ولي عهد دولة الكويت : لم آخذ إجازة طيلة 40 عاماً.. أهوى "الحدّاق" وأعزف على العود والبيانو
ما يسمّى بالربيع العربي أدخل منطقتنا في حسابات معقدة، وفتح المجال لعدم الاستقرار.
الكويت تعرضت لرياح الفتنة وتجاوزتها، بفضل تماسك جبهتها الداخلية ووعي أبنائها.
نحن ندخل مرحلة جديدة نعدّل المسارات على ضوء تجارب الماضي، ونتعايش مع مواجهة القوى التي تستهدف استقرارنا.
أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد رجل المواقف والسياسي المحنّك القادر على إدارة المسؤولية بكل جدارة واقتدار.
أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه أمير البلاد.
الاعتداءات على المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتجاهل الجهود السلمية دفعانا للمشاركة في العمليات العسكرية باليمن.
يتعيّن إحاطة الشباب بالمزيد من الرعاية، فهم الطاقة المحرّكة لتنمية المجتمع وارتقائه وأساس أمنه واستقراره.
مبدأ الوسطية في ديننا الإسلامي يحصّن الشباب في مواجهة التيارات المتطرفة التي لا تمتّ إلى الإسلام بصلة.
الصحافة تبني وتهدم، باختلاف النيّات والأهداف، لكننا واثقون بأن هدف صحافتنا الوطنية هو البناء والإضافة.
أهوى الموسيقى والعزف على العود، وأحب الطهو.. والبحر عندي هو كل شيء.
حين يكون في مقدورك أن تتمتع بقضاء إجازاتك في أجمل بقاع الأرض، ولا تختار إلا موطنك وبلدك، وحين يكون في مقدورك الإقامة في أفخم المنتجعات والفنادق، ولا تختار إلا عُرض البحر، فوق قارب صغير وصنّارة لاصطياد
الأسماك، وحين لا تأخذ إجازة من عملك طيلة أربعين عاماً، وتكتفي بالعطل الأسبوعية والرسمية، فحتماً أنت تتحدث عن رجل له خصوصيته في فهم الحياة، واختيار طريقة العيش.
ليس غريباً أن يقترن اسمه في أذهان الكويتين، بالأمن والأمان، فالرجل قضى جلّ مسيرة حياته السياسية الممتدة لنحو نصف قرن، متنقلاً بين وزارتي الداخلية، والدفاع والحرس الوطني، يعمل بهدوء ومثابرة، لديه هاجس وحيد، هو تطوير قدرات بلاده الدفاعية والأمنية، وحفظ أمن حدوده وأمن مواطنيه من أي اعتداء.
ناهز الثمانين عاماً، ولكنه لم يسأم من هوى الموسيقا، ولم ينقطع عن الاستماع إلى الأغاني والعزف على العود، كلما أتيحت له الفرصة. يقضي أمتع الأوقات في عرض البحر، وحين يتعذّر الخروج إليه، فإن عائلته ستتذوق الطعام من يديه، فهو طاهٍ ماهرٌ وهاوٍ لفنونه.
اختارته مجلة "الرجل"، ليتصدر صفحاتها، ولتغوص في أعماق شخصيته؛ إنه وليّ العهد الكويتي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، نتوقف عند أهم محطات حياته الخاصة والعامة، وأهم ما أورده في لقاءاته وحواراتهـ وما وصلنا إليه عبر بحثنا وسبرنا لشخصيته وتاريخها.
المثابرة بدأت من الطفولة
ولد نواف الأحمد الجابر الصباح، يوم 25 / يونيو / 1937، في العاصمة الكويت، في فريج الشيوخ ( موقع مجمّع المثنى حالياً) وهو النجل السادس للشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح، الذي حكم الكويت من عام 1921، ولغاية عام 1950، والأخ (غير الشقيق) لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
نشأ وترعرع في قصر دسمان، ويُعدّ القصرُ المقرَّ الرسمي لتجمعات أبناء الشيخ أحمد الجابر الصباح وأحفاده، وأكاديمية تعلّم الانضباط المصحوب بالمعرفة والعلم، وإعداد حكام المستقبل وتهيئتهم، ويعدّ حالياً أحد القصور التاريخية في الكويت، ويقع على شارع الخليج العربي بالقرب من أبراج الكويت.
تلقى نواف الأحمد، مراحل تعليمه بالمدارس النظامية (مدارس حمادة وشرق والنقرة، ثمّ في الشرقية والمباركية)، وتابع دراساته في أماكن مختلفة من الكويت، حيث تميّز بالمثابرة والحرص على مواصلة تحصيله العلمي.
وظلت صفة المثابرة تلازمه، وتجلت بتشجيعه لطلبة العلم في مختلف مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والعالي، انطلاقاً من رؤيته لأهمية التحصيل العلمي الذي يعدّه أساساً في تقدم المجتمعات ورقيّها.
تحديث قوى الأمن والدفاع
بدأ الشيخ نواف الأحمد، رحلة عمله السياسي بتولّيه مسؤوليات محافظة حولّي، في شباط من عام 1962، وشهدت المحافظة نهضة كبيرة في عهدته، وغدت منطقة سياحية وتجارية، تتمتع بمكانة عالية وتؤدّي دوراً مهماً في الحياة التجارية والاقتصادية الكويتية. واستمراره في موقعه ستة عشر عاماً، زرع في نفوس المواطنين والمقيمين، الأمان والطمأنينة، فمن المعروف أنه غالباً ما كان يبادر بصفة شخصية لحل الكثير من المشكلات الأسرية، والحفاظ على خصوصيتها.
تولّى حقيبة وزارة الداخلية، في آذار 1978، ومكث فيها عشر سنوات، يقول إن هاجسه تركّز في تلك المرحلة على "حفظ أمن الكويت واستقراره، وحماية المواطن وصون كرامته وأمنه".
بعد الداخلية تسلّم حقيبة وزارة الدفاع عام 1988، فعمل على تحديث معسكراتها، ومدّها بكل الأسلحة والآليات الحديثة، وأرسل البعثات العسكرية للتدرب على قيادة الطائرات الحربية، وكل أنواع الأسلحة، وحرص على تضمين عقود شراء الأسلحة بنوداً تنصّ على تدريب العسكريين الكويتيين عليها وصيانتها.
استحدث إدارة قانونية في الوزارة، كما أنشأ لجنة عليا للمشتريات الدفاعية، مشكّلة من القادة العسكريين والمدنيين فيها. وشجع الكويتيين على الانخراط في الجيش، ومنحهم الامتيازات. وكان يقوم بزيارات دورية لمعسكرات الجيش والاطمئنان إلى جاهزيّتها بنفسه، وتوفير احتياجاتها كافة.
تأمين الشرعية وتحرير البلاد
عندما تعرضت بلاده لمحنة الغزو العراقي، عام 1990 أسهم الشيخ نواف الأحمد في القرارات الحاسمة لمواجهة الاحتلال، وجنّد كل الطاقات العسكرية والمدنية، من أجل تحرير بلاده، وأدّى دوراً في قيادة المقاومة ورصّ الصفوف، وتأمين وصول الشرعية للمملكة العربية السعودية الشقيقة، إلى جانب قيادته للجيش، إلى أن تحرّرت الكويت.
وعند تشكيل أول حكومة كويتية، بعد حرب التحرير، وعودة الشرعية كُلّف حقيبةَ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فعلق قائلاً "أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه أمير البلاد". ومن موقعه الجديد سارع إلى اتخاذ قرارات إنسانية لرعاية الأرامل والأيتام والمسنّين، واستحدث مستشفى خاصاً لنزلاء دور الرعاية. كما استحدث منصب وكيل مساعد للشؤون القانونية في الوزارة.
عاد مرة أخرى إلى السلك العسكري، وعُيّن نائباً لرئيس الحرس الوطني، عام 1994، فأعاد ترتيبه وتنظيمه على أسس ومحاور جديدة، أولها حسن اختيار الموارد البشرية، وثانيها التدريب الجاد المستمر والتحصيل العلمي- العسكري القتالي، أو التخصصي الفني والإداري، وثالثها الارتقاء بمستوى الفرد ورعايته صحياً، ورفع روحه المعنوية.
هذا ترك بصمات واضحة على بنية الحرس الوطني، خلال تسع سنوات، وجعله الذراع اليمنى للقوات المسلحة.
ثم عاد الشيخ الأحمد لتولّي وزارة الداخلية، مرة ثانية في تموز 2003، لذا فليس غريباً أن يعدّه المراقبون الأب الروحي لرجال الأمن، والمؤسس الحقيقي لوزارة الداخلية بشكلها الحديث وإدارتها المختلفة، خلال تولّيه مسؤولية الوزارة، على مدى فترتين، الأولى من مارس 1978 إلى يناير 1988، والثانية من تموز 2003 إلى فبراير 2006.
ثم صدر مرسوم أميري بتعيين الشيخ نواف، نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية في 16 / 10 / 2003.
أمير البلاد رجل المواقف
أصدر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمراً أميرياً، بتزكية الشيخ نواف الأحمد، ولياً للعهد، في 7 / 2 / 2006، وبايعه مجلس الأمة بتاريخ 20 / 2 / 2006، ونال الإجماع الشعبي والبرلماني، بفضل رصيده السياسي في خدمة الكويت والكويتيين، خلال عشرات السنين، ومن مواقع مختلفة.
يقول الشيخ نواف تعقيباً على قرار تعيينه، في حينها "إن تاريخ الكويت يشهد على أن هذه الدولة الصغيرة، تمكّنت دائماً من تجاوز المحن والعقبات، مهما تعاظمت، بفضل من الله، ثم وقوف شعبها صفاً واحداً صلباً خلف قياداته المتعاقبة".
مضيفاً "إني بكل الفخر والاعتزاز أحني هامتي إجلالاً وإكباراً لهذا الوطن العظيم، وشعبه الوفيّ الكريم، في ظل قيادته الرشيدة".
وأكد أنه سيبقى عضداً وعوناً لأمير الكويت الشيخ صباح، يقف معه ويساعده في تحمّل الأعباء الجسام. مشيداً بجهوده ووصفه بأنه "رجل المواقف والسياسي المحنّك القادر على إدارة المسؤولية بكل جدارة واقتدار".
الربيع العربي فتح أبواب عدم الاستقرار
يرى الشيخ نواف، أن المنطقة والعالم أجمع، دخلا في ظل أوضاع سياسية وأمنية خطرة "هدّدت كياننا وقوّضت أمننا، وأشغلتنا عن جوهر قضايانا". وجاء كلامه هذا، أمام المؤتمر الثامن للدبلوماسيين الكويتيين.
وأوضح معرباً عن قناعته فيما حصل بالعالم العربي، خلال السنوات الماضية بالقول "لقد وصف بعضهم تلك الأوضاع الخطرة بأوصاف عدة، فهناك من وصفها بالربيع العربي، إلا أنها في حقيقة الأمر أدّت إلى إدخال منطقتنا في حسابات معقدة، وفتحت المجال لعدم الاستقرار".
أما عن الحاضر فيقول "اليوم ندخل مرحلة جديدة نعدّل فيها مساراتنا، على ضوء تجارب الماضي، نعايش فيها المواجهة مع قوى تستهدف أمننا واستقرارنا، والمساس بمصالحنا". ويرى أن مواجهة تلك القوى يجب أن تُبنى على "أساس صلب في بعده الخليجي والعربي والدولي، وأن المرحلة تفرض العمل الجاد والمتواصل، كي نصبح قادرين على التفاعل معها".
ولفت إلى أن "دولة الكويت هي جزء من هذا العالم، بكل متغيراته وأحداثه، تعرضت لرياح الفتنة، ولكن تماسك جبهتها الداخلية ووعي أبنائها، وما سطروه من صور التلاحم بينهم، استطاعت معها تجاوز ذلك، لتؤكد صلابتها وأصالة معدن شعبها."
ينبغي مواجهة الإرهاب الأسود جماعياً
يشدد ولي العهد، على ضرورة "مواجهة الإرهاب في كل صوره وأشكاله، مواجهة جماعية عربية وإسلامية ودولية". وحين تعرّضت الكويت لاعتداء، قبل نحو ثلاث سنوات، أصدر بياناً شديد اللهجة جاء فيه "ليعلم الجميع أن الكويت كلها، بحكومتها وشعبها الأبيّ، بكل طوائفه ومذاهبه، إنما يقفون جميعاً خلف الأمير صباح الأحمد، المفدّى صفاً صلباً واحداً، للتصدي لهذا الإرهاب الأسود".
وفي الترجمة العملية للأقوال، عمل الشيخ نواف، خلال وجوده على رأس وزارة الداخلية، على تطوير المؤسسة الأمنية، بتحديث القطاعات الأمنية والشرطية، وتوفير الإمكانات المادية، للنهوض بالمستوى الأمني، وإدخال الأجهزة الأمنية الحديثة، ورسم استراتيجية منظومة أمنية متكاملة لمكافحة الجريمة.
وتوعّد منفذي تلك العمليات بالقول "سوف يلقى الإرهابيون المجرمون أشدّ العقاب، جزاء وفاقاً لما اقترفت أيديهم الآثمة". وخاطب الكويتيين والمقيمين قائلاً "ليطمئنوا أن القوات المسلحة والشرطة والحرس الوطني، تقف بالمرصاد لهؤلاء المجرمين، في رباط ليل نهار، للذود عن الوطن وحماية جبهته الداخلية، وتأمين المدنيين والحيلولة دون ترويعهم أو الاعتداء عليهم، حتى ينزل سيف القانون على كل إرهابي مجرم".
كما أشاد "بروح الوحدة الوطنية التي عرف بها المجتمع الكويتي، فكان مثالاً يحتذى". وأكد حرصه على التمسك باللحمة الوطنية، لمواجهة كل ما يهدد الوطن وأمنه واستقراره، لنكون صفاً واحداً في مواجهة التحديات والمخاطر".
يُذكر أن ولي العهد، عمل على دعم التكامل الأمني في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، عبر المؤسسات الخليجية والعربية المعنية.
مع السعودية على قلب رجل واحد
تحظى علاقة الكويت والسعودية، بتاريخ طويل من التفاهم والتعاون، فلا يفوّت ولي العهد نواف الأحمد، فرصة لتعزيز أواصر العلاقة مع السعودية، وكان من أوئل مهنّئي الأمير محمد بن سلمان بولاية العهد.
وفي 24 حزيران 2019، أبرق إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان، معبراً عن استنكار دولة الكويت وإدانتها الشديدة للهجوم الذي استهدف مطار ابها، وأودى بحياة شخص وإصابة آخرين، راجياً لضحية هذا العمل الآثم، المغفرة والرحمة، ومتمنياً للمصابين سرعة الشفاء والعافية. فالسعودية سبق لها أن ساندت الكويت، إبّان غزو صدام حسين لها، واحتضنت قياداتها ومقاومتها، وهذا ما يعرفه وليّ العهد الكويتي نواف الأحمد، ويثمّنه.
يخشى الشيخ نواف، من أن "الأحداث التي يشهدها اليمن، تهدد أمن دولنا واستقرارها، وتنذر بتداعيات خطرة على منطقتنا، ويحمّل الحوثيين مسؤولية رفض مبادرة السلام، وتعنّتهم واستيلائهم على الشرعية، وتطبيق سياسة الأمر الواقع، عبر القوة العسكرية".
ويضيف "نظراً للحشود والمناورات العسكرية، والاعتداءات على المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتجاهل جميع الجهود السلمية، وتطبيقاً لمعاهدة الدفاع الخليجي المشترك، ومعاهدة الدفاع العربي، استجابت الكويت لنداء الواجب، وشاركت أشقاءها في دول المجلس، وبقية دول التحالف، في التصدي لهذا العدوان، ومحاولة إعادة الشرعية إلى اليمن الشقيق".
ويوضح بأن موقف الكويت في هذه الأحداث، أملاه التزامها بالمواثيق والاتفاقات الدولية، والمبادئ التي تؤمن بها، والقائمة على احترام الشرعية الدولية، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام خيارات الشعوب، والحق في الدفاع عن الأمن، بعيداً عن الطائفية البغيضة والفئوية الخطرة.
ويتابع قائلا إن "اعتماد مجلس الأمن لقراره رقم 2216 بتاريخ 14 أبريل 2015، يؤكد صحة التوجه الخليجي، وسلامة تحركه لاحتواء هذه الأزمة. كما جاء شاهداً على وقوف العالم إلى جانب التحرك الخليجي والدول المتحالفة معه، في مواجهة قوى الحوثي والجماعات المناصرة له، التي تسعى لإبقاء الشعب اليمني الشقيق أسيراً لقوى الجهل والظلام".
إحاطة الشباب بالمزيد من الرعاية
يُعوّل ولي العهد، على الشباب الكويتي، موضحاً أن "دولة الكويت حريصة على دعم الشباب والاهتمام بهم، لتذليل جميع المعوّقات التي يواجهونها، لتشجيعهم على المزيد من الإنجازات، لرفع راية الكويت في المحافل الإقليمية والدولية".
لكنه ينبّه إلى ضرورة "إحاطة هؤلاء الشباب بالمزيد من تلك الرعاية. فضلاً عن بذل أقصى الجهود من أجل توفير فرص العمل وأسباب الحياة الكريمة لهم، مع الحرص دائماً على تفعيل مشاركتهم الإيجابية في بناء الوطن، فهم الطاقة المحركة لتنمية المجتمع وارتقائه، وأساس أمنه واستقراره".
وخلال تسلّمه مقاليد وزارة الداخلية، حث وليّ العهد الشباب الكويتيين، على الانخراط في سلك الشرطة، والعمل الإداري في الوزارة، بهدف تطوير العمل، واتبع سياسة "الإحلال"، حيث أفسح في المجال للخبرات الشابة من الكويتيين، لإحلالهم محل كبار السنّ، وضخّ الدماء الجديدة بالوزارة، والاستفادة من طاقات الشباب.
وحرص على الاستفادة من الثورة المعلوماتية في العالم، بتوظيف تطبيقاتها التكنولوجية المتقدمة في عمل الأجهزة الأمنية المختلفة، مثلما فعل في كل الوزارات التي تولى مسؤوليتها.
كما أولى اهتماماً بتقدم مستوى البحث العلمي في جميع المجالات، لأنه إحدى الركائز الأساسية في نهضة الأمم وتنميتها، وعلى ضرورة الارتقاء به، ضمن رؤية قادرة على تحقيق احتياجات الحاضر والمستقبل.
وهو يرى في الشباب الكويتي "أعمدة المستقبل"، ويريد لهم أن يكونوا "متمسكين بمبادئ الدين الحنيف، ويتخذوا الوسطية منهجاً، ويتحلوا بالخلق الحسن، ويتسلحوا بالعلم والمعرفة، ومواكبة جميع التطورات العالمية من أجل بلدهم."
وخاطب خريجي جامعة الكويت بالقول "افتحوا عقولكم لثمار التقنية الحديثة، واجعلوا من العلم سلاحاً، ومن مكارم الأخلاق ومبدأ الوسطية في ديننا الإسلامي الحنيف سراجاً، ينير لكم معالم الطريق، ويحصّنكم في مواجهة التيارات المتطرفة التي لا تمتّ إلى الإسلام بصلة، بل تسيء إليه أمام العالم أجمع. تحصّنوا وتمسّكوا بأخلاقنا وتقاليدنا الأصيلة التي ورثناها عن الآباء والأجداد، فهي خير زاد لكم في مستقبل حياتكم".
ولي العهد في عيون الآخرين
أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح
قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حين قرر تزكية الشيخ نواف الأحمد، لمنصب ولي العهد، إنه اختاره، لأنه عهد فيه "الصلاح والجدارة والكفاءة التي تؤهله لولاية العهد، فضلاً عن توافر الشروط المنصوص عليها في الدستور، وقانون أحكام توارث الإمارة".
نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد
يرى نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد، أن ولي العهد "يتمتع بصفات القائد المتميّز الذي يجمع بين الحزم والشدة والعطف والتسامح، والقدرة على مواجهة التحديات والمواقف الصعبة بحكمة وصلابة". منوّهاً بدوره الفاعل والمؤثر في مختلف الأحداث التي شهدتها الكويت".
النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح
ويرى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، الشيخ ناصر الصباح، أن ولي العهد نواف الأحمد "أحد الرموز البارزين في تاريخ الكويت الحديث، الذين تمرسوا في إدارة شؤون البلاد، وعايشوا أحداثها وأسهموا في مسيرة نهضتها وبنائها".
وأوضح أن "التاريخ سيذكر دوره المشهود، عندما كان وزيراً للداخلية، في محاربة الإرهاب الذي حاول أن يضرب الكويت في الثمانينات، ويجتثه من جذوره. لافتاً إلى أن التحديات التي يشهدها العالم اليوم، تؤكد صواب رؤيته ونظرته الثاقبة، عندما تصدّى للإرهاب وحافظ على استقرار الكويت".
مراقب مجلس الأمة الكويتي النائب عبدالله التميمي
وقال مراقب مجلس الأمة الكويتي، النائب عبدالله التميمي، إن ولي الشيخ نواف "تقلد الكثير من المناصب، منذ ريعان شبابه، بجدارة واقتدار، وترك في كل موقع بصمات واضحة، وهو حالة متفردة في حبه للكويت وشعبها". مشيراً إلى أنه من النادر أن يبتعد عن وطنه الكويت، لشعوره الشديد بعدم الراحة أو السعادة، إلا فوق ترابه وبين أهله".
عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. حمود القشعان
قال "نحن أبناء الشعب الكويتي، نفتخر بأن يكون «أبو فيصل» هو الساعد الأيمن، وصمام الأمان وولي العهد".
وكشف د.القشعان في تصريح لصحيفة كويتيه أنه "ما ذهبتُ إلى عرس أو عزاء، الا وجدت ولي العهد سباقاً في الحضور، لمشاركة أبنائه من الشعب الكويتي. كما أننا في الصباح الباكر، نرى موكبه البسيط يطوف بين سيارات الشعب الكويتي، ونراه قريباً من الناس، قريباً من المريض، قريباً من السعيد بحياته، والحزين لفقدان عزيز".
النائب د.أحمد مطيع
قال إن ولي العهد "إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ودود يعرفه أهل الكويت جميعاً، بتواضعه ودماثة خلقه، وطيبة تنطق بها ملامح وجهه وأفعاله، وفزعته لنصرة الضعيف وإنصاف المظلوم، والوقوف إلى جانب كل صاحب حق، حتى يصل إلى حقه".
النائب حمود الحمدان
عن اللحظة الأصعب في مسيرة ولي العهد قال "عاصرنا سموّ ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، وقد واجه الكثير من المحطات الصعبة في مسيرته، وأي محطة أصعب من الغزو العراقي الغاشم، لكنه كان صلباً قوياً قادراً على أن يعين إخوانه، الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، ورفيق دربه صاحب السموّ الأمير الشيخ صباح الأحمد".
د.هنوف الحميدي، الأستاذة في قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت
قالت في تصريح صحفي: أودّ أن أتطرق إلى الجانب الإنساني لسموّ ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، فالمعروف هو تديّنه وتواضعه، وظهر هذا الجانب برعايته الكريمة، لحفلات تخريج أبنائه خريجي جامعة الكويت، فكان يوجّه أبناءه الخريجين بروح أبوية صادقة".
وكشفت الحميدي، انها كانت تدرّس حفيدة ولي العهد، الشيخة نشمية في الجامعة، "وكانت على خلق وأدب وعلم تعكس كرم البيت الذي جاءت منه، فقد كانت أول من يحضر إلى المحاضرة، ولم تغب يوماً واحداً. كما أنها كانت متواضعة في تعاملها وفي أخلاقها".
لم أتغيّر.. أنا الأخ الذي تعرفونه
عبّر الشيخ نواف الأحمد، في لقاء جمعه في ديوانه إلى الصحافيين البرلمانيين –بحسب ما اوردت الصحافة الكويتية - عن اعتزازه بالصحافة الوطنية، وقال إنه يفتقد الصحافة البرلمانية التي كان يتواصل معها يومياً، بوصفه نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء. وشدد على أنه لم يتغيّر قائلاً "أنا هو الأخ الذي عرفكم وعرفتموه في كل المواقع، ولي الثقة بأن حافزكم ومحرككم ونبراسكم في العمل، هو المصلحة الوطنية العليا، وأننا جميعاً داخل سفينة واحدة، ربّانها سيّدي صاحب السموّ أمير البلاد، وجميعنا معنيون، بأن نعبر طريقنا بكل نجاح وتوفيق، ونحن بعون الله السند له بعد الله، في تحقيق آماله العظام، بوطن آمن مزدهر، ويشهد نمواً اقتصادياً يستعيد معه مكانته التاريخية والريادية في المنطقة".
وأضاف الشيخ نواف الأحمد، معبّراً عن رؤيته بأن "الصحافة تبني وتهدم، باختلاف النيات والأهداف، لكننا واثقون بأن هدف صحافتنا الوطنية هو البناء والإضافة، ولذلك فإن ما نرجوه، هو أن تضعوا مصلحة بلدكم فوق كل اعتبار، وما نطلبه ونحثّ عليه، هو عدم التسرع في أخبار، ربّما تردكم بالمشافهة والاستماع، من دون التحقق منها وقراءة نتائجها، وفي هذا المجال فإننا نشهد لصحافتنا ونتمنّى المزيد من الحرص على المصلحة الوطنية، والابتعاد عن التجريح؛ فالنزاهة في العمل الصحافي هي الأساس، وهذا المؤشر معيار لفخرنا بصحافتنا الوطنية وهي السلطة الرابعة في هذا البلد والله الحمد".
الصغير هو الأقرب إلى قلبه
ولي العهد نواف الأحمد، متزوج من الشيخة شريفة سليمان الجاسم، وله أربعة أولاد وبنت وهم: النجل الأكبر الشيخ أحمد، والشيخ فيصل، والشيخ عبدالله، والشيخ سالم، والشيخة شيخة.
برنامج ولي العهد، بحسب مصدر رسمي، يبدأ في الصباح، فبعد الفطور يطالع الصحف اليومية، ثم يتوجه لحضور بعض المناسبات، كعيادة مريض أو تقديم واجب عزاء، أو زيارة صديق ثم يذهب إلى مكتبه.
ويتمتع الشيخ نواف، بحياة أسرية هادئة، تغلب على بيته الانضباطية، ويلتقي العائلة الكبيرة مع أبنائه وأحفاده، ثلاثة أيام في الأسبوع (الأحد والثلاثاء والجمعة)، وجميعهم يعلمون أن وجبة العشاء تكون بعد صلاة العشاء مباشرة، سواء في الصيف أو الشتاء.
يلفت ولي العهد، إلى أن الأقرب إلى قلبه، هو الصغير.. ولكن لا فرق في المحبة بين أبنائه وأحفاده، فكلهم أعزّاء وقريبون إليه، ولكنه يعمل بالمثل القائل "ما أعزّ من الولد إلا ولد الولد".
أربعون عاماً بلا إجازة
يكشف ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، في لقاء تلفزيزني، بأنه لم يأخذ إجازة من عمله، منذ نحو أربعين عاماً، فقد كانت آخر إجازة له عام 1975، ومدتها شهر، قضاها برفقة العائلة خارج الكويت، موضحاً أن طبعه، كما طبع أمير الكويت، لا يهتمّ بالسفر ويفضل "قعدة الكويت" وممارسة هوايته بالخروج إلى البحر.
مضيفاً أن البحر "هو عندي كل شيء تقريباً"، وأن أيام العطل هي إجازته يقضيها في البحر، ولا يسافر صيفاً ولا شتاء، إلا حين يكون في مهمة رسمية.
وعمّا يفعله بالبحر أجاب ولي العهد بأنه يمارس الحدّاق (والحداق باللهجة الكويتية هو صيد السمك بالصنّارة، ونحتت الكلمة من الحذق، أي المهارة، حيث إن صيد السمك يحتاج إلى مهارة وتركيز). ولفت إلى أنه يمارس صيد السمك في عرض البحر بالصنارة والشباك، فهو لا يطيق انتظار اقترابه من السواحل.
هوايات اخرى على رأسها الطهو
أما عن الهوايات الأخرى، فكشف أنه كان في شبابه يمارس هواية ركوب الخيل، ولكنه يستدرك بالقول "الآن كبرنا"، فتقدمه بالعمر والمشاغل العامة، حالا دون الاستمرار في ممارسة هذه الهواية.
وهواية أخرى تحوز اهتمامه، وهي ممارسة القنص؛ يروي بأن رحلات صيده غالباً ما تمتد إلى الأراضي السعودية والعراقية، وصولاً إلى إيران. ولكنه يستدرك بأنه توقف عن ممارسة تلك الهواية، منذ أحداث حرب الخليج الثانية وما حصل بالعراق، وتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة عموماً، وبسبب رحيل عدد من أصدقاء الصيد أيضاً، وعدم تمكن من بقي منهم على قيد الحياة من المتابعة.
ويكشف بأنه يهوى الموسيقا، "استماعاً وممارسةً" وهو يجيد العزف على العود والكمان والبيانو. مضيفاً أنه حتى اللحظة مازال يستمع إلى الموسيقا والأغاني، ويعزف كلما سمحت له الظروف.
هواية أخرى يمارسها وهي الطبخ (طهو الطعام)، حيث يكشف أنه في أيام الجمعة، حينما لا يتمكن من الخروج إلى البحر، بسبب رداءة الطقس، فإنه يطبخ للعائلة في المنزل. كما أنه يحب الطبخ في الطبيعة أثناء القنص، الذي غالباً
ما يكون برفقة صديقة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (تولد 1940) نائب رئيس الحرس الوطني.
كلمة حق يجب أن تقال
أصدر الكاتب الدكتور عيسى العميري، كتاباً بعنوان "عهد الولاية الوفية"، تناول فيه سيرة حياة ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، بمناسبة مرور 12 عاماً على ولايته للعهد.
وقال العميري: "ما دفعني إلى الكتابة والإعداد لهذا العمل أيضاً، هو ما يتمتع به من الخصال الحميدة، وصفات القائد الناجح، التي من شأنها الإسهام في قيادة أي شعب إلى برّ الأمان، والنظر ومحاولة الاستفادة من تجربته الرائدة في هذا الشأن".
واستطرد قائلاً: "مما دعانا إلى الكتابة عنه، هو تقديم المثال الرائع للقيادة المثالية والولاية الوفية، لتكون ذكرى خالدة تنهل منها أجيال المستقبل، وتستفيد من خبراتها العلمية، وهي كلمة حق يجب أن تقال لتوثيق سيرة علم من أعلام دولة الكويت"
وذكر العميري في سياق كتابه: "لقد نشأ ولي العهد في ظل وكنف بيت الحكم والأسرة العريقة الخبيرة بأمور السياسة والديبلوماسية والموروث أباً عن جد، وتأثر تأثراً خاصاً وكبيراً في تشكيل صفات ولي العهد
3 ومميزاته، وكانت له أساساً وقاعدة، انطلق منها في حياته العملية. ووفر قربه من المواطنين، فرصة واسعة للاحتكاك الميداني بهمومهم، وجعلته قريباً من تطلعاتهم وآمالهم".