من حقول القطن إلى القصور الفخمة.. حكاية أول مليونيرة أمريكية عصامية
عرضت شبكة نتفليكس قبل يومين المسلسل القصير (Self-Made ) المستوحى من أحداث حقيقية في حياة المليونيرة الأمريكية والناشطة الحقوقية والنسوية سارة بريدلوف، والمعروفة باسم مدام سي- جيه ووكر، وقامت ببطولته الممثلة الأمريكية الحاصلة على جائزة أوسكار أوكتافيا سبنسر، بعدها بدأت أنظار الجميع تتوجه نحو هذه السيدة التي تمكنت من تحقيق المستحيل، وسجلت موسوعة جينس اسمها كأول مليارديرة عصامية ذات بشرة سوداء.
تعتبر مدام سي جيه ووكر نموذجا يُحتذى به للمثابرة والكفاح والإصرار الشديد للوصول إلى ما تحلم به وتسعى إليه، خاصة وأنها تحولت من كونها غسالة ملابس إلى أهم رائدات الأعمال في تاريخ الولايات المتحدة.
مسيرة نجاح روبرت ستيفن روبن.. رئيس واحدة من أكبر شركات الملابس الرياضية
من الحقول إلى القصور
وُلدت سارة بريدلوف عام 1863 في مزرعة في لويزيانا، بعد إعلان التحرر بفترة ليست طويلة، وكان والدها واخوتها الأكبر سنًا من مستعبدين، وعانوا من فقر مُدقع، فلم يكن أمامها سوى العمل في الحقول أو غسل الملابس، ولكن قبل وفاتها عن عمر يناهز 51 عامًا، كانت تعيش في قصر فخم على بعد أميال قليلة من القصر الذي يعيش فيه رجل الأعمال الأمريكي جون دي روكفلر، وكانت شركتها التي تقدم منتجات العناية بالبشرة توفر آلاف الوظائف للنساء الأمريكيات ذوي البشر الملونة.
الاستفادة من تجربة شخصية
بدأت رحلة كفاح مدام سي جيه ووكر خلال التسعينيات في القرن التاسع عشر، عندما بدأ شعرها يتساقط بسبب سوء حالتها النفسية وعملها المتواصل وعدم حصولها على أي قسط من الراحة، بالإضافة إلى أن المياه التي كانت تستعملها لم تكن نظيفة، واُصيبت بالقمل والحشرات.
لم تكن هذه حالة مدام سي جيه ووكر وحدها، ولكن أغلب النساء صاحبات البشرة الملونة عانوا من الأمر نفسه، وقتها حاولت استخدام كافة أنواع المنتجات للعناية بالشعر لكنها لم تكن مُجدية، وفي النهاية قررت صنع منتج خاص بها، واستقرت على استخدامه، وبعد فترة لاحظت نتائجه المُبهرة.
بعد انفصالها عن زوجها الأول تزوجت سارة بريدلوف من رجل مبيعات يُعرف باسم تشارلز جوزيف ووكر، ويعرف اختصارًا (سي. جيه ووكر) وحصلت على اسمه وأطلقت اسمه على المنتجات التي تطلقها، وبدأت تسويق للمنتجات، ومن هنا قامت بأول الخطوات لتصبح رائدة أعمال في عالم العناية بالبشر ومستحضرات التجميل لصاحبات البشرة السوداء والملونة، وفي وقت وفاتها، كانت ثروتها قد تجاوزت مليون دولار، باعتها في البداية من الباب إلى الباب، ثم تطور نشاطها وأصبحت تبيع المنتجات عبر البريد.
وبرغم ما واجهته من عقوبات ومصاعب إلا أنها تمسكت بحلمها، وأصرت على استئناف العمل، وافتتحت أول مصنع لها في إنديانابوليس، وكذلك بنت مدارس تجميل لتعليم فنون العناية بالشعر وأفضل الطرق لتصفيفه.
نجاح ساحق
بعد النجاح الكبير الذي حققه انضمت إليها ابنتها ليليا ووكر، وساعدتها في إدارة الصالون الذي أقامتاه في هارلم بنيويورك. امتلكت مدام سي جيه ووكر العديد من المنازل الفاخرة في أماكن مختلفة بالولايات المتحدة، مثل هارلم، مانهاتن، بالإضافة إلى صالونات في ولايات ومدن عدة بالولايات المتحدة.
مع نمو ثروتها، قامت مدام سي جيه ووكر في الأعمال الخيرية والحقوقية. وقدمت أكبر تبرع فردي للجمعية الوطنية للنهوض بالملونين في ذلك الوقت، والذي بلغ حوالي 5000 دولار لدعم جهودها في مكافحة العنصرية والتطرف ضد أصحاب البشرة الملونة.
في عام 1919، توفيت مدام سي جيه ووكر بسبب ارتفاع ضغط الدم، وبعد كل هذه الأعوام لا تزال من أهم رواد الأعمال في تاريخ الولايات المتحدة، وتعد نموذجًا يُحتذى به ويطمح العديد من رواد الأعمال أن يصلوا إلى ما وصلت إليه.