أسباب الغضب واستراتيجيات التحكم به
الغضب صفة سيئة تضر صاحبها قبل أن تضر الآخرين. يمكن أن تتسبب عدم القدرة على إدارة غضبك إلى مجموعة متنوعة من المشكلات مثل قول أشياء تندم عليها أو الصراخ في وجه أطفالك أو تهديد زملائك في العمل أو إرسال رسائل اندفاعية أو ظهور مشكلات صحية أو حتى اللجوء إلى العنف الجسدي. بالإضافة إلى إضاعة الوقت في التفكير في الأحداث المزعجة، أو الشعور بالإحباط أو الذنب. أسباب الغضب عديدة وتساعدك معرفتها على علاجها.
التحكم في غضبك لا يعني عدم الغضب أبدًا، بل هو تعلم كيفية التعرف على غضبك والتعامل معه والتعبير عنه بطرق صحية ومنتجة. إدارة الغضب هي مهارة يمكن للجميع تعلمها. حتى إذا كنت تعتقد أن غضبك تحت السيطرة، فهناك دائمًا مجال للتحسين.
الغضب غير المقيد يمكن أن يؤدي غالبًا إلى سلوك عدواني، ولكن تستخدم إدارة الغضب تقنيات مختلفة لمساعدة الشخص على التعامل مع الأفكار والمشاعر والسلوكيات بطريقة صحية وأكثر إنتاجية.
الغضب هو عاطفة يمكن أن تتراوح شدتها وفقًا لأسباب الغضب ورد فعل الشخص. يصنف الكثير من الناس الغضب على أنه مجرد "عاطفة سلبية"، إلا أنه يمكن أن يكون إيجابيًّا. قد تدفعك مشاعر الغضب إلى الدفاع عن شخص ما أو إحداث تغيير اجتماعي.
ولكن عندما تُترك دون رادع، يمكن أن تؤدي مشاعر الغضب إلى سلوك عدواني، مثل الصراخ في وجه شخص ما أو الإضرار بالممتلكات. قد تؤدي مشاعر الغضب أيضًا إلى انسحابك من العالم وتحويل غضبك إلى الداخل، مما قد يؤثر على صحتك وعافيتك.
يصبح الغضب مشكلة عندما يتم الشعور به كثيرًا أو بشكل مكثف أو عندما يتم التعبير عنه بطرق غير صحية دون معرفة أسباب الغضب الحقيقية، مما قد يكون له تأثير جسدي وعقلي واجتماعي. لذا يمكن أن تكون استراتيجيات إدارة الغضب مفيدة وتساعدك على اكتشاف طرق صحية للتعبير عن مشاعرك.
استراتيجيات إدارة الغضب
تظهر الأبحاث أن التدخلات السلوكية المعرفية فعالة لتحسين إدارة الغضب. تتضمن هذه التدخلات تغيير طريقة تفكيرك وتصرفك. يمكن لأفكارك وسلوكياتك إما أن تغذي مشاعرك وإما تقللها. لذا، إذا كنت ترغب في تحويل حالتك العاطفية بعيدًا عن الغضب، فيمكنك تغيير ما تفكر فيه وما تفعله. بدون إشعال أسباب الغضب، ستبدأ النيران بداخلك في التضاؤل وستشعر بالهدوء.
فيما يلي 11 استراتيجية قد ترغب في تطبيقها في خطة إدارة الغضب الخاصة بك. تم تصميم هذه الاستراتيجيات لمساعدتك على إدارة غضبك:
- تحديد أسباب الغضب
إذا كنت معتادا على فقدان أعصابك، قم بتحديد أسباب الغضب وتقييم الأشياء التي تثير غضبك. قد تكون ساعات الانتظار الطويلة أو الازدحام المروري أو التعليقات اللاذعة أو التعب المفرط.
يجب ألّا تلوم الأشخاص أو الظروف الخارجية على عدم قدرتك على الحفاظ على هدوئك، فإن فهم الأشياء التي تثيرك وأسباب الغضب داخلك يمكن أن يساعدك على هدوئك.
قد تقرر تنظيم يومك بشكل مختلف لمساعدتك على إدارة التوتر بشكل أفضل، أو يمكنك ممارسة بعض أساليب إدارة الغضب قبل أن تواجه ظروفًا قد تكون عادة مؤلمة. يمكن أن يساعدك القيام بهذه الأشياء على اكتساب الهدوء والصبر.
- اعرف ماهية غضبك
قبل أن تبدأ في تهدئة نفسك، اسأل نفسك عمّا إذا كان غضبك صديقًا أم عدوًّا، خبيثًا أم حميدًا. إذا كنت تتعرض لانتهاك لحقوقك ما أو كنت في وضع غير صحي، فقد يكون غضبك مفيدًا.
في هذه الحالات، يمكنك الشروع بتغيير الموقف بدلاً من تغيير حالتك العاطفية. في بعض الأحيان، يكون غضبك علامة تحذير على أن شيئًا آخر يحتاج إلى التغيير -مثل علاقة مؤذية عاطفيًّا أو صداقة غير صحية. قد يمنحك الشعور بالغضب الشجاعة التي تحتاج إليها لاتخاذ موقف أو إجراء تغيير.
ولكن إذا تسبب غضبك في الضيق أو الإضرار بعلاقاتك، فقد يكون غضبك عدوًّا. تشمل العلامات الأخرى لهذا النوع من الغضب الخروج عن السيطرة والندم على كلماتك أو أفعالك لاحقًا. في هذه الحالة، حاول معالجة مشاعرك وتهدئة نفسك.
- التعرف على علامات الغضب
قد تشعر بالغضب في لحظة ولكن هناك علامات تحذير قبلها تشير إلى غضبك. يمكن أن يساعدك التعرف عليها مبكرًا على اتخاذ إجراءات لمنع وصول غضبك إلى القمة.
راقب العلامات الجسدية للغضب التي تشعر بها؛ ربما ينبض قلبك بشكل أسرع أو يشعر وجهك بالحرارة أو تبدأ في إحكام قبضتيك.
من خلال التعرف على علامات التحذير، لديك الفرصة لاتخاذ إجراءات فورية ومنع نفسك من فعل أو قول الأشياء التي تسبب مشاكل أكبر. تعلم أن تنتبه لما تشعر به وستتحسن في التعرف على علامات الغضب.
- الانسحاب
إن محاولة كسب الجدال لن يؤدي إلا إلى تأجيج غضبك. أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها عندما يتصاعد غضبك هو إبعاد نفسك عن الموقف إذا أمكنك ذلك.عندما تتصاعد المحادثة، خذ قسطًا من الراحة. اترك الاجتماع إذا كنت تعتقد أنك ستنفجر. اذهب في نزهة إذا أزعجك أطفالك. يمكن أن تكون المهلة مفتاحًا لمساعدتك على تهدئة عقلك وجسمك.
إذا كان هناك شخص ما تدخل في خلافات محتدمة معه بشكل روتيني، مثل صديق أو أحد أفراد الأسرة، فتحدث معه حول أهمية أخذ وقت مستقطع واستئناف الحديث أو الحوار عندما يشعر كلاكما بالهدوء.عندما تحتاج إلى الابتعاد، اشرح للطرف الآخر أنك لا تحاول تفادي النقاش، لكنك تحاول إدارة غضبك وأنه لا يمكنك إجراء محادثة مثمرة أو حل الخلاف في الوقت الحالي وإنك ستستأنف الحديث عندما تشعر بالهدوء.
- تحدث إلى صديق
إذا كان هناك شخص له تأثير عليك ويمكنه تهدئتك، فقد يكون من المفيد التحدث عن مشكلة أو التعبير عن مشاعرك لذلك الشخص. ولكن قد يأتي التنفيس بنتائج عكسية: الشكوى الدائمة من رئيسك في العمل، ووصف جميع أسباب الغضب، أو التذمر من مشاكلك قد تزيد من تأجيج النار. من المفاهيم الخاطئة الشائعة أنه يجب عليك التنفيس عن غضبك لتشعر بتحسن.
لكن أظهرت الدراسات أنك لست بحاجة إلى "إخراج غضبك" وتحطيم الأشياء عندما تكون غاضبًا لأنه قد يجعلك هذا في الواقع أكثر غضبًا. لذلك من المهم استخدام مهارة التأقلم مع الغضب بحذر.
إذا كنت تنوي التحدث إلى صديق، فتأكد من أن الحديث معه يؤدي إلى تطوير حل أو تقليل غضبك، وليس مجرد التنفيس.
- تحرك
يؤدي الغضب إلى اندفاع للطاقة في الجسم. واحدة من أفضل الطرق للاستفادة من هذا الاندفاع المفاجئ هو ممارسة النشاط البدني سواء المشي سريعًا أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لأن التمارين الرياضية يمكن أن تهدئ من التوتر.
يساعدك التمرين بانتظام على تخفيف الضغط مما قد يحسن من قدرتك على تحمل الإحباط وتصفية ذهنك. قد يظهر لديك بعد الجري الطويل أو التمرين الشاق منظور أوضح وأكثر اتساعًا للمشكلة التي تؤرقك.
- إدارة أفكارك
الأفكار الغاضبة تزيد من حدة التوتر وتزيد من أسباب الغضب لديك. التفكير في أشياء مثل "لا يمكنني تحمل ذلك"، "هذا الازدحام المروري سوف يدمر يومي"، سيزيد من إحباطك ويغذي غضبك. أنت بحاجة إلى إعادة صياغة أفكارك. فكر في الحقائق من منظور أخر مثل: "هناك ملايين السيارات على الطريق كل يوم وطبيعي وجود اختناقات مرورية".
يمكنك أيضًا ترديد جمل إيجابية لتهدئتك وهدم الأفكار التي تغذي غضبك مثل: "أنا بخير"، "ابق هادئًا".
- لا تبالغ في التفكير
التفكير في موقف مزعج يغذي مشاعر الغضب. على سبيل المثال، إذا كان يومك سيئًا في العمل، فإن إعادة التفكير في كل ما حدث بشكل خاطئ طوال المساء سيجعلك عالقًا في دائرة مفرغة من الإحباط والغضب. أحد أهم أسباب الغضب هي المبالغة في التفكير في المواقف السيئة التي تحدث لنا وعدم اجتيازها وتركها وراء ظهورنا.
قد تكون أفضل طريقة للتهدئة هي تغيير تركيزك إلى شيء آخر تمامًا وتشتيت انتباهك بنشاط ما. افعل شيئًا يتطلب تركيزك ويجعل تسلل الأفكار الغاضبة أو السلبية إليه أكثر صعوبة مثل تنظيف المطبخ أو إزالة الأعشاب الضارة من الحديقة أو دفع بعض الفواتير أو اللعب مع الأطفال. ابحث عن شيء يبقي عقلك مشغولاً بما يكفي بحيث لا تفكر في الأشياء التي تزعجك.
- الاسترخاء
هناك العديد من تمارين الاسترخاء المختلفة التي يمكنك ممارستها لتقليل الغضب مثل تمارين التنفس واسترخاء العضلات التدريجي وهما استراتيجيتان شائعتان لتقليل التوتر.
من المهم ملاحظة أن تمارين الاسترخاء تتطلب تدريبًا. في البداية، قد لا تشعر أنها فعالة، ولكن مع الممارسة، يمكن أن تصبح استراتيجياتك لإدارة الغضب.
- اكتشف مشاعرك
أحيانًا يكون من المفيد أن تأخذ لحظة وتفكر في المشاعر التي قد تكون كامنة داخل غضبك. غالبًا ما يعمل الغضب كقناع وقائي لمساعدتك على تجنب الشعور بمزيد من المشاعر المؤلمة، مثل الإحراج والحزن وخيبة الأمل.
فمثلاً قد تنفجر غضبًا عندما يعطيك شخص ما ملاحظات يصعب سماعها لأنك محرج. الاعتراف بالعواطف الكامنة يمكن أن يساعدك في الوصول إلى جذر المشكلة، وبالتالي يمكنك اتخاذ الإجراء المناسب. معرفة أسباب الغضب الحقيقية تساعدك على تجنب الكثير من المشكلات والتعرف على نفسك دون زيف أو كذب.
- استخدم مجموعة أدوات التهدئة "Calm Down"
قد تتسبب مشكلات العمل إلى توترك وإسقاط غضبك على عائلتك. قم بإنشاء مجموعة تهدئة يمكنك استخدامها للاسترخاء.فكر في الأشياء التي تساعد على إشراك جميع حواسك. عندما تستطيع أن تنظر، تسمع، ترى، تشم، وتلمس الأشياء المهدئة، يمكنك تغيير حالتك العاطفية. لذلك قد تتضمن مجموعة أدوات التهدئة غسول اليدين المعطر، وصورة لمنظر طبيعي هادئ، وبعض قطع الحلوى المفضلة لديك. قم باختيار الأشياء التي تعرف أنها ستساعدك على الحفاظ على هدوئك.
الحصول على مساعدة
إذا تسبب الغضب في حدوث مشكلات في حياتك وباءت جميع محاولاتك لترويض غضبك بمفردك بالفشل، فأنت بحاجة إلى طلب المساعدة المتخصصة لأن الغضب قد يكون عارضا لصدمات أو اضطرابات نفسية أكبر.
فمثلاً هناك علاقة بين اضطراب ما بعد الصدمة بالنوبات العدوانية. كما يمكن أن تسبب الاضطرابات الاكتئابية تهيجًا وتزيد من صعوبة إدارة الغضب. من المهم الكشف عن أي مشكلات تتعلق بالصحة العقلية كي يمكنك إدارة الغضب.
ابدأ بالتحدث مع طبيبك عن حالتك المزاجية وسلوكك. سيتأكد طبيبك من عدم وجود أي مشاكل صحية جسدية تساهم في المشكلة.
قد يحيلك طبيبك إلى أخصائي الصحة العقلية لمزيد من التقييم. اعتمادًا على أهدافك واحتياجاتك العلاجية، قد يتضمن العلاج جلسات فردية بالإضافة إلى جلسات إدارة الغضب.
في حين أن السلوك العدواني قد يلبي احتياجاتك على المدى القصير، إلا أن هناك عواقب طويلة المدى. فقد تتسبب كلماتك في ضرر دائم للعلاقة أو حتى إلى زوالها.
إذا كنت تستخدم غضبك كأداة، فقد تستفيد من تعلم استراتيجيات أكثر صحة، مثل طلب المساعدة أو التحدث بطريقة حازمة، ولكن ليست عدوانية. تحدث إلى طبيبك حول مشكلات إدارة الغضب إذا كنت بحاجة إلى مزيد من المساعدة.
المصدر: