العربية للعود إمبراطورية عريقة بشذى سعودي
تمكنت العربية للعود على مدار أربعة عقود من نقش اسمها كواحدة من أهم العلامات التجارية العالمية في إنتاج أجود العطور الأصلية، التي فاح عبيرها في مختلف أنحاء العالم. وأبدع الشيخ عبد العزيز الجاسر في تركيب الروائح الجذابة النابعة من شغفه الأصيل بالعود ليكتب قصة نجاح شركة لمعت في سماء الخليج العربي والعالم.
بدايات العربية للعود
في أحد الأزقة القديمة لسوق الزل الصاخب في الرياض، افتُتح بوتيك صغير للعطور في عام 1982، ليحتفظ ويعرض أفضل مكونات العود والبخور والزيوت العطرية والعنبر، حيث قام الشيخ عبد العزيز الجاسر بمزج أفضل أنواع الزيوت والروائح في العالم بكل تفانٍ لينتج مجموعة ساحرة من أجود الخلطات التي أصبحت مرادفًا للضيافة الفاخرة في شبه الجزيرة العربية.
سعى الشيخ عبد العزيز إلى تطوير عمله من خلال خبرته التي اكتسبها على مرّ السنين ودراساته لأنواع العطور ليبتكر كل ما هو جديد من خلطات العود للرجال والنساء. وانتشرت فروع المحل الصغير في جميع أرجاء المملكة السعودية خلال فترة قصيرة من الزمن، وتخطت حدودها إلى الخليج العربي.
تمتلك الشركة مصانع ومكاتب في أكثر من 25 دولة، حيث تنتقي العود من مصادره الأصلية ثم ترسله إلى مصانعها في تايلاند لتصنيع أجود أنواع دهن العود وتضعه في زجاجات ذات تصاميم شرقية أنيقة لتحافظ على سمة وتميّز هذه العطور. وفي عام 2008، حققت العربية للعود نموًّا بنسبة 40% على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية، ووصلت حصتها من السوق السعودي لأول مرة إلى 14% مما مهد الطريق أمامها للانتشار إلى العالمية.
كان غلاء العقارات في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أوروبا من أهم الأسباب التي حالت دون تحقيق حلم الوصول إلى الغرب، ولكن مع إصرار العائلة على نشر عبير الأصالة العربية في العالم نجحوا أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، وبعد انهيار أسعار سوق العقارات من افتتاح فرعهم الأول في أوكسفورد، الذي يُعدّ أشهر وأرقى شوارع لندن ليكون المركز الإقليمي لعديد من الفروع الأخرى التي افتتحت لاحقًا في المملكة البريطانية، وتربع لاحقًا فرع الشركة الفرنسي في قلب شارع الشانزلزيه الباريسي ليكون أيضًا مركزًا إقليميًا لبقية الفروع.
جذبت عطور الشركة بفروعها الخارجية المواطنين العرب وغير العرب، ولفتت انتباه مؤسسات وشركات عالمية رائدة وعريقة في صناعة العطور ومن بينها هيئة العطور البريطانية التي صنفت عطري "كشحة" و"روعة" ضمن أفضل العطور العالمية لأول شركة ذات أصول غير أوروبية أو أمريكية.
وبهدف زيادة الإنتاج، أسست شركة العربية للعود مصنعًا في الرياض على مساحة 3300 متر مربع، تميز بأفضل خطوط الإنتاج العالمية التي تنتج ما يزيد على 6 ملايين عبوة عطر سنويًا، ولا يقتصر إنتاجه على عبوات العطر التقليدية وإنما على الكريمات والشامبو وروائح اللوشن.
مؤسس العربية للعود
ارتبط اسم العود الأصيل بالشيخ عبد العزيز مؤسس شركة العربية للعود التي تألقت في سماء العالم كواحدة من أهم شركات العطور التي انطلقت من المملكة العربية السعودية، وتمكنت من منافسة أرقى الشركات العالمية، وهذا ما لم يفكر به عبد العزيز في البداية فقد كان يرسم طريقه في عالم الاقتصاد.
ولد عبد العزيز الجاسر في الرياض عام 1960 ودرس في مدارسها، حتى أنهى دراسته الجامعية وتابع تخصصه في الاقتصاد، كان مهتمًا جدًا بتحصيله الأكاديمي ولكنه امتلك شغفًا باقتناء العود والبحث عن أجود أنواعه، وكانت عائلته ومعارفه يستعينون به لاختيار العود معهم.
بدأ الشيخ عبد العزيز من الصفر حيث عمل في المرحلة الثانوية على انتقاء العطور بشكل محدود لأصدقائه وأهله إلى أن تمكن من افتتاح متجره الصغير، الذي لا تتجاوز مساحته 2 متر وتوسع نطاق عمله في مدينة الرياض.
لم يكرس عبد العزيز آنذاك كل وقته للتجارة حيث كان يعمل كمدرس في إحدى مدارس الرياض، إلا أن خبرته وجودة الخلطات التي كان يقدمها جعلت منه مقصدًا للكثيرين.
ازدهرت تجارته مما دفعه إلى ترك عمله في التدريس والتفرغ بشكل كامل للعمل بمجال العطور، وتمكن من خلال حنكته وخبرته وصبره من الوصول إلى النجاح، الذي لم يكن طريقه سهلًا، فقد كان يسعى دائمًا للبحث عن كل ما هو جديد في عالم العطور. وثابر على تطوير نفسه وخبرته، وكان لا يرى في الخسارة نهاية التجارة والتوقف عن العمل إنما خطوة على طريق النجاح.
العربية للعود اليوم
يستخدم عملاء أكثر من 36 دولة حول العالم عطورا فاخرة من إنتاج العربية للعود التي أصبحت اليوم إمبراطورية عريقة بشذى سعودي تضم أكثر من 900 متجر، في 35 دولة و150 مدينة، وتبيع أكثر من ألفي نوع من العطور الفاخرة.
حصلت العربية للعود على 25 جائزة أوسكار خاصة بالعطور منها خمس جوائز ضمن فعاليات أوسكار العطور 2013، وحققت المركز الأول من ناحية المبيعات في الشرق الأوسط وأفريقيا لأكثر من مرة وحصدت المركز 11 عالميًا، وكل ذلك بفضل فريق عمل مبدع من 3700 شخص.
نفذت العربية للعود استراتيجية طموحة تهدف إلى زيادة رضا العملاء وولائهم من خلال تطوير منتجات عالية الجودة، والتي بدورها تسعى أيضًا إلى تلبية الطلب العالمي المتزايد على العطور الشرقية. ولتحقيق ذلك، قامت الشركة باستثمارات كبيرة عبر أربع مناطق غابات كبيرة في منطقة شرق آسيا في عام 2009، حيث يقوم صائدو العود باختيار أفضل أنواع الخشب وحصاده لضمان أجود المواد الخام التي تدخل في صناعة زجاجات من العطور تحمل في شذها فلسفة خاصة من سحر الشرق وإبداع الغرب.
تعكس العطور ثقافة الشخص التي نشأ منها وتعبر عن شخصيته، لذلك تحرص العربية للعود على ابتكار أنواع خاصة بالنساء تعكس الروح الفريدة والاستثنائية لكل امرأة، في حين تتميز عطور الرجال بروائح مختلفة قادرة على التعبير عن شخصياتهم وعاداتهم واهتماماتهم.