مقال باولو كويلو.. خداع النفس
من الطبيعة البشرية دائماً الحكم على الآخرين بقسوة أكثر من النفس، وعندما تقلب المواقف، دائما ما نجد عذرا للخطأ الذي فعلناه، أو نلقي باللوم لفشلنا على شخص آخر. هنا ثلاث قصص من تقاليد مختلفة عن الطريقة التي يخدع بها الإنسان نفسه.
الثروة في العالم القادم
أحب الكاهن أن يعظ جماعته عن أهمية الفقر. ووفقاً لما يقوله، فقد ورد في الإنجيل أن الأغنياء في هذا العالم محكوم عليهم بالفقر بعد الموت، وبناء على هذه الحجة، كان يطالب باستمرار بالمزيد من المال من المؤمنين.
وفي احد الأيام طلب أحد أعضاء جماعته مقابلته بعد القداس. وحالما أصبحوا وحدهما، قال الرجل: "هل صحيح أن فقير هذا العالم سوف يكون غنيا في الجنة؟ بالطبع بكل تأكيد".
"حسنا، الكنيسة غنية وأنا فقير، وأحتاج إلى عشر قطع نقدية ذهبية، وحين أصبح غنياً في الجنة، سأسدد ديوني".
دون تردد، أخذ الكاهن المال من الخزنة. إلا أنه سأله قبل تسليمها: "ماذا تنوي أن تفعل بهذا المال؟ سأفتح مشروعا تجارياً".
أعاد الكاهن على الفور المال إلى الصندوق، قائلا:
"بما أنك من الواضح رجل قادر، فستعمل بجد وستكسب الكثير من المال، وسوف تكون فقيرا بعد وفاتك، ولن يكون لديك المال لسداد دينك؛ لذلك، من الأفضل ترك الأشياء كما هي".
الذئب وشيفا
كان الذئب يسير في الغابة، عندما وصل إلى معبد مخصص للإله شيفا. وفكر: "أنا اصطاد طول اليوم ولم أمسك أي شيء. قد تكون هذه علامة، لربما ينبغي لي الصوم على شرف شيفا". وجلس إلى جانب المعبد للتأمل.
ما لم يعرفه الذئب هو أن شيفا كان يراقبه، ولاختبار إخلاص الذئب، حوّل نفسه إلى خروف وظهر أمام المعبد.
انسلخ الذئب، بعد أن رأى الفريسة التي يتوق إليه، من تأملاته وقفز على الخروف. ومع ذلك، في كل مرة كان يشرع في ذلك، كانت ردة فعل الخروف الهروب بحركة خفيفة غير عادية. وبعد نحو نصف الساعة من المحاولة، استسلم الذئب وعاد إلى تأملاته، وواسى نفسه بفكرة: "أنا حيوان مخلص داومت على صيامي احتفاء بشيفا".
الحصان ومصيره
بعث مرسال في مهمة عاجلة إلى مدينة بعيدة. فسرج حصانه وانطلق مسرعا، وبعد اجتياز الكثير من النزل التي يقدم بها الأكل للحيوانات مثله، فكر الحصان: "نحن لا نتوقف للأكل في أي إسطبل، ما يعني أنني لا أعامل كحصان، ولكن كإنسان. وكجميع البشر سأكل في المدينة الكبيرة التالية التي نصل إليها".
لكنهم مروا بكل المدن الكبيرة، واحدة تلو الأخرى، وأكمل راكبه طريقه. فبدأ الحصان يفكر: "ربما لم أصبح إنساناً بل ملاكاً، لأن الملائكة ليست بحاجة إلى الأكل".
وأخيراً، وصلوا إلى وجهتهم، وأُدخل الحيوان إلى الإسطبل، حيث أكل التبن المقدم له بشراهة. وفكر: "لماذا نعتقد أن الأمور قد تغيرت ببساطة، لأنها لم تحدث كما هو متوقع؛ أنا لست رجلاً أو ملاكًا، وما أنا إلا حصان جائع ببساطة".