خالد الهنيدي: كنت خائفاً.. ودفنت خوفي في شاليهات الصقور
تأثرت بوالدي قائد القوات الجوية السعودية السابق.. وبدأت أول مشروعات التصميم العمراني في المنزل.
توظفت في شركة وتعلمت منها، كان الراتب قليلاً جدًا، ولكن لم يؤثر ذلك فيّ؛ لرغبتي في تحقيق طموحي.
صممت مشروع السودة وأخذت الفكرة من الصقور التي تبني مساكنها في أعالي الجبال.
التناغم بين الفكرة والتنفيذ والمنطقة.. ترك تصميم مشروع السودة يخرج ناضجاً.
نفذت الكبائن مع الحفاظ على البيئة.. لم نقطع شجرة واحدة ولم ندخل أي معدات ثقيلة.
يهوى صقور الشاهين، لذا صمّم نموذجاً لكبائن وشاليهات تشبه هيئة الصقور الشاهينية في أعالي جبال السودة، لتضفي جمالا على الموسم السياحي بعسير، فقد تمكن الشاب السعودي الذي دفعه طموحه لمحاكاة الصقر الذي يسكن أعالي قمم الجبال، من تصميم تلك الأبنية، لتتحول الجدران إلى صقور تهمّ بالتحليق وتعانق عنان السماء.
إنه المهندس المعماري خالد الهنيدي، الحاصل علی الماجستير في تخصص إدارة المشاريع من جامعة سدني للتكنولوجيا، بتقدير امتياز، من مواليد الطائف 1987، وحصل على المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية من مدارس دار السلام بالرياض.
بدأ بمنزل العائلة
يكشف الهنيدي لمجلة "الرجل"، بأن الاثر الأكبر في شخصيته يعود إلى والده قائد القوات الجوية السعودية السابق، الفريق عبدالعزيز الهنيدي، الذي كان يقود أسراباً من الصقور الجوية.
لم تتوقف فكرة التحليق لدى الأب عند تقاعده، حتى منح الثقة وصنع القدرة لدى نجله خالد، ليبدأ أول مشروعات تصميمه العمراني في منزلهم الخاص، ويواصل الابن الإبداع ويسجل رقماً قياسياً في فنون الهندسة المعمارية، فتمنحه هيئة الاستثمارات الثقة بتصميم عدد من الكبائن والشاليهات في موسم السودة السياحي.
بدأ الهنيدي حياته في التصميم بالمصادفة؛ وبعد أن انطلق وأثبت مكانته، بدأ حياته المهنية مع شركات أجنبية داخل السعودية وخارجها، حتى أسس شركته الخاصة ahb سنة 2014، وهي تختص بالتصميم والتنفيذ.
التأثر بالفن المعماري
يروي المهندس الهنيدي، قصة نجاحه، قائلاً: بدأت التأثر بالفن المعماري خلال عمل والد صديقي الذي كنت أذهب إليه كل نهاية أسبوع أيام المرحلة الثانوية، وكنت معجباً بتحويل الصور إلى واقع، وواصلت دراستي وما تزال الفكرة في بالي والعشق لهذا العمل يدفعني بقوة.
ويضيف الهنيدي: حين تخرجت في الجامعة، وتوظفت في شركة عالمية أجنبية لديها فرع في دبي، وآخر في السعودية، وتعلّمت في الشركة وكرّست هذه المرحلة من هواياتي المعمارية، واختلطت بمعماريين ومهندسين كبار، وكان الراتب قليلاً جداً، ولكن لم يؤثر ذلك فيّ؛ لرغبتي في تحقيق طموحي، وشجّعني والدي ووفر لي كل ما أحتاج إليه ، لتطوير قدراتي والبحث عن مزيد من الخبرة والمعرفة.
انتزعت ثقة الشركة
يضيف: وظفتني الشركة، ولم تكن لديها قناعة بقدراتي أو ثقة بالشباب السعودي، كانوا يتوقعون أنني سأكون عبئاً وغير قادر على العمل والإنتاج، ولعل هذه أبرز الصعوبات التي واجهتني، وبعد سنة شاهدوا الفرق، واشتغلت في التصميم المعماري وأعطوني مشروع المراكز العربية الحكير، وغطيت كل المولات وغيرها كتصوير معماري، وزادت الثقة وبدأت خطوات النجاح، وفي نهاية 2014 عملت مصمماً.
منزل السهو
يكشف المهندس الهنيدي أن والده، طلب إليه تصميم منزل مؤلف من 5 غرف نوم وجلسة مشب، وجلسة خارجية في السودة، قبل عامين، يقول "أخذ التصميم مني قرابة 4 أشهر، وأنجزت العمل بشكل احترافي وتصميم مختلف، فقد بني «السهو» والمثلثات والنوافذ وغيرها من حجارة المنطقة، وأسميته «السهو من النسيان»، لأن من يجلس في الموقع يسهو وينسى كل شيء وسط الطبيعة والتصميم".
يضيف خالد: لفت "منزل السهو" في السودة هيئة الاستثمار، وتلقيت اتصالاً بمكتبي في الرياض، وقالوا لي إن لديهم مشروعاً في السودة، ويرغبون في لقائي، لم أمانع وقابلت المهندس حسام المدني؛ وفي الطريق كنت أبحث عن سيرته الذاتية، وعلمت أنه متخرج في جامعة كبيرة، وسمعته قوية وممتازة.
ويتابع "عندما التقيته، عرفت أنهم شاهدوا "السهو"، وطلب مني عمل تصميم مشابه، ومنحوني فرصة أسبوع للذهاب ومعاينة الموقع في السودة. وسافرت في اليوم التالي إلى أبها، وكان معنا عدد من المهندسين الأجانب، وتوجّهنا إلى الموقع جوار فندق الإنتركونتنيننتال، وكان مغلقاً، ووقتها شعرت بالراحة، لأن أمامي وقتاً للعمل بطريقتي، والمهندسون الذين معي اعتذروا لصعوبة المكان".
كنت خائفاً
وعن الموافقة والبدء بالمشروع يروي الهنيدي "بعد العودة إلى الرياض بيوم واحد، وصلني اتصال من المهندس حسام المدني، وسألني: هل أنت متأكد من قدرتك على العمل في المشروع، فأجبته بالإيجاب، وأضفت: أنا لم أعرضه إلا لأنني قادر عليه، فرد "توكلنا على الله". وقدّم العرض الفني والمالي، وهنا انتابني شعور بالخوف، فلربما أكون تورطت في هذه المهمة، وفي أقل من أسبوع وصلني التعميد مباشرة، وفي اليوم التالي توجهت إلى الموقع، وأحضرت الحديد وبدأت العمل".
أبنية على هيئة صقور
يقول المهندس خالد "طلب مني أن تكون الشاليهات والكبائن مختلفة عند مشاهدتها وتصويرها، حتى لا يستطيع المشاهد معرفة أين هي؟ ويقال له إنها في السعودية، شريطة أن تكون تلك الكبائن والشاليهات صالحة لكل مكان وزمان، ولا ترتبط بمكان محدد أو معين، وأن تراعى أهمية المكان، وتكون ذات مواصفات نادرة".
ويضيف: "كان للمكان وسط الطبيعة دور مهم، إذ يعرف بمسمّى الصقور، ويسكن في أعالي قمته صقر الشاهين، لذا تولدت الفكرة أن تكون الكبائن والشاليهات على هيئة صقور الشاهين. وهو ما تحقق بالفعل، ولذا فإن المبنى في تقسيماته الداخلية والخارجية ومظهره الخارجي، مأخوذ من صقر الشاهين، من ناحية فتحات العيون الكبيرة «الشبابيك الكبار» واللون الخارجي للمبنى بُنّي غامق، كما أن صقر الشاهين من الداخل صدره يميل إلى لون البيج، وهو الأمر الذي تمت مراعاته من الداخل، كي يأخذ لون الصقر ذاته، إذ استخدمت ألواناً وألواحاً خشبية مشابهة للّون ذاته".
سرّ التصميم في التناغم
يضيف "كانت المساحات مختلفة ومتعددة، ولكن يبقى الاختيار ليس على موقع، لكون الصقر لا يسكن ولا يعيش إلا في القمم، والصقور دائماً تكون في الأعلى، كي تراقب من فوق، خاصة ونحن في أعلى قمة السودة، كان لا بدّ أن تكون الكبائن المشابهة للصقر في القمة. وهذا التناغم بين الفكرة والتنفيذ والمنطقة هو الذي ترك التصميم يخرج ناضجاً".
ولم نقطع شجرة
في ختام حواره يؤكد المهندس خالد الهنيدي أن الحفاظ على بيئة المكان وطبيعته، كان الأهمّ، لذا لم تدخل معدّات ثقيلة ولم تقطع شجرة واحدة. ويتابع "حرصت على طبوغرافية المكان، وكان الحل سهلاً، لذا اعتمدت على المسارات القديمة التي كانت موجودة ومعروفة، كانت علامات موجودة، ولذا عملت تخطيطاً محدداً لم يؤذ أي شجرة، واخترنا الكبائن الـ4 بشكل دقيق، وعناية فائقة في مواقع متجاورة". ويضيف "أغلب العمالة آسيويون، والمواد المستخدمة سعودية الصنع، والمقاولون سعوديون، وبعضهم أحضرتهم من الرياض، وعدد العمال في اليوم 170".
بطاقة تعريفية
الاسم: خالد الهنيدي
مواليد: الطائف 1987 المملكة العربية السعودية
التخصص: الهندسة المعمارية- إدارة مشاريع
الجامعة: سيدني للتكنولوجيا
الشركة: ahb
المهمة: مصمم ومنفذ معماري
عمل الشركة: تصميم وتنفيذ الأعمال الهندسية
الاهتمامات الشخصية: التصميمات الهندسية المبتكرة