من أرض المعارك إلى العروش: التاريخ المذهل لأساور الرجال
الأساور ليست بالموضة الحديثة، في الواقع هي أبعد ما تكون عن مفهوم الابتكار المعاصر إذ إنها وجدت قبل أي ثورة صناعة وحتى قبل اكتشاف المعادن. يقدر الخبراء بأن السوار وجد منذ وجود «قريبه» ،العقد أو القلادة. بطبيعة الحال وكما هو حال جميع الإكسسوارات فإن الغاية من السوار لم تكن للزينة في البداية، بل كان له معانٍ ودلالات مختلفة لكنه ومع تقدم العصور تحول ليصبح جزءاً من الزينة.
البداية.. عصور ما قبل التاريخ
من الصعوبة بمكان تحديد الفترة التاريخية التي تم فيها إرتداء السوار بدقة ولكن ما يمكن تأكيده هو أن الفترة تلك قديمة للغاية. في عام ٢٠٠٨ اكتشف علماء الآثار خلال قيامهم بالتنقيب في كهف دينيسوفا في سييبريا مجموعة كاملة من المجوهرات من ضمنها سوار.
السوار كان مصنوعاً من الحجر الأخضر المصقول في عصور ما قبل التاريخ وقدر الخبراء عمره بأكثر من ٤٠,٠٠٠ سنة. من غير المعروف ما إن السوار حينها له أهمية أو تأثير ما على من يرتديه لأن المعلومات المتوفرة عن تلك الحقبة وعن «الدينيسوفان» ما تزال قليلة.
من تلك المنطقة نصل إلى البقعة التي ولدت منها أول حضارة في العالم وهي بلاد ما بين النهرين ويقال إن الاهتمام بالمجوهرات بدأ في بلاد ما بين النهرين قبل حوالى ٤٠٠٠ عام في مدن سومر وأكاد. وبسبب الثراء الهائل، لم يقتصر استخدام المجوهرات على النبلاء والزعماء الدينيين والحكام كما كان الحال في الحضارات المماثلة حينها وعلى الأخص مصر القديمة، بل كان جميع السكان يعتمدون المجوهرات من ضمنها الأساور كجزء من الزينة اليومية.
الأساور التي كانت تصنع من الخشب والحجارة والذهب والنحاس والجلد شهدت نقلة نوعية خلال فترة بروز حضارات بلاد ما بين النهرين وحضارة الفراعنة، فتم استخدام المعادن والأحجار الكريمة مثل الإلكتروم والعقيق والفضة والعاج وغيرها.
الفراعنة ملوك الزينة
المجوهرات شكلت جزءاً كبيراً من الحضارة الفرعونية وكان السوار جزءاً أساسياً منها، أمر يؤكده علماء الأثار الذي عثروا على أنواع عديدة جداً ومختلفة من الأساور. الأساور في مصر القديمة كانت تصنع من النحاس والذهب وأحياناً كان تشتمل على الأحجار الكريمة. السوار كان يرمز للمكانة وبالتالي النبلاء كانوا يرتدون الأساور المزينة بالأحجار الكريمة بينما أبناء الطبقة الفقيرة فكانوا إما يرتدون السوار المصنوع من النحاس أو لا يرتدونه على الإطلاق. السوار عند الفراعنة لم يكن رمزاً للمكانة فحسب بل كان يستخدم لأغراض روحية ودينية فسوار الجعران كان يمثل التجدد والبعث من جديد وغالباً ما كان يتم وضع هذه الأساور على أذرع المومياوات بعد لفها كي تساعدهم في الانتقال بعد الموت.
اليونانيون والرومان والسلتيون
كان الجنود اليونايون يرتدون الأصفاد المعدنية والجلدية حول معاصمهم وأذرعهم للحماية خلال المعارك. وفي الواقع يعود أصل كلمة سوار Bracelet إلى الكلمة اليونانية براشيل Brachille والتي تعني الذراع.
لاحقاً تبنى كل من الرومان والسلتيين المفهوم نفسه وقاموا بتوسيعه ليمتد خارج نطاق أرض المعارك إذ كان أحياناً يتم إرتداء السوار للدلالة على أن محارباً معيناً أظهر شجاعة فائقة على أرض المعركة.
ومع مرور السنوات بدأ السوار ينتقل من أرض المعركة إلى الحياة العامة وبات الناس يرتدونه لأسباب تزينية وليس للحماية. وبقي السوار جزءاً أساسياً من موضة النساء والرجال حتى العصور الوسطى ويعتقد الخبراء بأن للكنيسة دورا في تراجع شعبيته لأنها كانت تعاقب الذين يعانون من تقدير غير صحي لأنفسهم أي يعانون من الغرور ويهتمون بطلتهم أكثر مما يجب كما أن السوار تحول ليصبح موضة نسائية حينها مع جعل الإقبال عليه يتراجع.
الأساور والملوك
في كل البلدان التي كان يحكمها الملوك كانت المجوهرات بكل أنواعها تدل على رتبتهم ومكانتهم وحتى السلطة التي يملكونها.
المحاربون والجنود والملوك والنبلاء كانوا يرتدون المجوهرات وكانت الأساور جزءاً أساسياً منها. بطبيعة الحال لم تكن الأساور حينها رفيعة كما هو الحال بل كانت عريضة تغطي المعصم وجزءا كبيرا من الذراع. الأساور المميزة في الجيوش كانت في بعض الدول تستخدم للدلالة على الحصول على الترقية، وفي مناطق أخرى كانت الأساور تستخدم لمعرفة الحليف من العدو وذلك لأن كل بلد كان لها سوارها الخاص بها.
السوار في الحضارات الآسيوية
منذ أكثر من ٢٠٠٠ عام قبل الميلاد والثقافات الآسيوية تصنع أساور اليشم. كان حجر اليشم حينها يرمز إلى الحكمة والشجاعة والفضيلة وبالتالي الأساور هذه لم تكن بداعي الزينة بل كانت لها قيمتها المعنوية. كما أن أساور اليشم والجاديت كان تمنح للأطفال لتعزيز الفضيلة وحمايتهم من الأذى. ومن المعتقدات الأخرى التي ارتبطت به هو أن له خصائص علاجية وأنه يساعد على التواصل مع الأرواح التي تجوب الأرض.
في المقابل الأساور الذهبية كانت النوع الرائج في الهند وكان لها قيمتها الروحية والدينية.
عصر النهضة
بعد فترة من التراجع الوجيزة في شعبية السوار عاد ليبرز وبقوة خلال عصر النهضية في القرن السابع عشر.
خلال عصر النهضة عاد السوار ليصبح شائعاً خصوصاً المصنوع من الذهب . الأساور كانت لأغراض تزينية فقط، وإن كان هناك بعض المعتقدات المرتبطة بها، إذ كان يعتقد بأن ارتداء الأساور من معادن مختلفة منقوشة بالأحرف الأولى من اسم الشخص وبعد ترتيبها بشكل عشوائي فالشخص سيحصل على كلمة سحرية سيكون لها تأثيرها الإيجابي على حياته.
القرن العشرون
خلال القرن العشرين أصبحت الأساور بشكل عام من المجوهرات التي يمكن لأي شخص كان الحصول عليها وذلك بسبب التطور في تقنيات التصنيع. وبحلول العشرينيات من القرن الماضي مهدت التصاميم المتقنة والمزخرفة للفترة الفيكتورية الطريق أمام ظهور فترة الـ «آرت ديكو» والتي بدروها أسست لتصاميم الفن الحديث. في الثلاثينيات تمت إضافة المواد البلاستيكية للأساور ما جعلها منتشرة على نطاق واسع بين المراهقين والأطفال مع تخلي الرجال عن هذا الإكسسوار. السبعينيات أعادت السوار الى معاصم الرجال وهذه المرة كانت بمختلف الأنماط والألوان .
العصر الحالي
حافظت التصماميم والأنماط السابقة على رواجها خلال القرن الحادي والعشرين وإن كانت الأساور الفضة هي المفضلة بين الرجال خصوصاً وأنها البديل الأقل تكلفة عن الذهب والبلاتين. ولكن مع بروز الحركات الصديقة للبيئة بات هناك طلب على أساور مصنوعة من مواد صديقة للبيئة وتلك التي يمكن إعادة تدوريها. خلال الأعوام القليلة الماضية راجت وبشكل كبير الأساور المصنوعة من الأحجار الكريمة أو من الأحجار بشكل عام والقماشية والجلدية .
أفضل ماركات الأساور
ميانساي- Miansai
منذ تأسيسها في العام ٢٠٠٩ والماركة الإيطالية ميانساي تفرض نفسها حتى أصبحت من الأسماء الرائدة في عالم صناعة المجوهرات الأنيقة الفاخرة بأسعار معقولة. الشركة تقدم تصاميم فاخرة بسيطة وأنيقة. دائمة الابتكار والتجدد وبالتالي الأساور الخاصة بها تنبض بالحياة. والأفضل من هذا كله هو أن الشركة تستخدم الأقمشة والمواد المستدامة.
تاتوسيان- Tateossian
تم تأسيسها في لندن عام ١٩٩٠ على يد روبرت تاتوسيان ومنذ ذلك الحين والشركة تنتج مجوهرات مميزة للغاية. الأساور الخاصة بالشركة أنيقة للغاية وهي تسمح لمرتديها التعبير عن شخصيته بأناقة ورقي.ما يميز هذه الشركة عن غيرها هو واقع أنها تستخدم الكثير من المواد عير التقليدية مثل أجزاء من النيازك والأحفوريات وشذرات النحاس جنباً إلى جنب مع الفضة والذهب والألماس والأحجار الكريمة.
لو غرام -Le Gramme
العلامة التجارية الفرنسية معروفة بتصاميمها البسيطة السلسة البعيدة كل البعد عن المبالغة. أنماط كلاسيكية حصدت شهرة كبيرة خلال السنوات الماضية. كل قطعة مجوهرات تنتجها الشركة، ومن ضمنها الأساور، يتم تسميتها وفق وزنها بالغرام. هناك الكثير من الموديلات سواء المعدنية أو القماشية وجميعها تصنع ويدوياً في مصانع الشركة في باريس.
مايكيا-Mikia
الماركة اليابانية هي عبارة عن قصة حياة كل واحد منا، فهو تروي قصص الرحلات التي نقوم بها والأماكن التي نزورها والأشخاص الذين نلتقي بهم. كل قطعة يتم صنعها يدوياً في اليابان وكل مادة يتم استخدامها لها قصتها الخاصة فالمصمم آكي ميتسوباياشي سافر بقاع الأرض بحثاً عن القطع المميزة التي لها قصتها الخاصة.
بيوتي بيرد -Peyote Bird
منذ عام ١٩٧٤ والشركة تصنع يدوياً المجوهرات المستوحاة من جنوب غرب أمريكا. الشركة توظف الفنانين المحليين وتحاول قدر المستطاع المحافظة على هويتها. معروفة باستخدامها الفضة بأساليب تقليدية بالإضافة الى الفيروز.
مؤخراً وبعد توسعها بدأت باستخدام تقنيات حديثة في تصاميمها. أساور بيوتي بيرد دائماً تنبض بالحيوية وهي إضافة جميلة على معصم أي رجل.