كيف تتعلم التفكير الإيجابي في الحياة؟
جميعنا نتمنى لو نتعلم التفكير الإيجابي في الحياة. بالطبع ليس الأمر سهلاً في المواقف المختلفة التي نمر بها، والأصعب من ذلك هو التساؤل: هل هذا شيء قابل للتعلم؟ يطمئننا العلم إلى أنّ التفكير الإيجابي هو مهارة يمكن تعلمها، من خلال مجموعة من الطرق التي تساعد على تعزيز هذه المهارة. في هذا المقال سنتحدث عن طرق لتعلم التفكير الإيجابي.
كيف أجعل تفكيري إيجابياً؟
لا شك أنّ التساؤل الذي يدور في الأذهان لدينا هو: "كيف أجعل تفكيري إيجابيا؟". في الحقيقة هذا الأمر يمكن أن يحدث من خلال تطبيق طرق التفكير الإيجابي، التي تنقسم إلى: تقنيات، تمرينات، نصائح. وجميعها يساعد في تحقيق الهدف الأساسي، تعلم التفكير الإيجابي.
تقنيات التفكير الإيجابي
تتعلق تقنيات التفكير الإيجابي بتغيير طريقة نظرتنا إلى الأحداث في الحياة. لذا هناك 3 تقنيات يمكن التركيز عليها في التفكير الإيجابي، تعتمد على المراحل التي نعيش بها: الماضي، الحاضر، المستقبل. إليك هذه التقنيات الثلاثة:
1- التفكير بإيجابية في الماضي: يبدأ الأمر بالتفكير في الماضي. هذا الأمر هو الأسهل، نظراً لأنّ أحداث الماضي هي الأقدم، وحدثت بالفعل. يمكنك العودة إلى التفكير في الذكريات الإيجابية، أو الأشياء التي تعلمتها في حياتك، والشعور بالامتنان للأشياء الجيدة التي حدثت في حياتك. يمكن لهذه الاستراتيجيات مساعدتك على الشعور بالتحسن باللحظة الحالية، حتى إذا كانت صعبة.
2- التفكير بإيجابية في الحاضر: في اللحظة الحالية نمر بالعديد من الأحداث، بعضها جيد وبعضها لا. يعتمد التفكير الإيجابي على طريقة نظرتنا للأوضاع، من خلال البحث الجيد، ومحاولة التفكير في الجوانب الإيجابية الخاصة به. يتطلب الأمر قدراً من المجهود بالتأكيد، لكن يمكن تحقيقه من خلال محاولة توجيه التركيز دائماً إلى الشيء الجيد في أي موقف نمر به.
3- التفكير بإيجابية في المستقبل: يمكننا التركيز على المستقبل، ومحاولة أن نكون متفائلين. جميعنا نملك توقعات، سواءٌ أكانت إيجابية أم سلبية عن القادم. عندما نفكر فيما هو قادم، ومحاولة التركيز على الشعور بأنّ هناك شيئاً جيداً سيحدث، سنبدأ في الشعور بالإيجابية. مثلاً التفكير في الإنجازات التي يمكننا تحقيقها في المستقبل.
تمرينات التفكير الإيجابي
لا يقتصر الأمر على التقنيات فقط، لكن يمكن أيضاً الاعتماد على بعض التمرينات، التي تساعد على تعلم وتحسين التفكير الإيجابي. لذا، هناك 3 تدريبات يمكن من خلالها تحسين مهارات التفكير الإيجابي، ليصبح أسلوب حياة. من أهم 3 تدريبات يمكنك الاعتماد عليها:
1- تمرين إعادة التقييم المعرفي
التدريب الأول هو إعادة التقييم المعرفي، وهذا من خلال محاولة إعادة صياغة الموقف الذي نمر به، لنراه بطريقة إيجابية. يمكننا التدريب على هذا الأمر، من خلال محاولة رؤية الأشياء الجيدة في مختلف المواقف من حولنا، حتى لو في فيلم أو رواية أو برنامج تليفزيوني. من خلال محاولة استخراج العبرة أو الفائدة من التجارب التي يمر بها الأبطال، بعيداً عن أي شيء آخر في الأحداث.
الشيء الجيد حول هذا الأمر، أنّه من خلال التمرين عليه، سيصبح الطريقة التي تنظر بها إلى الأشياء في حياتك. عندما تمر بموقف معين، بدلًا من التفكير في أحداثه السيئة، ستبدأ في توجيه تفكيرك نحو الأشياء الجيدة التي تعلمتها من الموقف، وهذا وفقاً لدراسة كلٍّ من: تروي وفيلهلم وشالكروس وماوس في عام 2010.
2- التمرين على تضمين ثلاثة أشياء جيدة
تشير أبحاث سيليجمان وستين وبارك وبيترسون في عام 2005 إلى أنّ التفكير في ثلاثة أشياء جيدة، وإدراجها في القائمة اليومية لأفعالك، يمكن أن يساهم في زيادة سعادتك على المدى القريب، وكذلك على المدى البعيد.
الشيء الجيد في هذا التمرين، هو إمكانية وسهولة تنفيذه. كل ما يحتاج إليه الأمر هو قضاء بضع دقائق من يومك في ممارسة هذه الأشياء الثلاثة. إذا كنت لا تعرف بعد ما هي الأشياء التي تستمتع بها، يمكنك التفكير في الأحداث اليومية، حتى تعرف ما هي هذه الأشياء. بمجرد معرفتها، سيكون بالإمكان تحويلها إلى أحداث يومية، والحفاظ على ممارستها.
3- تمرين احتمالية المستقبل الأفضل
وفقًا لدراسات شيلدون وليوبوميرسكي في 2006، فإنّ تخيل أفضل مستقبل لك، والكتابة عنه يزيد من المشاعر الإيجابية. حتى يمكنك تنفيذ هذا التمرين، يمكنك تخصيص 15 دقيقة، من أجل كتابة ما يمكن أن يكون عليه المستقبل المحتمل.
لا يقتصر الأمر على التفكير في جميع الأحداث المحتملة، لكن فقط على الأحداث التي يمكن أن تحدث بشكل صحيح تماماً. يدرّب هذا التمرين عقلك ليكون أكثر تفاؤلًا، وقدرة على رؤية الحياة بطريقة إيجابية.
مهارات التفكير الإيجابي في بيئة العمل
بالطبع نحن نحتاج دائماً إلى التفكير الإيجابي في مختلف المواقف التي نمر بها، وينطبق هذا على المكان الأكثر أهمية، ألا وهو مكان العمل. إذ نقضي وقتاً طويلاً في عملنا، وبالتالي نتأثر بما يحدث هناك.
هناك 3 مهارات أساسية يمكن الاعتماد عليها لتطبيق التفكير الإيجابي ببيئة العمل:
1- كتابة ملاحظات الامتنان للآخرين
من أسهل الطرق التي تساعدك على الشعور بالامتنان للآخرين، هي التفكير في الأشياء التي يقومون بها من أجلك، ثم كتابة ملاحظات حول هذا الأمر وتركها لهم على مكاتبهم. سيؤدي ذلك إلى شعورك بالسعادة، والأهم هو التركيز على التفكير في الإيجابيات. إلى جانب أنّ مشاركتها مع زملائك، يجعلهم يشعرون بالرضا كذلك، وهو ما يعود على تعاملهم معك بشكل إيجابي.
2- ابحث عن الأشياء الجيدة في التجارب الفاشلة
لا تسير جميع الأمور في العمل دائمًا بشكل ناجح، بالتالي من المحتمل وجود بعض تجارب الفشل التي تمر بها. عندما تحدث هذه التجارب، بالتأكيد نشعر بإحساس سيئ نحو هذه التجارب، لكن يمكننا التفكير في الأمر بطريقة مغايرة، ومحاولة التفكير فيما تعلمناه من التجربة، وكيف أثّرت في بناء شخصياتنا بشكل إيجابي، والأهم الاستفادة من التجربة في التعامل مع الأمور بطريقة مختلفة.
3- حوّل انتباهك إلى الأشياء الجيدة
في بعض الأحيان يكون مكان العمل مكاناً بائساً، لا يمكن تخيل أي شيء إيجابي من خلاله. لكن لا تزال هناك فرصة لتعويض هذه الأمر، من خلال التركيز على الأشياء الجيدة خارج العمل. على سبيل المثال، التفكير فيما ينتظرك خارج العمل عندما تنتهي، مثلًا رؤية عائلتك، أو الخروج مع أصدقائك، أو شيء يسعدك، وبالتالي يقلل من شعورك بالضيق.
هل طرق التفكير الإيجابي للجميع؟
قد يتساءل البعض هل هذه التقنيات أو التمرينات ناجحة أو لا. وفقاً للعلم، يعتمد الأمر على بعض العوامل، من أهمها الدوافع والمعتقدات الخاصة بالشخص، وهو أمر يمكن لأي شخص القيام به. إذ كلما زادت دوافع ومعتقدات الشخص، أمكنه الاستفادة من هذه التمرينات بشكل فعّال.
ببساطة، إذا كان الاعتقاد الأكبر هو أنّ التمرين لن ينجح، أو لا نملك الدافع الذي يشجعنا للقيام به، على الأغلب لن يحقق أي نتيجة. لا سيّما أن هذه الأمور تعتمد بشكل أساسي على حالتنا النفسية، وبالتالي إذا لم نكن مقتنعين، فلن يعمل التمرين على الإطلاق.
هناك عامل آخر يؤثر في نجاح الأمر، وهو مقدار المجهود الذي نبذله في التنفيذ. بالطبع الشخص الذي يكرر التمرينات دائماً في المواقف التي يشعر فيها بالسوء، بينما قام شخص آخر بها من وقت لآخر، فالأول سيكون قادرًا على تحقيق فاعلية أكبر.
إذا ألقيت نظرة على التقنيات والتمرينات ستجد أنّها مرتبطة معاً، كل ما يحتاج إليه الأمر هو بذل المجهود الصحيح، والاقتناع بجدوى هذه التمرينات. إذ هذا وحده ما يضمن فاعليتها، وأنّه من خلال المحاولة المستمرة، سيكون بالإمكان تحقيق الهدف، وتعلّم التفكير الإيجابي في الحياة.