كيف حوّل ساتيا ناديلا مايكروسوفت إلى شركة بقيمة تريليون دولار؟
منذ توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، حقق ساتيا ناديلا نجاحا منقطع النظير، حيث ارتفعت قيمتها السوقية إلى 1 تريليون دولار، بعدما كانت حوالي 300 مليون دولار! محولاً المؤسسة تحت قيادته إلى قوة سحابية جديدة.. نستعرض معا في هذا التقرير سر هذا النجاح الكبير، وعلى ماذا اعتمد ناديلا في تغيير استراتيجيات الشركة...
عقلية النمو
وفق عقلية النمو فإنه من الممكن تطوير المهارات من خلال العمل الشاق، والتعلم من التحديات والتعامل مع الفشل باعتباره فرصا للنمو. أما العقلية الثابتة فهي تعتقد أن الموهبة فطرية وأن المثابرة واستمرار الكفاح مؤشر للفشل.
حاولت الباحثة كارول دويك معرفة الفرق بين العقليتين، وتحديد تأثير كل منها على النجاح والوصول إلى القمة، وكان هدفها هو معرفة كيف يتعامل الناس مع الفشل، وكيف يستطيعون الاستفادة منه من أجل الوصول إلى ما يريدون.
ووجدت أن الأشخاص الذين يرون أن المهارات المختلفة والذكاء أمور يمكن تعلمها وتطويرها من خلال التعلم والممارسة أكثر نجاحًا على المستويين المهني والشخصي، مقارنة بالأشخاص الذين يعتقدون أنها أمور فطرية ولا يمكن تغييرها.
حسب دراسات دويك، فإن العقلية الثابتة غالبًا ما تجعل أعضاء الفريق أقل تعاونية ومهنية وأخلاقية، وأقل استعدادًا لتحمل المخاطر مقارنة من الموظفين الذين يعتقدون أن شركاتهم لديها عقلية النمو.
ونظرًا لحدوث التغيرات التكنولوجية بسرعة، فإن عقلية النمو أصبحت أهم الأدوات التي يجدر بالشركات والمسؤولين في المؤسسات المختلفة الاعتماد عليها للنجاح وتحقيق الأهداف، وهو ما قام به بالفعل ناديلا بعدما أصبح المدير التنفيذي لمايكروسوفت.
«مايكروسوفت» تخسر مليارات الدولارات خلال 5 دقائق.. ما دور جيف بيزوس؟
سياسة «تعلم كل شيء» عوضًا عن «اعرف كل شيء»
خلال الفترة التي تولى فيها بيل جيتس قيادة شركة مايكروسوفت، كانت سياسته في الإدارة تعتمد على مكافأة أذكى شخص في الغرفة، وكان أداء مايكروسوفت خلال هذه الفترة جيدًا ولكنه لم يكن بالقدر الذي أصبحت عليه بعد وصول ناديلا.
انضم ناديلا إلى مايكروسوفت كمهندس عام 1992، وتبنى هذه الثقافة قبل أن يصبح المدير التنفيذي في أوائل عام 2014.
في هذه الفترة، كانت مايكروسوفت تنافس في سوق الهواتف الذكية، وكانت تواجه بعض المشاكل والعراقيل المتعلقة بهواتف نوكيا. وكان سوق الكمبيوتر الشخصي يتقلص، ما أدى إلى تراجع الشركة الرائدة في نظام تشغيل ويندوز، وزاد الأمر سوءًا بعد إطلاق وحدة التحكم Xbox One.
لم يساعدها تاريخها المُشرف وكونها واحدة من الشركات الرائدة في عالم التكنولوجيا على مواجهة المنافسين، لذلك كتب ناديلا رسالة للموظفين في أول أيامه كمدير تنفيذي أخبرهم فيها أن الشركة تحتاج إلى تغيير عقليتها. وقال "صناعتنا لا تحترم التقاليد، ولكنها تحترم الابتكار فقط".
وجد ناديلا أن عقلية النمو هي المخرج الوحيد من هذه الأزمة، واتبع استراتيجية جديدة تقوم على (تعلم كل شيء) عوضًا عن (معرفة كل شيء)، وشدد على أهمية تعزيز التعاون داخل وخارج المنظمة، وتقييم الموظفين جزئيًا من خلال مدى مساعدتهم للآخرين وتعاونهم مع باقي أعضاء فريقهم.
تدريب الموظفين على عقلية النمو
لم يكن الأمر سهلاً، فمع إجراء تغيير جذري في ثقافة الشركة واستراتيجياتها في الإدارة، بات المديرون التنفيذيون يخاطرون باتخاذ قرارات عواقبها غير مضمونة، وكذلك أصبح موظفي الموارد البشرية هم الوحيدون الذين يعرفون أن هناك تغييرات شاملة في الثقافة.
حاولت مايكروسوفت أن تتجنب الفوضى الناتجة عن هذا التغيير قدر الإمكان، ليس فقط من خلال تدريب موظفيها على تبني عقلية النمو، ولكن أيضًا من خلال تضمين هذا المفهوم خلال يومهم في العمل.
اتبعت مايكروسوفت على أسلوب جديد لتقييم الموظفين، يعتمد بصورة رئيسية على التركيز على الأداء الفردي والمنافسة بين أعضاء الفريق الواحد، وقدرة كل شخص على الابتكار. وكذلك قدمت المكافآت واستخدمت لغة تشجيعية لمساعدة الموظفين على أن يكونوا أكثر حماسًا وقدرة على الابتكار.
ومع مرور الوقت، استطاع ناديلا من خلال عقلية النمو انتشال مايكروسوفت من الفوضى التي عانت منها، وإعادتها مرة أخرى إلى الطريق السليم، لتصبح الشركة العملاقة نموذجًا يُحتذى به الآن في استغلال عقلية النمو من أجل النجاح.