الوجه الآخر لـ كورونا.. آثار إيجابية للفيروس على الكرة الأرضية
برغم أن فيروس "covid-19" وباء يهدد العالم كله، وله العديد من السلبيات، سواء على الستوى الصحي أو الاقتصادي، لكن بدأت تظهر بعض النتائج الإيجابية للفيروس على كوكب الأرض وخاصة بسبب الإجراءات الوقائية التي اتخذتها العديد من البلدان من أجل إبطاء انتشاره، حيث انخفضت مستويات تلوث الهواء بنحو 50% مقارنةً بالعام الماضي، كما شهدت مستويات ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) انخفاضاً بنسبة تصل إلى 60٪ عن نفس الفترة من العام الماضي أيضاً.
ويصنف ثاني أكسيد النيتروجين المنبعث من عوادم السيارات من أخطر ملوثات الهواء التي تساهم بشكل غير مباشر في ارتفاع درجة حرارة الأرض، ومع انخفاض النشاط الاقتصادي العالمي نتيجة لوباء الفيروس التاجي، فإنه ليس من المستغرب أن يتم تقليل انبعاثات مجموعة متنوعة من الغازات المتعلقة بالطاقة والنقل.
ومن جهة أخرى، قد تتغير هذه النتائج المذهلة على البيئة بمجرد بدء الحكومات في جميع أنحاء العالم برفع الحظر عن عمل الشركات والمصانع لإعادة إحياء اقتصادها المنهار وقد ينتهي الأمر إلى جعل وباء الفيروس التاجي خطوة إلى الوراء بالنسبة لجهود إنقاذ المناخ.
انخفاض تلوث الهواء في دول الخليج
وفي العالم العربي، أظهر مركز محمد بن راشد للفضاء (MBRSC) مدى انخفاض مستويات تلوث الهواء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بين نوفمبر 2019 ومارس 2020، حيث يظهر انخفاض مستوى ثاني أكسيد النيتروجين بشكل واضح في الهواء.
ويبدو الانخفاض في التلوث واضحاً من أواخر شهر فبراير بالتزامن مع الإجراءات الاحترازية التي تم تنفيذها في المنطقة لمنع انتشار فيروس كورونا، حيث تم إغلاق المطاعم ودور السينما ومراكز التسوق والشواطئ، كما تم إلغاء جميع الرحلات الجوية تقريباً بالإضافة إلى انخفاض حركة المرور على الطرق بسبب حظر التجول حيث أصبح معظم السكان يعملون من المنزل.
ووفقاً لمنظة الصحة العالمية: "يتم إنتاج ثاني أكسيد النتروجين بشكل أساسي من المحركات والعمليات الصناعية وعمليات توليد الطاقة"، وقد أدى الانخفاض في الانبعاثات إلى تحسين جودة الهواء في دول مجلس التعاون الخليجي.
عودة الحياة البرية
وأظهرت العديد من الصور الملتقطة من الأقمار الاصطناعية في الشهر الماضي كيف انعكس تأثير الفيروس التاجي على البيئة، وتبين مدى انخفاض تلوث الهواء في الصين ونقاء قنوات المياه في البندقية بالإضافة إلى عودة الحياة البرّية إلى العديد من المناطق حول العالم، أما في نيودلهي أكثر المدن تلوثاً على وجه الأرض حيث يرتدي الكثير من الناس منذ زمن طويل أقنعة الوجه بشكل روتيني لتنقية الهواء، فقد ظهرت السماء نقية وزرقاء في مشهد نادر ورائع وذلك بعد تطبيق إجراءات التباعد الإجتماعي، وأصبحت الطرق والأماكن العامة مفتوحة وفارغة من الناس والأصوات والتدافع، ويمكن ملاحظة الطيور وسماع أصواتها مثل طيور البوق الرمادي النادرة، وفي المساء تنفجر السماء بالنجوم التي لم يكون من الممكن مشاهدتها قبل عدة أشهر.
وقالت جيني بيتس صديقة حملة الأرض النظيفة أصدقاء الهواء: "إن رؤية هذا الانخفاض في تلوث الهواء يظهر أن حركة المرور الأقل يمكن أن تؤدي إلى هواء أنظف، ويجب ألا نتسرع في العودة إلى حيث كنا أو تحقيق ماهو أسوأ بمجرد تلاشي خطر فيروس كورونا".
وفي المملكة المتحدة، حث رئيس الوزراء بوريس جونسون الناس على العمل من المنزل وتجنب السفر غير الضروري وإغلاق المدارس في 16 من شهر مارس الماضي، وقد تمت مقارنة القراءات اليومية من محطات مراقبة جودة الهواء منذ 17 مارس بالفترة نفسها من العام الماضي، ووجد التحليل الذي أجرته وحدة البيانات المشتركة لهيئة الإذاعة البريطانية انخفاضًا أكبر في تلوث الهواء منذ الإعلان عن الإغلاق مقارنة بالعام الماضي، حيث انخفضت نسبة التلوث إلى أكثر من النصف حتى في المدن شديدة التلوث مثل لندن وجلاسكو وبريستول وأكسفورد بالإضافة إلى مقاطعة كيرفيلي في ويلز حيث تسجل عادةً أعلى مستويات ثاني أكسيد النيتروجين خارج مدينة لندن.
انخفاض تلوث الهواء في أمريكا
ومؤخراً، كشفت بيانات الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا عن انخفاض كبير في تلوث الهواء في الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت تطبيق الحظر الجزئي على بعض الولايات المتضررة من الفيروس التاجي، وتظهر بيانات من جهاز مراقبة الأوزون (OMI) على القمر الصناعي"Aura" التابع لناسا انخفاضًا كبيرًا في ثاني أكسيد النيتروجين في الغلاف الجوي، وشاركت الوكالة صوراً تظهر المقارنة بين تأثير ثاني أكسيد النيتروجين بين مارس 19-2015 و2020، والتي تظهر انخفاضاً بنسبة 30% في ولايات مثل واشنطن وفيلادلفيا وبوسطن.
2020 عام الحد من الاحتباس الحراري
ولقد سلط العديد من خبراء المناخ الضوء على عام 2020 باعتباره عامًا مفصليًا من أجل اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من الأثار الكارثية المتوقعة للاحتباس الحراري، وبدأ الاهتمام العالمي بالحرائق والفيضانات التي حدثت مؤخراً حتى طغى وباء كورونا على العالم، والذي أتى بنتائج رائعة على البيئة والمناخ، ولكن يتعين على الحكومات اليوم توخي الحذر بشأن كيفية إعادة تنشيط اقتصاداتها مع مراعاة نسبة الانبعاثات، ويؤكد بعض العلماء في مركز البحوث المناخية الدولية أنه في حال استمر الوباء لفترة طويلة فمن المرجح أن تنصب جهود الدول على تعزيز النمو الاقتصادي الخاص بها بغض النظر عن التأثير المدمر لذلك على البيئة.