إنفوجراف| الإدارة الاستراتيجية.. المهارات والتكوين
يقول مثل ياباني شهير "عندما يقتلك العطش فإن الأوان سيكون قد فات للتفكير في حفر بئر". هذا القول يسلط الضوء على أحد أهم العناصر الأساسية في الحياة وهو التخطيط ، والذي يعتبر مفتاحا للحياة، لأنك لن تعيش في الفوضى وتحقق نجاحات، وحتى إن فعلت فذلك سوف يتم تصنيفه ضمن العشوائيات والحالات الشاذة التي تحفظ ولا يقاس عليها، لذلك فالتخطيط هو منهاج حياة لأي كيان ينشط ضمن مجتمع ويرغب في تحقيق هدف أو جملة أهداف، وباعتبار المؤسسة كيانا مستقلا ينشط ضمن سوق وله أهداف يسعى لتحقيقها، فإنها ستكون حتما أمام واجب انتهاج خطة للسير نحو النجاح الذي يعتبر تحقيقا للأهداف.. في علم الإدارة والتنظيم يرمز للخطة الكبرى التي تنتهجها المؤسسة بالاستراتيجية، والعمليات الإدارية التي تنسق هذه الاستراتيجية تدعى الإدارة الاستراتيجية.
بطبيعة الحال فإنه ومنذ وقت طويل جدا كانت المؤسسات والتنظيمات قد تخلت عن الفوضى الإدارية من خلال اعتماد الأساليب التي تقود للتنظيم الساعي للمثالية، وهذا أمر منطقي جدا، خاصة في ظل الصراع المحتدم بشكل متواصل بين المؤسسات والتنظيمات، إن الإدارة الاستراتيجية وخاصة عند تنفيذها بشكل جيد تقود حتما للنجاح، فعندما نقول إن الأعمال تنفذ وفق إدارة استراتيجية فإننا نعني بذلك أن الإدارة الاستراتيجية التي تحدد للمؤسسة أو التنظيم نمطا لأنشطتها التجارية أو الصناعية أو حتى الإدارية، وذلك وفق أهداف واضحة ومحددة بشكل جيد. يشترط بعد ذلك للتنفيذ المواءمة بين الأنشطة بحيث تكون الأعمال خاضعة للتنظيم والانسجام، مع مراعاة ترسانة الموارد اللازمة لتحقيق تلك الأهداف.
ما هي المهارات اللازمة للإدارة الاستراتيجية؟
تعتبر الإدارة الاستراتيجية عملية متعددة الأوجه فهي تتطلب العديد من المهارات المختلفة في مجال الأعمال والقيادة، فعلى سبيل المثال فإن الإدارة الاستراتيجية تتطلب أن يكون المدير التنفيذي تحليليا للغاية، أي أن تكون لديه المهارات التحليلية للوقائع والمعطيات بشكل دقيق وذهني في بعض الأحيان.
كما يطلب من القادة الذين يقومون بتطوير الاستراتيجيات التي ترتكز على الأعمال التجارية، أن تكون لديهم نظرة شمولية حول الشركة، بالإضافة إلى فهم معمق لكيفية ترابط كل شيء في مجال الأعمال، فهم بحاجة لفهم أشياء مثل التوقعات المتعلقة بأصحاب المصالح، واحتياجات العملاء، والمشهد التنافسي، وكذا الاتجاهات العالمية، والبيئة التي تجري فيها الأعمال إلى غير ذلك.
ولكي تكون الإدارة الاستراتيجية ناجحة، يجب أن تنطلق من فهم معمق للعوامل الداخلية وكذا العوامل الخارجية التي لها علاقة بنجاح الشركة، سواء كانت قصيرة أو طويلة المدى.
إن الأهمية التي تحيط بالإدارة الاستراتيجية، منطلقة بالأساس من الاستراتيجية كمفهوم، ولذلك نجد أن الإدارة الاستراتيجية تستند بالأساس إلى استراتيجية واضحة، يتم العمل من أجل تحقيق بنودها، وهنا يجب أن يكون المدير التنفيذي أو المسؤول عن الاستراتيجية وإعدادها قادرا على التجرد التام في الجانب النظري في إطار تحليل الأعمال، وفي نفس الوقت أن يكون عمليا في استراتيجية الأعمال، فالمديرون التنفيذيون مجبرون على إلقاء نظرات معمقة بشكل دوري على تحليل الأعمال المتعلق بالمؤسسة، حتى تكون لهم دراية واسعة بنواتج التحليل ومجموعة الفرص المتاحة من خلاله، وعليه تحدي تلك الفرص التي سوف يتم استغلالها، وهذا من أجل أن يتمكنوا من تطوير استراتيجية مضبوطة قدر الإمكان تحدد كيف ستتم الاستفادة من مجموعة الفرص حتى يتم الوصول للنجاح.
بالإضافة لذلك فإن الإدارة الاستراتيجية هي إجراءات إدارية معدة مسبقا، أي إنها ستكون في حاجة كبيرة وضرورية لمهارات إدارية كبيرة بمعنى أدق فإنها ستستفيد من المدير التنفيذي الذي له دراية وفكر واسعان، فالمدير التنفيذي يجب أن يكون قائدا قويا ذا كاريزما عالية حتى يتسنى له تنفيذ الاستراتيجية ونقلها من الورق الى الواقع.
وفي الحقيقة فإن المدير التنفيذي يحتاج بشدة إلى أن ينخرط مع أصحاب المصالح داخل وخارج الشركة، وأن يكون على دراية واسعة بالتحديات التي تواجه التنفيذ الاستراتيجي، بالإضافة إلى أنه يجب أن يكتسب رصيدا علميا لا بأس به حتى يقود الاستراتيجية نحو التحقيق.
ما هو التكوين المطلوب للإدارة الاستراتيجية؟
نظريا، من الممكن إتقان جميع المهارات التي يتطلبها المسؤول عن الإدارة الاستراتيجية، وهذا ببساطة من خلال اكتساب الخبرة في العمل والتدرج في هرم السلطة، ومع ذلك، هذا النمط سيكون حتما غير عملي، وسيكون بطيئا نوعا ما، فمن المهم تطوير برنامج تدريبي للإدارة الاستراتيجية، بحيث يكون أسرع للوصول إلى القدرات التي تتطلبها الإدارة والتسيير، ويجب أيضا تطبيق هذا التدريب تحت إشراف خبير استراتيجي متمرس.
إن التدريب هو وسيلة تضع المتكون في جو مماثل لمواقف قد يصادفها أثناء توليه للمنصب الإداري فتصقل مهاراته وتتطور قدراته في الإدارة بصفة عامة وفي الصياغة والتسيير الاستراتيجي بصفة خاصة.
وهناك العديد من المؤسسات التعليمية والتكوينية التي تقدم دورات في تطوير الأعمال والإدارة، لذلك إن أردت أن تختار معهدا للتكوين الإداري اختر ذلك الذي ينتهج برنامجا عميقا وتفاعليا يضعك في جو الإدارة الحقيقية، ويصنع مواقف قد تبدو لك عادية ولكنها غاية في الأهمية.
مزايا الدورة الجيدة
الفهم: عند تناولك لدورة في الإدارة الاستراتيجية فإنك تكتسب فهما عميقا للطريقة التي تكون فيها بيئة الأعمال، لأنك وقبل كل شيء مجبر على الإحاطة بشكل كبير بموضوع البيئة وأهميتها في صياغة الاستراتيجية ومن ثم إدارتها، وبطبيعة الحال فإن البيئة لن تكون ثابتة فهي متغيرة من جهة إلى جهة ومن مؤسسة إلى أخرى، وهذه البيئة المنقسمة لبيئة داخلية وخارجية ستكون بمثابة الأرض التي يوضع عليها البناء، والمقصود بالبناء هنا هو الاستراتيجية التي ستبنى خطوة خطوة مع مراعاة وفهم شامل للبيئة المحيطة بالتنظيم.
التطوير: إن تناولك لدورة جيدة في الإدارة الاستراتيجية، سيجعلك تحصل على فرصة عظيمة لتطوير مهارات التفكير الاستراتيجي الخاص بك، خاصة فيما يتعلق بالطريقة التي تسير بها أعمالك، في بيئتها المباشرة والشاملة، فالتكوين بصفة عامة هو تطوير للمكتسبات وصقلها وإضافة ذات فائدة لمعارف سابقة، وحتما الشخص الذي مر على تكوين أو تدريب سيختلف بشكل كبير عن شخص لم يخضع لعمليات إدخال المعلومات وإكساب المهارات، تماما كالروبوت، الذي تتم برمجته لأداء مهام مختلفة ومحددة في بيئات معينة، لذلك فالرجل الاستراتيجي، - كحصر لمفهوم موسع هو المدير التنفيذي – سيكتسب من خلال التدريب و التكوين ما يصطلح عليه مجموع الخبرات و هي القاعدة التي ينطلق منها، و بعد ذلك يأتي دور الميدان باعتباره المدرسة النهائية التي يكتسب منها المدير الدروس بشكل يومي.
الإبداع: التدريب أو التكوين سيعمل على توسيع مخيلتك في مجال التسيير الاستراتيجي فالأمور لن تسير كما هو مخطط لها بنسبة 100% فهناك صعوبات سوف تصادف الاستراتيجية أثناء التطبيق و التنفيذ، وهناك أمور قد تضغط على التنظيم داخليا كالحركات النقابية والإضرابات والاستقالات الجماعية، وخارجيا كجماعات الضغط واللوبيات والمنافسة الشديدة والإعلام المضاد.. طبعا هذه الأمور سوف تكون بمثابة ضغوطات تنظيمية دون أن ننسى الازمات المفاجئة، كل هذه الأمور ستكون في حسبان المدير التنفيذي او المسؤول الاستراتيجي، ومن خلال تدريبه المسبق وتكوينه الجيد، سيكون هذا المدير متحليا بالارتجالية، وعلى أهبة الاستعداد لأي طارئ قد تقع فيه المؤسسة، لذلك يجب أن تعرف أن التكوين الجيد سيجعلك تتخذ القرارات الجيدة في أوقات ضيقة جدا، في سبيل حماية الاستراتيجية.
الإدارة الموسعة: التدريب الجيد في الإدارة الاستراتيجية سوف يمنحك القدرة على الإدارة بدءا من فريقك وصولا للتنظيم الكلي، وطبعا هذا سيكون بسبب اكتسابك لفكر تنظيمي، يضاف إليه شيء من العوامل السيكولوجية كالكاريزما والنمطية القيادية. لذلك نرى دائما أولئك المديرين الذين تم تكوينهم تكوينا معمقا، يمارسون الإدارة على حذافيرها، بنسبة أخطاء تقارب 0 % وإجراءات دقيقة تعود بالنفع على المؤسسة وتفتح الطريق أمام تحقيق بنود الاستراتيجية من أجل الوصول للأهداف المسطَرة.
ما هي النتائج طويلة الأمد للإدارة الاستراتيجية؟
الإدارة الاستراتيجية كما سبق وذكرنا هي الوريد الذي ينعش التنظيم، لأن التنظيم بدونها يدخل ضمن العشوائية، أي إنك لو رأيت أي مؤسسة، تنشط بدون استراتيجية فتيقن أنها منظمة عشوائية تتأرجح في السوق دون بوصلة، فعندما يتم البحث عن النوع الجيد والمثالي للتكوين على الإدارة الاستراتيجية، يكون هناك ما يلزم لقيادة الشركة نحو مستقبل جيد، فقط من خلال ما تقدمه دروس التكوين، كما سيكون هناك تحصيل عميق للمهارات الضرورية وأنماط التفكير والأدوات التي تكون هناك حاجة لها لربط المؤسسة بين الحاضر والمستقبل، غير إن هذا لا يعني السلاسة، فالمنظمة ستكون كالسفينة المبحرة بين الأمواج العالية، لأن بيئة الأعمال تتغير يوميا بوتيرة متصاعدة، ورجل الأعمال الفذ هو ذلك الذي يوفق بين ما تحتاجه المنظمة وما يفرضه السوق.
إن الاستراتيجية في مجملها لن تقل عن 5 سنوات، كاستراتيجية كاملة، لذلك فإنها ستعتمد على التجزئة من أجل إدراك الأهداف وذلك يتم من خلال تقسيمها لخطط فرعية، تندمج داخلها جملة تكتيكات يتم استعمالها كعناصر استراتيجية مصغرة، هذه العناصر تتكاثف فيما بينها لتجعلنا نصل الى الأهداف الكلية التي تم رسمها منذ البداية.