السلطان هيثم بن طارق.. يبني على ما أُنجز ويتطلع إلى تعزيز الانفتاح والتنمية ويدعو للتعاضد الخليجي
• نمدّ الخطى، ونسارع الزمن، ونتقدم بثقة نحو غد يمتلئ تفاؤلاً لهذا الوطن الغالي.
• نولي أهمية خاصة للحوكمة لأهميتها الكبيرة وتأثيرها في الأولويات الوطنية بتفعيل الرقابة، والاستخدام الحقيقي للموارد الوطنية.
• تحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية والمحاسبة والمساءلة؛ سيعزز الثقة باقتصادنا الوطني، ويدعم تنافسية جميع القطاعات في ظل سيادة القانون.
• نتطلع إلى تحديث منظومة التعليم ودعم البحث العلمي، وتطوير الأنظمة ومكونات الرفاه المجتمعي وخدماته الأساسية لجميع فئات المجتمع وشرائحه.
• نضع نصب أعيننا تشكيل العلاقة والأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع، لضمان إدارة اقتصادية فعالة واقتصاد عُماني متطور ومتنوع ومستدام.
• سنعمل على توزيع عادل لمقدّرات التنمية بين المحافظات، وحماية مواردنا الطبيعية وبيئتنا المتفرّدة، والانطلاق من ثوابت المواطنة والهوية العُمانية الأصيلة.
• نرتسم خط السلطان قابوس في السياسة الخارجية، وسنحرص على حسن الجوار والتعاون الدولي وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
• نشكر خادم الحرمين الشريفين، على مشاعره الأخوية الصادقة، وعزائه ومواساته لنا في فقيدنا.
• سنواصل مع الأشقاء في الخليج مسيرة التعاون والتعاضد، ومستمرون في دعم الجامعة العربية.
• سنبني على نهج السلطان قابوس بن سعيد، الذي "أرسى مكانة دولية للسلطنة".
• سنحترم المواثيق والاتفاقيات التي وقعناها مع الدول والمنظمات الدولية.
• عُمان ستواصل دورها الفاعل في الأمم المتحدة والعمل على تحقيق الأمن الدولي.
• ماضون وأيدينا بأيدي الجميع، للعمل على ترجمة توجهات ، رؤية عُمان 2040 وأهدافها.
قبل وفاة السلطان قابوس بن سعيد، صاحب أطول فترة حكم في العالم العربي، والثالث في العالم، كان المحللون يشككون في إمكانية وجود رجل قادر على الإمساك بدفة الحكم السلطنة، في ظل ما أنجزه السلطان الراحل، غير أن الانتقال السلس والسريع للسلطة بدّد تلك المخاوف، وأظهر قائداً جديداً يحظى بالدعم الذي يحتاج إليه لتسلّم الدفة، وبحسب وصفه أحد أبناء شعبه "خير خلف لخير سلف".
يعرف عنه بأنه رجل الدبلوماسية الهادئة، هادئ في طبعه وخطابه، ينتقي كلماته بعناية وعلى مهل، عمل وزيراً للتراث والثقافة، وأشرف لسنوات على رسم خريطة المستقبل لبلاده لقرنين من الزمن، فيما يعرف بـ"عُمان 2040"، يحظى بخبرة سياسية وإدارية كبيرتين، كان مبعوثاً خاصاً للسلطان الراحل قابوس، وحاز ثقته، فعلق آماله وآمال الشعب العُماني عليه، لما توسم به من "صفاتٍ وقدراتٍ تُؤهله لحمل هذه الأمانة".
عدّت الصحافة تنصيبه مرحلة تأسيس ثانية لدولة عُمان، هو السلطان هيثم بن طارق بن تيمور، يحب الرياضة ويعشق كرة القدم، وفي خطوة لافتة وغير سابقة أصدر تعميما بإلغاء جميع الألقاب التي تطلق عليه، واعتماد مسمى " هيثم بن طارق سلطان عُمان "
نشأته وطفولته
ولد هيثم بن طارق بن تيمور آل بو سعيد في 11 أكتوبر 1954، في مدينة مسقط في سلطنة عُمان، ينتمي إلى العائلة الحاكمة "آل سعيد"، ووالده رئيس مجلس الوزراء السابق طارق بن تيمور آل سعيد، الذي شغل المنصب من عام 1970 إلى عام 1972، ووالدته السيدة شوانة بنت حمود بن أحمد البوسعيدية".
وهيثم آل سعيد، يحتل الترتيب الرابع بين إخوته - ستة إخوة - وهم: طلال، وأسعد، وقيس (متوفّى)، وشهاب، وأدهم، وفارس (متوفّى)، وأختان هما: كاملة وأمل. ويشار إلى أن بعض إخوته غير أشقاء، كون والده السيد طارق آل سعيد، كان متزوّجاً ثلاث نساء، والسيدة شوانة (أم قيس) والدة هيثم آل سعيد، وهي زوجته الأولى.
تعليمه ومؤهلاته
عاش هيثم بن طارق، طفولته في العاصمة مسقط، والتحق بإحدى مدارسها الابتدائية، وواظب على دراسته إلى أن أنهى تعليمه الثانوي.
انتقل فيما بعد إلى بريطانيا، حيث واصل تعليمه العالي في جامعة أوكسفورد، في برنامج الخدمات الخارجية (FSP) وتخرج عام 1979. وواصل تعليمه في كلية "بيمبروك" التابعة للجامعة المذكورة، ليعود بعدها إلى عائلته الحاكمة، ويبدأ مهامه الرسمية في سلطنة عُمان.
أول رئيس لاتحاد كرة القدم
ارتبطت بدايات حياة السلطان هيثم بن طارق، العملية، بالاتحاد العُماني لكرة القدم؛ فبعد عودته من بريطانيا، عُيّن أول رئيس للاتحاد المذكور، وشهد هذا القطاع تطوراً ودعماً كبيرين بقيادته. واستمر في منصبه هذا ثلاثة أعوام من 1983 إلى 1986، وأسهم خلالها في دفع كرة القدم العُمانية إلى الأمام.
ويعكس اختياره لتولي مسؤولية الاتحاد، وهو في ريعان شبابه، تشجيعه للرياضة بشكل عام، واهتمامه المبكر بالشباب، وشغفه بكرة القدم، على وجه الخصوص.
تحوله إلى السياسة
بعد كرة القدم، انتقل هيثم بن طارق، ليتولى مسؤولية مختلفة تماماً، وفي مجال بعيد نسبياً عن الرياضة، حيث بدأت شخصيته السياسية تتشكل، وكان له نشاطات واهتمامات كبيرة في وزارة الخارجية والشأن الدولي لسلطنة عُمان.
ومنذ عام 1986 ، تسلّم مناصب عدّة في الخارجية، منها الأمين العام لوزارة الخارجية، ثم وكيل الشؤون السياسية فيها. كما عمل وزيراً مفوضاً فيها، من عام 1994 حتى عام 2002 .
وفي الوقت نفسه، كان مبعوثاً خاصاً يمثّل السلطان قابوس، في محافل ومحطات دولية مهمة، ما يشير إلى أنه كان يحظى بثقة السلطان قابوس، منذ وقت مبكر.
في عام 2002 ، تَسلم هيثم آل سعيد وزارة التراث والثقافة، ووسّع إمكانات السلطنة في هذا المجال، محاولاً المحافظة على تراثها وحمايته من جهة، وتطوير ثقافة البلاد من جهة أخرى، وبقي في المنصب لغاية 11 كانون الثاني 2020 ، حيث تسلّم مقاليد الحكم خلفاً للسلطان قابوس.
الفوز بوصية قابوس السرية
امتدح متابعون للشأن العُماني الانتقال السلس للسلطة، فلدى للسلطان قابوس عدد من أبناء الأعمام في الأسرة المالكة، وهم يشغلون قيادات حكومية عليا في البلاد، كان يمكن لأي منهم أن يعتلي العرش من بعده، بانتخابه من مجلس الأسرة الحاكمة، فالتشريعات العُمانية تعطي لمجلس العائلة ثلاثة أيام للاتفاق على خليفة للسلطان، وفي حال تعذّر الاتفاق، يُصار إلى اعتماد الاسم الذي تحدده وصية السلطان الراحل.
غير أن مجلس الأسرة الحاكمة، بمن فيه هيثم بن طارق، وأولاد الأعمام الآخرون، تخلوا عن حقهم ذاك وقرروا (نحو 60 عضواً) الذهاب مباشرة إلى اعتماد وصية السلطان الراحل قابوس، والسبب وفقاً لبيانهم "عرفاناً وامتناناً وتقديراً للمغفور له وبقناعة راسخة، لتثبيت من أوصى به السلطان في وصيته"، دون أن يعرف أحد في السلطنة من يكون الاسم الذي حدده السلطان الذي تمكّن من إبقاء الوصية طيّ الكتمان.
وبحسب صحيفة "لو فيغارو" وضع السلطان قابوس نسختين من الرسالة (الوصية) واحدة في خزانة بقصره في مسقط، والثانية في قصره بصلالة في منطقة ظفار مسقط رأسه.
وفعلاً عقدت جلسة لفتح الوصية في يوم السبت 15 جمادى الأولى 1441هــ الموافق 11 يناير 2020م، بحضور أعضاء مجلس الدفاع، ووزیر المكتب السلطاني. كما حضر الجلسة رئيس مجلس الدولة، ورئيس مجلس الشورى، ورئيس المحكمة العليا، ونائباه وأفراد العائلة المالكة.
فتح مجلس الدفاع الوصية- الرسالة، وقرئت بشكل مباشر على جميع الحاضرين، وجاء فيها (....فإننا بعد التوكل على الله، ورغبةً منا في ضمان استقرار البلاد؛ نُشير إلى أن يتولى الحكم السيد هيثم بن طارق؛ لما توسّمنا فيه من صفاتٍ وقدراتٍ تُؤهله لحمل هذه الأمانة، وإننا إذ نضرعُ إلى الله العلي القدير، أن يكون عند حسن الظن الذي دعانا إلى اختياره، والثقة التي دفعتنا إلى تقديمه، فإننا ندعوكم جميعاً إلى مبايعته على الطاعة في العُسر واليُسر، والمنشطِ والمكره...).
لماذا اختاروه؟
يرى مراقبون أن هيثم بن طارق، فضلاً عن كونه ابن عم السلطان قابوس، كانت تربطه به علاقة شخصية مميزة، ويحظى بثقته الكبيرة.
فالسلطان قابوس، صاحب أطول فترة حكم بين الحكام العرب (نحو 50 سنة) والثالث في العالم حتى وفاته، لم يكن لديه أشقاء ولا أبناء يرثون الحكم من بعده، كان ابن عمه هيثم بن طارق، الأقرب إلى شخصه وتفكيره، ما دفعه إلى تعيينه بصفته - المبعوث الخاص للسلطان - ليمثله في المحافل الدولية والإقليمية ويرسله في المهام الخاصة.
كما لفتت إحدى الصحف إلى تولي هيثم بن طارق، عدداً من جلسات مجلس الوزراء في غياب السلطان قابوس، وهي خطوات كانت ذات دلالات كبيرة في عُمان، تشير إلى نفوذ بن طارق آنذاك وتعزّز فرصه في الوصول إلى سدة الحكم.
"مهندس" رؤية المستقبل
مجال آخر، على درجة من الأهمية، كان السلطان الجديد حاضراً به، ما عزز فرصه للفوز بثقة السلطان قابوس والأسرة الحاكمة، والطبقة السياسية في بلاده، يتعلق بدوره في بلورة الرؤية المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي البعيد المدى لبلاده.
فقد سبق للسلطان الجديد بن طارق أن تولى رئاسة اللجنة الرئيسة للرؤية المستقبلية لبلاده، والمعروفة بـ"عُمان 2040"، بتكليف من السلطان قابوس منذ 2013، واستغرق العمل عليها نحو سبع سنوات، لتضع بالنتيجة رؤية مستقبلية للسلطنة، تكون مستوعبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي، ومستشرفة للمستقبل، للاعتداد بها دليلاً ومرجعاً أساسياً لأعمال التخطيط في العقدين القادمين.
وضمّت الرؤية التي أشرف عليها السلطان هيثم بن طارق ثلاثة محاور:
الأول: “الإنسان والمجتمع” إيماناً بمحورية عملية التنمية الشاملة للمواطن العُماني، كونه أساس عملية التنمية وغايتها، وبأهمية وجود مجتمع حيوي يعيش فيه المواطنون، معتزين بهويتهم العُمانية وإرثهم الوطني، وفق أفضل مقومات الحياة والرفاه الاجتماعي.
الثاني: “الاقتصاد والتنمية” إيماناً بأولوية بناء اقتصاد عُماني مزدهر ومتنوع، يكون فيه للقطاع الخاص دور أساسيّ في إطلاق إمكانات الاقتصاد الكامنة، وتوليد فرص العمل للمواطنين، وتوزيع مقدّرات التنمية على مختلف محافظات السلطنة بما يحقق ازدهارها وتنميتها.
أماالثالث، فهو “الحوكمة والأداء المؤسسي”، لتحقيق مبادئ الحوكمة الرشيدة وسيادة القانون، بما يؤدي للاستخدام الفاعل للموارد المتاحة، وتحسين جودة تقديم الخدمات..
أنجزها وحدد ملامحها
قبل بضعة اشهر، في 11 سبتمبر 2019، أنجزت اللجان وفرق العمل التي يشرف عليها ويقودها هيثم بن طارق، مسوّدة "الرؤية" مؤكداً في تصريح سابق، أن "بناء الإنسان أهمّ الركائز في أي تنمية"، لأن (رؤية عُمان 2040) وازنت بين متطلبات الحاضر، بما يخدم التنمية البشرية".
وفي كلمة له وصف الرؤية بأنها "بوابة السلطنة لعبور التحديات، ومواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية، واستثمار الفرص المتاحة وتوليد الجديد منها، من أجل تعزيز التنافسية الاقتصادية، والرفاه الاجتماعي، وتحفيز النمو والثقة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في كل محافظات السلطنة".
وأضاف موضحاً أن الأولويات الوطنية التي ستعمل عليها الرؤية، هدفها "تشكيل العلاقة والأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص، ومؤسسات المجتمع المستقبلية، وضمان إدارة اقتصادية فعالة واقتصاد عُماني متطور ومتنوع ومستدام، وتوزيع عادل لمقدرات التنمية بين المحافظات، وحماية مواردنا الطبيعية وبيئتنا المتفردة، والانطلاق من ثوابت المواطنة والهوية العُمانية الأصيلة، لتحديث منظومة التعليم، ودعم البحث العلمي وتطوير الأنظمة ومكوّنات الرفاه المجتمعي وخدماته الأساسية، لجميع فئات المجتمع وشرائحه".
كما أولت الرؤية المستقبلية، أهمية خاصة لقضايا الحوكمة وموضوعاتها؛ لأهميتها الكبيرة وتأثيرها في الأولويات الوطنية، من حيث تفعيل الرقابة، والاستخدام الفاعل للموارد الوطنية، وتحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية والمحاسبة والمساءلة؛ بما يعزز الثقة باقتصادنا الوطني، ويدعم تنافسية جميع القطاعات في ظل سيادة القانون.
ولفت إلى حرصه على أن تكون هناك مشاركة مجتمعية واسعة، من جميع الفئات، مؤكداً أنها "وصلت إلى كل محافظات السلطنة، وتفاعلت بكل الوسائل، وحققت الغاية المنشودة في مشاركة واسعة وفاعلة منكم وإليكم".
البناء على نهج قابوس
حدد السلطان هيثم بن طارق، ملامح السياسة العامة لبلاده، الداخلية منها والخارجية، في أول خطاب له، بعد تسلّمه مقاليد الحكم، واتّسمت رؤيته بالاعتدال والحياد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. مشدداً على أنه سيواصل نهج سلفة السلطان قابوس، الذي "أرسى مكانة دولية للسلطنة". مؤكداً عزمه على السير على نهجه والبناء عليه.
وأضاف السلطان هيثم بن طارق: "سوف نرتسم خط السلطان قابوس في السياسة الخارجية، وسنحرص على حسن الجوار والتعاون الدولي، وعدم التدخل في شؤون الآخرين".
وأكد سلطان "سنواصل مع الأشقاء في دول الخليج، مسيرة التعاون والتعاضد، وسنستمر في دعم الجامعة العربية، ونتعاون مع أشقائنا لتحقيق أهدافها. وسنكون داعين إلى حل الخلافات بالطرق السلمية، وسنعمل على النأي بالمنطقة عن الصراعات والخلافات، وتحقيق التكامل الاقتصادي".
وأكمل "سنواصل في تنفيذ السياسة الخارجية القائمة، على التعايش السلمي، وسنبني علاقاتنا مع دول العالم، وفق نهج السلطان الراحل. وسنحترم المواثيق والاتفاقيات التي وقعناها مع الدول والمنظمات". مؤكدًا أن "عُمان ستواصل دورها الفاعل في الأمم المتحدة، والعمل على تحقيق الأمن الدولي".
يدرك أهمية الاقتصاد و الاستثمار
جانب آخر في شخصية السلطان هيثم، يتعلق بكونه، فضلاً عن دوره في قيادة البلاد، يدرك أهمية الاستثمار والبحث عن رؤوس الأموال لنمو اقصاد بلاده.
بالاضافة إلى إمكانية فتح الاستثمار بشكل أوسع في عهده، خصوصاً مع الأزمات الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط، وعدم وجود مصادر دخل أخرى كافية لدى السلطنة.
ويرجح مراقبون أن تشهد السلطنة، التي اختارت طريق الحياد والنأي بالنفس، تغييراً متدرجاً في النهج، نظراً لطبيعة السلطان الجديد، وخلفيته الأكاديمية والمهنية التي تستبطن نزوعاً نحو الانفتاح على الخارج، مدعوماً كما قال في تصريحات، بعد توليه قيادة السلطنة مباشرة "بجيش متطور وقوى أمنية متمكنة"، وهو الأمر الذي عزا فضله إلى دور الراحل السلطان قابوس.
السعودية ومشاعر أخوية صادقة
في خطوة تدلل على التقدير العالي لقيادة البلدين وتعاضد المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، قدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في العاصمة العُمانية مسقط، واجب العزاء والمواساة في وفاة السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، يوم 13 يناير 2020، وكان في استقباله لدى وصوله قصر العلم في العاصمة مسقط، السلطان هيثم بن طارق بن تيمور.
وأعرب خادم الحرمين الشريفين، عن خالص عزائه لسلطان عُمان، ولأصحاب السمو والشعب العُماني الشقيق في وفاة السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، سائلاً الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يلهمهم الصبر والسلوان.
فيما عبر السلطان هيثم بن طارق، عن بالغ شكره لخادم الحرمين الشريفين، على مشاعره الأخوية الصادقة، وعزائه ومواساته لهم في الفقيد.
وهذا ليس أول تواصل مباشر مع القيادة السعودية، فسبق أن حصل السلطان هيثم بن طارق، على وسام من المملكة العربية السعودية (وسام الملك عبد العزيز، الدرجة الأول) في (24 ديسمبر 2006) لجهوده في تعزيز التعاون وتوطيد علاقة البلدين الشقيقين.
حياته الأسرية
خلافاً للسلطان الراحل قابوس بن سعيد، الذي لم يكن لديه أولاد أو أشقاء يرثون العرش، فالسلطان الجديد هيثم بن طارق بن تيمور، متزوج ولديه أربعة أولاد، بينهم بنتان.
زوجته هي السيدة عهد بنت عبدالله بن حمد البوسعيدية، وأولاده هم: ذي يزن وبلعرب وثريا وأميمة.
وعموماً عائلة السلطان الجديد ظلت خارج الأضواء، ماعدا ابنه يزن فقد كان دور في الحياة العامة، حيث تولى رعاية حفل يوم الشباب العُماني في 2019، الذي نظمته اللجنة الوطنية للشباب. وكان راعياً لكأس جلالة السلطان لكرة القدم في العام نفسه، أما الابن الثاني بلعرب، فهو يدرس حالياً في بريطانيا، وليس له أي نشاط ملحوظ في الحياة العامة.
ترحيب على مواقع التواصل
بعد أيام على تأديته اليمين القانونية، نشر المصور الإماراتي على عيسى، أول صورة رسمية للسلطان الجديد لسلطنة عُمان هيثم بن طارق آل سعيد، حيث جلس السلطان على كرسيّ بين علمين لسلطنة عُمان، في البلاط السلطاني.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة الإماراتيون والعُمانيون، تداولوا الصورة الجديدة للسلطان هيثم، وعلق أحد المواطنين عليها قائلاً "خير خلف لخير سلف.. وتبقى عُمان شامخة".
صورة أخرى كانت موضع التداول والاهتمام، تجمع السلطان الجديد بنجليه صاحب السمو ذي يزن بن هيثم بن طارق، وصاحب السمو بلعرب بن طارق، وهم في مقدمة مُستقبلي المُعَزِّين في وفاة السلطان الراحل قابوس بن سعيد.
يهوى الرياضة وكرة القدم
عرف السلطان هيثم بن طارق، بحبه للرياضة وكرة القدم، وارتبط اسمه بصفته مؤسساً لاتحاد كرة القدم العُماني، وأول رئيس له، ورغم أن السياسة أخذته بعيداً من شغفه ذاك، فإن اهتمامه بالرياضة والحياة الاجتماعية لبلاده لم ينقطع، فقد شغل منصب رئيس اللجنة العليا لدورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية التي أقيمت في مسقط عام 2010.
وها هو ابنه يزن بن هيثم، على خطاه يتصدر الشباب العُماني برعايته لكأس السلطان لكرة القدم، رعاية حفل يوم الشباب العُماني في 2019 الذي نظمته اللجنة الوطنية للشباب.
وللسلطان الجديد اهتمام بالجوانب الاجتماعية للسلطنة، بترؤسه جمعية رعاية الأطفال المعوقين. كما كان يشغل منصب رئيس جمعية الصداقة العُمانية اليابانية.
قالوا عنه
قالت مجلة " فورين أفيرز" الأمريكية: إنّ الإرادة السياسية التي عبّر عنها السلطان هيثم بن طارق بن تيمور كافية لحل مختلف التحديات التي تواجه ليس السلطنة فقط، بل مختلف دول المنطقة في الآونة الحالية، ما سوف يؤهّل عُمان للحفاظ على صدقية دورها المحلي والمكانة الإقليمية التي تتمتع بها.
ووصفت المجلة الأمريكية التي يصدرها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في تقرير نشرته في عددها الجديد، السلطان هيثم بن طارق، بأنه قائد هادئ استهلّ عهده بالالتزام "باتباع نهج السلطان الراحل قابوس بن سعيد، والمبادئ التي أكدها للسياسة الخارجية للسلطنة، في التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وسلوك حسن الجوار، بعدم التدخل في شؤون الآخرين، مؤكدة أن عُمان في عهد قابوس، أصبحت أيضاً قوة للاستقرار في منطقة الخليج، وأسهمت في نزع فتيل كثير من الأزمات التي هددت أمن المنطقة واستقرارها، بل والعالم أجمع.
وأشادت المجلة بإعلان جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور، بالحفاظ على دور عُمان وسيطاً مستقلاً، وقالت: إن الأوساط السياسية العربية والعالمية تتوقع ذلك من جلالته، وبأن يواصل تقليد سلفه المتمثل في الدبلوماسية الهادئة، ودعم نهج التسامح الذي عرف العالم به السلطنة على مدار الخمسين عاماً الماضية.
جامعة أوكسفورد تغرّد
قسم الدراسات السياسية في جامعة أوكسفورد في بريطانيا، قال في تغريدة على "تويتر" "نعزّي الشعب العُماني في وفاة قائدهم السلطان قابوس بن سعيد”.
وعبّر القسم في تغردته، عن تمنياته بالتوفيق للسلطان هيثم بن طارق آل سعيد، مشيراً إلى أنه خريج أحد برامجها للدراسات السياسية في دفعة 1979. وأضاف "نتمنى له الاستمرار في بناء عُمان آمنة ومزدهرة".
نسارع الزمن ونتقدم بثقة
في أول قراراته أصدر السلطان هيثم بن طارق، تعميماً إلى نائبي رئيس الوزراء ووزراء الحكومة والمستشارين والممثل الخاص لجلالته، يقضي بأن تبقى صورة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد إلى جانب صورته، في خطوة رمزية تشير إلى مواصلة مسيرة السلطان الراحل، والبناء على ما أنجزه.
وفي استشرافه لمستقبل بلاده، يقول السلطان الجديد "إننا ماضون وأيدينا بأيدي الجميع، للعمل على ترجمة توجهات الرؤية عُمان 2040، وأهدافها، وصولاً إلى مستقبل يقوده الطموح، ويشارك فيه الجميع، من أجل كل ذلك نمدّ الخطى، ونسارع الزمن، ونتقدم بثقة نحو غد يمتلئ تفاؤلاً لهذا الوطن الغالي على نفوسنا جميعاً".
تخلى عن جميع ألقابه
أصدر السلطان هيثم بن طارق، تعميما بإلغاء جميع الألقاب التي تطلق عليه، مثل السلطان المعظم، وجلالته، واعتماد مسمى "سلطان عمان" فقط في جميع الخطابات الرسمية، وجاء في نص التعميم الذى أرسل إلى وزراء السلطنة ومستشاريها "يشرفني إفادة سموكم/ معاليكم بأن التوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – قضت باعتماد المسمى السامي لجلالته في المخاطبات الرسمية والخاصة، وفق الآتي: هيثم بن طارق، سلطان عمان"