رئيس إندونيسيا جوكو ويدودو: لم أحلم يوماً بأن أكون حاكم ولاية.. ونحن شعب لا يخاف الإرهاب
إندونيسيا تعتزّ بوجود منظمتين إسلاميتين معتدلتين.. نهضة العلماء والمحمدية، وتتعاونان مع الحكومة.
إذا كانت الدولة والشعب يخافان الإرهاب.. فهذا فشل ذريع، ويعني وصوله إلى غايته.
لدينا طريقتان للتعامل مع المتورطين في الإرهاب.. قانونية وأخرى ثقافية ودينية.
لدينا ستة أديان و710 قبائل، و1100 لغة محلية، ونعيش جنباً إلى جنب سلمياً تربطنا الـ"بانتشاسيلا" أو المبادئ الخمسة.
نأمل بأن يزداد عدد السياح العرب إلى إندونيسيا في السنوات المقبلة وخاصة من السعودية.
نتطلع إلى تطوير علاقاتنا مع المملكة بشكل أكبر وخاصة في الاستثمار والثقافة والتنمية والسياحة.
السعودية شريك استراتيجي، رفع سمعة الإسلام دين رحمة للعالمين.
الإخصاء الكيماوي الحل الوحيد والأمثل لإنهاء جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال.
دعوت الشرطة ليكونوا صارمين مع تجار المخدرات وأن يطلقوا النار على من يقاومون الاعتقال منهم.
إندونيسيا تقدم العون وتحشد الدعم عبر المحافل الإسلامية والإقليمية والدولية نصرة لحقوق الشعب الفلسطيني.
لم يحلم أن يكون حاكماً لولاية من ولايات بلاده، لكنه وبالاقتراع المباشر، وصل إلى سدة الرئاسة وأنهى دورته الأولى، وفاز مؤخراً بدورة ثانية لخمس سنوات، ظافراً بثقة شعبه، في أكبر بلد في العالم، من حيث عدد السكان المسلمين.
يوصف في بلاده بالتواضع والبساطة ونظافة اليد، فهو الزعيم الشعبي القادم من خارج الطبقة السياسية، ومن خارج المؤسسة العسكرية، أتى من أحياء الفقراء، من الأكواخ التي كانت غالباً تغمرها المياه، وتُصنع فيها كل يوم معجزة من أجل الاستمرار في الحياة، يكتب على صفحته الشخصية على "فيسبوك": "سنواصل التركيز على العمل لتحسين النموّ الاقتصادي، والحدّ من عدم المساواة والحدّ من الفقر".
يحب الموسيقا الصاخبة وركوب الدراجات النارية، ومتخصص في علم الحراجة الخاص بالغابات. متزوج ولديه ثلاثة أبناء، اصطحبهم معه لأداء مناسك العمرة في مطلع نيسان الفائت، إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، وحلق شعور رؤوسهم بيده؛ إنه الرئيس السابع لإندونيسيا جاكو ويدودو، اختارته مجلة "الرجل" ليتصدر غلافها، ولتضيء على أبرز محطات حياته الشخصية والعامة.
الطفل الفقير ابن العشوائيات
ولد جوكو ويدودو، المعروف شعبياً باسم (جوكودي) في 21 حزيران 1961، في مدينة سوراكارتا، في جاوة الوسطى، لدى عائلة متواضعة، مؤلفة من الوالدين وثلاث شقيقات. وهو البكر.
كان والده بائعاً للأخشاب يعمل بتجارتها في المدينة، وقضى ويدودو معظم سنوات طفولة، بمنطقة شعبية، هي تجمّع من الأكواخ المبنية بشكل غير قانوني، بالقرب من نهر سولو أشهر أنهار البلاد.
غالباً ما كانت تتعرض تلك الأكواخ للفيضانات، وقد عاش ويدودو من كثب مرارة إخلاء منزله لثلاث مرات، ويعرف ماذا يعني الكفاح للاستمرار في الحياة وتجاوز العقبات.
وفي وقت لاحق، عندما دخل السياسة، وتولّى بلدية مدينتة سولو، ثمّ بلدية العاصمة جاكرتا، كان يعرف ماذا يجب فعله، لينظم شؤون مواطنية، وكانت جاذبيته الشعبية متأصلة ومرتبطة في تلك البدايات المتواضعة، ومتأثرة بسنوات طفولته الأولى التي قضاها بين أحياء الفقراء.
وحين بلغ الثانية عشرة، ذهب للعمل في ورشة والده لصناعة الأثاث المنزلي، وبفضله تألق عامل أخشاب ماهراً، دون أن يؤثر ذلك في متابعة دراسته وتحصيله العلمي.
الدراسة والمؤهلات العلمية
تلقى ويدودو، تعليمه الابتدائي في إحدى مدراس الدولة، واسمها (Tirtoyoso)، معروفة بكونها مدرسة للمواطنين الأقل ثراء.
وتابع دراسته في مدارس الدولة في ثانوية سوراكارتا العليا 1، ثم انتقل إلى ثانوية الدولة العليا 6، ودخل الجامعية، حيث قبل في قسم الحراجة (علم يختص بدراسة الغابات) بجامعة "جاجا مادا"، وهناك تعلم تكنولوجيا معالجة الأخشاب، وبرع في اختصاصة، حيث عمل على إنجاز دراسات وبحوث عن استخدام الخشب الرقائقي، حتى أصبح معروفاً في وقت لاحق باسم "ربان" الأثاث (يقابلها شيخ الكار بالعربي)، إلى أن تخرج وحصل على شهادته الجامعية عام 1985.
تأسيس شركة ونجاح بعد فشل
بعد تخرجه في الجامعة، بدأ الشاب ويدودو بالبحث عن عمل، كان متشوقاً ليعمل في تخصصه، فوجد في العام التالي وظيفة في شركة حكومية، متخصصة بصناعة الورق تسمى PT، في مقاطعة آتشيه، وعمل فيها مشرفاً على الغابات والمواد الخام.
غير أنه سرعان ما فقد الاهتمام بالشركة، وتركها بعد نحو سنتين، عائداً إلى منزله، مدركاً ان طموحه لن يتحقق بالوظيفة، ففتح ورشة الأخشاب التي تعود لوالده، وراح يبيع الخشب في مدينته سولو، وكان في تلك الأثناء ينتظر ولادة طفله الأول.
بعد سنة، أي عام 1989، تمكن من تأسيس شركته الخاصة وأطلق عليها اسم Rakabu اسم طفلته الأولى نفسه، ركزت الشركة بشكل أساسي على صناعة الأثاث المصنوع من خشب (الساج)، وتجارته، وكانت أعمالها تصعد تارة وتهبط تارة، وأصبحت شبه مفلسة في مرحلة ما.
غير أن الفرصة المواتية أتت عبر نجاح الشركة في الحصول على قرض قيمته 500 مليون روبية، من شركة Perusahaan Gas Negara.
بحلول عام 1991، بدأت الشركة تصدير منتجاتها، ولاقت رواجاً في الأسواق الدولية، على سبيل المثال، في فرنسا أسسوا لأول مرة فرعاً في السوق الأوروبية، عبر عميل فرنسي، يدعى بيرنارد هو، الذي منح جوكو ويدودو اللقب الذي اشتهر به، "جوكوي".
عام 2002، أصبح ويدودو، رئيس جمعية مصنعي الأثاث في سوراكارتا، ومصدراً ناجحاً للأثاث، يملك صالات عرض في قارات عدة.
ولكن رغم النجاحات التي أحرزها في الأعمال، قرر أن يصبح سياسياً منادياً بالإصلاح في المدينة التي ولد فيها سوراكارتا، متأثراً بالتخطيط العمراني الدقيق لبعض المدن الأوروبية التي شاهدها أثناء الترويج لأثاثه هناك.
قرار دخول المعترك السياسي
وعن لحظة قراره دخول المعترك السياسي يقول: "بعد مضي 18 عاماً من الأعمال الخاصة، قررت دخول المعترك السياسي، وانتخبت حاكماً لمدينة سولو (سوراكارتا) عام 2005".
كان أول شخصية يُنتخب بشكل مباشر لهذا المنصب، وتصفه الصحافة الإندونسية بأنه كان فعالاً بشكل غير عادي في الحدّ من الجريمة، وجذب السياح الأجانب إلى المدينة، واعتاد الزيارات العفوية للأحياء الفقيرة.
ولاقى رفضه قبول راتب عن الخدمة العامة، صدى لدى مواطنيه، وزاد في شعبيته، وأسهم في بناء سمعته عن التواضع والصدق.
وأعطى ويدودو أهمية خاصة لمكافحة الفساد المستشري في إندونيسيا، والبيروقراطية التي يقول المحللون إنها عطلت النموّ الاقتصادي في البلاد لفترة طويلة.
وهذا ما أكسبه شهرة السياسي النظيف، في بلد أصبح المواطنون منهكين من المسؤولين الحكوميين الفاسدين. حتى العاملون الحكوميون الكسولون لا يفلتون من غضبه، عندما يقوم بزيارات مفاجئة للمكاتب الحكومية، ضمن حربه على الفساد، وعدم الكفاءة البيروقراطية.
أعيد انتخابه لرئاسة بلدية سوراكارتا عام 2010، بأكثر من 90% من الأصوات. وقد صنّفته المؤسسة الدولية لرؤساء بلديات العالم، في وقت لاحق، أنه ثالث أفضل رئيس بلدية في العالم.
وفي عام 2012، فاز في الجولة الثانية من الانتخابات البلدية وأصبح حاكماً لجاكرتا، وأطلق برامجه الهادف إلى تحسين حصول مواطنيه على الرعاية الصحية والتعليم، وبدأت مقارنته على نطاق واسع في وسائل الإعلام بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، ولا يرجع ذلك إلى وجود تشابه مادي فقط، ولكن لأن جوكو، يتناسب إلى حد كبير مع قالب أوباما الجذاب، بوصفه سياسياً غير تقليدي أيضاً.
وبعد سنتين، حاكماً لجاكرتا، ترشح عام 2014 لرئاسة الجمهورية عن الحزب الديمقراطي الإندونيسي، وفاز على منافسه بالاقتراع المباشر، بنسبة 53.15%، وأصبح أول رئيس إندونيسي ينتخبه مواطنوه بشكل مباشر، ولفت الانتباه الدولي، بأسلوبه الشعبوي في حملته الانتخابية، وطرحه لمكافحة الفساد. وكان أول رئيس إندونيسي لم يأت من خلفية عسكرية، أو ينتمي إلى إحدى العائلات السياسية البارزة في البلاد.
ورأى محللون نجاحه في صناديق الاقتراع، بداية لعهد جديد أكثر ديمقراطية في السياسة الإندونيسية.
في نيسان من العام الجاري 2019، ترشح الرئيس ويدودو، لدورة رئاسية ثانية، مدتها خمس سنوات، وأعلن بنفسه، وفقاً للنتائج غير الرسمية، فوزه على منافسه بنسبة 54%.
وكان أجاب في وقت سابق عن سؤال متعلق بتوقعه بأنه سيصل يوماً، ليكون رئيساً للجمهورية، فقال: "بصراحة؛ ما كنت أحلم بأن أكون حاكم ولاية، أو محافظاً لجاكرتا، فضلاً عن أن أكون رئيساً للجمهورية، لأنني منتمٍ إلى الشعب العادي المتواضع".
الوعي والتعقل والديمقراطية
يؤمن الرئيس الإندونيسي، بنظام حكمه الديمقراطي، فيقول "إندونيسيا أصبحت الآن، دولة أكثر ديمقراطية، وأصبح الشعب الإندونيسي أكثر وعياً وتعقلاً في السياسة".
ويضرب مثالاً على فوائد الديمقراطية في تصريف شؤون إدارة البلاد، فيقول "في السنة الماضية أجريت 195 انتخاباً إقليمياً، كما أجريت 101 دورة انتخابات للمحافظين. وكل شيء يجري على ما يرام. وكذلك انتخب جوكو ويدودو من الشعب العادي، رئيساً للجمهورية، لأن الانتخاب ديمقراطي".
السرّ في تعايش 710 قبائل
يمتدح الرئيس ويدودو التعايش بين ستة أديان، والكثير من العرقيات في بلاده يقول "إندونيسيا تسكنها ستة أديان، وتعيش فيها 710 قبائل محلية، ولديها 1100 لغة محلية، وهذا التنوع، الذي يمارسه الشعب، ويعيش جنباً إلى جنب سلمياً في إندونيسيا، الذي تربطه (بانتشاسيلا)، أو "المبادئ الخمسة". وهذه هي القاعدة التي هي أساس للتعايش بسلام وأمان ووحدة بين الأديان والقبائل المختلفة في إندونيسيا".
والمبادئ الخمسة التي يتحدث عنها الرئيس، صاغها أول رئيس لإندونيسيا (سوكارنو) في 1945 عقيدةً للدولة الناشئة، لتجمع الإندونسيين على مختلف مشاربهم، وهي:
الإيمان بإله واحد.
إنسانية عادلة ومتحضّرة.
وحدة إندونيسيا.
الديمقراطية تقودها الحكمة الداخلية في توحّد ناشئ من المداولات بين الممثلين.
العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب الإندونيسي.
نحن لا نخاف الإرهاب
للرئيس ويدودو طريقته بالتعامل مع قضيية الإرهاب، فبعد حصول التفجير الإرهابي في جاكرتا، نزل مباشرة إلى مكان الانفجار، وصرّح من هناك مخاطباً مواطنيه "نحن لا نخاف الإرهاب" ودافع عن موقفه هذا قائلاً "قلت إننا لا نخاف، فإذا كانت الدولة تخاف والشعب يخاف، فهذا فشل ذريع، لأن غاية الإرهاب هي التخويف".
أما كيف يرى الطريقة الأجدى في التعامل مع الإندونسيين الذين يتورطون في عمليات إرهابية فيقول "هم من المواطنين الإندونيسيين، لكن لا بدّ من إقامة العدل، ولدينا طريقتان لمواجهتهم. طريقة قانونية وأخرى ثقافية ودينية لحل هذه المشكلة".
وأشار إلى أن إندونيسيا تعتز بوجود منظمتين إسلاميتين معتدلتين في البلاد، هما "نهضة العلماء" و"المحمدية"، وهما متعاونتان مع الحكومة في مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب والتشدد".
ولا ينكر تأثير الأعمال الإرهابية على النشاط السياحي، لكنه يقول "لم يستمر التأثير لمدة طويلة، ومثالاً، بلغ عدد السياح عشرة ملايين وأربعمئة ألف عام 2015، وارتفع عددهم إلى 11 مليوناً و500 ألف عام 2016. أنا قلت إن الترويج مهم، وكذلك دور الإعلام، إن إندونيسيا في سلام وأمان، وكذلك الترويج عن جمال مناظر إندونيسيا مهم جداً، لذلك نأمل بأن يزداد عدد السياح العرب، وخاصة من المملكة العربية السعودية، في السنوات المقبلة"
لا هوادة مع تجار المخدرات
يشنّ الرئيس ويدودو حملة لا هوادة فيها على تجار المخدرات، في مسعى منه للتصدي لأزمة المواد المخدرة التي تواجه بلاده، وبلغت تلك الحملة ذروتها عام 2017، إذ دعا الرئيس ضمن خطاب له الشرطة الوطنية بالقول "كونوا صارمين، خاصة مع تجار المخدرات الأجانب الذين يدخلون البلاد ويقاومون الاعتقال، أطلقوا النار عليهم، لأننا بالفعل نواجه وضعاً طارئاً فيما يتعلق بالمخدرات".
وجلبت له تصريحاته تلك انتقادات من جهات دولية، فلدى إندونيسيا قوانين صارمة لمكافحة المخدرات، وسبق أن تعرض ويدودو للنقد، بسبب أمره بتنفيذ أحكام الإعدام على المدانين بتهريب المخدرات، ويطالب نشطاء حقوقيون وبعض الحكومات إندونيسيا، بإلغاء عقوبة الإعدام.
الإخصاء عقوبة للاعتداء الجنسي
من بين القرارات الحاسمة التي اتخذها الرئيس ويدودو، قرار الإخصاء الكيماوي لكل شخص يعتدي جنسياً على أي شخص آخر، وبخاصة الأطفال، وهذا القرار اتخذه، بعد أن تعرضت طفلة عمرها 14 عاماً للاغتصاب بشكل مقزز، أثناء عودتها من المدرسة، في نيسان 2017.
لعل هذا القانون ليس جديداً، حيث إن هناك دولاً تنفذه بالفعل، منذ أكثر من عام، مثل بولندا وتركيا وكوريا الجنوبية وروسيا، ففيها يحكمون بالإخصاء الكيماوي على المعتدين على الأطفال، وهذا جعل معدلات اغتصاب الأطفال تتراجع، وتكاد تنعدم.
ورغم الجدل، يتمسك جوكو ويدودو، بالقرار، فهو يرى أنه "الحل الوحيد والأمثل، لإنهاء جرائم الاعتداء الجنسي الذي انتشر في المدة الأخيرة، بمعدل كبير على الاطفال". ويوضح "مع تطبيق القرار بشكل مستمر، ستتراجع الجرائم الجنسية، وسنمحوها مع مرور الوقت. إن دستورنا يحترم حقوق الإنسان، ولكن عندما يتعلق الأمر بالجرائم الجنسية، فلا مجال للتنازل؛ نحن أقوياء، وعلينا أن نكون صارمين، سوف نصدر العقوبة القصوى للجرائم الجنسية، وهذا أمر لن نتنازل عنه".
رغم اعتراض النقابة الإندونيسية على قرار الرئيس في البداية، وقولها إن هذا القرار مخالف للأخلاق الطبية، فإن ردّ الرئيس كان حاسماً، حيث قال إنه سوف يستعين بأطباء عسكريين، لإتمام عملية الإخصاء لكل مغتصب.
علاقتنا مع المملكة استراتيجية ونريدها أمتن
تحتل العلاقة السعودية مكانة خاصة في رؤية الرئيس ويدودو لعلاقات بلاده الخارجية، ويقول إن "إندونيسيا ترى المملكة العربية السعودية شريكاً استراتيجياً، رفع سمعة الإسلام دين رحمة للعالمين، لذلك نتطلع إلى تطور العلاقة بيننا بشكل أكبر، وخاصة في الاستثمار والثقافة والتنمية والسياحة، وهذا شيء مهم للغاية، إندونيسيا أكبر دولة يسكنها المسلمون في العالم، تتطلع لتطور العلاقة بين الدولتين، لتصبح أكثر متانة في المستقبل".
ووصف زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى إندونيسيا، عام 2017، بأنها تاريخية، فهي تأتي بعد 46 عاماً على زيارة المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز.
ووجه الرئيس ويدودو في المقابلة نفسها، رسالة إلى الإندونيسيين في الشرق الأوسط عموماً، وفي السعودية خاصة، قال فيها "أنتم تمثلون بلدكم، ويجب أن تحملوا اسمه بكل ما هو خير، يجب أن تراعوا اتباع السلوك الطيب، والتصرف الراقي والعمل بإخلاص وتفان، ولا تنسوا العودة إلى بلدكم إندونيسيا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
يلتقط سيلفي مع خادم الحرمين
فاجأ الرئيس ويدودو، وسائل الإعلام أثناء زيارته الأخيرة في منتصف نيسان الفائت إلى المملكة، بتسجيل مقطع فيدو سيلفي يجمعه وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بهاتفه المحمول.
وقال خادم الحرمين في الفيديو: "أنا سعيد برؤية فخامة الرئيس، وإن شاء الله أزور إندونيسيا وأرى إخواني وأبنائي هناك".
وأضاف: “إندونيسيا بلدنا، والسعودية ومكة والمدينة بلد كلّ مسلم والحمد لله”.
وعبّر الرئيس الإندونيسي في نهاية المقطع، عن امتنانه الكبير وشكره لخادم الحرمين الشريفين على الكلمات التي وجّهها إليه وإلى الشعب الإندونيسي.
وهذه ليست المرة الأولى التي يلتقط بها الرئيس ويدودو سيلفي مع خادم الحرمين، فقد سبق له أن فعل ذلك قبل سنتين، في جاكرتا، خلال مأدبة العشاء في قصر الرئاسة التي أقامها على شرف الملك، حيث تناول الرئيس ويدودو هاتفه المحمول، وشرع بتسجيل فيديو، ونشره على صفحاته في منصات التواصل، وحاز 104 ملايين مشاهدة، خلال ست ساعات، بحسب ما ذكرت مصادر إعلامية.
مناصر للفلسطينيين وداعم لاقتصادهم
يهتم الرئيس ويدودو ببناء علاقات طيبة مع الكثير من الدول العربية، ويولي علاقاته بالفلسطينيين أهمية استثنائية، في صيف العام الماضي 2018، دعا وزير التجارة الإندونيسي إنغريتاستو لوكيتا، السفير الفلسطيني زهير الشن، إلى توقيع اتفاقية إعفاء التمور وزيت الزيتون الفلسطيني من الضرائب، وطلب قائمة بالمنتجات التي يرغب الجانب الفلسطيني في إلغاء الضرائب عنها، مؤكداً دعم الرئيس جاكو ويدودو لنضال الشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وكان الرئيس ويدودو وقع اتفاقية التآخي بين القدس وجاكرتا، عام 2008، وتشكل هذه الاتفاقية دعماً كبيراً لصمود المقدسيين، بشكل خاص، الذين يواجهون كل أشكال الظلم والاضطهاد، من حكومة الاحتلال التي تسعى إلى تهويد المدينة، وطرد السكان العرب المسلمين والمسيحيين منها.
وخلال استقباله وزير الخارجية الفلسطيني د.رياض المالكي، في تشرين الأول 2018، أكد ويدودو مواقف إندونيسيا الثابتة والمبدئية والداعمة لفلسطين وشعبها، وضرورة حل القضية الفلسطينية بشكل عادل ودائم، وفق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وضرورة وقف إسرائيل لإجراءاتها وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأكدا جاهزية إندونيسيا لتقديم العون وحشد الدعم عبر كل المحافل الإسلامية والإقليمية والدولية؛ لتوفير الدعم والحماية للشعب الفلسطيني، خاصة أن إندونيسيا ستتولى مقعداً غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2019-2020، كما ستتولى فلسطين رئاسة مجموعة الـ 77 والصين، كما أكدا أنه من غير المقبول أن تستمر معاناة الشعب الفلسطيني، وأن هناك ضرورة لوضع حد لهذه المعاناة، وأن الحل هو سياسي بالأساس، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يعيش بحرية وكرامة، وتكون له دولة ذات سيادة، وعلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.
رجل المخاطر عاشق الدراجة النارية
يهوى الرئيس جوكو ويدودو، ركوب الدراجات النارية، وقد شوهد مراراً خلال حملته الانتخابية الأخيرة، يجوب الأرياف على دراجة نارية كي يلتقي مواطنيه.
ونقلت الصحافة ما أقدم عليه الرئيس ويدودو البالغ من العمر 58 عاماً، حين كان في موكبه الرسمي في الطريق لافتتاح دورة الألعاب الآسيوية الثامنة عشرة في العاصمة جاكرتا، حيث حال الازدحام المروري دون مواصلة الموكب طريقه، وأصبح من الصعب الوصول في الوقت المقرر، فما كان منه إلا أن ترجّل من سيارته بزيه الرسمي، وطلب من أحد راكبي دراجات النارية في موكبه أن يعطيه الدراجة، وأخذ منه خوذته وارتداها، ثم انطلق وسط ذهول الناس المتجمهرين في الشارع.
قاد الدرجة وسط أزقة العاصمة وشوارعها، وحراسه يلحقون به على دراجاتهم النارية، واجتاز عقبات عدة اعترضت طريقه، إلى أن تمكن من دخول الاستاد على دراجته، ملوّحاً بيده للحاضرين وللجماهير التي تنتظر وصوله، ثم هبط إلى المرآب وركن الدراجة هناك، واتجه ليأخذ مكانه على مقعده ويتابع حفل الافتتاح، بمشاركة نحو أربعة آلاف راقص وراقصة، الحفل المقام على مسرح في الاستاد يزن 600 طن على شكل منظر طبيعي يتضمن بركاناً.
الفيديو الذي صور ما حدث مع الرئيس أثار ضجة على مواقع التواصل، وخاصة “تويتر” فقد أصبح وسم (هاشتاغ) "فخور أن أكون إندونيسياً" ووسم "رجل المخاطر" هما الأكثر تداولاً.
ويسمع موسيقا الـ (ميتال)
حين كانت تحاول الصحافة رصد مسيرة حياته وتزور المكان الذي ولد فيه وتلتقي أمه وأصدقاء طفولته، كانوا يعودون بجواب واحد، لقد كان فتىً عادياً، لم يتخيلوا أنه سيكون يوماً ما مرشحاً للرئاسة.
ربما الشيء الوحيد المتميز بشخصيته عن محيطه، شغفه بالموسيقا، فقد أحب فرقاً مثل ميتاليكا (Metallica) منذ كان صغيراً وما زال يستمع إلى تلك الموسيقا، وهو في الطريق من موعد إلى آخر، وحتى بعد أن أصبح رئيساً للبلاد لم يهجر الموسيقا، فهو غالباً ما يستمتع ببعض الوقت مع الموسيقى المفضلة لديه (heavy metal).
حياته الأسرية
بعد تخرجه في الجامعة تزوج ويدودو من السيدة إريانا جوكوي في 24 ديسمبر 1986، في مدينة سولو، وأنجبت له ثلاثة أطفال، هم جبران وكيسانغ وكاهيانغ.
وغالباً ما يشاهد الإندونيسيون رئيسهم برفقة زوجته في المناسبات التي تقتضي ذلك، فقد ظهرا مؤخراً وهما يدليان بصوتيهما في الانتخابات الأخيرة، كما ظهرت زوجته إلى جانبه في زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، لأداء مناسك العمرة في نيسان الفائت.
إصلاح الأشياء والعثور على حلول
ترى الصحافة الإندونسية أن حصول إندونيسيا على أسهم "فري بورت" التي كانت تستحوذ على مناجم الذهب والنحاس الإندونيسي، أحد "أهم إنجازات الرئيس ويدودو في الثلاث سنوات ونصف الأخير، حيث عمل بجد للتفاوض، لسحب الأصول المملوكة لجمهورية إندونيسيا بدبلوماسية عالية، وبدون أن يفسد علاقة إندونيسيا بدول أخرى".
وبمقابل هذا الإنجاز الوطني لبلاده، تعهد الرئيس ويدودو، بزيادة الأموال التي تحوّلها الحكومة إلى البرنامج الذي يحمل اسم "صناديق القرى" في رابع أكثر بلدان العالم سكاناً، إلى نحو 30 مليار دولار فى الأعوام الخمسة المقبلة.
وقال ويدودو لآلاف من أنصاره في قاعة مؤتمرات في سنتول جنوبي جاكرتا "يعيش نصف سكان إندونيسيا في قرى ومستوى الفقر هناك أعلى من المدن". وأضاف "بتحسين استغلال "الصناديق" ستوزّع الثروة على نحو أكثر عدلاً في القرى النائية".
تساءل صحافي قابل ويدودو، حينما كان لا يزال حاكماً لجاكرتا، عن هوية "هذا البطل الإندونيسي الجديد حقاً"، ليقول "الجواب البسيط هو أن Jokowi هو Jokowi - لا أكثر ولا أقل".
ويضيف "اتضح أن وعود التغيير كانت فارغة. كان القادة الجدد فاسدين مثل القادة القدامى، لم يحدث شيء كثير حقاً، ثم هناك هذا الرجل العادي الذي هدفه الرئيس هو إصلاح الأشياء، والعثور على الحلول".