المعنى الحقيقي للثقة.. وهكذا تحققها دون الوصول للغرور
يقول البعض إن هناك خطاً نحيلاً فاصلاً بين الثقة بالنفس والغرور، ولكن في حقيقة الأمر فإن الفرق بين الاثنين كبير للغاية وربما يُشبه سور الصين العظيم.
الثقة لطيفة، وسمة قوية تساعدنا على تحقيق النجاح، ولكن الغرور سمة لا يقدرها سوى الأشخاص الذين يتسمون بها. الأشخاص الواثقون بأنفسهم مثل المغناطيس لديهم قدرة كبيرة على جذب الانتباه والحصول على ثقة واحترام من حولهم، كما أنهم يعتقدون أنهم قادرون على القيام بأي شيء يريدونه، لذلك يخاطرون وفي معظم الأحيان يحققون نجاحاً كبيراً ويحققون ما يحلمون به.
من المطمئن العمل مع شخص يثق في مهاراته وقدراته، لاسيما وأن الثقة بالنفس مُعدية وتنتقل من شخص إلى آخر، فكلما أحطنا أنفسنا بأشخاص واثقين بأنفسهم كلما أصبحنا مثلهم.
وفي المقابل، يوجد الغطرسة وهي الحالة التي يشعر فيها الإنسان بأنه قادر على القيام بأي شيء أفضل من الآخرين، وكأنه يستطيع إتمام مهامه وهو مُغمض العينين. في حقيقة الأمر لا يوجد أسوأ من العمل مع هؤلاء الأشخاص، لاسيما وأن كان مديرك ينتمي إلى هذا النوع من البشر. عندما تعمل مع مدير مغرور ومتكبر فإنك لا تعثر على أي فرص لتحقيق النجاح، ولن تتمكن من تطوير نفسك، وربما سوف تنهار حياتك العملية، وقد تصبح وحيداً تماماً.
يعزو علماء النفس الغرور الشديد إلى انخفاض مُعدّل الذكاء العاطفي لدى الأشخاص، مؤكدين أن الأشخاص الواثقين بأنفسهم غالباً ما يكونون متواضعين.
فن الثقة بالنفس
الثقة بالنفس لا تأتي بالمال أو الملابس أو السيارة السريعة التي تقودها. ولكن الثقة الحقيقية هي معرفتك بقيمتك وقدرك، ومعرفة ما هي الأمور التي تعتقد أنه يمكنك القيام بها بنفسك. عندما تلتقي شخصا واثقا بنفسه، فإنك سوف تعرف على الفور أنه يمكن الاعتماد عليه.
إن الأشخاص الواثقين بأنفسهم هم الناس الذين تستمع إليهم وتجدهم مستعدين لمواجهة الظروف والتحديات المختلفة من أجل تحقيق النجاح. الشخص الذي يدخل الغرفة ويلفت الانتباه على الفور، دون أن يرفع صوته أو يقوم بأي تصرف خارج عن المألوف. أنت تعرف أنهم واثقون بأنفسهم، ولكنهم لا يقولون ذلك مُطلقاً، ولا تجدهم مغرورين أو متعجرفين أبداً.
كيف إذا تعزز ثقتك بنفسك دون أن تصل إلى درجة الغرور؟
كُن مخلصاً
هل تعرف العبارة الشهيرة التي تقول: "تظاهر بالأمر حتى تتقنه تماماً؟"، حسناً هذه العبارة لا تنطبق أبداً على الثقة بالنفس؛ لأنها يجب أن تكون نابعة من داخلك بالفعل، وعليك أن تكون مؤمناً بنفسك، وواثقاً من قدرتك على القيام بالكثير من الأمور. في كثير من الأحيان فإن التظاهر بالثقة بالنفس تحولك إلى شخص مغرور، تتحدث دون التفكير في عواقب كلامك، وتتصرف دون وضع أي اعتبار للآخرين.
اعرف نقاط قوتك
من المهم أيضاً أن تحدد نقاط قوتك وتعرف ماذا يميزك عن غيرك. الشخص الذي يعرف نقاط قوته، ويعرف الأمور التي يجيد القيام بها سوف يكون أكثر ابداعاً، كما أنه سوف يعثر على طرق فعالة للخروج من المشاكل والأزمات، ويتمكن من تطوير مهاراته ويصبح أكثر ثقة في قدراته.
اعرف حدودك
وبينما تمكنت من تحديد نقاط قوتك، فإنك سوف تكون قادراً على معرفة حدودك ومعرفة الأمور التي تجيد القيام بها وتلك التي لا تستطيع القيام بها بمفردك، ما يجنبك الغرور والتكبر على الآخرين. الكل يعرف شخصا يتعامل مع نفسه على أنه لديه قدرات خارقة، ويتصرف وكأنه يعرف كل شيء وإذا لمس شيئا ما فإنه سوف يتحول إلى ذهب، لكن في حقيقة الأمر فإن التصرف على هذا النحو سيضرك ويمنعك من تطوير نفسك، ولن يمنحك فرصة لأن تكون أكثر حكمة وذكاء.
كُن مصدر إلهام
في الفيلم الأمريكي "أميركان جانجستر" قال الممثل الشهير دينزيل واشنطن إن "صاحب أعلى الأصوات في الغرفة، غالباً ما يكون أضعفهم"، وقد يكون هذا أبلغ تفسير للطريقة التي يتصرف بها الأشخاص المتغطرسون. الغرور يدفعك إلى القيام بالكثير من التصرفات الغريبة والخارجة عن المألوف من جذب الانتباه إليك. في المقابل تصنع الثقة بالنفس هالة حولك، وتجعلك تبدو براقاً ومشعاً بالطاقة دون بذل أي مجهود.
عندما تكون واثقاً من نفسك فإنك سوف تكون مصدر إلهام للآخرين، لاسيما إذا كنت قائداً.
راجع وكرر الأمر
كونك واثقاً في نفسك دون أن تصبح مغروراً تحدٍّ علينا إبقاؤه على قائمة أولويتنا طوال الوقت، سوف يساعدنا ذلك على تجنب القيام بأي تصرفات خاطئة، خاصة وأننا في بعض الأحيان قد نتجاوز حدودنا ونقوم ببعض الأفعال غير المقبولة. وللتأكد من أنك لم تتجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها لنفسك، فلا عيب في أن تطلب من بعض الأشخاص المقربين منك أن يخبرونك إذا قمت بذلك.