وزير الصحة توفيق الربيعة: الوقاية أولوية ورضا المواطن قبل كل شيء
إدارة وأعمال 30 يونيو 2020
• أنا متفائل ومازال أمامنا خط طويل لتطوير خدماتنا
• نريد رفع متوسط العمر في المملكة من 74 سنة إلى 80 والانتقال من العلاج إلى الوقاية.
• أسير عشرة آلاف خطوة كل يوم وهي تجربة رائعة، وأتنافس مع بعض الأقارب والأصدقاء.
• تكامل الجهات الحكومية في الأزمة خلفه قائد فذّ، يعمل بلا كلل ولا ملل، استطاع خلق فريق متناغم، هو الأمير محمد بن سلمان.
• رؤية طفلة تبكي من المرض والورم قد شوّه جسدها كانت مؤلمةً جداً، وهذا ما جعل عيني تدمع.
• الأمير محمد متابع دقيق ويتواصل باستمرار، ويقول لكل مسؤول اذا عندك مشكلة أخبرني بها كي أساعدك.
• لا يوجد علاج أو لقاح لفايروس كورونا لغاية الآن واتوقع هذا الأمر سوف يستمر فترة.. وحتى لو وجد اللقاح فإنه يحتاج إلى أشهر للتأكد من سلامته.
• لدينا بروتوكول علاجي دقيق وموحد لمواجهة كورونا طورته وزارة الصحة بفضل خبراء سعوديين يحدثونه يومياً بناء على كل جديد في طرق العلاج.
• معدل الوَفَيات بسبب فايروس كورونا في المملكة أقل بعشر مرات من المعدل العالمي.
"مهتم بالإبداع وإدارة التغيير والتطوير" بهذه العبارة المقتضبة يقدم وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة نفسه، كاشفاً في لقاء صحفي أنه يمشي كل يوم عشرة آلاف خطوة، محفزاً الآخرين على ممارسة الرياضة ومحاربة أنماط السلوك غير الصحي، فقد كان أحد الداعمين لافتتاح أندية رياضية خاصة بالسيدات، وشنّ حملة على التدخين ووعد بخفض نسبتهم إلى 5% بحلول عام 2030.
الدكتور الربيعة (55 سنة) حاصل على الدكتوراه في علوم الحاسب، وأحد مؤسسي الخطة الوطنية لتقنية المعلومات، والقادم من وزارة التجارة والصناعة، الباحث والأستاذ الجامعي، والمستشار لدى عدد من المؤسسات الحكومية والأهلية، الحائز جائزة أفضل الشخصيات تأثيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.
يجد نفسه اليوم أمام تحديات من نوع مختلف، لم يسبق للبشرية في تاريخها المعاصرة أن عرفتها، أقل ما يمكن وصفها بأنها تحديات مصيرية تتعلق بحياة البشر، في مواجهة فايروس "كورونا" أخطر قاتل يفتك بالبشر في جهات الارض الأربع، فهل يتمكن من العبور إلى "برّ الامان" كما وعد السعوديين، وقد وضعت أمامه القيادة السعودية ميزانيات ضخمة وصلت لنحو 47 مليار ريـال.
مجلة "الرجل" اختارت الدكتور الربيعة ليتصدر غلاف عددها الجديد، تتناول جوانب مختلفة من حياته ومحطات عمله، وتلقي الضوء على ما يحمل في جعبته من خطط وأفكار في لحظة مصيرية تعيشها المملكة.
خلفياته التعليمية
توفيق بن فوزان بن محمد الربيعة، مواليد مدينة الرياض 26 أكتوبر 1965، تلقى تعليمه في مدارس المملكة، وحصل على البكالوريوس في الإدارة المالية والرياضيات من كلية إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود بالرياض عام 1986م، ثم عمل معيداً لمدة سنة واحدة.
حصل على ماجستير في علم المعلومات من جامعة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة عام 1990، ثم على درجة ثانية في الماجستير في علم الحاسبات، ثم على الزمالة في التدريس والدكتوراه في علوم الحاسب عام 1999 من الجامعة نفسها. كما عمل بعد عودته إلى المملكة أستاذاً مساعداً في جامعة الملك سعود بالرياض لغاية 2002.
ومن خلال رحلته البحثية نشر 16 ورقة في الأبحاث العلمية المُحكّمة، شارك في تأليف وثيقة خطة تقنية المعلومات الوطنية السعودية، وشارك في تأليف كتاب عن الشبكات ذات السرعات العالية، وله مقالات عدة في مختلف الصحف المحلية والمتعلقة بالحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والاتصالات.
ماذا قدم للاستثمار؟
بدأ الربيعة عمله الوظيفي مديراً عاماً للهيئة العامة للاستثمار عام 2007، ممسكاً بملفات الكثير من المشروعات الاستثمارية التي كان لها الأثر في تطوير العمل الإداري في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، وتمكن -بحسب مصادر صحفية - من جذب استثمارات عالمية كبيرة في هذا المجال، كما كان من المؤسسين للخطة الوطنية لتقنية المعلومات.
وكان الربيعة قد شارك في برنامج 10 × 10 ، وصولاً إلى هدف الانتقال بالمملكة، لتكون واحدة من أفضل 10 بلدان في العالم في مجالات عدّة.
وبشغله لمنصب المدير العام للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) عام 2007، أصبح حاضراً في الحياة الاقتصادية للمملكة، حيث عمل على تطوير المدن الصناعية، وبالطريقة التي أدخل بها شركات جديدة للاستثمار في السوق السعودية.
وعمل على التوسع في استراتيجية "مدن" بمعدل بلغ ستة أضعاف، حيث وصل معدل النمو في مختلف القطاعات إلى مستويات عالية جداً، وارتفع معدل النمو الصناعي في قطاع الصناعات التحويلية إلى ما يزيد على 50% في عام 2011.
من أين أدخل؟
بعد أن وقع الاختيار على الربيعة، ليشغل منصب وزير التجارة والصناعة عام 2011، ووصف في لقاء تلفزيوني أول يوم عمل له بالقول "حين وصلت إلى مبنى الوزارة الساعة السابعة صباحاً، لم أعرف من أين أدخل إلى المبنى الضخم، فدخلت أحد الأبواب، لأجد نفسي في مكتب الصادر والوارد، كان هناك عدد هائل من الورق (المعاملات)، وبرؤيتها اعتراني الهمّ كيف أنجزها..!
وعرفت لاحقاً أنه يصلنا شهرياً نحو 200 ألف معاملة".
ويتابع الربيعة "بدأنا العمل على التحول الإلكتروني وزيادة الكوادر الإنتاجية، بعض المعاملات كان يحتاج للأسبوع كي تنتقل من مكان لآخر، اليوم أصحب معظم المعاملات إلكترونياً".
بهذه الطريقة قاد الربيعة وزارة التجارة والصناعة، باتجاه العمل الإلكتروني واستخدام التقانة. كما انشغل بتخطيط الاستراتيجية الصناعية الوطنية في المملكة وتنفيذها، حيث عمل على إصلاح عدد من اللوائح لمعالجة قصور التشريعات، بهدف تسهيل عمل الشركات داخل المملكة، وكان هذا أيضاً جزءاً من نقلة تجارية أوسع نطاقاً، بعيداً عن اعتماد المملكة على النفط.
اهتم الربيعة أولاً بالتنظيم لزيادة المعايير العادلة والتنافسية، ووضع المزيد من الأحكام المتصلة بالمنافسة، واللوائح المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، كما نفذ إصلاحات على النظام الضريبي، وفيما يخص المستهلك، فقد أضاف عدداً من القوانين الجديدة لحماية المستهلك السعودي، الأمر الذي زاد الثقة بالمنتجات والخدمات في المملكة.
وبذلك قاد الربيعة تغييرات لعدد من اللوائح بهدف مواءمتها مع ضوابط ومعايير منظمة التجارة العالمية، وخلال عمله في الوزارة، كان عضواً في عدد من المجالس الاقتصادية الفرعية، بما في ذلك المجلس الأعلى للبترول والمعادن، ومجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، واللجنة العامة لمجلس الوزراء وكان ذلك من 2011 إلى 2015.
متفائل والخط طويل
اتى الربيعة إلى وزارة الصحة بالتزامن مع رؤية المملكة 2030 في عام 2016، ما يعكس التعويل الكبير عليه من قبل القيادة لإنجاز فرق واضح في مستوى الرعاية الصحية بالمملكة.
أدرك الربيعة حتى قبل ظهور فايروس كورونا، بأنه أمام تحدّ كبير في الصحة يقول "لقد أتيت من وزارة التجارة، وكان فيها نحو ألفي موظف. أما في الصحة فنحن نتحدث عن نحو 260 ألف موظف". ويتابع "أنا متفائل، القادم أفضل، صحيح أننا لم نصل إلى كل ما نطمح إليه، لكن الصحة عمل إنساني، وأمامنا خط طويل لتقديم خدمة أفضل، نريد شيئاً جميلاً للمواطن، ونريد أن نعزز الصحة ونكون بصحة جيدة".
وعن علاقته بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يقول الربيعة "الأمير محمد متابع دقيق ويتواصل باستمرار، ويقول لكل مسؤول: إذا عندك مشكلة أخبرني كي أساعدك. لا أريد أن يوجد شيء يعطل عليك". وجواباً عما يتعلق بأهم ما يؤكده ولي العهد محمد بن سلمان، في اللقاءات المشتركة، يقول الربيعة أول ما يسأل عنه هو "رضى المواطن، يعدّه أولوية وينال اهتمامه بشكل مستمر، رغم الحمل الضخم والمهام المتعددة التي يضطلع بها". ويصف الربيعة رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد بـ"العظيمة تبني طموحاً كبيراً تستهدف نقلة نوعية في جميع المجالات، وللارتقاء في الخدمة الصحية والوصل إلى متوسط عمر 80 سنة بدلاً من 74 الحالي، والانتقال من الاهتمام بالعلاج إلى استراتيجية الوقاية ما قبل حدوث المرض.
انتقادات ووعود
يؤكد الربيعة أنه اشتغل منذ تسلمه مهامه الجديدة على محاور عدة، منها ما يتعلق بإصلاح منظومة خدمات الرعاية الصحية في المملكة، والإشراف على استراتيجية إعادة هيكلة منظومة خدمات الرعاية الصحية، وإضفاء الطابع اللامركزي على المستشفيات والخدمات الصحية الأخرى، في عشرين منطقة منفصلة في جميع أنحاء المملكة، حيث تقدم المناطق أو المجمّعات الطبية المساعدات الطبية بشكل متساوٍ، لما يصل إلى مليون مواطن سعودي.
ويعد الربيعة السعوديين أنه وخلال ست سنوات، ستكون هناك مراكز صحيحة للخدمات الأولية بمستوى متطور، معترفاً في لقاء تلفزيوني بأن هناك نقصاً في هذا الجانب، معبراً عن عدم رضاه عن مستوى كثير من تلك المراكز. مطلقاً الوعود بحل مشكلات الانتظار الطويلة في الكثير من أقسام العناية الصحية، كما العمليات وغيرها، والتعامل بمساواة مع الجميع.
وكانت الوزارة قبل سنتين، قد وعدت بعمل نظام تأمين صحي مجاني لكل السعوديين، ويغطي جميع الأمراض وبدون سقف خلال سنوات معدودة (4-5 سنوات).
يمشي 10 آلاف خطوة كل يوم
تستند رؤية الربيعة للعمل بوزارة الصحة إلى مفهوم الوقاية، والاهتمام بجودة الحياة، وانطلاقاً من هذه الرؤية يعمل على تغيير العادات غير الصحية، مستهدفاً تكوين نمط حياة أفضل وأجمل وغذاء أفضل، بحسب وصفه.
واتخذ عدداً من الإجراءات لمعالجة ظاهرة السمنة لدى السعوديين، ففرض ضريبة على المأكولات غير الصحية، ومنع الزيوت المهدرجة من جميع الأغذية، ودعا إلى ممارسة الرياضة، وشجع السيدات بشكل خاص على الاهتمام بصحتهن البدنية، وأدّى دوراً كبيراً في افتتاح نواد رياضية للسيدات فقط.
وكشف في لقاء تلفزيوني بأنه شخصياً يمارس رياضة المشي، لأنها نمط حياة صحي، يصفها بـ"العيادة المتنقلة"، ووجد أن هناك علاقة وثيقة بين الحركة والخدمة الصحية. يتابع "أنا شخصياً أحرص على أن أسير عشرة آلاف خطوة وهي تجربة رائعة، وساعتي تساعدني في الحساب وفي التنافس مع بعض الأقارب والأصدقاء، حتى نرى من يمشي أكثر، كي يحمّس الآخرين وهي تجربة رائعة".
ويشجع مواطنية للاقتداء به، ويظهر في فيديو على حسابه في "تويتر" بعنوان" كيف تجعل المشي جزءاً من حياتك، وتتمكن من المشي 10 آلاف خطوة باليوم؟ نصائح ذهبية من وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة".
يوضح الربيعة "أنصح بها وحين يعتاد الإنسان عليها، تصبح جزءاً من حياته، وليس صعباً أن يصل الإنسان إلى عشرة آلاف خطوة، إذا حوّل المشي إلى عادة. أنا أعقد اجتماعاتي، وأتكلم على التلفون وأنا أمشي، وأذهب مشياً إلى أي مشوار يبعد كيلومتراً فما دون، وأذهب إلى الجامع ماشياً. والمشي ممتع وبالنسبة لي أحقق الهدف الصحي وأستمتع بالجو".
تحدّي التدخين
يحشد الربيعة حملة ضد التدخين ويرى فيه مشكلة وتحدياً كبيرين، وكانت الوزارة قبل سنتين قد قدّرت أن نسبة المدخنين في المملكة وصلت إلى نحو 20%، ويرى الوزير أن "الشيشة" المنتشرة أخطر من التدخين، ويكشف عن أن كل رأس شيشة واحد، يعادل من 70 إلى 100 سيجارة".
ويوضح بأن وزارته تساعد أي شخص يريد الإقلاع عن التدخين، ما عليه سوى الاتصال وتحديد موعد في واحدة من مئات العيادات في المملكة لطلب المساعدة". وينقل الربيعة عن تجربة شخصية بأن معظم الذي تأتيهم جلطة في عمر الخمسين مدخنون، وأن متوسط العمر يتراجع من 74 إلى 64، أي بنحو 10 سنوات بالنسبة للمدخنين.
وفرض الربيعة ضريبة كبيرة على السجائر، ونال تقديراً لجهوده ومبادراته المختلفة "جائزة التميز العالمية" من منظمة الصحة العالمية بدورتها الثانية والسبعين عام 2019.
الإبداع والتغيير
يهتم الربيعة بـ"الإبداع والابتكار وإرادة التغيير والتطوير"، بهذه الكلمات المحددة يقدم نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشير سيرته التعليمية إلى أنه نشر خلال رحلته البحثية 16 ورقة في الأبحاث العلمية المُحكّمة، وله مقالات عدة في مختلف الصحف المحلية والمتعلقة بالحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والاتصالات، وشارك في تأليف كتاب عن الشبكات ذات السرعات العالية.
أنشأ فريقاً للكوارث
فضلاً عن مهامه وزيراً للصحة، فإن الربيعة شغل منصب المسؤول عن صحة الحجاج وسلامتهم في مواسم الحج، وأنشأ الفريق السعودي للمساعدة الطبية في حالات الكوارث، الذي يعدّ من أكثر الفرق الطبية جاهزية وتطوراً في الشرق الأوسط، بفضل جهوده في الرعاية الصحية، حصلت أربع مدن في المملكة، منها الرياض، على لقب "المدن الصحية" من منظمة الصحة العالمية.
يشغل الوزير الربيعة أيضاً عضوية مجالس إدارة: مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، ومؤسسة الصناعات الحربية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ولجنة الحج العليا، ولجنة مكافحة المخدرات.
كما يرأس مجالس إدارة كل من: هيئة الهلال الأحمر السعودي، والمجلس الصحي السعودي، والهيئة العامة للغذاء والدواء، والضمان الصحي التعاوني، والهيئة السعودية للتخصصات الصحية.
ويعمل الربيعة ضمن رؤية المملكة 2030 على 40 مبادرة تستهدف تحويل وزارة الصحة إلى وزارة إلكترونية، وإعادة مأسسة النظام، واستحداث صياغة تمويلية مستقلة ومرنة لا تعتمد على نظام الميزانيات؛ بل على معايير الدفع مقابل الخدمة.
كل تلك النشاطات والمهام والخطط قبل تفجر أزمة جائحة فايروس "كورونا" العالمية التي فرضت إجراءات واستراتيجيات جديدة، ليس على قطاع الصحة، إنما على كل مفاصل الحياة في المملكة، أسوة بمعظم دول العالم.
قيادتنا سباقة
وجد الوزير الربيعة نفسه أمام تحديات كبرى لمواجهة جائحة فايروس "كورونا"، تختلف عن كل ما واجهه سابقاً، فعمد إلى تكثيف اتصالاته مع القيادة السعودية وكل الجهات المعنية، مؤكداً أن "قيادة بلدنا كانت سباقة في اتخاذ إجراءات احترازية صارمة لمواجهة الجائحة، قبل أن تبدأ كثير من دول العالم، باتخاذ أي إجراءات وقائية، وأن الهدف تقليص المخالطة بنسبة 90%"، وأشار إلى أن "الدولة تعاملت مع هذه الأزمة بمنتهى الشفافية والوضوح، ليكون المواطن على علم بآخر المستجدات".
وكشف الربيعة بأنه "رغم التكاليف الكبير لمواجهة الجائحة، فإن الدولة أعزها الله، لم تقصّر في تلبية جميع الطلبات. لقد تمت تلبية جميع الموازنات المرفوعة لها من وزارة الصحة".
وبحسب الربيعة، فإن خطة المواجهة بدأت بموازنة تصل إلى 8 مليارات ريـال، تبعها 7 مليارات ريـال، لشراء المستلزمات، مثل أجهزة التنفس الصناعي وأجهزة الفحوص الاستكشافية، وتأمين الكوادر الطبية والفنية من الداخل والخارج. ثم تلتها موازنة إضافية بـ 32 مليار ريـال حتى نهاية السنة، ليصل المبلغ الإجمالي إلى 47 مليار ريـال، لتأمين الأدوية وتشغيل الأسرّة الإضافية وشراء المستلزمات الطبية اللازمة".
كما كشف الربيعة عن مساهمة الشركات والأفراد في صندوق محاربة فايروس "كورونا" تحت الوقف الصحي، ووصف مساهمات الـ "كبيرة وصلت إلى نحو مليار ريـال"، وشكرهم على دعمهم.
مشكلات وحلول
ظهر الربيعة مرات عدّة على وسائل الإعلام، منذ بدء الأزمة، مخاطباً السعوديين والمقيمين بحقيقة الوضع على الأرض، شارحاً استراتيجية المواجهة، منتقداً بشدة أولئك الذين لم يلتزموا بالتعليمات والاحترازات يقول "بالرغم من كل هذا الدعم الذي تقدمه الدولة، فإننا نواجه مشكلتين: الأولى، عدم توافر معروض كاف من المعدات والأجهزة الطبية في الأسواق العالمية، يلبّي جميع احتياجاتنا المستقبلية، في حال ارتفاع الإصابات بشكل كبير لا قدر الله.
والثانية، تهاون بعض أفراد المجتمع بالإجراءات والالتزامات الاحترازية، يؤدي بحسب الدراسات إلى وصول عدد الإصابات إلى مستوى لا يستطيع القطاع الصحي مواجهته.
من الواضح أن الربيعة يريد الوقت ليتمكن من تعزيز خططه للمواجهة، حيث يطرح تصوره للحل الكفيل بتحقيق أفضل استجابة ممكنة للمشكلتين ويتمثل في "القيام بجميع الجهود التي تسهم في الحدّ من ارتفاع أعداد المصابين في المملكة، بما يتيح للوزارة الوقت لشراء المزيد من أجهزة التنفس الصناعي، وغيرها من الأجهزة والمستلزمات الطبية". وتابع موضحاً "كلما قللنا عدد الإصابات إلى أطول فترة زمنية ممكنة، تمكنا من الاستفادة من آخر العلاجات أو اللقاحات التي تثبت فائدتها طبياً لعلاج أو لحماية المواطنين والمقيمين".
أما الجانب الآخر للخطة فهو "قيام وزارة الصحة بمشاركة جميع الوزارات الأخرى والأجهزة المعنية بالتوعية، واتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية اللازمة". وبعد كل ذلك يقول الربيعة "هي مسؤولية كل مواطن ومقيم لم يلتزم بتلك الإجراءات الاحترازية".
بروتوكول علاجي سعودي
وبخصوص العلاج واللقاحات يكاشف الربيعة السعوديين بالقول "لقد سمعنا كثيراً عن وجود علاج ولقاحات كثيرة، كل هذه دراسات؛ أؤكد أنه لا يوجد علاج أو لقاح لغاية الآن، وأتوقع أن هذا الأمر سوف يستمر فترة. وحتى لو وجد اللقاح فإنه يحتاج إلى أشهر للتأكد من سلامته".
ويوضح أن البرتوكول العلاجي المطبّق في مشافي المملكة "نحن في المملكة عملنا برتوكولاً علاجياً لتحقيق أعلى العلاجات المتاحة حالياً لتسريع الشفاء، لكن هذه محاولات ونرجو من الله الشفاء لكل من أصيب في المملكة وفي جميع أنحاء العالم.
ويذكّر الربيعة سكان المملكة "إذا أحسّ شخص بأعراض كورونا، فبإمكانه عمل الاختبار الذاتي بتطبيق «موعد»، وإذا ظهر أن هذه الأعراض مشابهة لأعراض كورونا، فسيتواصل معه الزملاء في وزارة الصحة، لتقديم الرعاية الصحية المناسبة".
وعن ارتفاع الأعداد المسجلة لمصابي فايروس كورونا، أوضح الربيعة بأنه يعود إلى توسع السلطات السعودية في عمليات الفحص للكشف عن المصابين بالمرض، حيث أوضح الناطق باسم الصحة، بأن الرقم أكثر من نصف مليون فحص مخبري للكشف عن المصابين بفيروس كورونا (حتى تاريخ 17-5-2020).
معدّل الوَفَيات أقل بـ10 مرات
يحسب للربيعة أن معدل الوَفَيات في المملكة منخفض جداً، مؤكدا أن معدلات الوَفَيات بسبب فايروس كورونا في السعودية، أقل بعشر مرات من المعدل العالمي.
ويعتقد الربيعة ان ذلك يعود لسببين رئيسين، أولهما وجود بروتوكول علاجي دقيق وموحّد طورته وزارة الصحة، عبر مجموعة من الخبراء السعوديين الذين يقومون بالاجتماع بشكل يومي، لتحديث البروتوكول، بناء على كل جديد في طرق العلاج، بينما يعود السبب الثاني للفحص الموسع والمسح النشط الذي يتم من خلاله تتبع الحالات والبحث عنها، والوصول إليها قبل انتشارها، وقبل أن تسوء الحالات. وهو ما نتج عنه سرعة تقصّي الحالات وعلاجها".
ويرى الربيعة بأن القصد من الإجراءات والاحترازات "كي لا نصل إلى مرحلة متطورة جداً من زيادة عدد الإصابات، كما حدث في عدد من الدول، في حين أن محاصرتنا لعدد الإصابات والسيطرة عليها في مدة من أربعة أشهر إلى سنة، تضمنان لنا جاهزيتنا في تحقيق المعايير الدولية بالتعاطي مع هذه الجائحة بأفضل طريقة ممكنة".
ويحذر الربيعة بأن "الدولة طبّقت مجموعة كبيرة من الاحترازات، وبقي الدور علينا جميعاً أن نلتزم بأنفسنا ومع أهالينا بهذه الاحترازات، لضمان سلامتكم وسلامة الجميع، فنحن في مركب واحد، إذا التزمنا جميعاًفسنصل إلى برّ الأمان، لذا يجب التعاون معهم، وكل شخص منكم مسؤول، وكلنا مسؤولون، حتى نحقق سلامة مجتمعنا وأهالينا وأنفسنا".
ولفت الربيعة محذراً «مازلت أقول إن الخطر مازال قائماً ودعمكم ومساعدتكم في تطبيق الإجراءات الوقائية مهم جداً في هذه الجائحة، فأنتم شركاء لنا في مواجهة الفايروس". ثم أكد قائلاً "في الختام أقول اطمئنوا أنتم في المملكة العربية السعودية، تحت ظل قيادة وضعت صحة الإنسان أولاً».
جبل طويق
وفي متابعة لما ينشره على مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أن الربيعة يشيد مراراً وتكراراً بدور العاملين بحقل الصحة، ويصفهم بأبطال الصحة يقول: تعجز الكلمات عن شكركم وتقديركم، فخور جداً بعملي معكم، وأسأل الله أن يعينكم ويوفقكم، والجميع فخور بكم وممتن لجهودكم الكبيرة. وشكراً لا تكفي على ما تقومون به". مؤكداً ثقته بأن العاملين في الصحة سيكونون على قدر كبير من المسؤولية والكفاءة.. مستشهداً بما قاله ولي العهد محمد بن سلمان "لدينا همة جبل طويق".
وفي اليوم العالمي للتمريض يقول: لطالما كان هناك ركن آمن في كل مرحلة مهما بلغت شدتها، ولطالما كنتم هذا الركن الذي يتكئ عليه العالم بأكمله، شكراً لتضحياتكم وإرادتكم في سبيل انقاذ أوطان تؤمن بكم.
واستغل الربيعة حسابه على "تويتر" لتوجيه الشكر للقيادة حيث كتب يقول "التكامل الرائع بين الجهات الحكومية في هذه الأزمة خلفه قائد فذّ، يعمل بلا كلل ولا ملل، استطاع خلق فريق متناغم، هذا القائد هو الأمير محمد بن سلمان الذي يعمل تحت قيادته بتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين. فالله يحفظهم"
شخصية مؤثرة ومتأثرة
قبل انتشار فايروس كورونا، حصل الربيعة على جائزة "الشارقة للاتصال الحكومي لعام 2019م" لفئة أفضل شخصية مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، في خدمة المصلحة العامة للتوعية، التي أقيمت في دولة الإمارات العربية المتحدة في مارس 2019.
وخلال الجائحة عزز الربيعة حضوره على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبح أحد مشاهر "السوشيال ميديا" متوجهاً في نشاطه للجمهور العام، حيث نجد لديه اليوم نحو 3.6 مليون مشترك في حسابه على "تويتر"، وقد نشر فيها نحو 2450 تغريدة.
في واحدة من تغريداته مؤخراً يخاطب طبيباً سعودياً أصيب بفايروس كورونا ونقل العدوى إلى عائلته، يقول الربيعة: «أخي د. عمر.. أسأل الله لك ولعائلتك الشفاء والسلامة، المجتمع يقدّر لك ولجميع الممارسين الصحيين تضحياتكم».
من جانبه، ردّ الدكتور عمر على تغريدة وزير الصحة قائلاً « شكراً لاهتمامكم وتفقدكم ودعواتكم الطيبة معالي الوزير، وليس بمستغرب عليكم اهتمامكم بالممارسين الصحيين، والله إنه لشرف لي خدمة المواطن والمقيم، وهذا أقل الواجب تجاه الوطن أدامه الله علينا».
وكتب الدكتور عمر، عبر حسابه على "تويتر" قصة نقله فايروس كورنا لأسرته، ومن ضمنهم أمه وإخوته، قائلاً: «ما تخيلت أبداً في يوم من الأيام أني أضرّ أمي واخواني، ولا تخيلت أبداً انه في يوم سيدخلون المستشفى كلهم بسببي! أشعر بالذنب لانتقال العدوى مني لأمي وإخواني».
وتابع الدكتور عمر قائلًا: «فيا ربّ ما خرجت من البيت إلا لخدمة الناس ومساعدتهم، أنزل علينا رحماتك وشفاء لا يغادر سقماً... تذكرونا بدعوة في ظهر الغيب».
يوم بكى الربيعة
تعاطف وتأثر الوزير الربيعة بحالة وقصص المرضى، يعود لفترة ما قبل انتشار جائحة كورونا، يروي في واحدة من لقاءاته التلفزيونية، بأنه رأى الكثير من المواقف وسببت له كثيراً من الألم.
ورداً على سؤال يتعلق بالقصة الأكثر تأثيراً عليه يقول "إحدى تلك القصص تتعلق بطفلة أصيبت بمرض، وظهر لديها الورم وأثر في شكلها، وحين رأيت الطفلة وكيف تبكي، كان مؤلماً... مؤلماً جداً... أن ترى بنتاً بهذه الحالة، ولا أخفي عليك أنه دمعت عيني..."
ويضيف "شيء محزن جداً أن ترى طفلاً يتألم بسبب مرض، نحن بالتأكيد تابعنا وقدمنا كل ما نستطيع لكن كان المرض مستعصياً وتوفيت الطفلة".
حياته الأسرية
المعلومات المتوافرة عن الحياة الشخصية للربيعة نادرة، فهو متزوج من السيدة مها بنت محمد بن سعود السياري، ولديه خمسة أبناء هم: محمد, خالد, عمر , سعود , سارة.
وتشير مصادر صحفية إلى أن ابنه الطفل (سعود) توفي بحادثة غرق في عام 2012، وقد كان في الخامسة من عمره، ووجه حينها الربيعة شكره لمن واساه، في وفاة نجله، طالباً عدم نشر أي نعي أو تعزية تخصه في الصحف، والتبرع بقيمتها لوجه الله تعالى.
أشكر جهودكم الجبارة
انطلاقاً من أهمية الدور العاملين في قطاع الصحة، فإن الوزير الربيعة وجه رسالة مسجلة إلى كل العاملين في القطاع الصحي، مقدماً لهم الشكر والتقدير والامتنان، على جهودهم الرائعة والجبارة في حماية بلدنا من فايروس كورونا.
وقال الدكتور الربيعة خلال اتصاله الهاتفي المسجّل عبر "959": الإخوة والأخوات العاملين في القطاع الصحي "السلام عليكم أنا أخوكم توفيق الربيعة؛ أتقدم لكم بالشكر والتقدير والامتنان على جهودكم الرائعة والجبارة في حماية بلدنا من فايروس كورونا، فلكم مني كل الشكر والتقدير والامتنان".. والسلام عليكم".
عودة تدريجية للحياة الطبيعية
أعلن وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة، عن بدء مرحلة العودة التدريجية للحياة الطبيعة من الخميس، (28-أيار -2020)، وأشاد بالدعم الكبير لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، لقطاع الصحة والمبادرة لاتخاذ إجراءات مبكرة وامتثال المواطنين والمقيمين للاحترازات، كونها أهمّ العوامل التي ساعدت في السيطرة على وتيرة انتشار الفايروس وخفض عدد الوفيات التي هي من
أقل النسب في العالم.
وأثنى الربيعة في كلمته المصوّرة على الخبراء السعوديين بالتعامل مع الفايروس، وكشف عن خطته للمرحلة المقبلة التي تعتمد على مؤشرين: الأول، يتعلق بالقدرة الاستيعابية للحالات الحرجة. والثاني، التوسّع في الفحوص والوصول المبكر إلى المصابين.
وربط الانتقال من مرحلة إلى أخرى بالتقييم الدقيق لهذين العاملين، ودعا للاهتمام بمن هم فوق الـ65 عاماً، وأصحاب الأمراض المزمنة، لأنهم الأكثر عرضة للخطر. وختم بتأكيد التباعد الاجتماعي والطلب من الجميع تغطية الأنف والفم أثناء الخروج من المنزل.