كيف تقود شركتك إلى العمل عن بعد بفاعلية؟
في الأيام القليلة الماضية، أعلنت شركة فيسبوك أنّه يحق للموظفين الاستمرار في العمل عن بعد، حتى بعد الانتهاء من جائحة كورونا. لم يكن هذا موقف فيسبوك فقط، لكن أيضًا أصبح هذا جزءا من تفكير العديد من الشركات، مثل مايكروسوفت وجوجل.
لكن في الوقت ذاته، تدرك جميع هذه الشركات أنّ هناك العديد من التحديات في العمل عن بعد التي لا بد من التعامل معها، لتحقيق الإنتاجية المطلوبة.
كيف يعمل نظام العمل عن بعد؟
يمكن تعريف نظام العمل عن بعد ببساطة على أنّه النظام الذي يتيح للأفراد العمل بعيدًا عن مقر الشركة. في هذه الحالة يمكنهم العمل من المنزل، أو أي مكان آخر يفضلونه. كأي نظام للتوظيف، فهناك العديد من المميزات ونقاط الضعف التي يجب إدارتها، وإلّا سيفقد النظام قيمته.
إيجابيات العمل عن بعد
يحقق العمل عن بعد العديد من الإيجابيات، سواءً بالنسبة للشركة أو للموظفين، وهو ما يمكن للشركة الاستفادة منه أيضًا في العديد من النقاط. من أهم مميزات العمل عن بعد:
- إمكانية تطبيقه مع أي نظام عمل آخر: من السهل إحداث تكامل بين نظام العمل عن بعد مع بقية الأنظمة. مثلًا سواءً كان الموظف يعمل بدوام كلّي أو دوام جزئي أو حتى بنظام العمل المرن، فيمكن له تنفيذ مهامه من خلال تواجده بالمنزل، فقط يحرص على التواجد في عدد الساعات المحددة له، وفقًا للاتفاق مع الشركة. بالتالي يمكنك الاستفادة من نظام العمل عن بعد مع أنظمة العمل الأخرى التي تستخدمها.
- إدارة التكلفة: أصبح نظام العمل عن بعد يطرح نفسه كاختيار مهم جدًا من ناحية التكلفة. إذ في هذه الحالة لا تضطر الشركات إلى إنشاء مقر كبير، بل يمكنها الحصول على مقر إداري صغير، أو حتى العمل بشكل كامل افتراضيًا. بالتالي توفير الأموال التي تدفع في تجهيز المقر، أو النفقات الخاصة بإدارته بعد ذلك.
- تحسّن حياة الموظفين: يقضي الموظفون وقتًا طويلًا في العمل، بعيدًا عن أسرهم وحياتهم الشخصية. كذلك يضيع جزء من الوقت في المواصلات من أجل الوصول إلى المقر. في حالة العمل عن بعد، تختفي كل هذه المشكلات، إذ يتواجد الشخص مع عائلته، ويقل الضغط الذي يشعر به نتيجة وجوده بعيدًا عنهم، أو حتى نتيجة المشكلات في المواصلات وغيرها. بالتالي تحسّن حياته يجعله يعطي إضافة أكبر للعمل.
سلبيات العمل عن بعد
بالطبع يجب عدم النظر إلى الأمر من ناحية المميزات فقط، بل ربما تكون سلبيات العمل عن بعد ذات تأثير أكبر من المميزات، إذا لم يتم الانتباه إليها ولأثرها الحقيقي على الأشخاص. من أهم سلبيات العمل عن بعد:
- شعور الموظفين بالوحدة: يقضي الموظف وقته بعيدًا عن بقية زملائه في العمل، وهو ما يترتب عليه شعوره بالوحدة والانعزال عنهم. يؤثر هذا الأمر على التركيز، وتظهر آثاره بعد فترة من الوقت، إذ ربما يجد الموظف من داخله مشكلة في تقبل الوضع الحالي، وأثره على إنتاجيته.
- صعوبة التواصل: بالطبع هناك قدر من التواصل بين أعضاء الفريق، لكنّه ليس بذات الجودة التي يحصل عليها الأفراد عند تواجدهم معًا في مكانٍ واحد. أمّا التواصل الافتراضي فهو ليس خيارًا معتادًا بالنسبة لهم، وقد يجدون بعض الصعوبات في النقاش حول العمل، وهو ما قد يؤثر على الإنتاجية.
- صعوبة تنظيم المهام: من أكبر تحديات العمل عن بعد هي صعوبة تنظيم المهام، إذ نتيجة لعدم اعتياد الأشخاص على ذلك، فيجدون الأمر مرهقًا بالنسبة لهم، وقد يكتشفون أنّهم يقضون يومهم كاملًا في العمل، لكن رغم ذلك تظل إنتاجيتهم ضعيفة. وبعد فترة من الوقت قد يتولد لديهم شعور بعدم الرغبة في العمل.
كيف يمكنك تطبيق نظام العمل عن بعد في شركتك؟
ترتبط جميع هذه السلبيات بالموظفين، وقد تصل إليك أنت أيضًا إذا لم تكن معتادًا على تجربة العمل عن بعد، فتجد صعوبة في التواصل أو تنظيم المهام أو غيره. لذا، يجب التفكير جيدًا في الطريقة المناسبة لتطبيق نظام العمل عن بعد، بشكل يجعلك تستفيد من المميزات، وتقدر على التحكم في السلبيات. يمكنك تطبيق نظام العمل عن بعد من خلال الخطوات التالية:
1- تحليل وضع الشركة جيدًا
يجب عدم الاندفاع نحو تطبيق العمل عن بعد، دون دراسة متأنية للوضع الحالي، وما هي احتياجات الشركة بالنسبة للوظائف المختلفة. لا ينطبق هذا على وضع اضطراري مثل الجائحة فقط، لكن في حالة رغبتك في الاعتماد على النظام بشكل دائم.
من المهم تحليل الشركة ومهامها، والوصول إلى التصور المناسب من أجل تنفيذ جميع هذه المهام عن بعد، وما هي الطريقة التي ستسهل على الطرفين تنفيذ وإدارة المهام، بالتالي يمكنك ضمان النتائج. من خلال هذا التحليل، يمكنك وضع قائمة بأهدافك التي ترغب في تحقيقها على المدى البعيد.
2- تحديد البرمجيات المناسبة
مع تطور احتياج العالم إلى العمل عن بعد، كان لا بد من وجود برمجيات تساهم في تحقيق ذلك بفاعلية. الأمر الذي وجده البعض مناسبًا لهم لبدء مشروعاتهم الخاصة، وبالتالي أصبح هناك العديد من البرمجيات التي يمكن استخدامها، مثل زووم أو سلاك أو ميكروسوفت تيمز أو جوجل درايف أو تريللو.
يجب اختيار البرمجيات التي تجدها مناسبة للتواصل، وتجعلك قادرًا على تحقيق أفضل تواصل وتنفيذ للمهام مع فريقك. يمكنك إجراء تكامل بين هذه البرمجيات، فيكون بإمكانك استخدام أكثر من أداة لتنظيم العمل، حتى تضمن الوصول إلى أفضل إنتاجية.
3- الحديث مع الموظفين
كما ذكرنا فأغلب المشكلات ترتبط مع الموظفين في المقام الأول. لذا، يجب عليك إجراء اجتماع مع الموظفين، والنقاش حول التوقعات التي ترغب في الوصول إليها منهم. يمكنك مشاركة وجهة نظرك بشأن المخاوف المحتملة، والاستماع إلى مقترحات من أجل كيفية حل هذه المشكلات المتوقعة في أثناء العمل عن بعد.
أيضًا يجب مشاركة البرمجيات التي ستستخدمها معهم، والتأكد من فهمهم الكامل لها، بالتالي تضمن في النهاية قدرة كل شخص على التعامل معها، فلا تضطر إلى تضييع الوقت لاحقًا في محاولة لحل المشكلات البرمجية أو غيره.
4- جدولة العمل والاجتماعات
من أهم الأشياء التي يجب الاتفاق عليها هي جدول العمل. لا تحاول فرض رقابة صارمة على الموظفين، لكن امنحهم الحرية في تنفيذ المهام، مع الاتفاق على بعض المبادئ المهمة مثل: النتائج المتوقعة في نهاية كل يوم، مواعيد الاجتماعات سواءً اجتماعات الشركة ككل، أو اجتماعات الأقسام بمفردها.
احرص على استخدام الفيديو قدر الإمكان أثناء العمل عن بعد، حتى مع الاعتراضات التي ستلاقيها من الموظفين، لكن هذا الأمر مهم فيما يتعلق بمسألة التواصل، وشعورهم بأنّهم مرتبطون معًا. شاركهم بهذا الأمر حتى يكون لديهم الإدراك الكامل للأمر وأهميته وأثره المتوقع.
5- تأسيس ثقافة الشركة في العمل عن بعد
إذا كنت تستخدم نظام العمل عن بعد بشكل دائم، فأنت بحاجة إلى تأسيس ثقافة الشركة في العمل عن بعد، والتحدث حول المبادئ التي تتوقعها من العاملين في هذه الأثناء، وأيضًا الأشياء التي ترغب في شعورهم بها بالعمل. مثلًا إرسال المكافآت إليهم في المناسبات، تخصيص وقت للترفيه والنقاشات الشخصية، سواءً كجزء مستقل، أو كجزء من الاجتماع، مع عدم فرض الحضور على الجميع بالطبع.
من المهم الاتفاق أيضًا قدر الإمكان على وجود لقاء دوري وجهًا لوجه مع الموظفين. مع تحديد أهداف معينة لهذا الاجتماع، ما بين الاحتفال بإنجازات سابقة أو تقديم التقارير أو تجديد الروح أو مناقشة المستقبل. سيساعد هذا الاجتماع في زيادة شعور الأشخاص بالانتماء للشركة، وأنّ اعتمادها على العمل عن بعد لا يلغي ثقافة الشركة.
6- تقييم النتائج
من المهم المتابعة في أثناء تنفيذ نظام العمل عن بعد، وفي حالة وجود أي مشكلة احرص على تقديم الحل لها، حتى لا تتفاقم ويصبح أثرها أسوأ. خصّص جزءًا من وقتك للاجتماع مع مديري الأقسام والموظفين، لمناقشة المشكلات والمقترحات، وحاول جعل جزء من هذه الاجتماعات يحدث واحد لواحد، بينك وبين أحد المديرين أو أحد الأقسام، لجعل الشخص أكثر راحة في المشاركة، مثلما تفعل في أرض الواقع.
أيضًا من المهم بعد مرور فترة على تطبيق نظام العمل عن بعد، تقييم الأداء ككل، بالاعتماد على الملاحظة وجمع التقارير، والاستبيانات التي يمكنك من خلال قياس رضا الأفراد وآرائهم في العمل. سيساعدك ذلك في تقييم صورة واضحة للأمر، وإذا هناك أي إجراء يمكن تحسينه.
من خلال هذه الخطوات، سيصبح بإمكانك قيادة شركتك إلى العمل عن بعد بفاعلية، والاستفادة من المميزات التي يتيحها لك هذا النظام، والتحكم في السلبيات بالتعامل معها بالشكل الصحيح، لتحصل على أداء أفضل من الموظفين، وكذلك شعورهم بالرضا عن العمل.
المصادر: