عقلك لا يتوقف عن التفكير؟ إليك كيفية التعامل مع القلق
من أجل الحفاظ على حياتنا والدفاع عن أنفسنا والتأهب للتعامل مع أي خطر طورت أدمغتنا موجة داخلية مستمرة من القلق، إنه هذا الهمس الذي تشعر به والذي يدفعك إلى الشعور بالقلق ويجعلك تفحص عوالمك الداخلية والخارجية بحثًا عن علامات للشعور بالتعب والمشقة.
ولأن هذا الهمس يلازمنا طوال الوقت ويصبح موجودًا في أدمغتنا دائمًا، فإننا نعتاد عليه ويصعب علينا الانفصال عنه، وبالتالي لا نتوقف عن الشعور بالقلق. ما يعني أن معرفة كيفية السيطرة على التوتر والتحكم في القلق قد يساعدنا على عيش حياة أفضل، كما أنه قد يحسن علاقاتنا ببيئتنا والأشخاص الآخرين، ويسمح لك بالاسترخاء والاستمتاع بكل ما هو جيد.
وبرغم أن الاستعداد الافتراضي للتخوف الموجود في الدماغ هو طريقة رائعة لمساعدة بعض الحيوانات كما القرود مستعدة للتعامل مع الحيوانات المفترسة وتجعلها تعيش في أمان، إلا أنها طريقة صعبة للغاية لبني البشر، تسلبهم راحتهم وقدرتهم على عيش حياة مريحة.
تجعلنا هذه الطريقة نشعر بالقلق والاكتئاب وكذلك تدفعنا إلى التوقف عن الاهتمام بالأشياء التي تهمنا حقًا، في حقيقة الأمر فإن هذه المشاعر السلبية التي تتدفق بداخلنا نتيجة تخوفنا المستمر من المستقبل، والتي تهمس لعقولنا قائلة: "أنت لست آمنًا، أنت مُحاط بالتهديدات، ولا يمكنك أبدًا التحكم فيما يحدث حولك"، ستدفعنا إلى الجنون إذا لم نستطع السيطرة عليها.
يصاحبك القلق والتوتر طوال الوقت.. ما هي متلازمة التعب من الأزمات وكيف تتغلب عليها؟
في المقابل، علينا إلقاء نظرة على هذه اللحظة، اللحظة الراهنة، نعم الآن.. أنت الآن بخير ولا أحد يهاجمك ولست مريضًا ولا تواجه أي أزمة.
ربما تكون الأمور سيئة للغاية وقد تشعر بأن كل شيء حولك يتداعى، ولكنك بخير.
إضافة كلمة "الآن" إلى عبارة "أنا بخير" ستساعدك على عيش اللحظة الراهنة، وتساعدك على التوقف عن القلق بشأن المستقبل وعدم الذهاب بعيدًا بعقلك. عندما نذهب بأذهاننا إلى الماضي فإننا نشعر دائمًا بالاستياء والندم، وعندما نأخذها في رحلة إلى المستقبل فإننا نشعر بالقلق وانعدام اليقين.
عوضًا عن ذلك، حاول الشعور بالامتنان للأمور التي ربما تعتقد أنها بسيطة أو ليس لها قيمة كبيرة، اسأل نفسك هل أنا بخير؟ هل أنا قادر على التنفس دون الشعور بالألم؟ هل قلبي ينبض دون أي مساعدة خارجية؟ هل عقلي يعمل؟ ووسط المشاكل الكبرى والتعقيدات الكثيرة حاول النظر إلى النصف المملوء من الكوب، وتذكر أنك فعلاً بخير في اللحظة الحالية.
اهتم باللحظة الراهنة
ركز في اللحظة الراهنة، ولاحظ أنك بخير الآن، وأن الأمور الآن تسير بنحو جيد، وربما عليك توصيل هذه الرسالة إلى عقلك بطريقة لطيفة ومُحببة، ردد هذه العبارة بصوت عال، بينما تقود سيارتك أو تعد الطعام أو أثناء الاستحمام "أنا بخير.. أنا بخير الآن.. كل الأمور تسير على أكمل وجه الآن".
إذا كنت تتحدث مع شخص ما فعوضًا عن الشكوى التي لن يكون لها أي فائدة، اكتف بإخباره أنك بخير الآن، وإذا كنت تتحدث مع أطفالك أو تجهزهم للنوم فقل لهم أنك بخير الآن، وردد العبارة بصوت عالي كي تسمعها وكي يلاحظها عقلك.
من خلال التركيز على اللحظات الراهنة وكونك بخير الآن في هذه اللحظة سوف يساعدك على التعامل مع المشكلات وإنجاز الكثير من الأمور، الأشياء السيئة التي تخشى حدوثها في المستقبل ستحدث إذا منعت نفسك من الشعور بهذه الأحاسيس، تذكر دائمًا أنك لست مُضطرًا إلى الشعور بالخوف كي تكون في أمان.
تعامل مع العاصفة
في بعض الأحيان، لن تشعر بأنك بخير وبالتأكيد ستمر عليك لحظات سيئة للغاية وستملؤك المشاعر السلبية، ربما بسبب حدوث شيء ما سيئ، أو لأن جسمك يشعر بالانزعاج لسبب ما، أو لأنك عقلك مُنزعج، وفي هذه الحالة سيكون عليك فعل كل ما تحتاج للخروج من الأزمة وللتعامل مع هذه العاصفة.
ولكن بمجرد أن تدرك أن فعلاً بخير، وأنك في مكان بعيد وآمن عن الأعاصير والزلازل والكوارث الطبيعية فإن عقلك سيهدأ كثيرًا.
الإقرار بأنك بخير في هذه اللحظة لا يعني أنك تضع ستارًا فوق مشاعرك السلبية، ولكن الأمر ببساطة هو أنك تذكر نفسك بأن أحوالك ليست سيئة كما تظن، وتبعث إشارات إلى جسمك وعقلك بأنك ما زالت قادرًا على التنفس، وبأنك قادر على الحياة وبأنك بخير، وتذكر نفسك بأن دماغك قادرة على العمل وتأدية الوظائف، بغض النظر عن حجم المشاكل التي تمر بها، أو المخاوف التي تساورك.
التفكير بهذه الطريقة وتذكير نفسك بأنك بخير طوال الوقت من أفضل الطرق كي تعيش حياة هادئة ومريحة نفسيًا، كما أنها طريقة مثالية لتدريب عقلك على التخلص من الخوف والتوتر والسيطرة على القلق المزمن.