رومانيا.. أرض الطبيعة الغامضة والمدن الملونة
تخرج رومانيا من الكبسولة الزمنية الخاصة بها إلى العالم لتبهر زوارها بمزيج من التاريخ المنصهر على أرصفة المدن الملونة التي تحرسها الجبال الصخرية والتلال المتدحرجة على سهول الريف الغامضة، لقد خرجت مدن ترانسيلفانيا من الزمن إلى شواطئ البحر الأسود الساحرة القريبة من العاصمة بوخارست النابضة بالحياة.
ترسم جبال الكاربات قوساً واسعاً يمتد في وسط البلاد لتتناثر القمم الصخرية المحاطة بغابات الصنوبر والفاكهة، وتمتد على سهولها المروج الخضراء الغنية بالحياة البرية الجميلة على طرفي نهر الدانوب ثاني أطول نهر في أوروبا، ويفصل بين رومانيا وبلغاريا قبل أن يتجه شمالاً ليشكل أكبر دلتا نهرية مزينة بأشجار القصب والتي تعد ملاذاً لأندر أنواع الحيوانات في العالم، لتصب مياهه النقية أخيراً في البحر الأسود.
ولا يمكننا أن ننسى أن ترانسيلفانيا هي أرض أسطورة دراكولا التي تحتفي بقلاعه المنتشرة على قمم التلال الصخرية، والتي تشتمل على قلعة بران المخيفة المرتبطة بأشهر قصص الرعب، إلى جانب قلعة كورفين التي تشتهر باسم قلعة الملك كارول الأول التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر وتمتلك إطلالات ساحرة على الريف الروماني، في حين تعود قلعة بيليس الفاخرة إلى القرن التاسع عشر.
ينصهر تاريخ العصور الوسطى على الممرات الحجرية لمدن براشوف وسيجيسوارا وسيبيو التي تتزين ببعض المقاهي الأنيقة وتتناثر بينها أصوات الموسيقى الغجرية، ويرتد صدى الفن العريق على الواجهات القوطية والباروكية في مدينة كلوج نابوكا الحيوية، كما تفتخر قرى ترانسيلفانيا السكسونية بالكنائس المهيبة التي تجاوز عمرها الخمسمائة عام.
ازدهرت الثقافة الريفية التي عمادها الفلاحون والأراضي الخصبة المعطاءة في رومانيا على مدى قرون طويلة، تمكن سكانها من التكيف مع الجغرافيا الجبلية الصعبة وتحويلها إلى لوحة طبيعية مذهلة، حيث تهيمن رفوف التبن الضخمة وعربات الخيول القادمة من القصص الخيالية والكنائس الخشبية الفخمة، ومازالت العديد من القرى الصغيرة المنعزلة تمارس عاداتها التراثية الشعبية القديمة، في حين تختبئ الساحرات من بناتها بين أشجار الصنوبر الشاهقة.
تكتسي القمم الصخرية في ترانسيلفانيا ومولدافيا بالرداء الأبيض بدءاً من منتصف أكتوبر لتكون وجهة رائعة لمحبي التزلج والمغامرة، كما توفر دلتا الدانوب ملاذاً للهدوء والاسترخاء وصيد الأسماك وركوب القوارب لمراقبة الطيور النادرة التي تأتي في فصل الربيع. وتنتقل النشاطات الممتعة إلى أعماق البحر الأسود خلال فصل الصيف، لتمتلئ الشواطئ بالسباحين والغواصين والسياح الذي يبحثون عن أشعة الشمس الذهبية أوالتنافس في الماراثونات الممتدة على طول السواحل.