مشاعرنا تؤثر على أجسادنا.. كيف نجعل رمضان فرصة؟
مشاعرنا وعواطفنا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأجسادنا، وهي تؤثر بشكل مباشر ليس على صحتنا النفسية فحسب لكن أيضاً على صحتنا البدنية، فعلى سبيل المثال إذا كنا نشعر بالقلق أو كنا غير سعداء فمن الممكن أن يتسبب ذلك في أعراض جسدية من بينها الأرق أو الصداع أو حتى ارتفاع ضغط الدم، وكذلك فإن الشعور بالحرج يمكن أن يؤدي إلى حدوث تغيرات فسيولوجية في الجسم منها إحمرار الوجه وجفاف الفم والتعرق.
ويمكن القول إن المشاعر السلبية قد تؤثر بشكل سيئ على جهاز المناعة وعلى الصحة بشكل عام؛ وفي المقابل، فإن المشاعر الإيجابية يكون لها تأثير قوي على الصحة والرفاهية، فضلاً عن أنها تلعب دوراً في تعزيز علاقاتنا مع المحيطين بنا، وتساعد على تخلص الجسم من تأثير المشاعر السلبية؛ وليس ذلك كل شيء، إذ إن المشاعر الإيجابية مثل السعادة والرضا والحب والتفاؤل من شأنها أن تعزز قدرتك على التأقلم والتكيف، وكذلك قدرتك على التعامل مع المشكلات والمواقف العصيبة وحتى الصدمات بشكل فعال، كما تساعدك على أن تكون أكثر إبداعاً.
ويمكنك فيما يلي التعرف على تأثير المشاعر والعواطف المختلفة سواء الإيجابية أو السلبية على الصحة النفسية والبدنية:
1. الحب
عندما تكون في حالة حب، فمن الممكن أن تلاحظ حدوث تسارع في ضربات قلبك أو تعرق يديك، وبحسب ما جاء في تقرير نشره موقع "Bright Side"، فإن هذه الأمور تحدث نتيجة تحفيز هرموني "الأدرينالين" و"النورأدرينالين"؛ وفي الوقت ذاته، يجعلك هرمون "الأوكسيتوسين"، الذي يُعرف أيضاً باسم "هرمون الحب"، تشعر بالسعادة والثقة كما قد يلعب دوراً في تخفيف شعورك بالألم، إذ يعتقد العلماء أن هذا الهرمون له تأثير مسكن للآلام؛ وكذلك فإن الحب يمكن أيضاً أن يساعد على تحسن صحة القلب.
2. الغضب والقلق
من الضروري ألا تسمح أبداً لشعورك بالغضب بأن يسيطر عليك، إذ إنه في حال كنت غير قادر على التحكم في غضبك، فذلك من الممكن أن يؤثر بشكل سلبي على علاقتك بالمحيطين بك وكذلك قد يتسبب لك في العديد من المشاكل الصحية سواء على المدى القريب أو البعيد، ومن بينها على سبيل المثال:
- الصداع
- الأرق
- ارتفاع ضغط الدم
- مشاكل الهضم
- مشاكل الجلد مثل "الأكزيما"
- النوبات القلبية
- السكتات الدماغية
وفي حال كنت تعاني أيضاً من القلق أو كنت "شخصاً قلوقاً" بطبيعة الحال، فإن الغضب يمكن أن يجعل الأمر أسوأ بالنسبة إليك من خلال زيادة أعراض اضطراب القلق العام؛ وكي لا تسمح لغضبك بأن يسيطر عليك، فيمكنك أن تأخذ نفساً عميقاً وتحاول تهدئة أعصابك قليلاً، ومن المهم أن تفكر جيداً قبل أن تتحدث، حيث إنه يمكن في خضم اللحظة أن تتفوه بأمور قد تندم عليها لاحقاً، لذا امنح نفسك ولو بضع لحظات حتى ترتب أفكارك قبل قول أي شيء.
وبمجرد أن تهدأ وتصبح قادراً على التفكير بوضوح يمكنك التحدث عما يدور في ذهنك والتعبير عن مخاوفك واحتياجاتك بشكل واضح ومباشر، لكن دون إيذاء مشاعر الآخرين أو محاولة السيطرة عليهم؛ وبعد ذلك يمكنك العمل على إيجاد حل للمشكلة مع الحرص على تجنب أنماط التفكير غير الصحية أو السلبية، وتذكر أن غضبك لن يصلح أي شيء، بل ربما يجعل الأمور أسوأ.
3. الاكتئاب
من المعروف أن الاكتئاب من الممكن أن يزيد من خطر الإصابة بعدد من الأمراض، ذلك إلى جانب أنه يسبب الأرق ويؤثر بصورة سلبية على جهاز المناعة ويجعله ضعيفاً، مما يجعل من الصعب على جسمك مكافحة العدوى.
وكذلك يؤدي الاكتئاب والتعرض للضغط العصبي إلى زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية، ويمكن أن يعاني الشخص المصاب بالاكتئاب أيضاً من مشاكل في الذاكرة أو صعوبة في اتخاذ القرارات.
وفي السياق ذاته، فقد أشار التقرير إلى أن القلق المزمن والاكتئاب قد يزيدان من خطر الوفاة بسبب أمراض الكبد بدرجة كبيرة.
4. الاشمئزاز
الشعور بالاشمئزاز حيال شيء ما أو حتى شخص معين هو واحد من أكثر المشاعر التي يكون من الصعب على أي شخص التحكم فيها؛ وعلى عكس المشاعر الأخرى مثل الخوف والغضب، والتي تؤدي إلى زيادة سرعة ضربات القلب، فإن الشعور بالاشمئزاز يجعل نبضات قلبك تبطئ قليلاً، وقد تشعر بالغثيان أو كما لو أن هناك مشكلة في معدتك.
وحتى لا يسيطر عليك مثل هذا الشعور حاول أن تأخذ نفساً عميقاً وأن تدرك أن كل ما في الأمر هو أن مشاعرك تحاول التحكم في طريقة تفكيرك، وفي هذه الحالة يُفضل أن تفعل عكس ما تشعر به أو ما تمليه عليك مشاعرك، وبدلاً من السخرية من شخص ما أو إظهار استيائك أو اشمئزازك منه لسبب أو لآخر مثلاً، فيمكنك أن تتعامل معه بطريقة لطيفة ومهذبة.
5. الغيرة
الغيرة هي عاطفة معقدة، وبالرغم من أن البعض يعتبرون أنها أمر لطيف أو حتى أنها "دليل الحب" كما يقال، إلا أن ذلك ينطبق على الغيرة غير المبالغ فيها، وعموماً فإن الغيرة الطبيعية أو العادية هي تلك التي يشعر بها الفرد عندما يكون قلقاً أو عندما يخشى فقدان أحد الأحباء مثلاً، في حين أن الغيرة غير الصحية أو المبالغ فيها يمكن أن تجرح القلوب وتدمر العلاقات وحتى العائلات.
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن التوتر والضغط العصبي الناتج عن الشعور بالغيرة يُسرع من معدل ضربات القلب ويتسبب في ارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن أنه يمكن أن يعاني الفرد من أعراض أخرى تسببها المشاعر السلبية مثل فقدان الشهية والأرق ومشاكل المعدة وحدوث فقدان أو زيادة كبيرة في الوزن.
ومن أجل التغلب على الغيرة غير الصحية في العلاقات، فإنه يتوجب عليك التوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين مع الحرص على أن تكون الثقة المتبادلة هي أساس علاقتك مع شريكة حياتك.
6. السعادة
يوجد ارتباط وثيق بين السعادة والصحة الجيدة، فالشعور بالسعادة يجعل قلبك أكثر صحة ويعزز جهاز المناعة، بالإضافة إلى أنه يساعد على التغلب على الشعور بالإجهاد والتوتر، والقائمة طويلة.
وفي إمكانك أن تبدأ الآن في تعزيز شعورك بالسعادة بخطوات بسيطة وسهلة مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم وبدء كل يوم بابتسامة وقضاء وقت مع الأشخاص المقربين منك، وكذلك تعلم كيفية التعامل مع القلق بشكل صحي، إلى جانب الحرص على القيام بالأمور التي تسعدك حقاً واتخاذ خطوات لإثراء حياتك مثل السعي لتعلم شيء جديد أو اكتساب مهارة أو خبرة جديدة.. وأهم شيء هو أن تستمتع بحياتك.
7. الخوف
العيش في خوف دائم أو تحت تهديد مستمر هو أمر له عواقب صحية خطيرة، فالخوف المزمن يمكن أن يضعف جهاز المناعة وقد يضر بصحة القلب ويتسبب في مشاكل في الجهاز الهضمي مثل القرحة ومتلازمة القولون العصبي؛ وفي حال استمرت حالة الخوف المزمن لفترة طويلة فقد تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب السريري.
والجدير بالذكر أن أفضل طريقة للتعامل مع الخوف هي مواجهته، إذ إن تجنب مخاوفنا أو الهروب منها قد يجعل الأمور أسوأ ويمنعنا من المضي قدماً في حياتنا؛ ونظراً لأن الخوف يمكن أن يجعلنا نتذكر الأحداث السلبية في حياتنا، فيجب علينا في مثل هذه الحالة أن نحاول التركيز على الجوانب والمشاعر الإيجابية في حياتنا اليومية حتى لا نسمح لهذا الشعور بالسيطرة علينا.
ويشار إلى أن هناك خطوة بسيطة جداً من شأنها أن تقلل من الشعور بالخوف والقلق وتعزز مشاعر السعادة لدى الفرد، وهذه الخطوة هي التواجد وسط الطبيعة، خاصة وأن الارتباط بالطبيعة أو التفاعل مع الطبيعة لا يجعل الفرد يشعر بتحسن عاطفي فحسب، لكنه أيضاً يقلل من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
شهر رمضان المبارك والمشاعر الإيجابية
في النهاية، يجب التأكيد على أن شهر رمضان المبارك هو بدون شك معلم الإيجابيات، وهو يعد الفرصة المثلى كي تدرب نفسك على النظر للحياة بشكل إيجابي ورؤية الخير في كل موقف تمر به، وهو كذلك الفرصة المناسبة كي تغير من نفسك للأفضل، فعلى سبيل المثال يمكنك التركيز خلال هذا الشهر على التخلص من المشاعر السلبية كالغضب أو الكراهية، وعلى تعزيز المشاعر الإيجابية مثل التفاؤل والتسامح والرضا، وسوف تلاحظ بدون شك حدوث تغير في حياتك نحو الأفضل.