تحررنا المغفرة والتسامح من المرارة والغضب والحزن لأن هذه الأحاسيس السلبية تسلب شعورنا بالرضا والراحة كما أنها تؤثر بالسلب على صحتنا الجسدية وتقف عائقًا بيننا وبين سعادتنا. لسنا نتحدث هنا عن مسامحة الآخرين فقط بل عن مسامحة أنفسنا أيضًا.
حتى لو كانت لدينا القدرة والقوة على تقديم التسامح للآخرين، ولكن مسامحة أنفسنا بلا شك هي الأصعب.
تساعدنا مسامحة أنفسنا على تخطي الماضي والمضي قدمًا، تمنحنا السلام والراحة النفسية ولكن يتطلب الأمر أولاً القدرة على فهم نفسك والرحمة بها والتعاطف معها وإعطاءها فرصة للخطأ فكل منا يرتكب أخطاء في بعض الأحيان ونحن غير كاملين.
إليك 12 نصيحة يمكنك تجربتها في المرة القادمة التي تريد فيها مسامحة نفسك.
12 خطوة لمسامحة نفسك
1. ركز على عواطفك
أولى خطوات تعلم كيفية مسامحة نفسك هي التركيز على مشاعرك. قبل أن تتمكن من المضي قدمًا، تحتاج إلى الاعتراف بمشاعرك واحترامها ومواجهتها ومعالجتها. امنح نفسك الإذن للتعرف على المشاعر وقبولها والترحيب بها.
2. الاعتراف بالخطأ بصوت عالٍ
إذا ارتكبت خطأ وتعاني من أجل التخلي عنه وتصحيحه، فاعترف بصوت عالٍ بما تعلمته من الخطأ.عندما تعطي صوتًا للأفكار الموجودة في رأسك والمشاعر التي في قلبك، فقد تحرر نفسك من بعض الأعباء. وفي بعض الأحيان، من المهم تدوين هذه المشاعر والأفكار على الورق كأنك تلقي من على كاهلك كل الثقل الذي تحمله فتشعر بخفة مما يساعدك على رؤية الأمور بوضوح وتدريب ذهنك على ما تعلمته من أفعالك وعواقبك.
3. الأخطاء تجربة تعليمية
إذا تبنى عقلك منطق التفكير في كل "خطأ" على أنه تجربة تعليمية فهذا مفتاح قوي للمضي قدمًا بشكل أسرع ومسامحة نفسك.
إن تذكير أنفسنا بأننا بذلنا قصارى جهدنا بالأدوات والمعرفة التي كانت لدينا في ذلك الوقت، سيساعدنا على مسامحة أنفسنا والرفق بها.
4. امنح نفسك الإذن بالشعور
إذا ارتكبت خطأ ولكنك واجهت صعوبة في إخراجه من عقلك وعدم التفكير فيه، فتقبل هذه الفكرة واترك نفسك تشعر بجميع المشاعر السلبية حيال هذا الخطأ كأنك تخلص روحك وعقلك وقلبك من كل أثر لهذا الخطأ وحينها ستكون لديك القدرة على البدء من جديد دون رواسب الماضي لأنك أعطيت لمشاعرك المساحة الكافية.
5. تحدث مع صوت الناقد داخلك
كما قلنا، يمكن أن يساعدك التدوين على فهم صوت الناقد داخلك الذي ينمي داخلك الإحساس المميت بالذنب. يمكنك كتابة "المحادثة" بينك وبين ناقدك الداخلي فهذا سيساعدك على تحديد أنماط التفكير التي تخرب قدرتك على مسامحة نفسك ومن ثم زيادة وعيك بكيفية مواجهته.
يمكنك أيضًا استخدام وقت لكتابة اليوميات وإعداد قائمة بالصفات التي تحبها في نفسك، بما في ذلك نقاط قوتك ومهاراتك. يمكن أن يساعد ذلك على تعزيز ثقتك بنفسك عندما تشعر بالإحباط من خطأ ارتكبته.
6. لاحظ مبالغتك في القسوة على نفسك
نحن أسوأ من يضر أنفسنا بالانتقاد وجلد الذات المستمر، أليس كذلك؟ إحدى النصائح المهمة للحد من هذه العملية المدمرة هو ملاحظة متى يأتي هذا الصوت القاسي الذي يظلمك ويضخم لك الأمور البسيطة حتى يكاد أن يبتلعك.
جلد الذات هو نوع من أنواع القسوة التي نمارسها ضد أنفسنا ولن يستطيع أحد مساعدتك في التخلص منها سوى نفسك. عندما يكون لديك الوعي والإدراك بنفسك، سوف يكون لديك القدرة على ملاحظة هذه المبالغة في القسوة على نفسك وحينها ستحاول وضع الأشياء في نصابها الصحيح.
7. تهدئة الرسائل السلبية
قد يكون من الصعب أحيانًا فرز الأفكار التي تعترض طريق المسامحة، فكثيرًا ما يختلط علينا المنطقي باللامنطقي والعقلي بالحسي والمعقول بالمبالغ فيه. إذا كنت تعاني من هذا اللبس وتجد صعوبة في تصنيف شعورك وأفكارك، نقترح عليك هذا التمرين:
- على أحد وجهي الورقة، اكتب ما يقوله ناقدك الداخلي (والذي يميل إلى النقد وجلد الذات والأفكار غير المنطقية المزعجة).
- على الجانب الآخر من الورقة، اكتب إجابة منطقية ورحيمة وعقلانية لكل شيء كتبته على الجانب الآخر من الورقة.
- قيمّ بين الاتهام والرد وحاول أن تكون موضوعيا قدر الإمكان. مواجهة النفس بالحقيقة ووضع الأشياء في حجمها يخلص من جحيم التهويل والذعر عند ارتكاب الأخطاء وبالتالي يساعدنا على الرفق بأنفسنا ومسامحتها.
8. كن واضحًا وصادقًا بشأن ما تريد
إذا كان الخطأ الذي ارتكبته يؤذي شخصًا آخر، فأنت بحاجة إلى تحديد أفضل وسيلة لإنهاء الشعور بالذنب. هل تريد التحدث مع هذا الشخص والاعتذار له؟ وهل من المهم أن تتصالح معه وتحسين علاقتك به؟
مواجهتك للشخص الذي أسأت له وطلب السماح منه خطوة مهمة نحو مسامحة نفسك لأن ستشعر بغصة طوال الوقت إذا تركت الأمور معلقة دون مواجهة من أسأت إليهم.
إذا كان الموضوع ليس مجرد اعتذار، فربما ستحتاح إلى أن تحاول إصلاح الخطأ الذي ارتكبته. وجدت إحدى الدراسات أن مسامحة أنفسنا لإيذاء الآخرين أسهل إذا قمنا بتعويضهم أولًا وتصحيح ما أفسدناه – إذا أمكن إصلاحه.
9. خذ بنصيحتك الخاصة
في كثير من الأحيان، يكون من الأسهل إخبار شخص آخر بما يجب فعله ونصيحته ولكن عندما يتعلق الأمر بنا وبمشاكلنا نجد صعوبة في التفكير العقلاني لأننا نكون تحت تأثير مشاعرنا الذاتية واللامنطقية.
إذا كنت تواجه صعوبة في نصح نفسك، فقد يساعدك استبدال الأدوار مع صديق مقرب لك. اطلب منه أن يكون في موضعك وأن يحكي لك عن خطئك وما حدث وكيف يعاني من أجل مسامحة نفسه. قد تضح لك الرؤية حينها وستجد نفسك تقدم النصيحة بشكل أكثر موضوعية لأنك ستخرج من ذاتك وسترى الصورة من بعد مختلف.
10. إنهاء حديثك المحبط لنفسك
من الطبيعة البشرية قضاء الوقت والطاقة في التفكير والتحليل ومراجعة ما حدث مرارًا وتكرارًا وهذا لن يسمح لك باتخاذ الخطوات المناسبة لتسامح نفسك.
عندما تسمع الصوت المحبط الذي يردد داخلك "أنا شخص بشع"، "أنا لا أستحق الرحمة بسبب أخطائي"، "أنا أستحق العقاب"، توقف وركز على خطوة إيجابية واحدة مثل تذكر موقف نجحت في التصرف فيه أو إنجاز يدعو للفخر أو حتى هدأ من روعك من خلال أخذ أنفاس عميقة أو التأمل أو الذهاب في نزهة على الأقدام فهذا سيساعدك على تقليل التوتر والقلق.
11. إظهار اللطف والرحمة
إذا كان رد فعلك الأول على أي موقف سلبي هو انتقاد نفسك، فقد تحتاج إلى منح نفسك بعض اللطف والرحمة. الطريقة الوحيدة لبدء رحلة المغفرة والتسامح هي أن تكون لطيفًا ورحيمًا مع نفسك.
يتطلب هذا وقتًا وصبرًا وتذكيرًا لنفسك بأنك تستحق المغفرة وأنك لست شخصا سيئا وأنك تستحق الرحمة واللطف.
12. اطلب المساعدة المتخصصة
إذا كنت تعاني من عدم مسامحة نفسك لدرجة أن جلد الذات أصبح هووسًا لا يمكنك التخلص منه، فقد تحتاج إلى التحدث إلى متخصص الذي بدوره يمكنه مساعدتك على تعلم كيفية التخلص من التفكير غير الصحي في حياتك وتعلم طرق جديدة وأكثر صحية للتعامل مع الأخطاء.
الخلاصة
المسامحة مهمة لعملية الشفاء لأنها تسمح لك بالتخلي عن الغضب أو الذنب أو الخجل أو الحزن أو أي شعور آخر قد تشعر به والمضي قدمًا.
بمجرد تحديد ما تشعر به، أعطه صوتًا وتقبل أن الأخطاء أمر لا مفر منها ثم ستبدأ في رؤية منهجية لتحرير نفسك من هذا الثقل ومسامحتها.
المصادر: