الذكاء الاصطناعي يتطلع لعام 2021 مع صفة من الصفات البشرية
ينافسنا الذكاء الاصطناعي يومًا تلو الآخر على لقب الأكثر فعالية في إنجاز المهام الروتينية وذلك بحد ذاته تطور جميل لتكنولوجيا الخوارزميات الاصطناعية، والتطور يستمر دون توقف الآن ليصل إلى منافسة على الصفات البشرية أيضًا.
لن نقوم بصف علامات الاستفهام وراء أسئلة منافسة حرفية بين الذكاء الاصطناعي وإمكانيات العقل البشري بل هذا الذكاء نفسه لا يسعى وراء هذه المنافسة وإنما يتطلع لعام 2021 بسيمة مثيرة للاهتمام إن نجح باقتباسها من الصفات البشرية.
الذكاء الاصطناعي.. من الطفولة إلى البلاغة
ولادة الذكاء الاصطناعي لا تختلف عن معظم التقنيات الأخرى في وقتنا المعاصر فقد اتسمت بالبساطة والحدودية وبداية لم تتعدَّ استخداماتها بعض الأنظمة الحاسوبية وبرمجة خطوات بسيطة في ألعاب الفيديو وما يشابهه من الاستخدامات الصغيرة الأخرى.
الاختلافات عن التقنيات الأخرى تبدأ بشق طرق منفصلة عند الحديث عن أشكال التطورات في الوقت الحالي، حيث بات من الواضح عدم إمكانية مقارنة الذكاء الاصطناعي مع تكنولوجيات أخرى بعد أن رُسم طريق مخصص لهذا الذكاء بدأ فيه ببساطة وثم استمر بالتطور تدريجيًا إلى أن حقق الانفجار الحقيقي في التقدم في أواخر 2019 .
بإمكاننا تسليط الضوء على جوانب عديدة تثبت بلاغة الذكاء الاصطناعي بالمقارنة مع مسيرة تطور التقنيات الأخرى، نجد في ألعاب الفيديو على سبيل المثال خطًا واضحًا من التطور عندما استخدمت الألعاب برمجة بسيطة لوضع التحدي أو العدو في النقطة أ إلى النقطة ب أو باستخدام البرمجية الشرطية (عند حدوث أ يجب تفعيل ب وهكذا) وثم توسعت الاستخدامات البرمجية لتضع ثلاث أوامر برمجيات متفرعة للشخصية نفسها وبعدها تم التوسع لاستخدام التشعبات نفسها لأكثر من شخصية أو عدو منافس في اللعبة ولاحقًا كما هو متوقع استطاع الذكاء الاصطناعي تنويع هذه التشعبات والمزج بين الأوامر البرمجية الشجرية أو الفرعية وأيضًا الشرطية.
وخلال السنوات الأخيرة برزت استخدامات تدل على التطور الهائل في هذه التقنية، فقد رأينا معًا نهوض السيارات ذاتية القيادة في 2019 وكيف تعتمد بالكامل على تقنية من هذا النوع لدراسة البيئة المحيطة بالسيارة عبر مستشعرات واتخاذ القرار السليم حول الخطوة التالية أثناء القيادة.
ومع بداية عام 2020 ازداد الحديث عن ثورة علمية مبنية على فكرة التعلم الذاتي للبرمجيات والآلات فإن أردت تطوير برمجية خاصة بتنقيح الصور يمكنك تلقينها آلاف الصور مختلفة الجودة والمحتوى وثم تقوم البرمجية عبر استخدام خوارزمية التعلم الذاتي بجمع المعلومات من هذه الصور واستخدامها كي تتمكن من تلقاء نفسها من التعديل على صورة ما لتصبح بجودة أعلى، وهذا مجددًا رأيناه كثيرًا في الصناعات الترفيهية مثل ألعاب الفيديو عندما نسمع عن لعبة استخدمت الذكاء الاصطناعي للرفع من الجودة العامة للرسوم وخصوصًا إن كانت لعبة قديمة أراد المطور ضخها مجددًا في الأسواق بصورة أفضل من السابق.
والآن مع بداية عام جديد يسعى خبراء التكنولوجيا إلى ترقية التعلم الذاتي ومنح الذكاء الاصطناعي المزيد من الدقة في العمل ووسعة الفائدة في الإنتاج عبر محاولة منحه صفة من الصفات البشرية.
تطلعات الميزات الجديدة في 2021
لا يمكننا أن نسألك إن كنت تتذكر متى كانت المرة الأولى التي تعلمت وقتها مبدأ الأسباب وراء الأفعال ونتائج هذه الأفعال، ففي الحقيقة نتعلم جميعَا صفات السببية البسيطة كهذه منذ أصغر عمر الطفولة لتكوين استدلالات بدائية عن العالم الذي نعيش فيه، ولكونه يحدث قبل عمر الأربع والخمس سنوات فمن الطبيعي عدم تمكن أغلبنا إن لم يكن جميعنا من تذكر هذه الحقائق في مسيرة حياته.
الميزة البسيطة هذه تنمو معنا كلما كسبنا معلومات أكثر عن العالم المحيط بنا وازداد إدراكنا للحياة وهي صفة بشرية مهمة كثيرًا لأنها ما يساعدنا على فهم طريقة عمل الأشياء وتعلم قيادة السيارة مثلاً والأهم من ذلك احتواء هذه المعلومات ونقلها من مجال إلى آخر في حياتنا دون التركيز على ذلك بالضرورة.
وهنا تأتي نقطة ضعف الذكاء الاصطناعي، فبعد مسيرة الإنجاز المهمة التي تحدثنا عنها لا يزال اليوم يعاني من ضعف بهذه القدرات، فمثلاً يستطيع الذكاء الاصطناعي اليوم أن يتعلم قيادة السيارة في الشوارع المزدحمة أفضل من إمكانيات البشر ولكن بالمقابل نحن قادرون على فهم طريقة عمل السيارة وآليات تصنيعها ويمكننا استيعاب وإدراك هذا الفهم والإدراك لمعلومات كهذه في جميع المجالات الأخرى التي نراها منطقية التطبيق عليها.. عكس الذكاء الاصطناعي.
يقول العلماء في تعليقهم على ذلك أنه على سبيل المثال إذا أردنا من روبوت بناء برج باستخدام بعض الأحجار فإننا نريد منه أيضًا استخدام المهارة التي تعلمها وفكرة العملية نفسها لبناء جسر وليس برج أو حتى منزل مثلاً، ولكن حتى اليوم لم يتمكن الذكاء الاصطناعي في الروبوت وغيره من تحقيق هذه الصفة البشرية التي تراها بين الناس كصفة بديهية فمن الطبيعي للإنسان القادر على بناء منزل أن تتكون لديه فكرة عامة عن طريقة بناء الجسر أو البرج أو على الأقل امتلاك المهارة للقيام بذلك على أرض الواقع وليس بالضرورة من حيث التصميم الهندسي.
ويشير هؤلاء العلماء أن تطوير تقنية التعلم الذاتي قد تساعد الذكاء الاصطناعي على اكتساب هذه الصفة، حيث من الممكن مساعدته في تحقيق هذا الهدف عبر تعليمه العلاقات السببية بين متغيرات البيئة المختلفة أو عبر اكتشاف طريقة لجعل الذكاء الاصطناعي قادر على اتخاذ قرارات إدراكية من تلقاء نفسه وبذلك يكون حقق نسبة جيدة من الصفة البشرية سابقة الذكر، كأن يقوم روبوت TriFinger الصغير - والذي يمتلك ثلاثة أصابع - أن يدرك طريقة استخدام نفس المهارة التي يتمتع بها من كتابة وغيره لكن في حال خسر أحد أصابعه (بذلك يكون نقل معرفته ومهاراته من الرسم بثلاثة أصابع إلى إصبعين مثلما ذكرنا في مثال بناء الجسر والبرج).
الاقتراحات المذكورة لكسب هذه الصفة البشرية قد بدأت بجذب اهتمام العلماء بالفعل وهنالك حاليًا أبحاث متقدمة تسعى لجعل الروبوت قادرا على أن يعمم بشكل أفضل التغييرات المختلفة في خصائص البيئة ككتلة أو شكل الأشياء بحيث عندما يتمكن الروبوت من فهم العلاقة السببية بين الأشياء سوف يتمكن عند حمل شيء ما أن يقوم بعدها بحمل شيء أثقل وزنًا باستخدام الآلية والمهارة نفسها.
كيف حول الأخوان جويل وجون كلارك وصفة فطائر عائلية لعلامة تجارية عالمية؟
هذا وتقوم الأبحاث المتقدمة الحالية على قائمة من القوانين العامة تحت شعار "السبب والنتيجة" بحيث يتلقى الروبوت مجموعة من القوانين (يمكن تفسيرها للغته البرمجية رياضيًا) حول حمل الأشياء وما من المحتمل حدوثه عن إيقاع الأشياء أرضًا بعد ترتيبها وما إلى ذلك ثم يقوم العالم بالتدخل لدراسة نسبة التقدم في ذكاء الروبوت وإن بدأ باكتساب مهارات التعميم وتدريجيًا صفة الإدراك والفهم البشرية بحدود قوانين السببية ونتائج الأشياء.
لطالما اعتاد العلماء على تطبيق طريقة التعلم الإحصائي في السابق لكي يستطيع الروبوت أو النظام البرمجي (ومهما كان شكل الذكاء الاصطناعي) من تحقيق هدف معين يستطيع إعادة تنفيذه أو تغييره طالما يشتمل هذا التغيير ضمن مخزونه الإحصائي، لكن الصفة البشرية التي تجعله أكثر مرونة في الابتعاد عن صندوقه من المعلومات واستخدام الطريقة الإحصائية الثابتة سوف تنهض به عاليًا نحو الأفضل وإن نجح العلماء في أبحاث "قوانين السببية" للعثور على صفة كهذه بين الروبوتات فسوف يكون لعام 2021 ثورة علمية جديدة بانتظار الحدوث.
المصدر : 1