الدراسة وأساليب التعليم تخطو لمفهوم جديد مع إمكانيات الذكاء الاصطناعي
لقد فُتحت أبواب جديدة من أساليب التعليم للتكيُّف مع الظروف المحيطة الناتجة عن انتشار وباء كورونا، خطورة الانتشار دفعت بنا إلى المكوث في بيوتنا لفترة طويلة لا يمكننا تجميدها من عمرنا المستمر بمضيه فماذا عن الأطفال والمراهقين هل من المعقول توقف حياتهم التعليمية بسبب الظروف الحالية؟
لحمايتهم من هذه الحالات وأضرار التأخير، استقبلت وسائل التعليم أساسات جديدة مبنية على التقنيات الافتراضية لعالم الإنترنت، فهو بكل الأحوال موجود داخل كل منزل من المنازل حول العالم فلما لا ندخله في طريقة التعليم خصوصًا في هذه الأوقات؟
يحدث هذا بالفعل منذ بضعة أشهر على انتشار الوباء وبالأخص لمراحل التعليم الأولى والثانوية، بحيث يعقد الأستاذ جلسة تعليمية مع طلابه عبر اجتماعات زووم مثلاً أو بطرق أخرى عديدة قد لا تختلف أحيانًا عن الطريقة التي تجتمع بها مع أصدقائك في مكالمات الفيديو الجماعية.
لكن الانتقال كان سريعًا نظرًا للضرورات المتصاعدة مما خلق حالة من النقص والفراغ في نقل فعالية التعليم بكامل أهميتها إلى الطلاب بصورة مماثلة أو أقرب ما يمكن للتعليم التقليدي المباشر.
ومن منطلق النقص هذا نحتاج إلى ما يُملئ الفراغ ويعالج هشاشة الجسر الواصل بين المستقبل للتعليم ومعطيه، وربما لا حاجة للبحث أساسًا بوجود الحل الأمثل بين أيدينا… الذكاء الاصطناعي.
مثال على الإدخال الجديد للذكاء الاصطناعي في التعليم
وقعت بالفعل حادثة مسلية للقراءة بظرافتها لكنها الأهم من ذلك تسلط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي في نقل أنظمة التعليم إلى المفهوم الرقمي الجديد بالشكل الصحيح وتؤكد مرة أخرى مدى مرونة هذه التقنيات الذكية والمساحة الواسعة التي يمكن توظيف إمكانياتها فيها.
كم جمعت شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة خلال 6 أشهر؟
في إحدى المدارس الافتراضية التي تأقلمت بسرعة على آلية التعليم الرقمية الجديدة، تواصل الطلاب مع مساعد أستاذ باسم Jill Watson والتي أخبرتهم بمواعيد تسليم الوظائف وما هو مطلوب من كل طالب بالنسبة لدروس الذكاء الاصطناعي من أستاذهم Ashok Goel ، وكانت Jill قليلة الكلام لكن دائمًا ما تقدم معلومات هامة للطلاب ولكن المفاجأة أنها لم تكن سيدة مدرسة بل وليست من البشر حتى وإنما تقنية دردشة تلقائية مزودة بالذكاء الاصطناعي وتم تصميمها من قبل أستاذهم Goel ليخفف من المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق باقي الأساتذة المساعدين لمادته التعليمية.
هذه الحادثة وقعت في معهد جورجيا التقني ونجحت في اختصار الوقت والجهد بإيصال معلومات هامة إلى التلاميذ عبر التواصل معهم باستخدام رسائل محدودة الكلمات لكن تجيبهم بما يريدون معرفته عن الدروس، ومكّنت المدرسين في المعهد من اقتطاع شوط كبير من التعب والإرهاق والتركيز على المهام الأخرى.
الوجه الجديد للتعليم مع الذكاء الاصطناعي
يتفق بعض الخبراء بعد انتشار قصص كهذه على أهمية انخراط الذكاء الاصطناعي في أساليب التعليم الحديثة فليس من الضرورة أن تبقى بصورتها التقليدية الثابتة بل من الضروري أيضًا الاستمرار بتطويرها وتغييرها بما يتوافق مع الظروف المحيطة لخلق أفضل الأجواء المريحة لكل من المعلمين والطلاب.
ومن أكثر الاقتباسات المثيرة للاهتمام عن دور هذه التقنيات في أنظمة التعليم هو ما وصفها بعض الخبراء بقول "الذكاء الاصطناعي سوف يغير مفهوم التعليم وآلية تطبيقه".
حيث يستمر الذكاء الاصطناعي بالتداخل مع كافة أشكال حياتنا اليومية ومن المحتمل أننا في بعض الظروف والحالات قد لا ندرك أننا نتعامل بالأصل مع ذكاء افتراضي وليس بشريا كما صدف في قصتنا الصغيرة أعلاه، إلا أن التأثير الحقيقي الذي سيبدأ الذكاء الاصطناعي بإظهاره سوف يحدث بعد بضعة سنوات من الآن عندما يزداد الاعتماد عليه بعددٍ أكبر من المدارس ومراكز التعليم المختلفة وبنفس الوقت بصورة أوسع وأكبر.
ما قيل سابقًا عن تحول في المفاهيم سبق وحدث بالفعل في عالم الحوسبة وشبكة الإنترنت، والآن يدخل تدريجيًا في الهيكلية الدراسية لتغيير وتحويل كل المفاهيم المتعلقة بهوية هذه الهيكلية وكيف تعمل والهدف منها، جميع هذه الأسئلة سوف تستقبل إجابات غير مألوفة فعلينا الاعتياد تدريجيًا على استخدام الأستاذ الافتراضي أو الروبوت لتعليم التلاميذ بدلاً من الأستاذ التقليدي، وسوف تصبح الإجراءات الروتينية المتجسدة في تنظيم وظائف الطلاب وتقديم النصائح والمساعدات التعليمية جميعها بقيادة وإشراف أنظمة ذكية.
كيف سيتمكن الذكاء الاصطناعي من سد الثغرات التي نشأت بسبب التعليم الافتراضي؟
نستطيع الآن تخيل صورة أوضح لدور الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، فمن الواضح أنه لن يتوقف عند هذا الحد فحسب وإنما دخول التغييرات التدريجية سابقة الذكر سوف تؤدي إلى ولادة مناهج تعليمية جديدة بالكامل مما يعني تغييرا جذريا في دورات التعليم الدراسية إلا أنها خطوة كبيرة تحتاج إلى الوقت ومن الممكن اعتبارها المفهوم الجديد للتعليم في المستقبل القريب (أو البعيد إن طالت مدة الانتقال إلى الأنظمة الذكية).
ربما توحي هذه السطور إلى أن الذكاء الاصطناعي بات بين أيدينا بالفعل وعلينا تحضير أولادنا للتكيف مع طرق التعليم الرقمية، ولكن في الحقيقة انخراط هذه المفاهيم "الذكية" في مجال التعليم لا يزال في مراحله الأولى حتى الآن، فعندما تفكر في عنوان هذه المقالة "الدراسة وأساليب التعليم تخطو لمفهوم جديد" تذكر المغزى المستنتج منه في نهاية المطاف هو الخطو بالخطوة الأولى وليس الانغراس الكامل بين الأنظمة القديمة التقليدية والجديدة المتطورة.
حيث لا يزال عدد المدارس ومعاهد التعليم التي استخدمت مثل هذه الأنظمة قليل وأغلبه من أقسام تعليم التكنولوجيا والبرمجة، والحاجة الماسة إلى تحضير طلابنا لوجه جديد من التعليم تدفع نفسها بحجة قوية لأن المرحلة الانتقالية صعبة وحساسة وتحتاج إلى الكثير من الإجراءات، فعندما تتفق وزارات التعليم العالمية على إدخال وسائل ذكية في المناهج المستخدمة لديهم، سوف يكون ذلك بعد فترة ليست بقصيرة.
يبقى السؤال الهام محور النقاش، فيا ترى هل سيخسر المدرسون فرصة العمل إذا تم استبدالهم بروبوتات وأنظمة دردشة ذكية؟ قد تكون الإجابة أصعب من بضع كلمات ومن الأفضل تحميل عبئها على الخبراء المختصين لأن القضية بكاملها أخذت حيزا جيدا من تفكيرهم وفكرة المفهوم الحديث للتدريس مع تقنيات مستقبلية كهذه أثارت اهتمام مخيلتهم بالفعل، أما إن كنت مصرًا على سماع الإجابة الآن فهي اختصارًا ستكون "لا" على الأقل في الوقت الحالي والإمكانيات الحالية، فلا داعي للمدرس أن يقلق حيال وظيفته وحتى في المستقبل سوف يكون من الصعب التخلي عن العقول البشرية المخضرمة بالدراسة ببدائل ذكية لا تزال هشة وترتكب الأخطاء مثلما حدث في ظروف عديدة خلال السنوات الأخيرة، وإنما ما هو مؤكد هو دخول الحلول الذكية بشكل كبير تدريجيًّا في مفهوم التعليم.
رغم هذا، لطالما اعتقدنا أمور كهذه مرتبطة بالأفلام الخيالية والمستقبل البعيد للغاية ولذلك من المثير للاهتمام والتشويق رؤية هذا التسارع في إقحام الذكاء الاصطناعي بحياتنا اليومية في جميع جوانبها وربما سوف نحظى بالمزيد من التشويق عندما نراها تساعدنا بفعالية حقيقية في سنوات التعليم والدراسة.
المصدر : 1