جائحة كورونا تبرز "السينمات الإلكترونية".. وتهدد دور العرض التقليدية
مع تفشي جائحة فيروس كورونا، بات البحث عن منصات الأفلام الإلكترونية حيث يمكنك أن تنقل السينما إلى منزلك وتجلس على الأريكة مستمتعا بأحدث الأفلام، تأكل طعامك وتفعل ما تريد في المنزل أثناء المشاهدة وتأخذ الاستراحة في الوقت الذي تشاء، سيناريو محبذ لكل الراغبين في الاتصال بواقع السينما حول العالم، وفي نفس الوقت يريدون اتخاذ التدابير الاحترازية المتعلقة بالفيروس.
هذه الرغبة في الهروب جعلت تلك الصناعة بشكل عام (صناعة السينما) من بين الأكثر تضرراً في كل الصناعات، فقد تم الإغلاق الكلي في كبرى البلاد (أمريكا والهند وغيرهما) وخسرت الصناعة مليارات الدولارات دون أي علامة على التعافي في القريب المنظور، حتى مع بدء حملات التلقيح حول العالم يبرز الأمل ولكن لا يزال الطريق طويلا للتعافي الكلي.
هذا انعكس إيجابا على خدمات البث الإلكتروني للأفلام، وزاد من مداخيل منصات العرض الرقمي، عمالقة الإنتاج باتوا يخطبون ود تلك المنصات لإيصال الأفلام إلى المشاهدين في أي مكان كانوا في ظل الجائحة.
لعقود طويلة، ظلت دور العرض التقليدية منصات الحكم الكامل على النجاح المادي لهذه الصناعة، حتى أتت الجائحة، فاضطرت السينمات لإغلاق لم يقل في أي بلد حول العالم عن 90 يوما (3 أشهر) وفي بلدان بعينها أغلقت كليا ما أثر بشكل واضح على مداخيل الصناعة.
أتت المنصات الرقمية كطوق نجاة للمستخدمين والمنتجين، المنصات مثل "نتفليكس" و"أمازون برايم" و"هولو" و"إتش بي أو ماكس" و"بيكوك" و"آبل تي في" وغيرها حظيت بمكاسب استثنائية في هذا الوضع، الجائحة جعلتهم يتفوقون على الدور الكلاسيكية، وبات الحديث بشكل أكبر عن مدى جدوى العودة إلى الشكل الكلاسيكي للعرض السينمائي فيما بعد، عقب التسهيلات التي وفرتها هذه المنصات.
"نتفليكس" أضافت 10.1 مليون مشترك في الربع الثاني فقط من 2020، تلك كانت بداية التداعيات الكبيرة للجائحة، هذا الرقم زاد بشكل واضح في نهاية العام، وصل إلى 200 مليون مشترك في المنصة!.
نأخذ مثالا واضحا، الفنان الأمريكي العملاق توم هانكس طرح فيلمه السينمائي "جريهاوند" على "آبل تي في+".. الفيلم وصلت تكلفة إنتاجه إلى 50 مليون دولار أمريكي، وحينما تم طرحه تخطى المنتجون دور العرض التقليدية وطُرح مباشرة على "آبل تي في +" وبنهاية الأسبوع الفاتح للعرض، كان الفيلم جنبا إلى جنب مع الأفلام المتفوقة في دور العرض، وذلك قبل أن يتم تكثيف التدابير فيما يتعلق بدور العرض.
هذا دفع شركات عملاقة في الإنتاج السينمائي مثل "ديزني" إلى تقرير إطلاق منصة "ديزني +" لعرض أعمالها إلكترونيا، وينتظر أن تنطلق في 2024 وأن يتم إنفاق 14-16 مليار دولار سنويا على أعمالها.
"ذا وارنر براذرز" أعلنوا أيضا أن كل أفلامهم في 2021 سوف تطلق بالتوازي في دور العرض بالولايات المتحدة الأمريكية وكذلك عبر منصة "وارنرز إتش بي أو ماكس".. أبرز الأفلام التي يطلقونها هذا العام هي "ماتريكس 4" و"ديون" و"ذا سيوسايد سكواد".
هذه المنصات تتسم بأن المستخدم يستطيع الوصول إليها في أي بقعة بالعالم، لا يشترط الأمر سوى امتلاك إنترنت جيد، وأنظمة "في بي إن" متاحة لتخطي المعوقات المختلفة.
هل هذا يعني أن نجاح هذه المنصات يعني انتهاء السينما ودور العرض الكلاسيكية؟
لا يمكن قول هذا بشكل قاطع، فالعديد من الأشخاص لا يؤمنون أن هذه المعطيات قد تنهي هذه الصناعة برمتها، أما أكاديميا فهناك إشارات إلى أن هذه المعطيات ستؤثر حتما في المشهد، وهذا ما أثبتته تداعيات تفشي فيروس كورونا.
هناك اتجاه يذهب إلى أن هذا التداخل لن يحدث تأثيرا سيئا بين المنصات الرقمية ودور السينما التقليدية، الفكرة في التركيز على الجمهور المستهدف بالدور التقليدية، والجمهور المستهدف بالمنصات الرقمية، هذا هو العامل الفاصل في الدمج بين الصناعتين.
فالمنصات الجديدة لعبت على عامل حاسم وهو استهداف جمهور جديد قد لا يكون من بين المفضلين أصلا للذهاب إلى دور العرض التقليدية بشكل اعتيادي، أضاف قاعدة عملاء جديدة إلى السوق، وهذا لم يفد فقط صناعة المنصات الرقمية، وإنما بالتأكيد أضاف زخما لحب السينما بشكل عام قد ينعكس إيجابا فيما بعد على جمهور السينما التقليدية.