراحة ما بين الحصص، وأبدى المدير تعاونًا جميلاً معي، وحتى اليوم ما زلت أحفظ معروفه».
انتهت المرحلة الثانوية، ولم يتوقف المحيسني بل أكمل دوراته التدريبية في عدة مجالات منها التسويق، والمالية، والموارد البشرية. وسافر إلى الخارج لتعلم اللغة الإنجليزية (الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة). كل هذه العوامل مكنته أكثر فأكثر من عالم التجارة، وقرر دخول جامعة الملك سعود بالرياض واستكمال مشواره العلمي في تخصص إدارة الأعمال، ولا يزال ينتهج الخطة ذاتها ما بين عمله الذي أسسه في صيانة السيارات، ومسيرته التعليمية التي باتت نصب عينيه يومًا بعد يوم.
العقارات شغفي
بالرغم من كل هذا الاهتمام بتأسيس البنية التحتية لمشروعه الأول، فإنه كما ذكر لم يكن الشغف، فقد تعلق طموحه بإدارة الأملاك العقارية وتسويقها، لذا قرر في عام 2009 التوجه للسوق العقارية.
وعن رحلته الجديدة يوضح: «كونت رأس مال من الشركة الأولى، وكان أفضل استثمار هو الأرض، إضافة إلى أن العقلية القديمة في العقار كانت لا تزال مسيطرة على السوق، حيث لم يكن يوجد حينها نظام تسويقي محترف يظهر العقار في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يوجد ما يسمى إدارة الأملاك باحترافية بحيث تكون الشركة مسؤولة عن تحصيل رسوم المستأجرين، وصيانة العقار، والتعاقد مع المستأجرين، وغيره من الخدمات. وهذا ما قدمته الشركة، التي تأسست في العاصمة الرياض، ومن ثم القصيم، حتى بات لنا ستة فروع على مستوى السعودية».
منوهًا بأن المشروع جلب الثاني، والثاني فتح المشروع الثالث وهكذا حتى تكونت مجموعة شركات أحمد المحيسني القابضة، التي توزعت ما بين قطاع الصيانة، والتسويق، والبرمجة، والأغذية، والعقارات. مؤكدًا أن كل شركة مستقلة تمامًا بفريق عملها وإدارتها وموظفيها، ومبينًا أنه لم ينتقل إلى أي من المشاريع إلا بعد التأكد من الثبات في المشروع القائم ماديًا، ومهنيًا.
التنوع أنقذني
لم يكن الانتقال من مشروع لآخر عشوائيًا أو غير مدروس -يوضح رائد الأعمال المحيسني- ويضيف: «بل كان اختيار الدخول في المجالات سابقة الذكر عن احتياج اكتشفته في السوق السعودي».
قبل الدخول في أي مشروع كان يدرسه باستفاضة ليقرر الخوض فيه، دافعه التنوع والدخول إلى مجالات جديدة، عملاً بالحكمة التي تقول "لا تضع البيض كله في سلة واحدة"، ويضيف: «كنت أسمعها منذ الصغر، ولكن لم أتعرف إلى معناها إلا وقت تأسيس العمل، فمثلاً في عام 2015، 2016، 2017 عانى قطاع العقار أزمة حقيقية، وخلال السنتين السابقتين عانى قطاع الأغذية، والقطاع العقاري والصيانة أزمة أيضًا، فتخيل لو أن كل رأس المال موجود في سلة واحدة، لكنا أفلسنا، ولكن وجود شركة التسويق، والشركة المهتمة بالـ"IT" وتطبيق التوصيل، هي التي نهضت بباقي الأعمال، واستطعنا تجاوز الأزمة المالية، فقد تعرضنا إلى هزة اقتصادية تضررنا على آثارها خصوصًا خلال جائحة كورونا، إلا من خدمة توصيل الطلبات، ومن ثم فإن هذا التنوع كان له فوائد عظيمة».
تطبيق يستقطب الملايين
محطة أخرى في مسيرة المحيسني، انطلقت مع تأسيس تطبيق "ازهلها" عام 2016، وكان المحفز وجود الخبرة الكافية في التسويق، والصيانة والـ"IT"، وبحسب أحمد المحيسني فإن التطبيق كان ترجمة عملية للتخصصات التي عملت عليها المجموعة من قبل جائحة كورونا، وعن التسمية السعودية البحتة "ازهلها" قال: «المعنى لكلمة "ازهلها" أي اتركها علي، وكانت الفكرة أن تعطيك العبارة الأمان، والراحة، والطمأنينة. وقد تأسس التطبيق في عام 2016، وحقق نجاحًا جميلاً جدًا، حيث وصلنا إلى أربعة ملايين مستخدم نشط، وأكثر من ثمانية ملايين طلب. وحقق التطبيق انتشارًا واسعًا محليًا، ووصلنا اتصالات من دول كثيرة تسأل عن التجربة».
ويضيف: «حتى أنه كان هناك من يسأل عن كيفية الحصول على وكالة للتطبيق، وبالحقيقة الأزمة كان لها فضل في انتشار التطبيق ونجاحه. ولعل هذا يعود بنا للحديث السابق عن تنوع مصادر الدخل والاقتصاد والاستثمارات، الذي يحقق نجاحًا كبيرًا خصوصًا عند توظيف الخدمات بشكل صحيح».
موجهًا أنه يستقطب الكفاءات المتميزة والعمل على تأهيلها وتدريبها، وخُرج أكثر من 27 شابًا وشابة يعملون حاليًا في مناصب جيدة وقيادية في مؤسسات حكومية، أو في القطاع الخاص.
ويشرح بأن تطبيق "ازهلها" يقدم ثلاث خدمات وهي التوصيل، والصيانة (نحو 42 خدمة صيانة من خلاله يمكن طلبها وتأتيك الخدمة كاملة إلى باب بيتك)، والخدمة الثالثة بيع وشراء السيارات.
للأذكياء ولكن..
يلفت رائد الأعمال في إحدى تغريداته على حسابه في تويتر لأهمية اختيار الاستثمار المناسب بالقول «اختر ما تستثمر فيه لأنه سيصبح مصيرك». وعن المنهج الذي يتبعه، يقول: «دائمًا أذهب للاستثمار الذي نحن بحاجة إليه، ويعدّ أساسيًا وليس من الكماليات، لذا لن تجد تحت مظلة المجموعة أي من الاستثمارات الكمالية، فجميعها سواء التكنولوجية، أو العقارية، أو الغذائية، أو الصيانة من المتطلبات الأساسية لاستمرار الحياة».
ويضف موضحًا «ريادة الأعمال تحتاج إلى الأذكياء». ويلفت إلى أنه «في بعض الأحيان الذكاء الزائد قد يكون نقمة، وليس نعمة، حيث يعطي حسابات بعيدة المدى تؤثر على العمل، ولكن كان المقصود من العبارة أن الاختيارات يجب أن تكون حسب احتياج السوق، وأن يكون اختيار رائد الأعمال ذكيًا ما فيه الكفاية لاستمرار العمل».
وعن ريادة الأعمال في السعودية قال: «أتوقع السعودية مقبلة على نهضة تاريخية في مجال ريادة الأعمال، حيث إن ما تقدمه الدولة لهذا القطاع كثير ومهم، وللشباب أقول من لم يغتنم الفرصة اليوم لتأسيس مشروعه الخاص سيصعب عليه الانطلاق بعد ذلك، والسبب أن اليوم الأمور مسهلة وميسرة، ومستقبلاً ستأخذ الشركات مكانها، ومن لا يجد لنفسه متسعًا في السوق، سيكون الدخول صعب جدًا».
موجها بأن تأسيس الشركة وطباعة الرخصة أصبحت من السهولة واليسر عن الفترة الزمنية السابقة.
الجوائز تحفزني
في عام 2019 حصد رائد الأعمال أحمد المحيسني جائزة "عصاميون"، ولم يكن التكريم الأول الذي يحصل عليه مضيفا: «التكريم والجوائز هي دفعة معنوية أكثر من أي شيء آخر لنجاحات وُفقت فيها من الله. "عصاميون" ليست الجائزة الأولى، وإنما سبقتها عدة جوائز، منها جائزة "الشاب العصامي"، وجوائز أخرى كثيرة، وجميعها تصب في قناة التحفيز، والتشجيع لصناعة الأفضل، والاستمرار بالعطاء بكفاءة عالية جدًا».
القادم جميل
وعن الخطة المستقبلية قال: «لدينا شركة تحت مسمى "آماز" وهي مختصة بكل ما يتعلق بالتسويق والبرمجة. واليوم لدينا أكثر من 38 جهة حكومية عملنا معها، في نطاق التسويق والبرمجة. وهذه الشركة حصلت على شارة الخبراء من غوغل، وتعد الأولى في السعودية التي تحصل على هذه الشارة. وتفضل صالح الرشيد محافظ منشآت بزيارتنا ومنحنا هذه الشارة من شركة غوغل. ولدينا في المجموعة عقود متنوعة مع جهات حكومية ما بين برمجة، وتسويق، وعقار، وإدارة أملاك، ونحن مستمرون بالتطوير».
وتابع: «السنوات القادمة محفزة وجميلة، وسنكون مواكبين للتنظيمات التي أطلقتها الدولة للسوق، وعلى كل رائد أعمال أن يتواكب معها، ويحرص قدر المستطاع على التعامل معها وعدم إهمال أي بند منها لأن إهمال بند واحد أو إغفاله يمكن أن يخسرك الكثير».