صفة صلاة العيد ووقتها وما ينبغي للمسلم فعله في هذا اليوم
أيام معدودة تفصلنا عن يوم العيد، هذا اليوم العظيم الذي ينتظره المسلمون ويجتمعون به وسط أجواء من البهجة والسرور والاحتفال. ويتزين الرجال عند ذهابهم إلى صلاة العيد، وسنجد أن لكل عيد فضلاً وسبباً كبيراً في مشروعيته.
وعلى الرغم من أننا في ظل جائحة كورونا، حيث أصبحت الاجتماعات محدودة وضيقة، فإن المسلمين يحاولون إظهار فرحتهم بمناسبة العيد، مع الحرص على اتباع الإجراءات الاحترازية.
وعلى غرار هذا اليوم العظيم الذي يبدأ بصلاة العيد، سنذكر في هذه المقالة تفصيليا صفة صلاة العيد وعدد تكبيراتها وحكمها في الإسلام.
ونحن نوصي الآباء بتعليم صغارهم كيفية صلاة العيد قبل الذهاب إلى المصلى، ذلك لأن الأطفال يسعدون بارتداء الملابس الجديدة والذهاب لتأدية صلاة العيد مع والديهم.
حكم صلاة العيد ووقتها
حكم صلاة العيد: صلاة العيد هي صلاةٌ مشروعة، وثبتتْ مشروعيتها بما ورد في كتاب الله وسُنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمّة. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: "صلاة العيدين فرض كفاية؛ إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
وقت صلاة العيد: تؤدّى الصلاة في صباح العيد بعد شروق الشمس بثلث ساعة تقريباً، وعلى غرار هذا سنتعرف على صفة صلاة العيد في الفقرة التالية.
صفة صلاة العيد
اتّفقت المذاهب الفقهية عموماً على صفة صلاة العيد، وتعدّدتْ آراء أصحاب المذاهب في بعض تفصيلات كيفية صلاة العيد.
وفي السطور التالية تتعرف على كيفية أداء صلاة العيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى.
- ينوي المُصلّي صلاة العيد ركعتَين، وتُؤدّى الركعتَين جهراً، يبدأ المسلم فيهما بتكبيرة الإحرام، ثمّ يكبّر سبع تكبيراتٍ أُخرَياتٍ، ويرفع يديه في كلّ تكبيرةٍ حَذو منكبيه، ويضع اليُمنى على اليسرى بين كلّ تكبيرتَين، ويذكر الله بينهما.
- وتكون تلك التكبيرات قبل التعوُّذ والقراءة، ويُكرَه ترك تلك التكبيرات، أو الزيادة عليها، أو النقصان منها، وإن شرع في التعوُّذ قبل التكبيرات، فإنّه يأتي بها جميعاً، ويتداركها.
- وإن شرع الإمام في قراءة الفاتحة دون أن يُكمل المأموم تكبيراته، فإنّه لا يأتي بها؛ بسبب فوات مَحلّها؛ فالمأموم مُطالبٌ باتّباع إمامه في الصلاة؛ فإن ترك الإمام التكبيرات، أو أنقص منها، فإنّ المأموم يتّبعه في ذلك، ويُكبّر المُصلّي خمس تكبيراتٍ في الركعة الثانية، على الهيئة التي أتى بها في الركعة الأولى.
- يُسَنّ للإمام أن يقرأ سورة "ق" في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وفي الثانية سورة "القمر"، أو يقرأ في الأولى سورة "الأعلى" بعد الفاتحة، وفي الثانية سورة "الغاشية"، ويخطب الإمام بالناس بعد أداء الصلاة، ويذكّرهم بالعيد وأحكامه.
- ويختلف الأحناف في عدد تكبيرات صلاة العيد، فيكون التكبير ثلاث مرات والفَصْل بينها بسكتةٍ قصيرةٍ بمقدار قول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر"، أما في الركعة الثانية تؤدى ثلاث تكبيرات قبل الركوع.
- أما المالكيّة فيرون في صفة صلاة العيد أن تُؤدّى ركعتين، يُكبَّر في الركعة الأولى بسبع تكبيراتٍ مع تكبيرة الإحرام قبل القراءة، وفي الركعة الثانية بخمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام، ولا يُشرَع رفع اليدين عند التكبير إلّا في تكبيرة الإحرام، ولا يُفصَل بين التكبيرات.
وقت خطبة صلاة العيد
من أحكام صلاة العيد أن الخطبة تقال بعد تأدية الصلاة، لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. رواه البخاري 958 ومسلم 885
ومما يدلّ على أن الخطبة بعد الصلاة حديث أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ -وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ- فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ!!
فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ.
فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لا أَعْلَمُ.
فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاةِ " رواه البخاري 956.
شروط صحّة صلاة العيد
يشترط في صلاة العيد بعض الشروط، وهي: الطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة، ووجود الإمام، والبلد، والجماعة، والوقت.
مظاهر يوم العيد
تُسَنّ في صلاة العيد ما يُسنّ في غيرها من الصلوات، من الأقوال والأفعال، بالإضافة إلى سُنيّة عدّة أمورٍ ومظاهر أخرى مفضلة في هذا اليوم، نذكر أمثلة عليها فيما يأتي:
• الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة: يستحب للرجل الاغتسال قبل الذهاب إلى الصلاة، والتطيُّب، وتخيُّر أحسن الثياب.
• الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى: من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات، وذلك لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا.
- وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام و ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح.
- وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية، فإن لم يكن له من أضحية فلا حرج أن يأكل قبل الصلاة.
• التكبير يوم العيد: من السنن العظيمة في يوم العيد التكبير لقوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد، وأما في عيد الأضحى فالتكبير يبدأ من أول يوم من ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.
• تبادل عبارات التهنئة بالعيد: من آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس والأهل والأصدقاء فيما بينهم من عبارات التهنئة المباحة وعن جبير بن نفير، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض، تُقُبِّل منا ومنك.
• التجمل للعيدين: في يوم العيد يتزين المسلمون ويلبسون أجمل الثياب تيمناً بخير الأنام، عن جابر رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة.
• الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر: يستحب يوم العيد الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من طريق آخر، وقيل الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ، وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين، وقيل لإظهار ذكر الله.
• توزيع العيديات: توزيع العيدة على الأطفال يزيد بهجتهم وتعلقهم وفرحتهم بهذا اليوم، يمكن تعلم طريقة توزيع العيدية في زمن الكورونا بشكل آمن.
ختاما، إن واجبنا كآباء أو إخوة، أن نعلم صغارنا صفة صلاة العيد، وأن نسعى في اصطحابهم معنا عند تأدية تلك العبادات، لأننا قدوتهم في البيت، وبالتالي سيسهل علينا تعليمهم صفة صلاة العيد وتربيتهم عن طريق الأفعال وليس فقط الأقوال، وإننا ندعو الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.