لماذا يعجز العالم عن النوم؟ إليك مسببات الأرق
إليك ما يجب أن يحدث عندما تغفو.. تنخفض درجة حرارتك، وترتفع درجة حرارة قدميك ويديك، ومن المفترض أن يؤدي هذا التغير في درجة الحرارة إلى تنشيط كل الأجهزة الموجودة في جسمك. كما يُفرز جسدك هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم الإيقاع الحيوي لكي يُخبر عقلك بأنه قد حان الوقت لكي تهدأ. ينخفض ضغط الدم وتتباطأ معدلات ضربات القلب.
ولكن عملية النوم لم تعد كما كانت بسيطة أو سهلة، إذ أظهرت الأبحاث والدراسات التي أجريت على مدار السنوات الأخيرة أنها باتت مشكلة عالمية، مع زيادة نسبة الأشخاص الذين يعانون من الأرق، وأثبت الخبراء في النوم أن عددا كبيرا من الأشخاص باتوا يلجؤون إلى الأدوية والعقاقير كي يتمكنوا من الحصول على قسط كافٍ من النوم.
مشكلة عالمية
بات الأرق وصعوبة الاستغراق في النوم إشكالية كُبرى تواجه العالم. أظهرت دراسة أجريت في كلية الطب بجامعة هارفارد أن متوسط عدد ساعات النوم انخفض بشكل ملحوظ على مدار العقود الخمسة الماضية، بنسبة وصلت إلى حوالي ساعة ونصف تقريباً. وحسب الدراسة فإن 31 % منّا باتوا ينامون أقل من ست ساعات في الليلة الواحدة، ويعاني حوالي 69 % من الأشخاص من عدم حصولهم على قسط كاف من النوم.
أوضحت إليزابيث كليرمان، رئيسة وحدة التحليل في قسم اضطرابات النوم في مستشفى بريجهام، أن المشكلة بشكل عام ليست في أننا نستيقظ في وقت مُبكر، ولكن التغير له علاقة بالوقت الذي نذهب فيه إلى النوم وكيف نقرر القيام بذلك.
تتبع بحثها تأثير الفروق الفردية المتعددة في بيئتنا على إيقاعاتنا اليومية وقدرتنا على النوم بسهولة وبطريقة سليمة. تقول: "الوقت الذي تذهب فيه إلى النوم هو ما يحدد المدة التي تستطيع نومها، بصرف النظر عن مدى شعورك بالتعب".
لماذا لا نستطيع النوم بسهولة؟
يوجد عدد كبير من العوامل التي تحدد مدى السرعة التي تقع فيها في النوم، وأولها الروتين المعتاد والمشاكل التي كنت تواجهها في الماضي أثناء محاولتك النوم، والأدوية التي كنت تستخدمها لكي تتمكن من النوم، وغيرها من الأمور الأخرى.
كذلك وجدت كليرمان أن العوامل الوراثية تلعب دوراً كبيراً في مسألة عدم قدرتنا على النوم بسهولة، واضطرابات النوم، بدءًا من الأرق إلى اضطراب الساعة البيولوجية.
علاوة على ذلك فإن نظافتنا والعادات الصحية التي نتبعها تؤثر بشكل واضح على قدرتنا على النوم، كذلك الممارسات الصحية الجيدة مثل ممارسة الرياضة وتناول وجبات صحية وفي أوقات منتظمة من شأنه مساعدتنا على الحصول على قسط مُريح من النوم، وفي الوقت نفسه فإن النيكوتين والكافيين والإفراط في تناول طعام مُشبّع بالدهون والسكريات قد يصيبنا بالأرق.
يرتبط اضطراب النوم بزيادة الوزن، اذهب إلى السرير جائعاً وكأن النوم هو الوسيلة الوحيدة التي تمنعك من تناول الطعام في وقت متأخر.
كيف تؤثر علينا الأضواء الاصطناعية؟
هناك عنصر شديد الأهمية أيضاً يؤثر على قدرتنا على النوم وهو الضوء، بالنظر إلى التطورات الكبيرة التي شهدتها البشرية في الآونة الأخيرة فإن البشر أصبحوا شديدي الحساسية للضوء ولمعظم التغيرات الدقيقة في الضوء من حولنا. في الواقع، فإن العين باتت شديدة الحساسية في التعامل مع الضوء والظلام، خاصة وأننا أصبحنا محاطين بأجهزة تشع بالضوء مثل الهواتف المحمولة والحواسيب الإلكترونية وشاشات التليفزيون شديدة التطور وغيرها.
عندما نقضي فترات طويلة وسط هذه الأجهزة الإلكترونية فإننا نمنع أدمغتنا من الراحة، ونعرقل وصول الإشارات التي تُخبرها بأنه قد حان وقت النوم.
أظهرت الأبحاث أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يغير ساعتنا البيولوجية وجعلها غير مُنتظمة تماماً، وهذا يتوقف على قدر الضوء الذي نتعرض إليه. طالب القائمون على إحدى الدراسات من الطلاب قراءة كتاب مطبوع وطلب من مجموعة أخرى قراءة كتاب إلكتروني قبل أربع ساعات من الذهاب إلى النوم لمدة خمسة أيام على التوالي.
وجدت الدراسة أن هؤلاء الذين كانوا يقرؤون كتباً إلكترونية كانوا غير قادرين على النوم، وكانوا أقل قدرة على التركيز، مقارنة بهؤلاء الذين كانوا يقرؤون كتباً مطبوعة.
هل أدوية وعقاقير النوم مُجدية؟
في كثير من الأحيان يلجأ الأشخاص الذين لا يستطيعون النوم إلى الأدوية والعقاقير، إلا أن الأبحاث والدراسات الطبية أكدت جميعها أن النوم الذي نحصل عليه من هذه الأدوية يختلف تماماً عن النوم المنتظم، وقد لا يكون فعالاً. قال مات بيانكي، رئيس قسم طب النوم في مستشفى ماساتشوستس العام، إن الأشخاص الذين يستعينون بالحبوب المنومة ينامون فقط حوالي 30 إلى 40 دقيقة أكثر من الأشخاص الذين لا يستخدمونها.
كذلك أكدت الأبحاث والدراسات أنه لم يتم التوصل حتى هذه اللحظة ورغم التطور الكبير الذي شهده العالم إلى أدوية أو عقاقير تساعد على تطوير القدرة الطبيعية على النوم.