رغم إدراكنا أنها كاذبة.. لهذه الأسباب ننجذب لألعاب الخفة والسحر
من منا لا يحب الألعاب السحرية التي نشاهدها على المسرح، أو تصادفنا على شاشات التلفزيون، والتي طالما استمتعنا بها وشدت انتباهنا وجذبت أنظارنا، بل إنها تجعلنا في حالة يقظة تامة، لنظل نراقب وننتظر الكشف عن الحيلة رغم أننا مدركون تماما أنها خداع لحواسنا.
نعامة هاربة تتجول وسط السيارات في شوارع إحدى المدن السعودية (فيديو)
وكجزء من الاهتمام المتنامي بدراسة "السحر" وفحصه بشكل علمي دقيق وأكثر صرامة أنشأت جامعة غولدسميث في لندن مختبرا جامعيا لدراسة ومحاولة فهم "السحر"، وهو جزء من قسم علم النفس بداخلها وقد أطلقت عليه مختبر السحر ويترأسه الدكتور غوستاف كون، وهو باحث في علم النفس.
ويقول كون إنه كان مهتما بالسحر قبل أن يهتم بدراسة علم النفس مضيفا: "أحببت مشاهدة السحر والألغاز الذكية والتقنيات، وحاولت أن أفهم آلية عمله"، مضيفا أنه عندما تعلم كيفية أداء حركات الخفة والسحر استمتع بالتواصل الاجتماعي، وأصبحت تلك الحيل السحرية بمثابة طريقة لتخطي ما يترافق مع سنوات البلوغ والانتقال لمرحلة الشباب.
مشاهد جمالية لبحيرة وادي بيش.. ثاني أكبر السدود المائية في السعودية (فيديو)
وبعد تخرجه ووصوله لهذه المكانة يقول كون: إن السحر يدور حول التلاعب بتصوراتنا، "استغلال الثغرات المعرفية"، مبينا أن فهم كيفية آلية عمل الأعمال السحرية يتطلب فهما أعمق لمدلولاتها الواسعة.
ويؤكد كون أن التضليل هو جزء أساسي من السحر، وذلك عن طريق آليات لجعل الناس لا ينظرون إلى ما هو مهم، ولكن صرف انتباههم وتغيير الموضوع حتى لا يروا ما يحدث أمام أعينهم، مبينا أن الدرس المستفاد من السحر هو أنه حتى لو أدركت أن الشيء كاذب، فإنه لا يزال يترك لديك انطباعا ويسترعي انتباهك.
ويرى كون أن جزءا أساسيا آخر من خدعة السحر هو "تقنية التأثير" وفيها يعتقد شخص ما أنه يختار بطاقة من أوراق اللعب، على سبيل المثال، بشكل عشوائي، ولكن في الواقع يتلاعب الساحر بقراره و "الخيارات" هي محض وهم، لافتا إلى أن "الإرادة الحرة هي وهم. فالناس أكثر قابلية للتأثر بالإيحاء مما يعتقدون، كل تصوراتنا طيعة للغاية".
وأوضح كون أن "التأثر بالإيحاء واستخدام الخيارات الخاطئة يمكن أن يساء استخدامها بالمعنى السياسي، ولكن من المهم أيضًا فهم كيف يمكن أن تكون رؤية حدث ما "ذاتية للغاية"، خاصة بالنظر لما قد يترتب على ذلك من آثار على النظام القانوني.
ولفت كون الى أنه في قسم علم النفس يمكن لجميع الطلاب اختيار تعلم الخدع السحرية، وأن تعلم أداء الحيل قد أثبت نجاعة في تعزيز الثقة بالنفس إذ "يسهم في زيادة تقدير الذات" وتوصل كون إلى حقيقة مفادها أن "معرفتنا بأن الخدعة السحرية ليست حقيقية جزء أساسي من جعلها تجربة ممتعة".